الناس على دين ملوكهم

  جليل ابراهيم المندلاوي

كثرت التأويلات والتصريحات التي تخص نتائج انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مؤخرا في العراق بين راض وساخط..

فثمة من يقول (والعهدة على القائل) حدثت عمليات تزوير وآخر يشيد بنسبة الاقبال وثالث يقول انها نزيهة..

وهذه الامور طبيعية تحدث في ارقى المجتمعات اذ انها من سمات الانفتاح الفكري الايجابية وبوادر رسوخ الديمقراطية..

مايهمنا في موضوع كهذا بغض النظر عن مدى شفافية الانتخابات هو مسألة التصويت لصالح قوائم ذات تجارب اثبتت عدم فاعلية قادتها على ادارة امور البلاد وتسلم رقاب العباد..

فهذه النسبة العالية التي حصدتها قائمة واحدة في محافظات الجنوب تحديدا تثير فينا تساؤلا عن طبيعة الانفتاح الفكري الذي نمر به.
وفي ضوء تلاطم امواج التأييد والرفض للنتائج، قد غفلنا فعلا عن كيفية حصول القوائم (الحاكمة) على النسب العالية من الاصوات في الانتخابات، وهناك شاهد على كلامنا حين حصلت القائمة العراقية على اكثر من اربعين مقعدا في البرلمان حين كان رئيس تلك القائمة رئيسا للوزراء وكيف في الانتخابات الحالية حصلت قائمة رئيس الوزراء الحالي على نسبة عالية؟!
الكثير من المحللين عللوا ذلك بالانجازات التي قامت بها تلك القائمة واهما الامن وسيادة القانون ما ساعد على حصولها على تلك النتيجة..

لكنها تحليلات تدخل من باب تأويل الحدث القائم فعليا، ولكن السر يبدو كامنا في هذه الكلمات ((الناس على دين ملوكهم))..

وباعتقادي انه انسب تفسير لفوز القوائم الحاكمة..

فلو كان الحاكم زيد من الناس من المستحيل ان يقف عمر في منافسته..
فرغم ان المواطنين العراقيين كانوا يشكون على الدوام من ضعف الخدمات وسوء ادارة المؤسسات والدوائر ويعزون السبب الى مجالس المحافظات تراهم ينظرون للمجالس الجديدة على انها صورة (طبق الاصل) ان لم تكن مستنسخة عن سابقتها خاصة اذا علمنا بفوز ذات الاحزاب التي تقف وراء هذه المجالس… فهل هو قدر او مصيبة؟!!
اذكر في هذا المجال لقاء صحفيا عرض على احدى الفضائيات العربية آبان حكم النظام المقبور..

حيث سئل معارض عراقي عن الاوضاع الحالية في العراق وهل مايجري مصيبة او قدر يستحقه العراقيون..

امتعض المعارض من سؤال الصحفي واسلوبه المكشوف في خلق اعذار للطاغية المقبور وحزب البعث المنحل لرفع المسؤولية المباشرة عنهم لما حل بالعراق والعراقيين، فقال المعارض: يبدو انك لاتعرف الفرق بين القدر والمصيبة، القدر هو ان يسقط نظام صدام والمصيبة ان يخلفه آخر من حزب البعث بمساعدة الطفيليين، لم يفهم مقدم البرنامج مانوه اليه المعارض فاستدرك قائلا: بمعنى ابسط وعلى سبيل المثال القدر ان اجد من يستضيفني ليحاورني والمصيبة ان يحاورني غبي تافه…
اعتقد ان مغزى حديثي اصبح واضحا الان وهو قدر العراقيين في ان يتوجهوا الى الانتخابات بدافع او بآخر..

لكن المصيبة ان يعاد الى حكمهم من نهب ثرواتهم ويخرب بدل بناء مؤسساتهم!

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…