رئيس حزب الخضر الالماني (جم اوزدمير): على الأتراك تقبل الأكراد وثقافتهم

أجرى الحوار : سيروان حجي بركو
الترجمة من الكردية زاكروس عثمان
 

جم اوزدميرعرفته مبكرا وأنا أتتبع نشاطه السياسي منذ مدة , ولكن حتى ألان لم تتسنى لي فرصة اللقاء به والتحاور معه , في ألمانيا قلة من السياسيين المعروفين مثله ممن يتفهمون الوجع الكردي ويدعمون مطالب الأكراد , حيث يستطيع المرء أن يصفه كصديق للشعب الكردي, في سياق التحضير لانتخابات أعضاء البرلمان الأوروبي, عقد كونفرانس لحزب الخضر الألماني في نهاية الأسبوع الفائت في مدينة دورتموند , وبهذه المناسبة واتتني الفرصة كي التقي برئيس الحزب السيد جم اوزدمير لأجري معه  الحوار التالي , حين ألقيت عليه التحية , رد علي بلغة كردية طليقة قائلا: طاب نهارك , فالسيد اوزدمير يجيد بعض من المفردات الكردية ويبدي رغبته في  تعلم المزيد منها
موقع عامودا : ترى ماذا يجري للعالم , السيد جم اوزدمير مواطن تركي من أصل شركسي يصبح رئيسا لحزب ألماني , وهناك شخص اسود من أصول افريقية يصبح رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية.

اوزدمير : أتمنى أن لا تكون هذه الأمور أشياء سيئة , ليس هناك موضع مقارنة بيني وبين باراك اوباما, هناك فوارق بين أمريكا وأوروبا من ناحية اختلاف الألوان ومن ناحية بناء مجتمع متنوع من جذور عرقية متعددة , عرفت من مواقف اوباما أننا يوما ما سوف نعيش في مجتمع لا يعطي أهمية للون بشرة الإنسان أو منبته الأصلي الذي جاء منه, بل يعطي الأهمية لأقوال الإنسان وأفعاله , هذه المثل تربط بيننا وبين اوباما.

 موقع عامودا :في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يعتبرون تعدد الأعراق والألوان غنى وثروة , فلماذا تجد تركيا في التعددية القومية خطرا يهددها ؟

اوزدمير: لا اعتقد أن هذه المشكلة قائمة بين الناس, أشخاص كثيرون من قوميات مختلفة تعايشوا متجاورين تسود بينهم الصداقة والمودة خاصة في الأرياف ولم تكن بينهم مشاكل من هذا النوع , ولكن المشكلة بدأت بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية , لتأتي الدولة التركية وتتخذ فرنسا مثال يحتذى بها في بناء الدولة القومية في أوروبا , لتطبق سياسة عنصرية متطرفة , ونظام مركزي بالغ الشدة , اعتقادا منها أن التنوع العرقي والديني يهدد الوحدة الوطنية ,ولكن لا اعتقد أن تعدد الأعراق والأديان يهدد الوحدة الوطنية , اليوم ثبت أن العكس هو الصحيح , الدولة التي تجد في التعددية إثراء لها , وتعطي الفرصة للجميع للاهتمام بثقافتهم , تصبح دولة أقوى , أما الدولة التي تحاول قمع مواطنيها , والقضاء على الأقليات الموجودة فيها , تصبح دولة ليست ضعيفة فحسب بل كذلك تتعرض للمشاكل والمصاعب كالمسألة الكردية
 
 موقع عامودا : ما هو المطلوب من تركيا لتفعله من اجل الأكراد ؟

اوزدمير: يجب أن تكون غاية تركيا هي السعي إلى منح الأكراد الإحساس بأنهم سوف يكونوا محظوظين في العالم لأنهم سوف يعيشوا تحت ظلال الديمقراطية , ولكن في المراحل السابقة فان تركيا لم تقدم على مثل هذا الخطوة , أتمنى ضمن إطار انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي , أن يتم إجراء تغييرات من اجل حل القضية الكردية ومسألة العلويين ومسألة الايزيدية ومشكلة الأرمن واليهود واليونان وكذلك مسائل حقوق الإنسان والتحديث, حتى تكون قادرة على التوجه نحو الاتحاد الأوروبي , إذا تم معالجة مثل هذه المسائل فأننا سنرى تركيا تخرج منها قوية للغاية.

موقع عامودا : ما هو المطلوب من تركيا حتى تصبح في عضوية الاتحاد الأوروبي ؟

 اوزدمير: المطلوب من تركيا أن تستمر في طريق مسألة التغيير والإصلاح بشكل أقوى , التغيير لا يكون على الورق فقط بل على ارض الواقع , نحن لا نحتاج إلى قوانين جيدة فقط ,بل يجب أن تمس هذه القوانين حياة المواطن فعليا , لا يكفي إصدار قانون التعليم الإلزامي ولكن يجب أن تدخل الفتيات إلى المدارس عمليا , لا يكفي أن نقول أن تركيا قد تخلت عن سياسة الإلغاء والإنكار , أن فتح قناة فضائية باللغة الكردية عمل جيد ومهم , ولكن يجب أن نجد أن الناس في تركيا قادرون على الذهاب إلى مدارس تعلمهم بلغتهم الأم  , لماذا يكون من الضروري في سويسرا وأماكن أخرى أن تكتب على شاخصات الطرق أسماء المدن بلغتين , لماذا لا يعطون فرصة للناس كي يطلقوا اسم آمد على مدينة ديار بكر إذا كانت لهم رغبة في ذلك , على الدولة أن تتقبل مواطنيها كما هم عليه بلغتهم وديانتهم وعاداتهم وأزيائهم , باختصار أن أنقرة لا تدرك أكثر من الأبوين مسألة اختيار اللغة التي يجب أن يتحدثوا بها إلى أولادهم , أنقرة لا تعرف أي من الأديان على حق وأيهما على باطل , أنقرة لا تعرف موقف المرأة من قضية الذهاب إلى الجامعة وهي محجبة , مثل هذه المسائل يجب أن يبت فيها المواطنون بأنفسهم , تركيا تسير على هذا الطريق ولكنها ما زالت في البدايات حيث لم تبلغ النهاية بعد , إذا كانت تبحث عن طريق يقودها إلى الاتحاد الأوروبي عليها الاستمرار في سياسة التغيير , وعلينا نحن الأوروبيين مساعدة هولاء الأشخاص الذين يرغبون بالسير على هذا الطريق , يجب أن يثقوا بأننا لن نتخلى عنهم أو نتركهم وحيدين.

  

موقع عامودا:مضت مدة وتركيا تتحرك ضد شبكة الاركناكونErgenekon  , بالنسبة إلى الاتحاد الأوروبي , ما هي أهمية قيام تركيا بفتح ملفات المرحلة السابقة والبحث في الاتهامات والجرائم التي  حدثت حينها ؟

اوزدمير: قبل عشر سنوات من كان يتوقع أن العسكريين ليس الذين أحيلوا على التقاعد فقط بل كذلك العسكريين القائمين على رأس العمل من كان يتوقع أن الشرطة يمكن أن تقبض عليهم ويتم التحقيق معهم , قبل عدة سنوات من كان يعتقد أن عمليات القتل التي تم التعتيم عليها , مثل قتل Vedat Aydin ،، سياسي كردي  تم قتله في 1991 حيث ألقت الشرطة القبض عليه وبعد يومين ظهر في عداد الموتى – المعلومة من موقع عامودا،، وكذلك تم قتل العم موسى عنتر،،وهو صحفي كردي اغتيل على يد فاعل مجهول في آمد  في 1992 – المعلومة من موقع عامودا ،، وأشخاص كثيرون تم قتلهم أثناء الحرب الخاصة القذرة , حاليا يتم بهدوء البحث في هذه الملفات , هذه تخلق بارقة أمل لدى الناس , أتمنى من المحكمة والحكومة التحلي بالجرأة بغية الاستمرار في هذه القضايا حتى النهاية لا أن يتوقفوا في منتصف الطريق , لكن أقول ثانية أنقرة وحدها تستطيع العمل على هذه الملفات إذا تلقت المساعدة منا , ولهذا يجب أن تكون هناك ضمانات لتركيا بأنها إذا ما حققت معايير الاتحاد الأوروبي فسوف تصبح عضوا فيه.

 موقع عامودا : تركيا تتعامل بغطرسة وعنجهية مع كردستان الجنوب متذرعة بمشكلة حزب العمال الكردستاني PKK , ما هو المطلوب حتى تتحسن العلاقة بين الطرفين ؟

اوزدمير: لا يستطيع المرء تحمل جيرانه دائما , ولكن قدر المستطاع يجب العمل على تحسين العلاقة مع الجيران والتعايش معهم , بالنسبة لتركيا فأن السلطة الكردية في شمال العراق سلطة علمانية , في وقت تظهر فيه بشمال العراق خطر قوى أصولية ,من مصلحة تركيا عموما وجود سلطة علمانية تفصل بين الدولة والدين و  يدعمها غالبية الأكراد ,وهذا أمر مناسب لتركيا في منطقة تعاني من الفتن الدينية , من ناحية أخرى فان من مصلحة الأكراد أن يكونوا جيران دولة تريد أن تكون عضوا في الاتحاد الأوروبي , دولة رغم كل مشاكلها لها ديمقراطية – برلمانية , تستطيع أن تكون نافذة للاتحاد الأوروبي , فإذا نظر الطرفان إلى المسالة من هذه الزاوية , سيكون بمقدورهما الجلوس على طاولة الحوار لمعالجة المسائل العالقة ,أتمنى أن يأتي يوم يستطيع رئيس وزراء تركيا الذهاب إلى هولير والتحدث في البرلمان هناك , أتمنى أن تفتح ممثلية لحكومة كردستان العراق في أنقرة , أتمنى أن تكون الحدود بين الطرفين مفتوحة ,كما هي الحدود مفتوحة بين فرنسا و ألمانيا , لو رجعنا إلى التاريخ فلن نجد ثمة حدود بين الطرفين حيث كانت الناس تتنقل بحرية , واليوم فان هذه الحدود تفصل بين العائلات على طرفيها , يجب أن نعمل من اجل ذاك اليوم الذي لا يبقى فيه للحدود معنى , هناك فرصة لتحقيق ذلك.
  
 موقع عامودا : وماذا عن مسالة الـ PKK ؟

 اوزدمير: تركيا محقة حين ترفض أن تتعرض لهجمات تأتي من دولة مجاورة , أن PKK وبعض القوى في تركيا لا يرغبون في حل المشكلة وإعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة , ولكن أكراد العراق أيضا محقون في قولهم أنهم غير قادرين على حل مسالة الـ PKK  الحل لا يكون في شمال العراق , وعلى تركيا إيجاد حل لهذه القضية من خلال توسيع ديمقراطيتها لكسب عقول وقلوب الأكراد في تركيا , إن هي أقدمت على مثل هذه الخطوة فسوف تغلق الطريق أمام الـ PKK ولن تبقي له أية فرصة.

 موقع عامودا: الم تفكر في زيارة كردستان الجنوب ؟

اوزدمير: لم يحصل لي أن ذهبت إلى هناك , ولكن لدي رغبة شديدة بزيارتها , حيث يوجد الكثير من الأصدقاء فيها , وأنا ادرس كيفية قيامي بزيارة إليها , لدي أمل هذه السنة بتحقيق هذه الرغبة .

موقع عامودا : من وجهة نظرك متى سيتم حل المسالة الكردية في سوريا وإيران وتركيا وبأي شكل سيكون هذا الحل ؟

اوزدمير: اعتقد بعد تولي اوباما منصب الرئيس , سوف تحدث تبدلات  في البلاد التي يتواجد فيها الأكراد أيضا, سياسة الديمقراطية وحقوق الإنسان لا يمكن منعها إلى الأبد , إذا وصلت عدوى الديمقراطية إلى المنطقة لا يعود بمقدور احد إلغائها ,أنها مثل جرثومة الزكام ولكنها مؤكدة ولا يمكن مكافحتها , أن فكرة قدرة الناس على التعايش المشترك على أساس دستوري عادل والمساواة في الحقوق فكرة قديمة قدم الإنسانية , ولا يمكن حجب هذه الفكرة إلى ما لا نهاية , نحن الآن نجد في تركيا أن هذه الفكرة تتقدم وتزداد قوة وتفرض نفسها , وأنا على ثقة أن هذه الفكرة سوف تعبر حدود تركيا لتعم المنطقة كلها.

موقع عامودا :السيد اوزدمير شكرا جزيلا لك

 اوزدمير: رد بالكردية   Zor sipas شكرا جزيلا   

———-

جم اوزدمير: مواليد 1965 ألمانيا من أب شركسي وأم تركية , عضو في حزب الخضر الألماني منذ عام 1981, شغل عضوية البرلمان الألماني من عام 1994 إلى 2002, ومنذ عام 1998 كان متحدثا باسم حزبه (حزب الخضر) في المسائل السياسة الداخلية لألمانيا , أعيد انتخابه ثانية عام 2002 عضوا في البرلمان الألماني , ولكن بسبب الاعلان عن استفادته المادية شخصيا من خلال عمله في البرلمان الألماني, قرر التخلي عن مقعده البرلماني , مع انه لم يكن مجبرا لفعل ذلك, وبعد سنتين من الصمت انتخب عام 2004 عضوا في الاتحاد الاروبي ولا يزال عضوا فيه, في 15/11/2008 دخل جم اوزدمير التاريخ حيث انتخب مع كلوديا روث رئيسا لحزب الخضر الالماني, وبالتالي يسجل له التاريخ كـ اول رئيس لحزب الماني من اصل غير الماني, ويعتبر حزب الخضر من اكبر واهم الأحزاب الألمانية , حيث شكل مع الحزب الاشتراكي برئاسة غرهارد شرويدر كمستشار وجوزكا فيشر (من حزب الخضر) كوزير للخارجية الحكومة من عام 1998 الى عام 2005 , متزوج من الصحفية (الارجنتينية- الايطالية) بيا كاسترو , وله منها بنت >>

www.oezdemir.de

E-Mail: sirwan@amude.com


نشر هذا الحوار  في موقع عامودا وفي جريدة روداو ايضاً

 

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…