المهندس عابدين خليل (أبو ريزان) في ذمة الخلود

  بين أشجار الزيتون ، رمز المحبة والسلام ، وفي أرضه ، وإثر نوبة قلبية حادة ومفاجئة ، أغمض الرفيق المناضل المهندس عابدين خليل (أبو ريزان) عيناه إلى الأبد ، وقد انتقلت روحه إلى السماء من بين أخاديد التراب والأغصان وزخات المطر المتلألئة ، عصر السبت 24 كانون الثاني 2009 انتشر الخبر وساد الحزن في قريته بربند (Berbenê) – جبل كرداغ – حلب.

ناهز عمره الخامسة والخمسين سنةً ، درس الابتدائية في مدارس القرى المجاورة لقريته ، مُتحملاً عبء التنقل إليها وصعوبة أيام الشتاء القاسية ، ودرس الإعدادية والثانوية في مدينة عفرين معتمداً على نفسه كثيراً ، ثم نال شهادة البكالوريا في مدرسة عبد الرحمن الكواكبي بحلب (1971-1972) ، تخرج من كلية الزراعة بحلب عام 1977 ، عمل مهندسا موظفاً ما يقارب ثلاثين عاماً ، أمضى معظمها في دائرة زراعة عفرين ، وكان ينوي التقاعد عن العمل بعد شهور .

له ثمانية أولاد ، ثلاثة شبان (ريزان – سيامند – شرفان) وخمس بنات (ليلى – نيروز – ناريمان – روهلات – خناف).
انتسب إلى صفوف الحركة الوطنية الكردية في سوريا بداية السبعينات وظل لفترة طويلة ينال ثقة رفاقه في عضوية اللجنة المنطقية للحزب – بحلب ، انتخب سكرتيراً لها في الآونة الأخيرة ، دأب على النضال ولم ينقطع عنه، وكان مقداماً ومثالاً للأخلاق الحميدة ولم يشكو منه أحد ، تميز بدوره السياسي والثقافي والاجتماعي بين أبناء شعبه ، محباً للغته الأم ، عمل على نشرها وممارستها وتعليمها للآخرين ، مقتنعاُ بأن الشعوب تعرف بلغاتها وبدونها تتعرض للانقراض.
أخلص وتفان في عمله الوظيفي ، محباُ لخدمة الغير من كرد وعرب وغيرهم دون تمييز بين الناس ، لأجل تطوير المجتمع والوطن ،… مشجعاً للعلم والمعرفة لأنها السبيل للتخلص من براثن التخلف والجهل.
في يومٍ ماطر مفعم بالخير والضباب يغطي رؤوس الجبال ، صباح الأحد ، تجمع الناس من كل صوب وحدب ، وبموكب جنائزي حاشد ، بحضور جموع من أهله ورفاقه ومحبيه وأصدقائه وزملائه ، شيع جثمانه إلى مثواه الأخير في مقبرة قريته ، محملاً على أكتاف عناصر الفرق الفولكلورية تتقدمه باقات من الزهر ، وبعد انتهاء مراسم الدفن ، ألقى الرفيق محي الدين شيخ آلي – سكرتير حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) ، كلمةً معبرة ومؤثرة ركز فيها على مناقب الفقيد أبو ريزان وخصاله ومواقفه في الوقوف ضد الظلم والتمييز والدفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان وأمانيه في حماية وتطوير اللغة الكردية ، وأكد أن رحيله خسارة لأهله وشعبه ولحزبه وحركته الكردية والحركة الديمقراطية في البلاد ، كما قدّم شيخ آلي الشكر والامتنان باللغة العربية لزملائه من مصلحة زراعة عفرين ومن مديرية الزراعة بحلب الذين حزنوا وأسفوا على رحيل أبو ريزان المبكر ، وتقدم بالتعازي الحارّة إلى رفاقه وأصدقائه وزملائه وأهله وأسرته ، متمنياً لهم الصبر والسلوان.

إعداد : كاوا – من منظمة حزب الوحـدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي) – بحلب

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…