بقلم: أحمد زكريا
أبت العديد من الأقلام إلا أن تعيث في دماء ضحايا غزة، دفاعاً عن بطش آلة الحرب الإسرائيلية، إبان غزوتها الأخيرة على أهل غزة، فاستمدت تلك الأقلام مدادها من دماء الضحايا، ولم ترحم عذابات المصابين، فكان التشفي والمرض النفسي هو معين أفكار الممسكين بتلك الأقلام، وطارت اتهاماتهم لأهل غزة المحترقة لتصيب أفئدتهم وأبناءهم ومدارسهم ومساجدهم ومزارعهم، تقتسم جرائم الحرب مع الصواريخ الإسرائيلية، وقذائفهم الفوسفورية، بل والتمست تلك الأقلام كل عذرٍ يبيح لآلة الحرب الإسرائيلية جرائمها ضد المدنيين العزل، وضد حرية شعب أبى الاستسلام لجور ظُلامه، وتواطؤ بني جلدته، وخيانة حلفائه
وتجاهلت تلك الأقلام تحرك أكثر من 320 جمعية ومنظمة مدنية حقوقية في طول العالم وعرضة تقيم الدعاوى للمطالبة بمحاكمة إسرائيل عن جرائم الحرب التي اقترفتها بحق الشعب الفلسطيني في حملتها الأخيرة, لدرجة أن أشادت وزيرة خارجية الدولة الهمجية بتلك الأقلام، وطالبت الموقع الرسمي لوزارة الخارجية الإسرائيلية بنشر مقالات تلك الأقلام، بالعربية، على صفحات الموقع المذكور، كما وصف رئيس وزراء الكيان الصهيوني بعض تلك الأقلام بأنها أكثر ولاءً للصهيونية من تيودور هيرتزل نفسه.
فلم تكن الحرب بين لحى حماس ولحى حاخامات الإسرائيليين، الحرب شنها جيش إسرائيل، بدعم من قياداته السياسية وتأييد من جماهير المشروع الصهيوني، وبدعم من المنظومة الرسمية العربية ضد أهل غزة، وإرادة شعبها، وضد كل من تعاطف معه وأيده من شعوب العالم المتحضر، وقف التخلف والعدوان الصهيوني ضد إرادة البشر وحرية الإنسان، وما كان من أهل غزة إلا أن دفعوا بأبنائهم، وفلذات أكبادهم دفاعاً عن المدينة المحترقة، ضد أعداء الإنسانية، فيما جلس المستثقفون والكتبة، أمام نيران المدفأة، يبررون للوحشية الإسرائيلية، ويتشفون بالضحية، ويلومونها أن قاومت.
ما ذا كان مطلوباً من أهل غزة ومن المدافعين عن حريتها؟ هل كان مطلوباً منهم الرضوخ لجحافل الحقد الوحشية؟ هل كان مطلوباً منهم الاستكانة والاستسلام لإرادة المعتدي؟ لم تكن مقاومة أهل غزة وصمودهم أمام همجية الغزو إلا تمسكاً بالحرية وبإرادة الحياة.
هل يعيب شعباً أن أبى القبول بالضيم والظلم والحصار؟ هل وصل خلاف حملة بعض الأقلام من الكتبة والمستثقفين، مع خط المقاومة ورفض الخضوع للإملاءات الصهيونية، حد التشفي بجراح الضحايا وشهدائهم، والتماس الأعذار للجلادين؟ هل كان الهجوم الإسرائيلي الأخير ضد الإسلام السياسي؟ أم ضد إرادة مقاومة الإذعان لأهداف المشروع الصهيوني؟ هل فوض العالم إسرائيل بحرب المتأسلمين السياسيين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل مدارس الأنروا والمساجد والمدنيين هي خنادق الإسلام السياسي؟ لم تكن خطوط المقاومة في غزة بكاملها تتشكل من مقاتلي حماس، بل من شتى الفصائل الفلسطينية، بل أن مقاتلي فتح الشرفاء قد اصطفوا في خنادق المقاومة، بجانب كل الفصائل، كعهدنا بشرفاء أبناء الشعب الفلسطيني من المقاومين، القابضين على جمر الثورة الفلسطينية.
في أول سبتمبر/ أيلول 1982 رحل آخر مقاتل فلسطيني من لبنان، عقب الهجوم البربري الصهيوني على قواعد المقاومة والشعب اللبناني اعتباراً من 4/6/1982، وقتها أدان كتبة ومستثقفي ذاك الزمان صمود المقاومين، وأفتوا بوجوب الاستسلام، ورحيل المقاومة عن لبنان، حمايةً للمدنيين من بطش الجيش الصهيوني، وبناءً على وساطة وتعهد أمريكي، عبر مبعوث الإدارة الأمريكية “فيليب حبيب”، الذي تعهد بحماية أمريكية ودولية للمدنيين في حال رحيل المقاتلين، وبالفعل خرج المقاومون بأسلحتهم الخفيفة، فما كان من قوات الجيش الإسرائيلي إلا أن خططت ونفذت مذابح صابرا وشاتيلا بجنوب غرب بيروت، وبمعاونة ميليشيات محلية، وسط ذهول العالم، فتم قتل ثلاثة آلاف وثمانمائة مدني فلسطيني، بالسكاكين والبلطات والفؤوس وكواتم الصوت، مع ما صاحب ذلك من جرائم اغتصاب وتنكيل بالجرحى، جريمة حرب كاملة الأركان، جريمة نموذجية ضد الإنسانية، أشرف عليها شارون وزير الدفاع الإسرائيلي، وقتها، من فوق سطح مبنى السفارة الكويتية، التي احتلها الجيش الإسرائيلي، وبإدارة ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي، وأضوائهم الكاشفة، وحصار دباباتهم، هل كان مطلوباً من أهل غزة الاستسلام يوم 27/12/2008؟
من اللافت أن كافة الأقلام التي هاجمت المقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني في غزة، هي ذاتها نفس الأقلام التي تهاجم المقاومين في كل مكان، في لبنان، وفي جبال كوردستان أيضاً، نفس الأقلام التي تلوم المقاومين الفلسطينيين الآن على عدم استسلامهم ورضوخهم المجاني لخط المساومة والاستسلام العربي للصهاينة، هي نفسها التي تلوم حزب الله على تمسكه بإرادة المقاومة، وتلوم حزب العمال الكوردستاني على عدم إلقاء السلاح مجاناً، ودون تحقيق الحد الأدنى من طموحات الشعب الكوردي.
المبدأ واحد في كل الحالات، وجوب استسلام الشعوب والمقاومين، لرغبات الجلادين، دون تحقيق مطالب الحد الأدنى، مع العشم، غير المبرر، في وجه الجلاد ألا يبطش بالضحية.
كلماتي ليست دفاعاً عن هذا الفصيل أو ذاك من المقاومة العربية، أو الكوردية، وإنما احتجاجاً على المساندين من بين ظهرانينا لجرائم الحرب التي يرتكبها أعداء الإنسانية، ضد شعوبنا في غزة، ولبنان، وكوردستان، لا يعقل أن تكون دماء أبنائنا وبناتنا في غزة ورقةً انتخابية رابحة لذلك الحزب الصهيوني، أو ذاك، كما لا يعقل أن يستغلها بعض المزايدين لفظاً، كرجب طيب أردوغان، كورقة انتخابية، لشراء الأصوات التركية والكردية، في الانتخابات البلدية المزمع عقدها في تركيا في مارس القادم.
قد كانت حرب لم يخترها أبناء غزة، بل فرضها عليهم الكيان الصهيوني، وحلفاؤه الإقليميين، من ساكني خندق الخضوع والاستسلام.
ومع ذلك فالنصر والهزيمة لا يقاسان بعدد الضحايا من الأبرياء، وإنما معيار التقييم بمدى تحقق الإرادة السياسية، فالشعب الفيتنامي ضحى بثلاثة ملايين من أبنائه في مقابل تحقيق فرض إرادته السياسية على الاحتلال الأمريكي، الذي تكبد خمسين ألف قتيل من جنوده، لم يكن النصر بحجم الخسائر، وإنما بتحقيق الإرادة السياسية للمقاومين، وإفشال الإرادة السياسية للمعتدين.
الجزائريون فقدوا مليون ونصف المليون شهيد مقابل سبعين ألف قتيل من جنود الإحتلال الفرنسي، لتحقيق استقلال الجزائر.
لم يجرؤ أحد أن يستهزئ بضحايا فيتنام، أو يسخر من شهداء الثورة الجزائرية، بل كانت كفاحات وانتصارات الشعبين نوراً وأملاً لتحرر شعوب البلدان المتخلفة من ربقة الاستعمار، لتحقيق الحرية، سقط في يوم واحد من شهر مارس 1959 ما يزيد عن خمسة وأربعين ألف شهيد جزائري بنيران الاحتلال الفرنسي، ولم يتهم أحد المقاومة الجزائرية بجر الخراب على أبناء شعب الجزائر، بل واجه العالم كله حقيقة بشاعة ووحشية الاحتلال الفرنسي، ووقفوا ضده، واحترموا إرادة الشعب الجزائري في التحرر الوطني، وتضحياته في سبيلها.
فحرية الشعوب لا توهب بالمجان، ولا تمنح للعاجزين والمستسلمين، وإنما ينتزعها المقاومون بشرف وبعزةٍ وإباء، وللحرية ثمنٌ غالٍ يتحتم سداده طواعيةً وبفداء، رغم الألم، والمرارة.
مقاومة الشعوب الواقعة تحت الاحتلال والسحق والقهر، بكل أشكالها، هي حقٌ مشروع لتلك الشعوب، وشرفٌ، بل هي واجب أبناء تلك الشعوب ضد محتليها ومضطهديها، ولا يمكن لكل ذي ضميرٍ أن يلوم الضحية أن قاومت جلادها، مهما كانت الخسائر.
نعم ميزان القوى ليس في صالح المقاومة، وإلا كان انتهى الأمر، وعادت الحقوق لأصحابها، وسيظل ميزان القوى لايميل لصالح الشعوب المضطهدة، إلا أن هذا ليس مسوغاً لرضوخها، بل حافزاً لها، وللمتعاطفين معها لحفز المقاومة، وتعبئتها، ودعمها، والعمل على ترجيح ميزان القوى لصالح الشعوب المقهورة، كي تنتصر إرادة الحرية لديها.
وما انتصار إرادة الشعوب إلا نتيجة لتراكم فعل المقاومة لديها.
عجزت الهجمة البربرية الإسرائيلية على غزة عن فرض الإرادة السياسية للدولة الصهيونية، وحلفاؤها من خط الاعتدال والخنوع الرسمي العربي، فكان ذلك هزيمةً جديدةً لها، وقد أوضحتُ أسانيد ذلك تفصيلاً في مقال سابق على الروابط التالية:
http://www.pcdk.org/pcdk/index.php?sid=1694
http://www.nonptm.com/modules.php?name=News&file=article&sid=286
http://www.gemyakurda.net/modules.php?name=News&file=art&catid=0&sid=18138
هذه هي الحقيقة، إلا إذا ادعى كتبة خندق الموالاة للأهداف الصهيونية، وكتبة التبرير للمشروع الصهيوني، أن قصف المدنيين ومؤسساتهم وممتلكاتهم كان هو هدف الحملة العسكرية البربرية.
لا يمكن إنكار سطوع الشمس في كبد السماء، لا يمكن تبييض وجه العنصرية الإسرائيلية، لا يمكن للخراف أن تلد، حتى وإن طارت بعض النعاج!
فلم تكن الحرب بين لحى حماس ولحى حاخامات الإسرائيليين، الحرب شنها جيش إسرائيل، بدعم من قياداته السياسية وتأييد من جماهير المشروع الصهيوني، وبدعم من المنظومة الرسمية العربية ضد أهل غزة، وإرادة شعبها، وضد كل من تعاطف معه وأيده من شعوب العالم المتحضر، وقف التخلف والعدوان الصهيوني ضد إرادة البشر وحرية الإنسان، وما كان من أهل غزة إلا أن دفعوا بأبنائهم، وفلذات أكبادهم دفاعاً عن المدينة المحترقة، ضد أعداء الإنسانية، فيما جلس المستثقفون والكتبة، أمام نيران المدفأة، يبررون للوحشية الإسرائيلية، ويتشفون بالضحية، ويلومونها أن قاومت.
ما ذا كان مطلوباً من أهل غزة ومن المدافعين عن حريتها؟ هل كان مطلوباً منهم الرضوخ لجحافل الحقد الوحشية؟ هل كان مطلوباً منهم الاستكانة والاستسلام لإرادة المعتدي؟ لم تكن مقاومة أهل غزة وصمودهم أمام همجية الغزو إلا تمسكاً بالحرية وبإرادة الحياة.
هل يعيب شعباً أن أبى القبول بالضيم والظلم والحصار؟ هل وصل خلاف حملة بعض الأقلام من الكتبة والمستثقفين، مع خط المقاومة ورفض الخضوع للإملاءات الصهيونية، حد التشفي بجراح الضحايا وشهدائهم، والتماس الأعذار للجلادين؟ هل كان الهجوم الإسرائيلي الأخير ضد الإسلام السياسي؟ أم ضد إرادة مقاومة الإذعان لأهداف المشروع الصهيوني؟ هل فوض العالم إسرائيل بحرب المتأسلمين السياسيين؟ وإذا كان الأمر كذلك، فهل مدارس الأنروا والمساجد والمدنيين هي خنادق الإسلام السياسي؟ لم تكن خطوط المقاومة في غزة بكاملها تتشكل من مقاتلي حماس، بل من شتى الفصائل الفلسطينية، بل أن مقاتلي فتح الشرفاء قد اصطفوا في خنادق المقاومة، بجانب كل الفصائل، كعهدنا بشرفاء أبناء الشعب الفلسطيني من المقاومين، القابضين على جمر الثورة الفلسطينية.
في أول سبتمبر/ أيلول 1982 رحل آخر مقاتل فلسطيني من لبنان، عقب الهجوم البربري الصهيوني على قواعد المقاومة والشعب اللبناني اعتباراً من 4/6/1982، وقتها أدان كتبة ومستثقفي ذاك الزمان صمود المقاومين، وأفتوا بوجوب الاستسلام، ورحيل المقاومة عن لبنان، حمايةً للمدنيين من بطش الجيش الصهيوني، وبناءً على وساطة وتعهد أمريكي، عبر مبعوث الإدارة الأمريكية “فيليب حبيب”، الذي تعهد بحماية أمريكية ودولية للمدنيين في حال رحيل المقاتلين، وبالفعل خرج المقاومون بأسلحتهم الخفيفة، فما كان من قوات الجيش الإسرائيلي إلا أن خططت ونفذت مذابح صابرا وشاتيلا بجنوب غرب بيروت، وبمعاونة ميليشيات محلية، وسط ذهول العالم، فتم قتل ثلاثة آلاف وثمانمائة مدني فلسطيني، بالسكاكين والبلطات والفؤوس وكواتم الصوت، مع ما صاحب ذلك من جرائم اغتصاب وتنكيل بالجرحى، جريمة حرب كاملة الأركان، جريمة نموذجية ضد الإنسانية، أشرف عليها شارون وزير الدفاع الإسرائيلي، وقتها، من فوق سطح مبنى السفارة الكويتية، التي احتلها الجيش الإسرائيلي، وبإدارة ضباط جيش الدفاع الإسرائيلي، وأضوائهم الكاشفة، وحصار دباباتهم، هل كان مطلوباً من أهل غزة الاستسلام يوم 27/12/2008؟
من اللافت أن كافة الأقلام التي هاجمت المقاومة الباسلة للشعب الفلسطيني في غزة، هي ذاتها نفس الأقلام التي تهاجم المقاومين في كل مكان، في لبنان، وفي جبال كوردستان أيضاً، نفس الأقلام التي تلوم المقاومين الفلسطينيين الآن على عدم استسلامهم ورضوخهم المجاني لخط المساومة والاستسلام العربي للصهاينة، هي نفسها التي تلوم حزب الله على تمسكه بإرادة المقاومة، وتلوم حزب العمال الكوردستاني على عدم إلقاء السلاح مجاناً، ودون تحقيق الحد الأدنى من طموحات الشعب الكوردي.
المبدأ واحد في كل الحالات، وجوب استسلام الشعوب والمقاومين، لرغبات الجلادين، دون تحقيق مطالب الحد الأدنى، مع العشم، غير المبرر، في وجه الجلاد ألا يبطش بالضحية.
كلماتي ليست دفاعاً عن هذا الفصيل أو ذاك من المقاومة العربية، أو الكوردية، وإنما احتجاجاً على المساندين من بين ظهرانينا لجرائم الحرب التي يرتكبها أعداء الإنسانية، ضد شعوبنا في غزة، ولبنان، وكوردستان، لا يعقل أن تكون دماء أبنائنا وبناتنا في غزة ورقةً انتخابية رابحة لذلك الحزب الصهيوني، أو ذاك، كما لا يعقل أن يستغلها بعض المزايدين لفظاً، كرجب طيب أردوغان، كورقة انتخابية، لشراء الأصوات التركية والكردية، في الانتخابات البلدية المزمع عقدها في تركيا في مارس القادم.
قد كانت حرب لم يخترها أبناء غزة، بل فرضها عليهم الكيان الصهيوني، وحلفاؤه الإقليميين، من ساكني خندق الخضوع والاستسلام.
ومع ذلك فالنصر والهزيمة لا يقاسان بعدد الضحايا من الأبرياء، وإنما معيار التقييم بمدى تحقق الإرادة السياسية، فالشعب الفيتنامي ضحى بثلاثة ملايين من أبنائه في مقابل تحقيق فرض إرادته السياسية على الاحتلال الأمريكي، الذي تكبد خمسين ألف قتيل من جنوده، لم يكن النصر بحجم الخسائر، وإنما بتحقيق الإرادة السياسية للمقاومين، وإفشال الإرادة السياسية للمعتدين.
الجزائريون فقدوا مليون ونصف المليون شهيد مقابل سبعين ألف قتيل من جنود الإحتلال الفرنسي، لتحقيق استقلال الجزائر.
لم يجرؤ أحد أن يستهزئ بضحايا فيتنام، أو يسخر من شهداء الثورة الجزائرية، بل كانت كفاحات وانتصارات الشعبين نوراً وأملاً لتحرر شعوب البلدان المتخلفة من ربقة الاستعمار، لتحقيق الحرية، سقط في يوم واحد من شهر مارس 1959 ما يزيد عن خمسة وأربعين ألف شهيد جزائري بنيران الاحتلال الفرنسي، ولم يتهم أحد المقاومة الجزائرية بجر الخراب على أبناء شعب الجزائر، بل واجه العالم كله حقيقة بشاعة ووحشية الاحتلال الفرنسي، ووقفوا ضده، واحترموا إرادة الشعب الجزائري في التحرر الوطني، وتضحياته في سبيلها.
فحرية الشعوب لا توهب بالمجان، ولا تمنح للعاجزين والمستسلمين، وإنما ينتزعها المقاومون بشرف وبعزةٍ وإباء، وللحرية ثمنٌ غالٍ يتحتم سداده طواعيةً وبفداء، رغم الألم، والمرارة.
مقاومة الشعوب الواقعة تحت الاحتلال والسحق والقهر، بكل أشكالها، هي حقٌ مشروع لتلك الشعوب، وشرفٌ، بل هي واجب أبناء تلك الشعوب ضد محتليها ومضطهديها، ولا يمكن لكل ذي ضميرٍ أن يلوم الضحية أن قاومت جلادها، مهما كانت الخسائر.
نعم ميزان القوى ليس في صالح المقاومة، وإلا كان انتهى الأمر، وعادت الحقوق لأصحابها، وسيظل ميزان القوى لايميل لصالح الشعوب المضطهدة، إلا أن هذا ليس مسوغاً لرضوخها، بل حافزاً لها، وللمتعاطفين معها لحفز المقاومة، وتعبئتها، ودعمها، والعمل على ترجيح ميزان القوى لصالح الشعوب المقهورة، كي تنتصر إرادة الحرية لديها.
وما انتصار إرادة الشعوب إلا نتيجة لتراكم فعل المقاومة لديها.
عجزت الهجمة البربرية الإسرائيلية على غزة عن فرض الإرادة السياسية للدولة الصهيونية، وحلفاؤها من خط الاعتدال والخنوع الرسمي العربي، فكان ذلك هزيمةً جديدةً لها، وقد أوضحتُ أسانيد ذلك تفصيلاً في مقال سابق على الروابط التالية:
http://www.pcdk.org/pcdk/index.php?sid=1694
http://www.nonptm.com/modules.php?name=News&file=article&sid=286
http://www.gemyakurda.net/modules.php?name=News&file=art&catid=0&sid=18138
هذه هي الحقيقة، إلا إذا ادعى كتبة خندق الموالاة للأهداف الصهيونية، وكتبة التبرير للمشروع الصهيوني، أن قصف المدنيين ومؤسساتهم وممتلكاتهم كان هو هدف الحملة العسكرية البربرية.
لا يمكن إنكار سطوع الشمس في كبد السماء، لا يمكن تبييض وجه العنصرية الإسرائيلية، لا يمكن للخراف أن تلد، حتى وإن طارت بعض النعاج!