نعم.. نحن بحاجة الى حزب آخر

   غربي حسو 
Garbi973@yahoo.com

لقد نشأت الحركة الكردية وسياساتها ، بمعزل عن السياسات الخارجية و الدولية .
و قد اعتمدت التعريف الكلاسيكي للسياسة بأنه ( فن تطبيق الممكن ) و كلمة الفن ترتبط ارتباطا وثيقا بالخيال لتتخذ منه وسيلة لتطبيق ما هو  ممكن .


أما لغة المنطق و العقل في السياسة ، فقد تناسته الحركة الكردية بشكل أو بآخر ، لأنها اعتمدت بالأساس في بنيتها الفكرية على / فكر مستورد / من الأحزاب الشيوعية الروسية و ربما حتى (البعثية  ) أحيانا …..
و لم يكن منطقها في ذلك محليا ،
لذلك كانت تتخبط في كثير من الأحيان في مسيرتها النضالية و ربما كانت طوباوية في كثير من المواقف .
فافتقدت شيئا فشيئا ..

مصداقيتها في الوسط الكردي .
و مع مرور الوقت و للمحافظة على  ذاتها و بقائها في غياب قوة العقل و الانضباط ، تحولت تلك الأحزاب إلى أحزاب ستالينية قمعية في داخلها و اشتراكية في أشكالها فانهار فيها ما يسمى بالرأي الآخر بقوة و استمدت قوتها /الوهمية المهزوزة / من ولاء أعضائها لها و ليس للقضية .

و نتيجة لهذه الممارسات كان لابد من نشوب الخلافات بين أعضاء الحزب الواحد …
و كان لابد من ممارسة الصلاحيات التي كانت بحوزة قيادات هذه الأحزاب و قد مورست تلك الصلاحيات في معظم الأحيان بطريقة خاطئة فكل بطريقة ما ، وتلك الطرق كانت تؤدي في معظم حالاتها إلى الانشقاق في صفوف الحزب .
بعد أن ترفع بحقهم /هؤلاء المتمردين / البطاقات الصفراء أو الحمراء .
و كون حتى هؤلاء المتمردين في الأحزاب كانوا يعتمدون على الولاءات فهم كانوا ناجحين في بناء أحزاب جديدة بأعضائها ، و كلاسيكية في فكرها و طريقة تعاملها مع وسطها و قضيتها .
وكانوا يستمدون شرعيتهم من بعض أطراف الحركة بناء على صراع الأضداد فيها .
وبما ان القضية كانت في طي النسيان ، و التشبث بالعرش هو السائد في معظم تلك الحالات ، و توفير قليل من الظروف الذاتية (رغم التضحية في بعض الأحيان ) إلا أن الحال بقي على ما هو عليه ، ولم يحركوا ساكنا ، بل وسكنوا كل متحرك ،في خضم معاركهم مع ذاتهم التواقة إلى الصراع الداخلي و الصراع التنظيمي .فبقي الصراع الفكري بمعزل عن الأحداث ، وهو يتخبط عشوائياً بين الخطأ و الخطأ ، دون أن تكون للموضوعية أي وجود في هذا الصراع .
و للتذكير …
من كان متمردا في هذه الأحزاب على الفكر السائد فيها لافتقارها إلى القوانين و الأنظمة السياسية ، و لم تكن نفوسهم تواقة إلى اعتلاء العرش ، فقد استنفذوا ..

و استهلكوا محليا .
وقد كانت للحركة الدور الأكبر فيما وصلوا إليه من يأس و خمول ، بعد أن حاصرتهم من كل حدب و صوب ، و فتحت أمامهم جبهات دامية ،كانوا بغنى عنها ، بالإضافة إلى إن هؤلاء لم يكن لديهم الدافع القوي لمعالجة الخطأ بخطأ أكبر ، و كذلك لم يكن لديهم القدرة لتقديم الحلول السلمية (و كلهم علم ) بأن الحلول تحت لواء تلك الأحزاب غير مجدية و عقيمة .
فانهارت كل ما لديهم من أفكار و تبعثرت بتبعثر أصحابها ، لكنهم لم يساهموا بشكل أو بآخر في موضة ذلك العصر (الانشقاق) لذلك ضاعوا .
وبذلك نصل إلى صيغة مشتركة وهو أن الأحزاب الكردية لا تعتمد على الفكر المؤسساتي في بنيتها الفكرية و لا تجد في نفسها بأنها قد تشارك يوما في بناء دولة أو تصل إلى سدة الحكم و ان كان بعيدا .
و بدليل أنها أهملت جوانب مجتمعية هي في غاية الأهمية كما أنها لم تحاول أن تطور نفسها اقتصاديا بل ولم تعيره أي اهتمام فكيف سيقود المجتمع ؟.


ولذلك نحن بحاجة إلى بناء حزب جديد ووحيد على أن لا يكون وليد انشقا قات أنما يكون تأسيسه بمساهمة كل المتمردين على الأفكار السائدة في التنظيمات القائمة ، ويكون لديهم صفة التماهي مع مبادئهم و أفكارهم .
بعد أجراء حوارات ديمقراطية مطولة و صريحة ، دون العودة إلى خلفياتهم التنظيمية ، و التي باتت عقيمة و خارج تاريخ الصلاحية .
 
عسى أن يكون في ذلك خيرا .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…