أوباما الكردي .. ودعوات أخرى.. «موضوع مطروح للنقاش»

المحامي إبراهيم حسين

أولاً – في كل حقبة زمنية تحدث أمور نصنفها على أنها الحدث الأبرز في تلك الحقب ..

وبقناعتي أن وصول الرئيس الأمريكي باراك حسين أوباما إلى سدة الرئاسة في الولايات المتحدة الأمريكية هو حدث يطغى على ما سواه نظراً للمدلولات التي يمكن أن نستنتجها من هذا الحدث ..

فأن يصبح رئيساً لدولة / هي الأعظم حالياً / رجل أسود كان أقرانه ممنوعين من دخول المطاعم فيها مثلهم مثل الكلاب قبل أقل من خمسة عقود إنما هو دليل صارخ على التغيير الهائل لذي حصل في ذلك البلد ..

وأن ينتقل أوباما خلال 33 سنة فقط قضاها في أمريكا من أسود مهاجر ذو أصول إسلامية إلى الساكن رقم 44 في البيت الأبيض لهو دليل واضح على أن مجرد حصوله على الجنسية الأمريكية تبعاً لوالدته كان جواز سفره إلى عالم المساواة في بلد يقدس مواطنيه مهما كانت أصولهم التي ينحدرون منها ..

إذاً أمريكا تغيرت خلال نصف قرن نحو آفاق أرحب وتخلصت فيها من عقد كثيرة لاتزال تشوه تاريخها لتنال عن جدارة احترام كل سكان المعمورة حتى لو كانت سياساتها الخارجية محل نقاش وجدل ..

نحترم أمريكا دولة المؤسسات والدولة التي تقدس مواطنيها ولا تفرق بينهم ، الدولة التي رفعت مواطنيها السود خلال خمسين عاماً من مرتبة الكلاب إلى مرتبة الرؤوساء نحترم فيها ذلك ونحن ننظر بأسف بالغ إلى الصورة المعاكسة الموجودة في بلدان الشرق الأوسط التي يتواجد فيها الأكراد..


ففي هذه الدول يبقى الكردي ضيفاً في نظر الكثيرين حتى لو كان في أرضه التي عاش فيها آباؤه وأجداده ..

ويبقى ضيفاً وإن أثبت أنه يعيش هاهنا منذ أكثر من خمسة قرون قادماً من أراض درسنا في الابتدائية أنها جزء لا يتجزأ من أرض الوطن ..

في هذه الدول لن تحلم بأن تصبح صاحب سند تمليك للأرض الزراعية التي اشتريتها بمال جنيته من عرق جبينك ..

و لن تحلم بأن يؤول إليك منصب أنت الأحق به في دائرتك ..

و لن تحلم بأن تتخلص من شبهات يثيرونها يشككون من خلالها بوطنيتك وعليك أنت أن تثبت العكس ..انقلب الحال في دولنا هذه وخلال أكثر بقليل من خمسة عقود من مجتمع الوئام والأخوة الذي لم يفرق بين أبنائه إلى مجتمع أصبح فيه الأكراد مواطنين من الدرجة الثانية أو ربما الثالثة أن لم يكن أكثر..

خلال خمسة عقود وبينما كانت أمريكا تتخلص من الرق الفكري والجسدي كنا ننغمس في مساحة سوداء تغطي على إيجابيات قرون مضت كانت فيها شعوب مناطقنا مثالاً لتعايش قلما كانت باقي مناطق المعمورة تنعم به ..هكذا هم وهكذا نحن ..

هم أخرجوا من بين صفوفهم أوباما الأسود ونحن يقف حلمنا عند حدود أن يكون رئيس بلدية القامشلي ذات مرة  أوباما الكردي .
ثانياً – المرسوم 49 لعام 2008 كان له أثر السحر المؤذي على الحياة الاقتصادية في محافظة الحسكة  السورية ليجد أبناؤها أنفسهم أسرى لحالة من البطالة التي تحرق القلوب ..

وقد لفت نظري وبدون مبالغة أن الكثير من المحامين والمهندسين والأطباء يقضون أوقاتهم في المكاتب أو العيادات وهم يتلهون بألعاب الكومبيوتر ..

أو بلعب طاولة الزهر ..أحد الخبثاء قال لبعض زملائه من المحامين : لقد اكتشفت من كان وراء صدور المرسوم ..

إنها شركات إنتاج ألعاب الكومبيوتر التي كسد سوقها جراء الفورة الاقتصادية التي أنعشت محافظة الحسكة ..ضحكنا كثيراً من خفة دمه و رفعنا الأكف عالياً متضرعين أن تصدر سريعاً تعديلات تعيد الروح لأعمالنا ومهننا حتى نعود لاستخدام الحواسيب في أعمال تفيد ..

ثالثاً – جاءني احدهم متجهماً وقال لي ومن حولي العديد من الأصدقاء والزملاء  : لماذا كتبت مقالة تسيء لنا نحن الأكراد السوريين ، وكان يقصد بلا شك مقالتي عن غزة ..

ضحكت وقلت له وهل قرأت المقال ؟ تلعثم وقال : لا ..

قلت له : إقرأ ثم تعال لنناقش الأمر ..

أمثال هذا الشخص كثر جداً في مجتمعنا حيث يبنون أحكامهم على السمع ..

ويطلقون الأحكام دون أن يطلعوا على المواضيع من جميع جوانبها ..

وحتى لو قرؤوا فإنهم يقرؤون على طريقة (لا تقربوا الصلاة ..) ..

أما العقلاء الذين يخالفونك الرأي فهم يناقشون ويعلمون كيف يناقشون لذلك يستحقون الاحترام ..

وربما يصبحون من أعز أصدقائك كما حصل معي أنا و بعض الأخوة الذين كتبوا وانتقدوا مقالاتي إذ تحولنا خلال النقاش إلى أصدقاء نتبادل الآراء وننصح ونستشير بعضنا..

وكم أتمنى لو أن شعار المحبة يكون الجامع الأوحد بين كل مثقفينا الأكراد الذين وجدوا ضالتهم في صفحات الانترنت لينشروا عبرها آراءهم ..

حينها ستكون كل الآراء محل احترام وسيلقى الكاتب منا صدى طيباً لما يكتب على العكس فيما لو انشغلنا بالردود والردود المعاكسة التي قد تزرع البغضاء وتبعدنا عن الغاية التي من أجلها نكتب ..

لهذا فأنا أقترح أن تتفق مواقع الانترنت الكردية  على طرح مشروع لميثاق الشرف بين المثقفين الكرد يكون هدفه لا كبت الحريات بل تنظيمها وتكون غايته إشاعة المحبة والاحترام بين أحبتنا المثقفين حتى لو اختلفوا بالآراء والمنطلقات ..

وأتمنى من كل قلبي أن يتم طرح هذا الموضوع على النقاش ..

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…