2009 عام جديد ونضال متجدّد

جريدة الوحدة (YEKÎTÎ) *

   رغم أن الزمن لا ينتظر طويلاً أمام الإرادة في تحقيق الأهداف، فإن هناك العديد من القضايا التي طال بها الوقت، وتعاقبت عليها الأعوام فلم تجد لها حتى الآن حلولاً عادلة..

وهناك أيضاً شعوب لم تنصف ، رغم ما قدمت من تضحيات وما بذلت من جهود.

ومنها شعبنا الكردي الذي لم يخرج يوماً من ثورة أو انتفاضة إلا ليستعد لأخرى، ولم يتخل عن النضال إلا من أجل تسليم رايته إلى جيل آخر، لكنه رغم ذلك لا يزال، مع القليل من الشعوب، يعاني الحرمان من الحقوق القومية في عالم لفّته رياح التغير، وتجاوزت شعوبه عهد الثورات القومية، لتبدأ ببناء ما يمكن تسميتها (بالدولة العالمية)، بفضل التقدم التكنولوجي الحديث واندفاع المجتمع البشري نحو آفاق جديدة من الحرية والمساواة وضمان حقوق الإنسان، بغض النظر عن اللون والجنس والعنصر والدين.
   وإذا اقتربنا أكثر من موقعنا على خارطة هذا العالم، فإن بقاء شعبنا الكردي في سوريا حتى الآن دون اعتراف رسمي بوجوده كثاني قومية ، وبقاء قضيته دون حل، وحقوقه دون تحقيق، لا يعبّر فقط عن أزمة ذاتية يتعلق جزء منها بأخطاء في التقدير وأخرى في التحضير، وبتقصير في توحيد الطاقات ولم الشمل، وبتقاعس في إبراز هذه القضية وطنياً

بصورتها الحقيقية، البعيدة عن التعصب والانعزالية، والقريبة من جوهرها الديمقراطي والإنساني، بل تتعلق هذه الأزمة أيضا بظروف موضوعية محيطة، بعضها تاريخية تعود إلى اتفاقات دولية، مثل سايكس- بيكو التي قسّمت منطقة شرق المتوسط حسب أهواء ومصالح دولتين في ذلك الوقت، هما بريطانيا وفرنسا، حيث أصبحت سوريا بموجبها من حصة الثانية، ورسمت خارطتها الحالية لتضم بين حدودها الكرد ومناطقهم الكردية، مع إخوتهم العرب وغيرهم وبقية المناطق السورية، لتتحول سوريا إلى دولة الأمر الواقع لجميع مكوناتها التي ارتضت العيش المشترك والوطن الواحد، وخاضت نضالات مشتركة من أجل التحرير والبناء، وتطلعت معاً لمستقبل أرادته سعيداً خالياً من التمييز والحرمان، لكن شوفينية القومية السائدة أخلّت بالشراكة الوطنية وحرمت الشعب الكردي من نصيبه الوطني وحقوقه الوطنية.

وبذلك أضاف هذا الواقع الكردي المقسّم قومياً والمغبون وطنياً، عمقاً جديداً لتلك الأزمة التي تعيق نضال الشعب الكردي وتحرمه من حقوقه، لكنها لم تستطيع حتى الآن تكبيل إرادته أو ترهنه للانعزالية، فهو لا يزال يراهن على اتساع مساحة التضامن معه والتفهّم لعدالة قضيته، وعلى تكاثر الأصدقاء حوله من القوى والنخب والفعاليات الوطنية، التي تزداد وعياً وعدداً في كل عام، على أمل أن يشهد عام 2009 تقدماً أكبر على طريق التغيير الديمقراطي السلمي الذي يعني بجانبه الكردي إيجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكردية في البلاد.


…………………………..
* المقال الافتتاحي لجريدة الوحدة-yekiti- العدد 185

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد إذا كان الاستثمار من الأمور الهامة التي تأخذها بعين الاعتبار أيُّ دولة أو حكومة سواءً أكانت متطورة وشبه مستقرة أم خارجة لتوها من الحرب ومنهكة اقتصادياً؛ وبما أنَّ معظم الدول تشجع على الاستثمار الأجنبي المباشر بكونه يساهم بشكلٍ فعلي في التنمية الاقتصادية، ويعمل على تدفق الأموال من الخارج إلى الداخل، ويجلب معه التقنيات الحديثة، ويعمل على توفير…

من أجل إعلامٍ حرّ… يعبّر عن الجميع نقف في هذا اليوم العالمي لحرية الصحافة، نحن، الصحفيين والكتاب الكرد في سوريا، للتأكيد على أن حرية الكلمة ليست ترفاً، بل حقٌ مقدّس، وضرورة لبناء أي مستقبل ديمقراطي. لقد عانى الصحفيون الكرد طويلاً من التهميش والإقصاء، في ظلّ الأنظمة الدكتاتورية المتعاقبة ولاسيما نظام البعث والأسد، حيث كان الإعلام أداة بيد النظام العنصري لترويج…

عبدالرحمن کورکی (مهابادي)* في الوقت الذي تتكشف فيه يوميًا أبعاد جديدة للانفجار الذي وقع في أحد الموانئ الجنوبية لإيران يوم 26 إبريل 2025، يتردد سؤال يعم الجميع: من هو المسؤول عن هذه الكارثة؟ هل كانت متعمدة أم عيرمتعمدة؟ هل يقف وراءها فرد أو تيار معين، أم أنها عمل قوة خارجية؟ سؤال لا يزال بلا إجابة حتى الآن!   التكهنات…

إبراهيم اليوسف يبدو التدوين، في زمن باتت الضوضاء تتكاثر فيه، وتتراكم الأقنعة فوق الوجوه- لا كحرفة أو هواية- بل كحالة أخلاقية، كصرخة كائن حرّ قرّر أن يكون شاهداً لا شريكاً في المذبحة. التدوين هنا ليس مجرد حبرٍ يسيل، بل ضمير يوجّه نفسه ضد القبح، حتى وإن كان القبح قريباً، حميماً، أو نابعاً من ذات يُفترض أنها شقيقة. لقد كنتُ- وما…