درويش محمى
احد اقرب اصدقائي الصحافيين الالكترونيين العرب, وجد نفسه فجأة في موقف حرج لا يحسد عليه, بسبب المقالة القصيرة الساخرة التي تناولت في سطورها ثقافة “القندرة” العربية, وتطاولت فيها على البطل القومي ورمز النضال العربي منتظر الزيدي و”قندرته” التاريخية الباسلة العظيمة, وجد صديقي نفسه وفق قوله وعلى ذمته في مرمى “الصبابيط” العربية السورية وملاحقاً من الجميع, كتاباً وصحافيين ومحررين وفنانين ومن الجيران والخلان وفي المقهى والحارة وحتى في البيت, بعد اكتشافهم لسر صداقته لنا, وموقفنا من “القندرة” واهل “القندرة” وانصار “القندرة
احد اقرب اصدقائي الصحافيين الالكترونيين العرب, وجد نفسه فجأة في موقف حرج لا يحسد عليه, بسبب المقالة القصيرة الساخرة التي تناولت في سطورها ثقافة “القندرة” العربية, وتطاولت فيها على البطل القومي ورمز النضال العربي منتظر الزيدي و”قندرته” التاريخية الباسلة العظيمة, وجد صديقي نفسه وفق قوله وعلى ذمته في مرمى “الصبابيط” العربية السورية وملاحقاً من الجميع, كتاباً وصحافيين ومحررين وفنانين ومن الجيران والخلان وفي المقهى والحارة وحتى في البيت, بعد اكتشافهم لسر صداقته لنا, وموقفنا من “القندرة” واهل “القندرة” وانصار “القندرة
في البداية, تعاطفت مع زميلي الصحافي بشدة, واشفقت عليه وعلى نفسي, بالتأكيد ليس بالقدر نفسه من التعاطف الكبير الذي لقيه منتظر الزيدي من لدن الشارع العربي, لكني تعاطفت معه قدر استطاعتي وبما فيه الكفاية, الى ان ظهر زميلنا على سجيته وانكشف امره وبان على حقيقته, فقد كان هو الاخر مغرما بالزيدي وببطولته, وقد ضاق ذرعاً بمواقفي المناهضة ل¯ “القندرة” الزيدية, فاتهمني صراحة بتقوقعي في هويتي الكردية, ورفضي الاندماج والتفاعل مع الشارع العربي العريض, وانزل في موقعه الالكتروني خبراً شبه عاجل, يقول فيه ويدعي, ان مراسل “كردستان تي.في” شارك بضرب البطل منتظر الزيدي .
زميل عربي سوري اخر, وكاتب ومعارض وسجين رأي سابق لاكثر من عقد, كتب هو الاخر في “القندرة” الزيدية وتفاعل معها, فكان لا زيدياً ولا لا زيدياً, و”القندرة” التي قذفت بوجه جورج بوش اعتبرها زميلنا كالبندورة التي رميت على هلموت كول والبيض الذي القي على طوني بلير, وقد افلح زميلنا الكاتب في اعتداله ووسطيته, الا انه عاد بخفي “منتظر” عندما اقحم الاقليات في مقاله, ليلقي بجام غضبه على الكتاب الاكراد “مدعي ثقافة الدفاع عن الأقليات في المنطقة” وموقفهم من ثقافة الحذاء, ولم يفلح زميلنا المفلح وهو يترك العنان لنشامته العربية وثورة غضبه علينا نحن ابناء الاقلية الكردية, التي هي في الحقيقة اغلبية بانتمائها للأمة الكردية المجزئة, كما لم يفلح زميلنا الكاتب وهو يحتكر الافق المعرفي لنفسه ويجهل الاخر اللامعرفي, واظهر من دون ان يعلم, وربما يعلم ومن يعلم, نظرته الدونية الى الآخر الاقلياتي, فاتهم الكردي الرافض للطريقة الزيدية بالعنصرية والتبجح من دون وجه حق وخلافاً للواقع والحقيقة, ولم يفلح زميلنا كذلك بتحامله على اتحاد الصحافيين في كردستان العراق, وحشرهم في الخانة نفسها مع اتحاد الصحافيين السوريين, بسبب اعتذارهم للرئيس بوش عن “فعلة” الزيدي, متناسياً انهم مواطنون عراقيون ولهم وضعهم الخاص وغير ملزمين بالصمت إزاء حادث مهم وقع في عاصمة بلادهم .
ان نصنف نحن الاكراد كخط ثالث دخيل على الخط الاصيل العربي, وان نتهم بالهرطقة والعداء للثقافة العربية كلها ومجملها, وان نجمع في سلة واحدة كشلة علمانية متشدقة, لهو موقف اكثر من باهت واكثر من محزن, بل هو موقف مخيف جداً وخطير للغاية, وتكريد موقف الكتاب الاكراد من ظاهرة الحذاء الزيدي, وتحوير تلك المواقف و”فلسفتها” على هذا النحو الخاطئ, يجعلنا نشعر بعظيم الخشية, ان تكون المعارضة السورية كالشارع السوري “بشقها الاكثري”, متفقة ومتناغمة مع النظام السوري وتوجهه العنصري القوموي الاستعلائي الفوقي تجاهنا نحن الكرد, والخشية كل الخشية ان تستمر معاناتنا مع التمييز والاضطهاد, اليوم من النظام وثقافته, وغدا من الثقافة السائدة في الشارع العربي بشقيه النخبوي والشعبوي, ونبقى نحن الاكراد وبالاعتراف العلني للجميع كنسيج أصيل من المجتمع السوري, اما مواطنون من الدرجة الثانية لا يحق لنا ان ندلو بدلونا في احداث وقضايا وطنية حساسة, كقضية حذاء الزيدي, واما اجانب فاقدين للجنسية الوطنية .
سئل الرئيس العراقي الكردي “مام جلال” ذات مرة عن منابع ثقافته ومصادرها, فرد الرجل وهو لم يقل الا الحقيقة “ان ثقافتي عربية”, وهذا هو حالنا نحن الاكراد الناطقين بالعربية, رغم اعتزازنا وتمسكنا بخصوصيتنا الاثنية وهويتنا القومية التي هي موضع فخرنا واعتزازنا, نستفتح صباحات ايامنا بالفيروزيات ونسهر مع الكلثوميات ونسكر على الحان السنباطي واحمد رامي وزكريا احمد, ونمتع انفسنا بروائع جبران خليل جبران وطه حسين ومحمد الماغوط, ومازلنا نتعلم من مقدمة ابن خلدون ونتلذذ بشعر نزار قباني ومحمود درويش, لكن الثقافة التي ننبذها ويجب ان تنبذوها انتم بدوركم, هي الثقافة السائدة اليوم في عالمكم العربي, وهي ماشاء الله كثيرة لا تعد ولا تحصى, كثقافة العنف, وثقافة التعصب بنوعيه الديني والقومي, وثقافة العداء للغرب وديمقراطيته, وثقافة الغوغاء, وثقافة الاستبداد, وثقافة الخضوع والخنوع للحاكم المطلق, وثقافة احتكار الحقيقة والمعرفة, وثقافة الغاء الاخر “الاقلياتي”ودمجه القسري في بوتقة الاكثرية, وثقافة الصمت عن جرائم “الدارفور” و”الانفال”, واخيراً وليس اخراً, ثقافة الحذاء .
ما ذهب اليه الكتاب الاكراد في قضية الحذاء المناضل, لم يكن الا غيض من فيض مما كتبه نظراؤهم العرب في القضية نفسها, ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر, ما كتبه مدير تحرير صحيفة “أوان” الكويتية, السيد عدنان حسين”تحت عنوان” امة في الحضيض” يقول فيها :”نحن أمة في غاية التأزم وفي أشد حالات السقم وترقد في الحضيض الحضاري”, وكتب الاستاذ جابر حبيب جابر في “الشرق الاوسط” “إن كان هناك أمة عرب, ألا وهي أنها أمة خالية الوفاض, الاحتفاء بالحذاء وصاحبه يعبر عن أزمة ولا يعبر عن بعث جديد لامة كانت ثم صارت, وتعساً لبعث يكون رمزه حذاء”, وفي “الشرق الاوسط” ايضاً, كتب الاستاذ تركي الحمد “أمة اجتمعت كما لم تجتمع من قبل على النظر إلى حادثة الحذاء كفتح مبين ونصر عظيم وبطولة خارقة, لم يتردد بعض أفرادها عن ربط كرامته, بل وكرامة أمته تلك, بذلك الحذاء الطائر, الذي كشف قبل كل شيء كم نحن حفاة في طريق الحضارة الوعر” .
بشهادة شاهد من اهلها نختتم مقالتنا هذه, ومن القلب نقول, كل عام وانتم على ثقافة عربية حرة سليمة ونيرة .
زميل عربي سوري اخر, وكاتب ومعارض وسجين رأي سابق لاكثر من عقد, كتب هو الاخر في “القندرة” الزيدية وتفاعل معها, فكان لا زيدياً ولا لا زيدياً, و”القندرة” التي قذفت بوجه جورج بوش اعتبرها زميلنا كالبندورة التي رميت على هلموت كول والبيض الذي القي على طوني بلير, وقد افلح زميلنا الكاتب في اعتداله ووسطيته, الا انه عاد بخفي “منتظر” عندما اقحم الاقليات في مقاله, ليلقي بجام غضبه على الكتاب الاكراد “مدعي ثقافة الدفاع عن الأقليات في المنطقة” وموقفهم من ثقافة الحذاء, ولم يفلح زميلنا المفلح وهو يترك العنان لنشامته العربية وثورة غضبه علينا نحن ابناء الاقلية الكردية, التي هي في الحقيقة اغلبية بانتمائها للأمة الكردية المجزئة, كما لم يفلح زميلنا الكاتب وهو يحتكر الافق المعرفي لنفسه ويجهل الاخر اللامعرفي, واظهر من دون ان يعلم, وربما يعلم ومن يعلم, نظرته الدونية الى الآخر الاقلياتي, فاتهم الكردي الرافض للطريقة الزيدية بالعنصرية والتبجح من دون وجه حق وخلافاً للواقع والحقيقة, ولم يفلح زميلنا كذلك بتحامله على اتحاد الصحافيين في كردستان العراق, وحشرهم في الخانة نفسها مع اتحاد الصحافيين السوريين, بسبب اعتذارهم للرئيس بوش عن “فعلة” الزيدي, متناسياً انهم مواطنون عراقيون ولهم وضعهم الخاص وغير ملزمين بالصمت إزاء حادث مهم وقع في عاصمة بلادهم .
ان نصنف نحن الاكراد كخط ثالث دخيل على الخط الاصيل العربي, وان نتهم بالهرطقة والعداء للثقافة العربية كلها ومجملها, وان نجمع في سلة واحدة كشلة علمانية متشدقة, لهو موقف اكثر من باهت واكثر من محزن, بل هو موقف مخيف جداً وخطير للغاية, وتكريد موقف الكتاب الاكراد من ظاهرة الحذاء الزيدي, وتحوير تلك المواقف و”فلسفتها” على هذا النحو الخاطئ, يجعلنا نشعر بعظيم الخشية, ان تكون المعارضة السورية كالشارع السوري “بشقها الاكثري”, متفقة ومتناغمة مع النظام السوري وتوجهه العنصري القوموي الاستعلائي الفوقي تجاهنا نحن الكرد, والخشية كل الخشية ان تستمر معاناتنا مع التمييز والاضطهاد, اليوم من النظام وثقافته, وغدا من الثقافة السائدة في الشارع العربي بشقيه النخبوي والشعبوي, ونبقى نحن الاكراد وبالاعتراف العلني للجميع كنسيج أصيل من المجتمع السوري, اما مواطنون من الدرجة الثانية لا يحق لنا ان ندلو بدلونا في احداث وقضايا وطنية حساسة, كقضية حذاء الزيدي, واما اجانب فاقدين للجنسية الوطنية .
سئل الرئيس العراقي الكردي “مام جلال” ذات مرة عن منابع ثقافته ومصادرها, فرد الرجل وهو لم يقل الا الحقيقة “ان ثقافتي عربية”, وهذا هو حالنا نحن الاكراد الناطقين بالعربية, رغم اعتزازنا وتمسكنا بخصوصيتنا الاثنية وهويتنا القومية التي هي موضع فخرنا واعتزازنا, نستفتح صباحات ايامنا بالفيروزيات ونسهر مع الكلثوميات ونسكر على الحان السنباطي واحمد رامي وزكريا احمد, ونمتع انفسنا بروائع جبران خليل جبران وطه حسين ومحمد الماغوط, ومازلنا نتعلم من مقدمة ابن خلدون ونتلذذ بشعر نزار قباني ومحمود درويش, لكن الثقافة التي ننبذها ويجب ان تنبذوها انتم بدوركم, هي الثقافة السائدة اليوم في عالمكم العربي, وهي ماشاء الله كثيرة لا تعد ولا تحصى, كثقافة العنف, وثقافة التعصب بنوعيه الديني والقومي, وثقافة العداء للغرب وديمقراطيته, وثقافة الغوغاء, وثقافة الاستبداد, وثقافة الخضوع والخنوع للحاكم المطلق, وثقافة احتكار الحقيقة والمعرفة, وثقافة الغاء الاخر “الاقلياتي”ودمجه القسري في بوتقة الاكثرية, وثقافة الصمت عن جرائم “الدارفور” و”الانفال”, واخيراً وليس اخراً, ثقافة الحذاء .
ما ذهب اليه الكتاب الاكراد في قضية الحذاء المناضل, لم يكن الا غيض من فيض مما كتبه نظراؤهم العرب في القضية نفسها, ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر, ما كتبه مدير تحرير صحيفة “أوان” الكويتية, السيد عدنان حسين”تحت عنوان” امة في الحضيض” يقول فيها :”نحن أمة في غاية التأزم وفي أشد حالات السقم وترقد في الحضيض الحضاري”, وكتب الاستاذ جابر حبيب جابر في “الشرق الاوسط” “إن كان هناك أمة عرب, ألا وهي أنها أمة خالية الوفاض, الاحتفاء بالحذاء وصاحبه يعبر عن أزمة ولا يعبر عن بعث جديد لامة كانت ثم صارت, وتعساً لبعث يكون رمزه حذاء”, وفي “الشرق الاوسط” ايضاً, كتب الاستاذ تركي الحمد “أمة اجتمعت كما لم تجتمع من قبل على النظر إلى حادثة الحذاء كفتح مبين ونصر عظيم وبطولة خارقة, لم يتردد بعض أفرادها عن ربط كرامته, بل وكرامة أمته تلك, بذلك الحذاء الطائر, الذي كشف قبل كل شيء كم نحن حفاة في طريق الحضارة الوعر” .
بشهادة شاهد من اهلها نختتم مقالتنا هذه, ومن القلب نقول, كل عام وانتم على ثقافة عربية حرة سليمة ونيرة .