حقائق جديدة بلغة الأضاليل القديمة

حسن عمر*

حازت زيارة وفد الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا برئاسة الأستاذ عبد الحميد درويش إلى بغداد و إقليم كردستان في الآونة الأخيرة على اهتمام واسع من قبل الأوساط السياسية و الإعلامية و الجماهيرية الكردية في سوريا بطريقة تماثل الاهتمام الكبير و الاستقبال الحار الذي لاقاه الوفد من القيادات الكردستانية العراقية و على رأسها قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني و الحزب الديمقراطي الكردستاني.

و في الوقت الذي رحبت فيه تلك الأوساط بنتائج تلك الزيارة رأى البعض من المتحاملين تاريخيا على السيد عبد الحميد درويش و الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا إن تلك الزيارة تشكل نقطة تحول هامة في مسار العلاقات الكردستانية للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا و خاصة لقاءه الهام مع السيد نيجيرفان البارزاني رئيس حكومة إقليم كردستان و قيادات الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي من خلال المكتب السياسي للحزب و الترحيب الحار الذي لاقاه من قبلهم خاصة و إن العلاقات بين الحزبين كانت عرضة للتشويش لفترة ليست بالقصيرة على خلفية اتهامات باطلة طالت السيد عبد الحميد درويش و التقدمي  و هو الأمر الذي أزعج الكثير من أصحاب المصالح الذين لعبوا طوال تلك الفترة على ذلك الوتر.
و لعل مقالة السيد زيور العمر المنشورة في موقع (welatême) بعنوان (احترام  قيادة إقليم كردستان العراق للشعب الكردي في سوريا) جاءت كخير مثال على صحة ما أوردناه إذ تناول السيد الـ (عمر) جملة حقائق واضحة وضوح الشمس من ضمن الكلام المتحامل المنحاز للجهة الغير خافية التي يمثلها كما ورد في نص مقاله.
و لمحاولة إلقاء الضوء على تلك الحقائق سأحاول تقديم ما قاله السيد زيور على أمل أن أكون قد وفقت في تبيان و شرح مضمون رسالته التي وجهها عبر مقالته تلك إلى أكثر من جهة مستندا إلى بعض الحقائق التي أوردها في سياقها و سأتوقف عن النقاط التالية :
1-  لقد حمل السيد زيور بعضا من الشجاعة و الجرأة في الاعتراف بتدبير البعض للمكائد (و خاصة من قبل من يمثلهم السيد زيور كونه عارفا بتفاصيلها و خباياها) في محاولة زعزعة العلاقة التاريخية بين الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا والاتحاد الوطني الكردستاني و هو ما لم يجرؤ احد قبله على الاعتراف بها عندما يذكر في افتتاحية مقالته (خلال تجربة العديد من الأحزاب الكردية في كردستان العراق, وخاصة في الجزء التابع لهيمنة و سيطرة الإتحاد الوطني الكردستاني، جرت ،عبثاً، محاولات حثيثة لزعزعة مكانة السيد عبد الحميد درويش لدى قيادة الإتحاد الوطني من خلال عرض صورة سلبية لمواقفه و سياساته، سواء تعلق بالملف الكردي في سوريا، أو بمواقفه من الإقليم و رموزه.) ، انه كلام لا يحتاج الى تعليق.


2 – يبدو أن أكثر ما يزعج البعض من العلاقة بين الحزبين المذكورين إنما يأتي دوما عبر بوابة الحوافز المادية التي دفعت بالكثير من الانتهازيين و الدخلاء على الحركة الكردية الذين شكلوا ما يشبه لوبيا متناوب الأدوار للدفع دوما باتجاه تعميق الخلافات بين الأطراف الكردية و الكردستانية في محاولة الارتزاق من خلفها متناسين تماما مأساة شعبهم و هو ما يؤكده السيد العمر حينما يبدي عميق انزعاجه على عدم دعم الاتحاد الوطني المادي للبعض من هؤلاء و انه قد خص الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا فقط بالدعم حينما ربط بين تلك المحاولات العبثية في التأثير على العلاقة بينهما إذ يقول ( لذلك كان دعم حكومة الإتحاد الوطني الكردستاني و حوافزه لمنظمات الأحزاب الكردية السورية التي اتخذت السليمانية مستقراً لها، باستثناء حزب عبد الحميد درويش، قليلاً، و بشكل ملحوظ) .

و لا يخفى إن مثل هذه الاتهامات دائما كانت تصدر عن الجهات الأمنية التي تروج لمثل هذه الأكاذيب والأساطير حول الدعم المادي الخارجي لأطراف الحركة الكردية.
3- في سرده التاريخي للعلاقة بين السيد عبد الحميد درويش و السيد جلال الطالباني يذكر السيد الـ(عمر) بعض الحقائق الهامة التي تجاهلها هو بنفسه في أوقات كثيرة خاصة في مقالاته التي سخّر معظمها لنشر الأضاليل بحق التقدمي و التهجم على مواقفه و سياساته و خاصة فيما يتعلق بالدور الريادي للأستاذ عبد الحميد درويش في تأسيس أول حزب كردي في سوريا و هو الأمر الذي لم يحلو له ذكره إلا بنية النيل من العلاقة بين السيد درويش و الطالباني.
4- تأكيد السيد العمر بأن هناك مستجدات حقيقية قد طرأت على الساحة الدولية و الإقليمية و خاصة فيما يتعلق بالوضع في إقليم كردستان العراق و إن كان قد أساء إلى الإقليم و قياداته على السواء في مقالته  حينما اعتبر أن (موقف قيادة الإقليم من قضية الشعب الكردي ليس خافياً على أحد ، و ما يزال يتمتع بصبغته التقليدية القديمة، التي لم تغيرها مستجدات المنطقة عموما، و العراق خصوصا..ً.

الشعب الكردي في سوريا كان جسراً في حسابات أشقاءه الكردستانيين للعبور إلى
ضفة النظام السوري) إذ حمله حقده و حقد معلميه على الإساءة إلى النضال الكردستاني و قياداته عامة ، فقط بسبب ( الحفاوة الشخصية التي تمتع بها عبد الحميد درويش في إقليم كردستان العراق) ، متناسيا بأن تلك المستجدات نفسها قد فتحت الطريق واسعا أمام ترسيخ العلاقة بين التقدمي و الاتحاد الوطني و التي اعتبرها ( محكومة بالعلاقة الشخصية المتينة بين زعامة الحزبين) و هو هنا مخطأ تماما في اعتقاده ذاك لان تلك العلاقات و إن بنيت على الأساس المذكور إلا إنها نتيجة تقاطع و تواصل سياسي بين حزبين مناضلين في سبيل قضية شعبهما ، و هنا يسعدني أن  ابشر السيد العمر بأن هذه العلاقة تتجاوز العلاقة الشخصية بين درويش و الطالباني أمد الله في عمرهما، هذا من جهة ، و من جهة أخرى فان هذه المستجدات نفسها أتاحت فرصة تاريخية لتطوير العلاقة مع الحزب الديمقراطي الكردستاني الشقيق و الذي حاول الكثيرون من أمثال السيد زيور و من يقفون خلفه توتيرها.


هذه الحقائق التي يوردها السيد العمر و أمثاله باتت واضحة لكل ذي بصيرة لذا فانا أدعوهم إلى إعادة قراءة هذه المستجدات بصورة أخرى خارج دائرة الوهم و الانتهازية ليُخرجوا أنفسهم من كونهم ورقة محروقة في محاربة الحركة الكردية إلى صورة جديدة تخدم قضية شعبنا الكردي في سوريا الذي يتعرض إلى سياسات شوفينية وقمعية جديدة ، والى ترك المراهنات الخاسرة التي لم تجلب على شعبنا سوى المزيد من المآسي و الويلات و لحركتنا المزيد من التفرقة.

كما أشكره لإلقائه الضوء على بعض الحقائق التي كانت مغيبة على شريحة واسعة من أبناء شعبنا خاصة و انه قد شهد شاهد من أهلها و سيعتبَر كلامه وثيقة واضحة و شهادة أخرى على حجم الأضاليل التي مورست بحق السيد عبد الحميد درويش و الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا.


و هنا نود توجيه السؤال التالي إلى السيد زيور العمر و أمثاله ، هل كانت مهمتكم على مر العقود الماضية هي محاربة الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا و سكرتيره عبد الحميد درويش فقط ؟ …..

*  من الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…