مَن أقرَّ بشراكة أنصار الإسلام في كردستان العراق؟؟

عمر كوجري

  تطالعنا الشبكة العنكبوتية كل يوم بسيل من الأخبار والمقالات غير أن الكثير منها يعاني الترهل، وعدم المسؤولية، فقبل أيام قرأت مقالة للكاتب عصام خوري بعنوان” أنصار الإسلام شركاء رئيسيون في كردستان العراق” منشورة في موقع ” كلنا شركاء” بعد قراءة المقالة شعرت أن صاحبها انطلق من أجندته الخاصة، وجافى الواقع، فبالإضافة إلى سيل المغالطات المقصودة وغير المقصودة ارتكب الرجل إثماً فظيعاً بحق لغته التي لم يحسن الكتابة بها، وإن أراد أرسلت له قائمة طويلة بالأخطاء الإملائية والنحوية واللغوية التي  يجب ألا يقعَ فيها كاتب «حصيف» من مستواه.
   عتبة المقالة تقول شيئاً والمتن يقول شيئاً آخر، فافتقرت إلى المعلومات التي تهمُّ المتلقي ذلك أنها بدأت بتجييش رأي عام عربي على وجه التحديد كون الحزبين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني يسيطران على شمال العراق ” إقليم كردستان العراق” بحسب ما ورد في المقال، فالكاتب يريد إخبارنا أن الوضع السياسي والعام في كردستان العراق قاب قوسين أو أدنى من الانهيار، وهذا مجاف للحقيقة، فالذي يسيطر على كردستان ليس الحزب الديمقراطي ولا الاتحاد بل هو القانون الذي ينظم الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

    وبعد استفاضة لا مبرر لها يأتي السيد خوري إلى موضوع عتبة مقالته ليحدثنا عن أنصار الإسلام فيعرض معلوماتٍ غيرَ دقيقة، ولا أدري من أي مصدر استقى معلوماته؟؟ فهو يخلط تنظيم أنصار الإسلام مع جند الإسلام، وهذه مغالطة لأن جماعة جند الإسلام هي جزء من أنصار الإسلام، وهذه الجماعة مكونة من جند الإسلام وحماس الكردية وحركة التوحيد، ويقودها الملا كريكار واسمه الحقيقي نجم الدين فرج وهو مقيم حالياً في النرويج.
   وفيما يخص البنية العشائرية للمجتمع الكردي إذ ذهبت المقالة على أن هذه البنية ساهمت في” تبني النهج التكفيري عند عديد من الشباب السلفيين فالمساجد الكثيرة جداً في إقليم كردستان تقدم صورة واضحة على مدى التدين في هذا الإقليم الذي يقال عنه أنه علماني بحكم الحزبين العلمانيين الحاكمين له”.
 مقدمة البنية العشائرية ليس من الضرورة أن توصلنا إلى نتيجة تبني النهج التكفيري، فالحياة الاجتماعية في كردستان العراق تغيرت كثيراً في الخمس عشرة سنة الماضية، واستطاع الكرد أن يشكلوا نواة نظام أقرب إلى العصرنة منه إلى العشائرية، والمساجد موجودة بكثرة في مجمل البلاد الإسلامية، وليس في كردستان وحدها، وكانت وزارة الأوقاف في كردستان العراق قد اشترطت أن يكون الفاصل بين مسجد ومسجد لا يقل عن كيلو متر مربع ضمن المدن.
   ولا أعلم كيف توصل خوري إلى استنتاجه الفظيع وهو« ولعل تقارب الحزبين مؤخراً من بعضهما أديا إلى تزايد الفساد في هذا الإقليم» إذ ما علاقة التقارب بين الحزبين  بالفساد؟؟ ولم يخبرنا كاتب المقالة ماهي معايير الحكم الرشيد؟؟
   وطالما أن البيشمركة يمارسون معهم التصفية كما ورد فكيف يقبلون أن تعمل هذه المنظمة بحرية تامة في كردستان و” تغض حكومة كردستان العراق الطرف عن سياسات التصفية والتهجير القسري تجاه مسيحي الموصل”
  يعلم المتتبع للأحداث أن الكرد لا قوا الأمَّرين على يد هذه الجماعة، ولعل أسوأ الحوادث كانت المجزرة التي لحقت بالحزبين الكرديين والتي راح ضحيتها أكثر من مئتي شهيد من خيرة كوادر وقيادات الصف الأول في الحزبين في صبيحة عيد الأضحى 1 شباط 2004 فيما سمي بغزوة أربيل، وورد عن الجماعة البيان التالي: “لقد قام اثنان من إخواننا الاستشهاديين – نسأل الله تعالى أن يتقبلهم – بمداهمة وكرين من أوكار الشياطين في مدينة أربيل في شمال العراق، فاجتمعت بذلك فرحتنا في عيدنا – عيد الأضحى – بفرحتنا بالنيل من أعوان اليهود والنصارى”
  كيف سيتحالف الكرد مع هؤلاء ضد المسيحيين؟؟ وهم- أعني المسيحيين- معززون مكرمون في كردستان العراق ..

بل حاصلون على جميع حقوقهم الدستورية والقانونية، ولهم أحزابهم السياسية ومؤسساتهم الثقافية و مشاركون في السلطة التنفيذية وبرلمان كردستان،  يتمتع المسيحيون في إقليم كردستان العراق بحرية العمل السياسي والحزبي والثقافي , ومشاركتهم في السلطة التنفيذية والبرلمان( لهم خمسة نواب في المجلس الوطني لكردستان العراق- و ثلاثة وزراء في حكومة إقليم كردستان- ووزيران في حكومة المالكي- نائبان في المجلس الوطني العراقي) وهذه النسبة مقبولة جداً قياساً لتعدادهم السكاني.
إذا: ضعف واضح وشح في معلومات الأستاذ خوري ..

وربما تسرُّعُه في كتابة مقالته أصاب فيها مقتلاً..
وتبرئ هذه المساهمة ساحة جماعة أنصار الإسلام من أية شراكة مع حكومة كردستان العراق، وأبشر الأستاذ خوري بأن هذه الحركة لن ” تجد بنية خصبة بين الشباب الكردي الملتزم دينياً في حال ضعف سلطة الحزبين الكرديين أو تنامي فسادهما”

دمشق

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…