كان الوسام سجناً بعد عقود من الإخلاص…!!

م .

بافي ژيـن  

ربما لايختلف اثنان حول تعريف الوطنية, ومدلولاتها الفكرية والسياسية, ولكن الغريب في الأمـر, أن يتحـول المفهـوم الوطـني إلى أداة قمع , في أيدي نفر من الناس المنتفعين في السلطة الحاكمة, ويقاس على أساسها مدى ولاء الفرد للوطن, وصلاحه للدولة والمجتمع, أي أن الوطنية في الوقت الراهن, قد تحولت إلى قيد لتكبيل كل من لا يتفق و سياسات النظام, ويحاول الإدلاء برأيه حول الشـأن العام في البلاد, وفي مقدمته الهـم الوطني والديمقراطي, وحـقوق الإنسان, ومعاناة الكورد وحـل قضيتهم الوطنية – التي سئمت الانتظار – حلاً عادلاً, تتناسب ومقاييس شرعة الأمم المتحـدة, والمجلس الأمن الدولي, فيما تتعلق بحق الشعوب المضطَهدة في تقرير مصيرها.
إن سلسلة الاعتقالات الأخيرة, التي طالت رموز المعارضة الوطنية السورية, بشكل عام ومناضلي الحركة الوطنية الكردية بشكل خاص, لا تخدم البتة المصلحة الوطنية السورية, ولا تفيد تقدمها في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية, بل حُـرِمَ البلد, من طاقة كادرات وهبت جل وقتها, لرفعة سوريا ومصلحتها العليا,وناضلت على الدوام بشكل سلمي وحضاري, في سبيل توفير الحريات العامة, وتحقيق الديمقراطية وتأمين الحقوق القومية للشعب الكردي, وكان آخر الاعتقالات, أمتدت لعضوي قيادة حزب آزادي الكردي في سوريا, الأستاذ محمد سعيد عمر (أبو عصام) والأستاذ سعدون شيخو (أبو خناف).


لقد عُـرِفَ عن أبي عـصام حبه وتفانيه في العمل, وصدقه وتعامله الدمس مع أقرانه, إلى جانب نزاهته واستقامته في دائرته الرسمية؛ فكان بحق, مثالاً للأمانة والتضحية والوفاء ونكراناً للذات لدى جميع زملائه, بمن فيهم رؤسائه ومرؤوسـيه, بينما أبي خناف لم يختلف عن رفيق دربه من حيث الصفات والفضائل, قبل أن يفصل من وظيفته, بسبب انتمائه الحزبي, وما يسجل لهذين المناضلين التحاقهما المبكر بصفوف الحركة السياسية الكردية في سوريا (الحزب اليساري الكردي في سوريا منذ السبعينات)؛ فكانا رائدين في المجال السياسي والتنظيمي, ويعود لهما الفضل الأكبر في توسيع القاعدة الحزبية والجماهيرية, كل في منطقة عمله, كما يشهد لهما حبهما وإخلاصهما لشعبهما الكردي المضطَهد, هذا الشعب الذي يستحق وبجدارة العيش في وطنه السوري بحرية وكرامة ولا يقبل الذل ولم يرتضِ يوماً الهوان, ومما لا شك فيه, أن المناضلين أبو عصام وأبو خناف كان من دعاة حـماية البلاد وأمنه وصيانة وحدته الداخلية, وعدم توفير الذرائع لـلمـتربصـين به, والتدخل في شـؤونه الداخلية, هذا إلى جانب إسهامهما الجلي في تأسـيـس حزب آزادي الكردي في سوريا, وسعيهما المستمر, الحفاظ على هذا المنجز المبارك, والوقوف في وجه كل من يحاول المساس بمشروع آزادي أو النيل منـه .


         
ولا بدّ من الإشارة, بأن جميع السجناء السياسيين ومعتقلي الرأي والضمير في سجون البلاد, وفي مقدمتهم, الأستاذ(أبو عصام وأبو خناف – حزب آزادي) والأستاذ مشعل تمو (أبو فارس) الناطق الرسمي للتيار المستقبل الكردي في سوريا, ورفيقه الأستاذ عمران السيد, ومعتقلي إعلان دمشق وغيرهم من المناضلين القابعين في أقبية الظلام …, أمثلة لحب الوطن, والوطنية الحقة, يجب أن يحظوا بحـرية في مجتمعهم, وبمكانة لائقة في وطنهم, وبين أهليهم وذويهم, لا أن يقبعوا بين جدران السجون والزنزانات, ويعاملوا معاملة المجـرمـين وقطاع الطرق؛ فالوطن أحوج من أي وقت مضى إلى جهود هؤلاء وتفانيهم من أجل تقدم بلادهم وازدهاره, لذا لا مناص, إلا أن تبادر السلطات المعنية, في تبييض السجون, وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسـيين, ولتكـن هـذه أولى خطوات الألف ميل نحو الانفراج السياسي والتغيير المنشود في سـوريا .
 

 29/11/2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…