هل كانت زيارة الاستاذ حميد « نهاية رجُل تقدُّمي »

أمين عمر

كان من المعقول اعتبار ما صرح به الأستاذ حميد درويش لموقع (رزكاري) ضمن إطار “طيش شباب” لو أنّ عمر الرجل ما دون العقد الرابع أو حتى الخامس، وكان من المعقول أيضاً تقبل تلك السهام لو أن الرجل كان يعيش خارج سوريا في كندا او على سطح القمر ويستقي معلوماته ويستلهمها من مصادر شبيهة بالفضائية السورية وكانت أقواله ستقبل المضغ و الهضم لو أن الرجل لم يقضي قرابة نصف قرن يقود حزباً من بين الاحزاب التي تجاوزت أعدادها الدزينة بقليل، لذا وعقب تلك الزيارة وبعد تلك التصريحات يحق لنا فصل نضال الاستاذ حميد الى ما قبل الزيارة وما بعدها
الأستاذ حميد لم يكتفي بمشاكل التحالف أو حلف الفتور التي أخذت حيّزا ًمضيناً من الوقت والجهد لالتفاف الحركة الكردية وشارعها حولهم لإيجاد رقعة من أي شكل كانت لإصلاح التحالف ولكن دون جدوى ولم يكتفي أيضاً بعدم المشاركة في الاحتجاج الذي يفصل نضال الحركة الكردية الى ما قبل وبعد الاحتجاج بل ركب الأجواء حينها الى بغداد الرشيد ودافع الزيارة حسب قوله للاطمئنان على صحة المام جلال اثر العملية التي أجرها منذ فترة وما دام  وجهته المام جلال وسيحل ضيفاً في بلاد الرافدين فما الضير بـِطلة الى كردستان العراق وبطريقه ، ماذا سيخسر لو أجرى بعض المباحثات واللقاءات.
 الأستاذ حميد حلق في السماء تاركاً على الأرض من يقودهم أو على الاقل يقود جزءًا منهم عرضة لعشرات الاحتمالات الصعبة قد يكون بينها الاستشهاد والاعتقال لأن لحظة وقوفه امام قصر الرئيس العراقي ليحل عليهم بركاته كان الشعب الكردي واقفَ على مقربة من قصر الرئيس السوري ينتظر كافة الاحتمالات قد يكون من بينها استقبال الرصاص ليفضي الى نهاية الحياة وبداية الخلود، الحشود الكردية أو الجزء الذي تمكن منهم للوصول الى مقربة من الهدف لم يلقوا الاستقبال الذي لاقاه الاستاذ حميد بالطبع، لأن الشعب الكردي كان قد قرر مع قادته والمفترض إن الاستاذ حميد واحداً منهم الرضى بكل ما هو سيء وصعب محاولةً منهم لإلغاء المرسوم 49 الذي يضع حد لنهاية شعب يسكن على ارض أجداده التاريخية  
لن استرجع ما قاله الأستاذ حميد في حق الأب الروحي للكرد البرزاني وثورته فربما كان تكتكاً مثله مثل كل التكتيكات التي ظهرت مؤخراً التي تكون العذر والمبرر لأخطاء قاتلة، ولن أغوص في ما قاله منذ أكثر من سنة عن الشيخ الشهيد معشوق الخزنوي لأنني قلت حينها ما يكفي بل لنرى ما آل إليه حال أعتى المناضلين

فالأستاذ حميد بوصفه بعض الاحزاب بـ ” الكميونية ” وهي مقولة تسجل له وستبقى للذكرى وقد يكون محقاً في جزء من وصفه ذاك ولكن سائقي الكميونات تلك ومعاونيهم استطاعوا ضخ عشرات الكميونات من البشر وتوجيههم الى  العاصمة دمشق في رحلة الحياة ورفض الموت وسيفتخرون بيومهم ذاك وأن كان طريقهم مليء بمسامير حادة مزروعة في الطريق وشظايا زجاج مبعثرة على طول الطريق وعرضه ولكنهم وصلوا ووصلت رسالة قوية وأن بدت في نظر البعض مجرد زيارة تفقدية لمسكن المشعل الكردي التمو الذي كان أول الواصلين ولازال هناك الأغرب من تلك التصريحات العديدة والنصائح المجانية للكرد العراق الاستقبال والاهتمام الذي لاقاه ليس تقليلاً من حجم ومكانة الرجل أو استهانة بسنين عمره بل لأن بعض قادة الحركة يذهبون ويأتون وكأنهم غادروا في ليلة ليس فيها ضوء نيون دون أن يحالفهم حظ بلقاء أو التقاط صورة مع مسؤول من العيار الذي تناول معهم الأستاذ حميد أشهى ما أوتي من المأكولات الكردستانية وما قد يؤرقهم كونهم يعتبرون انفسهم حلفاء وأخوة وأبناء للنهج البرزاني ولا أحد يهتم بهم الا في الأوقات الضائعة وفي أفضل الاحتمالات لقاء شبه عابر في مكتب ثانوي، طبعاً ليس انتقاصاً منا لقيمتهم بل هذا وذاك هو الواقع والماضي، هذا عدا عن بعض الذين لا يحظون بلقاء واحد من اللقاءات التي حظي به الأستاذ حميد دون جهد كبير منه او تخطيط سابق
السؤال ما أساس سياسة التعامل التي يتبعها الإخوة في كردستان العراق نحو الكرد السوريين وأحزابهم فالأستاذ صلاح بدرالدين الذي لم يبقى شيء ولم يقله بحق البرزانيين ويحظى بدعم واحترام كبير يحسده الكثيرون ممن كانوا يحاربونه أكثر من البرزانيين انفسهم وكان لأجل البرزانيين والأستاذ حميد كان قد سبق وفعل ما فعله بدر الدين وحظي بالاهتمام نفسه فهل سيخطر ببال أحزابنا الاخرى الهاجس نفسه بالطبع أنه لا وهو أمر مرفوض كلياً من جهتنا وحتى أن طُردوا من على تخوم العراق فعشق البرزاني مزروع في داخلهم والجماهير التي معهم تؤازرهم لتمسكهم بطريق البرزاني وحتى ان كان مجرد أقوال تمسك بها معظم قياديي أحزابنا مع تأجيل المباشرة وعدم دخولها بعد طور التنفيذ
بالتأكيد زيارة الاستاذ حميد حملت وتحمل في طياتها العديد من الأسرار بعيدة عن تلك التي شاعت من حفلات وولائم ديكة الحبشة والرومية وبعيداً عن الضجة الإعلامية وبعيداً عن المقولات أن الرجل كان في دارهم وواقفٌ على بساطهم والمسامح كريم واللي فات مات  

هل كانت الزيارة نقطة النهاية للتقدمي السوري الذي رفع من عيار الأهداف والتوجهات خارج سوريا بـ” قد” وهل قد تلك ستتجاوز حرف التحقيق والحلم  الى المطالبة الحقيقية بإدارة ذاتية أم كان لذر الرماد في العيون وربط بعض الألسن حتى يعود الأستاذ حميد الى عرينه وبعدها لكل حادث حديث ولكل موقف مبرر والحاجة أم لرفع سقف المطالب أم أن الزيارة جاءت  لتكشف المستور وتعبر عن النظرة الحقيقية  للأستاذ حميد للأحزاب الكردية في سورية ومن جهة أخرى فربما أنها أزالت اللثام و كشفت الحجاب عن نظرة كرد العراق للكرد السوريين ما نرجوه أن لا تكون كلمات الاستاذ حميد عن علاقاته الكردستانية التي ستشهد تطورات مجرد تصريحات كتلك التي أطلقت من كردستان وان تكون في مصلحة الكرد السوريين أكثر منها لمضاهاة الأحزاب الأخرى بكثرة العلاقات أو المباهاة بوجود علاقات وكفى للاستهلاك الإعلاني، والخوف أن حدثت أن  تسلك طريق أحادي المسلك مجرد الحديث عن الترحيب والتهاني والتبارك والعزاء، قد تكون تصريحات الرجل غير آتية من فراغ فهو قضى عمراً في القيادة قد تجاوز عمرنا بأكمله بعقود حتى يغامر مرة اخرى بالإفصاح عن تلك التصريحات الا بعد ان يكون قد تلقى وعوداً ثقيلة وحُـلف له برأس كردستان والإدارة الذاتية.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…