حول نكبات الوعي السياسي والثقافي الكردي في سورية.

هوشنك أوسي

هل نحن أكراد أم سوريون؟.

أيُّهما الغالب في الوعي والمسلك السياسي الكردي السوري، الأولويَّة القوميَّة أم الوطنيَّة؟.

هل الأكراد في سورية، شعب أم أقليَّة قوميَّة، شأنها شأن التركمان والشركس والأرمن والسريان؟.

كيف يحاول الكردي السوري إيصال معاناته إلى شركائه في الوطن؟.

لماذا يتمادى النظام السوري في زيادة جرعات القمع والاضطهاد للشعب الكردي، وإشهار معاداته للحقوق والمطالب الكرديَّة، ليس في سورية وحسب، وبل في العراق وتركيا وإيران أيضاً؟.

إلى متى سيبقى محلّ الكرد السوريين من الإعراب الوطني السوري، والقومي الكردستاني، ” مفعولاً بهم وفيهم”، وليس فاعلاً، أو على الأقلّ، “مفعولاً لأجلهم”؟.

وتطول وتطول قائمة الأسئلة، التي يزعم أكراد سورية بأنهم قد وجودوا الإجابات الكافية والشافية والناجعة…، لها، من زمان!.

لكن، واقع الحال يشير إلى خلاف ذلك.

فالنظام يتمادى في قمعه للكرد السوريين، وتهميشهم من الحياة السياسيَّة والثقافيَّة والاقتصاديَّة.

وآخر بدائع النظام السوري في هذا السياق، هو المرسوم الجمهوري رقم 49، الذي يمنع بيع وشراء العقارات في المناطق الحدوديَّة، وبخاصَّة في المناطق الكرديَّة، شمال وشمال شرق سورية، إلا بعد تعقيدات روتينيَّة وعراقيل أمنيَّة.

والناظر إلى الراهن الكردي السوري، لن يألو جهداً في تسجيل نقاط عديدة على الوعي السياسي الكردي في سورية.
الأحزاب الكرديَّة الـ”99″، بقضدِّها وقضيدها، محسوبة على ما يسمِّى بـ”المعارضة” في سورية.

لكنها، أيّ تلك الأحزاب، تتجنَّب إغضاب السلطة، وتبحث حثيثاً عن المنافذ لإرضائها، وتتماهى مع بعض خطابات السلطة أحياناً، من قبيل: “البلد أمام أخطار خارجيَّة محدقة.

وأيّ خطوة نحو زيادة منسوب النضال السلمي الديمقراطي الكردي في سورية، سيسجَّل على الكرد السوريين من قبل النظام، على أنه تطرُّف، واستقواء بالخارج، وربما عمالة وخيانة…”، إلى آخره من هذه الأسطوانة المشروخة إيَّاها، الراميَّة إلى تمييع النضال الكردي، وحصره في إصدار البيانات “المنددة والشاجبة…”، لا أكثر ولا أقلّ.

وإذا حسبنا أطنان البيانات الكرديَّة السوريَّة الصادرة منذ 14/6/1957، تاريخ تأسيس أول حزب كردي سوري، ولغاية اللحظة، لن تخولوا هذه البيانات، من هكذا دباجات، او ما يشابهها في مجمل الأزمات التي مرَّت على سورية والمنطقة في 1957، و1961، و1963، و1967، و1970، و1973، 1982، 1984، 1998، 2003، و2004، و2006، و2008.

لكن، واقع الحال السوري، ومنطق السياسة يقول: إن لم يستطع الكرد استثمار أزمات الأنظمة التوتاليتاريَّة، في العراق السابق، وفي سورية وإيران وتركيا، فلن يأخذ منها الكرديُّ أيَّاً من حقوقه.

بمعنى، إن لم يستطع الكرديّ السوريّ أخذ شيء من دمشق، وهي في محنتها، فلن تمنحه هذه أيّ شيء، بعد تجاوزها لتك المحنة.

هذا إن لم تزدْ في جرعة قمعها للداخل السوري، وللجانب الكردي، على وجه الخصوص، بعد زوال غيوم المحنة.

وهذا دأب دمشق، إذ كلَّما ازداد انفتاحها على العالم، وخفَّت عزلتها، بدأت بتضييق  الخناق على المعارضين السوريين.
وعلى سيرة ذكر ما يسمَّى بـ”المعارضة”، لا ضير من طرح هذا السؤال: وهل هنالك معارضة في سورية؟!.

واقع الحال يشير إلى وجود معارضين سوريين، وألاّ معارضة في سورية.

لقد جفف النظام، ومنذ 8/3/1963 ولغاية اليوم، كلّ منابع المعارضة في سورية.

إذ كيف يمكن تفسير خروج مظاهرات معارضة لغلاء المعيشة في الصومال، ولم نجد ولو “حبَّة مظاهرة” في دمشق على غلاء المعشية، وتفشي البطالة، وهدر المال العام، واستشراء الفساد والاستبداد، وحملات الاعتقال النظامي والعشوائي التي تطال الناشطين، بخاصَّة منهم الكرد.

ومن نافل القول، ذكر؛ إن أفضل شيء كان في “إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي” أنه كان مجرّد إعلان وحسب.

حيث تمَّ اعتقال غالبيَّة أمانته العامَّة من العرب، وتجاهل القيادات الكرديَّة المشاركة فيه، ولم يحرَّك هذا “الإعلان” العرمرم، ساكناً، لا مظاهرة، لا مسيرة، لا اعتصامات…الخ!.

أمَّا أكراد هذا الإعلان الدمشقي، فمصرُّون على وصف وجودهم في هذا الإعلان، ودورهم في صياغته، على أنه “إنجاز تاريخي كبير”، لا يشقُّ له غبار أو عنان!.

ومصممون على  إظهار الإعلان، بأنه أفضل ما توصَّلت إليه الأحزاب الكرديَّة، مع نظرائها العربيَّة في سورية، طيلة خمسين سنة!.

هذا، عدى عن إصرار تطويب هذا الإعلان، باسم أحد زعامات الأحزاب الكرديَّة في سورية!.

ومن المؤسف القول: إن بعض أكراد “إعلان دمشق” وكلَّوا عدَّة محاميين للدفاع عنهم، ورفع دعاوى بحقّ أحدة الزملاء الكتَّاب، على خلفية مقالٍ له، طواه على بعض الانتقادات لهم، ونشرت “الحياة” مقالته ذاك.

في حين، أن هؤلاء الأكراد الأفاضل، تناسوا توكيل محاميين لزملائهم ورفاق دربهم من معتقلي “إعلان دمشق” في السجون السوريَّة!.

وهذا لا يعني البتَّة، إن حقَّ أكراد “إعلان دمشق” في توكيل محامي للترافع عنهم، بداعي ردِّ الانتقادات _ الاتهامات، التي طواها الكاتب الزميل بحقِّهم، غير مشروع.

لا قطعاً.

بل، يكفي محامي واحد لهذه المهمَّة، وتوكيل بقيَّة المحاميين الثلاثة، للترافع عن المعتقلين الكرد والعرب في السجون السوريَّة!.

ولا يُفهم من مسألة تجييش المحاميين تلك، إلاَّ إرسال رسالة، لمن تسوِّل له نفسه، نقد “قداسة” الزعامة الكرديّة في سورية.

بمعنى، نقد الحركة الحزبيَّة الكرديَّة بشيءٍ من الجرأة والحزم، لَهوَ من الكبائر والمحرَّمات في الوعي السياسي الكردي السوري.

وقد ناب كاتب السطور ما نابه من حملات التشهير والتخوين والطعن السياسي والقومي والوطني والثقافي والاجتماعي، طال حتى أهلي وعائلتي في ماضيها وشرفها الوطني والقومي الاجتماعي أيضاً، أتت من محازبي الأحزاب الكرديَّة في سورية، وحتّى من أحد قادتها، الذي يزعم راديكاليَّة شعبويَّة مأزومة ومشبوهة، ويصول ويجول في البلاد وخارجها، ويشتم النظام قياماً وقعوداً، دوح حسيب أو رقيب، ويأتي “الزعيم” الراديكالي، للتهشير بعوائل وطنيَّة، كرديَّة سوريَّة، لها رصيدها القومي والوطني، بالجهد والمال والدم، في خدمة القضيَّة الكرديَّة!.

كلّ هذا التشويه والتحقير، لأنّ كاتب هذه السطور، انتقد مسلك الحركة الحزبيَّة الكرديَّة بشيء من الحزم والصرامة والمكاشفة.

فما كان على الزعيم الراديكالي الكردي المُفلِس، إلاّ التواري خلف اسم مستعار، “جهاد علي” ومزاولة مهنته الثانيَّة، إضافة إلى مهنته كزعيم حزب كردي سوري “راديكالي”، يهوى الانشقاقات الحزبويَّة!.
وبالعودة للدعوة المرفوعة بحقِّ كاتب كردي سوري، من قبل زعيم سياسي كردي سوري عتيد، يتبادر للذهن سؤال جوهري: لماذا رفع دعوى على جريدة “الحياة”، في حين أن هذا المنبر، نشر ردّ الناطق باسم المكتب السياسي لحزب الزعيم؟!.

يعني، كانت “الحياة” على مسافة واحدة من الرأي والرأي الآخر.

وإن لم تخنِّي الذاكرة، فإن الزعيم الكردي السوري نفسه، سبق وأن نشرت له “الحياة” في الأعوام السابقة، مقالاً له!.

ناهيكم أن “الحياة”، كصحيفة عربيَّة دوليَّة ليبراليَّة كبيرة، واسعة الانتشار، تحتضن نتاجات الكثير من الأقلام الكرد، المدافعة عن القضيَّة الكرديَّة في كافة أجزاء كردستان!.

وبخاصَّة منهم، أقلام كرديَّة سوريَّة؟!.

وللتذكير، يمكن الإشارة لهم: “إبراهيم حاج عبدي، بدرخان علي، آزاد علي، نزار آغري، حسين جمو، شيرزاد اليزيدي، رستم محمود، فاروق حجي مصطفى، روني علي…”، إضافةً لكاتب هذه السطور.

ومن اكراد العراق: “خالد سليمان، فوزي الأتروشي، سامي شورش، كامران قرداغي…”.

والحال هذه، أيَّة عداوة تكنُّها “الحياة” للأكراد، ولشخص الزعيم الكردي السوري، حتَّى يرفع دعوى قضائيَّة بحقّ منبر عربي مهمّ، منفتح على الشؤون والشجون الكرديَّة!؟.

إن خطوة حكيمة راجحة كهذه، أقلُّ ما يُقال فيها، بأنها محاولة استعداء لمنبر عربيّ هامّ، لقضايا وحقوق الشعب الكردي العادلة، وتماهي مع إجراءات معروفة اتُّخِذت بحقِّ “الحياة” في سورية.

والطامة الكبرى ليست هنا، وليست في اتهام الزعيم الكردي السوري للكاتب الكردي الذي انتقده “اتهمه”، بأنه خائن وعميل للمخابرات السوريَّة، وإن الأخيرة قد منحته مكتباً في الرياض!.

وأن الكتاب الكردي مدفوش من قبل جهات أمنيَّة تريد النيل من الزعيم…الخ، كلّ ذلك، عبر حديث صحفي، أدلى به الزعيم، لمراسلي أحد المواقع الكرديَّة.

الطامة الكُبرى، ان مثقفين الأكراد السوريين، والمنابر الإعلاميَّة، لم تنبس ببنت شفة، حيال اتهامات الزَّعيم الكردي للكاتب الكردي، دون أدلَّة!!.

لم يقل أحد: مهلاً، حضرة الزعيم؛ “لا تنهَ عن خلقٍ وتأتي بمثلهِ… عارٌ عليكَ، وإنْ فعلتَ عظيمُ”، حسب قول شاعرٍ عربي.

لم يقل أحد: إذا كان الكاتب الكردي، قد أخطأ في اتهامك، دون أدلَّة، فأين هي قرائنك وبراهينك الدامعة، على ان الكتاب، عميل وخائن، ويعمل لحساب الأمن السوري!!.

لم يقل له أحد: بدلاً من أن تفكِّر برفع دعوى على الجهات الأمنيَّة السورية، كي تثبت براءتك من اتهامك الكاتب الكردي لك، عليك رفع الدعوى عليهم، بسبب الإحصاء، والتعريب، وتجاهل الحقوق الكرديَّة، وقتل الكرد في الشوارع، والاعتقالات العشوائيَّة.

حينئذ، ستجد الثلاثة ملايين كردي سوري، خلف ظهرك، يساندوك، ويهتفون باسمك، ويسبِّحون بحمد جسارتك وجرأتك القوميَّة والوطنيَّة في مواجهة هاضمي حقوق الشعب الكردي السوري وقتلة شبابه.

بالنتيجة، لقد مرق حديث الزعيم الكردي، وتخوينه للكاتب الكردي، على آذان مثقفينا مروق تغريد البلابل والعنادل، ولامسَ أفئدتهم ملاسةَ عليل النسائم لتيجان الورود!.
من بين الذين طالتهم حملات الاعتقال بحقّ النشطاء الكرد السوريين، سكرتير الحزب اليساري الكردي في سورية، محمد موسى.

وقد كان كاتب هذه السطور، من أوائل المتضامنين مع السيّد موسى.

وتمَّ الإفراج عن موسى، ليحاكم طليقاً.

واستقبلت الجماهير الكرديّة السيّد موسى بالتهليل والحفاوة والتقدير.

وخطب موسى في الجماهير، بأنه لن يتراجع عمَّا بدأه، أونه سيواصل المسيرة، مهما كانت الأكلاف.

طبعاً، ضمن دباجة حماسيَّة تعبويَّة من العيار اليساري _ الكردي الثقيل، بعد أن أقسم بـ”بكلّ حبَّة من تراب الوطن” مراراً وتكراراً.

وهذا حقُّه وواجبه الذي لا خلاف عليه.

لكن، ما كان مثار شبهةٍ وارتياب واستهجان، هو ما حوته مذكَّرة الدفاع التي قدَّمها محامي محمد موسى، المحامي جميل إبراهيم، لقاضي الفرد العسكري بالقامشلي يوم 25/9/2008، ووقع على هذه المذكَّرة كل من المحامين: حسن عبدالعظيم، صبري ميرزا، رضوان سيدو، رديف مصطفى.

وما كان لافتاً للانتباه، ليس ورود ما يلي في سياق ترافعهم عن موكِّلهم: (… فإن كل هذه الأحزاب السورية، والتي تعد بالعشرات، تعمل منذ عشرات السنين بدون ترخيص، وحزب الموكل أيضاً يعمل بهذه الطريقة، وهو موجود منذ أكثر من أربعة عقود من السنين، وخلال هذه الفترة الطويلة كثيراً ما تم بين هذه الأحزاب، ومن ضمنها حزب الموكل، وبين جهات من السلطة والحكومة اتصالات ولقاءات ومداولات، لم تكن هذه الجهات الحكومية والسلطوية تعمد إلى ملاحقة هذا الحزب أو غيره، بتهمة من هذا القبيل، وإنما كانت، خلال هذه الفترة الطويلة كلها، تغض الطرف عن وجود وعمل ونشاط كل هذه الأحزاب، بالرغم من أنها كلها تعمل بشكل علني، وتحت بصر وسمع الحكومة وأجهزة الأمن،…/ “وضع خط تحت بعض العبارات، هو من قبل كاتب المقال”)، بل ما شدَّ الانتباه، كيف يقبل السيّد محمد موسى، وبعد لك الأيمان التي أقسم بها أمام الناس، بإيراد هذه الفقرة، ضمن مذكَّرة الدفاع عنه: (وفي حال جنوح محكمتكم الموقرة إلى خلاف ذلك، نلتمس للموكل الرأفة والرحمة، ومنحه أكثر ما يمكن من الأسباب المخففة التقديرية، فإن الأصل في العطف الذي يحاط به المتهم في الجرائم السياسية، هو أنه صاحب عقيدة خيرة، وذو فكرة إصلاحية نبيلة، وأنه مندفع، بروح الإقدام والتضحية، إلى تحقيق ما يرى فيه الخير العام، والحياة المثلى لبلاده ومواطنيه)!!.

إذ كيف لنشاط سياسي، وزعيم حزب كردي _ يساري، أن يطالب بالشفقة والرحمة والرأفة…، من قضاءٍ استثنائي، معروفٍ، ما محلُّه الإعراب، ضمن حالة الفساد والاستبداد التي تعنم في ظلِّها سورية، بمعيَّة حالة الطوارئ والأحكام العرفيَّة!!.

كيف لزعيم سياسي، يحلف بأغلظ الأيمان أمام الناس، ويطالب بالشفقة والرحمة من قاضي الفرد العسكري؟!!.

وقد ينبري دجَّالٌ رعديد، للتنظير لهذه الحال الغرائبيَّة، بأنَّها دهاء الساسة، وفقه المناورة، تماماً، كما يتعنَّى بـ”حيكم البارتي”، تماهياً ما حكيم “القواَّت اللبنانيَّة” سمير جعجع، وحكيم “الجبهة الشعبيَّة” جورج حبش.

والحقُّ، أن الحكمة تقتضي من “حكيم البارتي”، أن يكشف الغطاء عن محازبه البليد ذاك، الذي يسيء إلى البارتي، شرَّ إساءة وتشويه.

و”البارتي” ليس بالضعف الذي يحيجه إلى الاستعانة بمدائح وسخافات محازب، يتوارى خلف اسم مستعار، حتّى ولو كان هذا المحازب، محسوباًَ على السيّد نذير مصطفى!.

 
خصلة أخرى، تميّز الوعي السياسي الكردي في سورية.

وهي، حين يسعى أحد أيتام النظام العراقي السابق الطعن في قادة كردستان العراق والفدراليَّة الكرديّة، وتشويه الجانب الكردي العراقي، منقاداً لنزوعه القومجي المهلهل، تدبُّ الحماسة والحميَّة القوميَّة في كتَّاب ومثقفي وساسة أكراد سورية، للردّ على ذلك الموتور، كائناً من كان.

في حين، يصعب علينا إيجاد ولو نصف مقالة، كتبها كاتب كردي عراقي في الصحافة العربيَّة، دفاعاً كُرد سورية!.

كلّ رموز وقادة الأحزاب الكرديَّة السوريَّة، كانوا ينتقدون النظام العراقي السابق، على فظائعه وجرائمه بحق الشعب الكردي في العراق، في حين، كان ولا زال قادة أحزاب كردستان العراق يشيدون بالنظام السوري، وهم يعلمون مدى منسوب الظلم والقمع اللاحق بالشعب الكردي في سورية!.

كرد سورية، يحسبون قضيَّة كركوك، قضيتهم، وكرد العراق، لا يسترعيهم حملات التعريب والاستهداف الاقتصادي والسياسي والأمني للمناطق الكرديَّة السورية!.

طبعاً، ينبغي أن يكون هذا واجب وحقّ ودأب ومراس كرد سورية تجاه كرد العراق، لكن، لماذا لا يطالب أكراد سورية قادة كردستان العراق، أن يحسسوهم بأنهم أكرادهم أيضاً؟!.

تجتهد أحزاب اكراد سورية في التهافت على فتح مقار لها في كردستان العراق، دون فتحها في بغداد أو بيروت أو عمَّان أو القاهرة، ولن نقول: طهران وأنقرة.

ويجهد الكثير من مثقفي كرد سورية في التهافت على كردستان العراق، فيما يشبه “الارتزاق الثقافي”، عبر تدوين المدائح في تجربة كردستان العراق، والتسويق لها، وغضِّ الطرف عن الفساد العرمرم الصائل والجائل فيها!.

أكراد سورية، مستعدون لتبرير أخطاء قادة كردستان العراق، ببراعة وشجاعة  أكثر من أكراد العراق أنفسهم!.

وعليه، قد يكون ثمَّة “عقدة نقص”، تستبدّ بالوعي السياسي الكردي في سورية، يدفعه لفعل ذلك.
في استضافة أحد منتديات الحوار الكرديَّة، (منتدى ولاتي مه) للكاتب المصري، وصديق الشعب الكردي؛ الأستاذ أحمد زكريا، ضيفاً، في حوار مفتوح، دأب الكاتب المصري في إجاباته على الأسئلة الواردة إليه، على الانفتاح والصراحة والشفافيَّة، نهيكم عن حمولة الودّ والتضامن مع مظالم الشعب الكردي وقضاياه العدالة.

لكن، تكشَّفت هشاشة العمارة الثقافيَّة والفكريَّة لدى بعض أكرادنا، وبدا عجزهم عن توخِّي آداب الحوار، وأخلاق الضيافة الكرديَّة جليَّاً للعلن.

وليس هنا، مربط خيل الوعي المنكوب.

بل في تلك الحمولة العنصريَّة تجاه ضيف المنتدى، العربي، وذلك النزوع العنصري القومجي، المنزلق نحو الدرك الأسفل.

إنه وعيٌّ يستبطن الأحقاد، ويلوذ بها أغلالاً.

فكان لكاتب هذه السطور، التعليق التالي حول ما أثاره بعض الكرد، مع التذكير والتأكيد، أن آرائهم، لم يكن يمثّل مزاج وموقف إداريي وضيوف المنتدى.
(نحن الكرد، بخاصَّة السوريين، كثيراً ما نتحدَّث عن العصرنة والمدنيَّة، لكن، لا زال وعينا مشدوداً للوراء، ينهمك في الغرف من الماضي، ويجتهد في الحديث عن الحقّ التاريخي!.

بعضنا، يُفترض أنهم يقيمون عواصم العصر والمعاصرة والعصرنة والتمدُّن…، ويُفترض أنَّهم نهلوا من ثقافة تلك البلدان، ما لذَّ وطالب لوعيهم، لكنهم، سرعان ما يرتدُّون إلى ذاتهم، وينكمشون عليها، وتبدو بطانة تحاورهم مع الآخر، شريكهم التاريخي _ الحضاري، ذات زخارف هجوميَّة، مردُّها عُسرُ أو عجز الفهم لديهم.

والحال هذه، إنْ كنَّا نحمِّلُ صديق ونصير قضيتنا، وزرَ بني جلدته ممن اضطهدونا، فكيف لنا أن نزيد ونستزيد من أصدقائنا؟!.

نلوم مضطهدينا، ونلوم مناهضي مضطهدينا في آن، فما أشجعنا من محاورين!.

لا نتزحزح عن قناعاتنا، معتبرين إيَّاها مُطلقات _ يقينيَّات مقدَّسة، وتاريخيَّة، ونطالب الآخر التزحزح عن قناعاته، والميلان صوب قناعاتنا!.

نستميت في البحث عن نقاط الاختلاف، ونتغافل عن نقاط الاتفاق والاشتراك.

وبدلاً من جسر هوَّة الاختلاف، نقومُ بتعميقها.

وبدلاً من زيادة نقاط الاتفاق والاشتراك، نقوم بإتلافها!.

هكذا اعتدنا أن نكون؛ متماهين مع مضطهدينا.

نتحدَّث عن حقوقنا التاريخيَّة، بنفس النبرة والحمولة التي يتحدَّث فيها مضطهدونا عن حقوقهم التاريخيَّة.

وننسى أو نتناسى أنَّه هنالك شركاء آخرون مثلنا، يفترض أن نحترم حقَّهم التاريخي في كردستاننا، كالسريان والآشوريين والعرب والترك والأرمن والتركمان…، وإنهم يحقّ لهم أيضاً حقّ تقرير المصير، والانفصال عنَّا وعن كردستاننا، ونحترم رغبتهم هذه.


يطرح شريكنا في الجغرافيا والتاريخ، “فكرته” في الاندماج، فنفهمها على أنها دعوة للاندماج والصهر القومي.

في حين ان الشريك، يشير إلى الاندماج الوطني، كحالة حضاريَّة عصريَّة، ضامنة لحقّ اختلاف الهوّيات، لا الخلاف والتصادم فيما بينها.

الاندماج الوطني، الذي يعني فيما يعنيه، تركٌ للقوميَّة السائدة المتسيّدة “الأكثريَّة”، لجزءٍ من سلطانها وسطوتها لصالح شركائها في الوطن، فيفترض ألاّ تستميت القوميَّات الأخرى الشريكة في تعميق الخنادق التاريخيَّة، وإحياء الكلام التاريخي حول الحقوق التاريخيَّة، فيما يناقض حديثها عن الوطن والشراكة الوطنيَّة، الذي نكثر في الحديث عنه، آناء مطالبتها بحقوقها الوطنيَّة.

لا مناص من قراءة التاريخ، ولا مناص من فهمه.

لكننا أثناء قراءتنا للتاريخ، ومحاولتنا فهمه، ننسى أن التاريخ صار خلفنا.

لذا، كيف لنا أن ندخل العصر، ونكون من فاتحيه، إنْ كنَّا نضع التاريخ أمامنا؟!.

لا شكَّ إن الحديث عن السياسة، والعمل فيها، يلزمه وعي تاريخي، في حين، لا أعتقد أن العمل السياسي يلزمه أدوات تاريخيَّة وكلامي تاريخي، حول الحقوق التاريخيَّة.

هكذا نحن، نختلق الأوهام، ونصدِّقها، من ثمَّ نقدِّسها.

إنها هرطقة، ووثنيَّة سياسيَّة تستبطن وعينا.

نحن واثقون تماماً، ومؤمنون تماماً، ومتقِّينون تماماً…، بأن العلاقة مع الأمريكيين والإسرائيليين، سـ”توفِّر” على الأكراد المزيد من الدماء.

في حين أن العلاقة مع الأمريكيين والإسرائيليين، هو حقّ طبيعي، للشعب الكردي، بشرط توفّر الحد الأدنى من النديَّة، وبشرط ألاَّ تكون هذه العلاقة، فعل منعكس لعلاقة النظم العربيَّة مع واشنطن وتل أبيب، وبشرط ألاّ تحقن هذه العلاقة دماء الكرد في مكان، وتسفكه في مكان آخر.

وهذه ليس شروط تعجيزيَّة، لعلاقة صحيَّة مع الأمريكيين والإسرائيليين والأتراك والفرس والعرب… وكلّ العالم.

علاقة النظم العربيَّة مع أمريكا وإسرائيل، لا يخامرنا، نحن الأكراد، أدنى الشكّ بأنها، تبعيَّة.

وهذا أيضاً ليس مبرر أن نتماهى مع النظم العربيَّة ونخبها، التي ننتقدها، حول طبيعة وآليَّة تأسيس علاقتها مع الأمريكان.

نردُّ نقد بعض المغرضين العرب لنا، حول علاقتنا مع الأمريكي، بذكر علاقات النظم العربيّة مع الأمريكي.

في حين، أن علاقتنا، هي أكثر هشاشة مع علاقة النظم العربيَّة مع واشنطن.

فشتّان بين العلاقة مع أمريكا كدول، والعلاقة معها كأحزاب.

وأعتقد أنه في العلاقة الكرديَّة _ الأمريكيّة، كان بالإمكان أفضل مما كان.

وكذلك في علاقة أكراد العراق مع تركيا وإيران وسورية أيضاً.

ولئن الأرمن والسريان والآشورين، قلَّة قليلة، فليس لهم “حقّ تاريخي” في الانفصال عنّاً، نحن الأكراد.

وجهة النظر هذه، حيال حقّ الشعوب في تقرير مصيرها، كم تشبه وتتقاطع مع وجهة نظر مضطهدينا لنا، كوننا قلّة قليلة، في نظرهم!.

طيّب، أوليس الأرمن والسريان والآشوريين مكوِّن تاريخي رئيس وأصيل في كردستاننا؟!.

ألم يكونوا أصحاب حضارات وإمبراطوريات وثقافات، جارت عليها الأزمان؟!.

هم الآن قلّة، لظروف وأسباب، ليست بخافية عن أحد.

لكن، ماذا لو عاد السريان والكلد_آشوريين الموزَّعين في أصقاع وبقاع العالم إلى أرضهم التاريخيَّة، التي هي في الوقت عينه، أرضنا التاريخيَّة، وصاروا كثرةً مثلنا، أو يتجاوزونا عدداً، هل يكتسب وقتئذ حقَّهم في الاستقلال عنَّا درجة “التاريخيَّة” لدى بعض أكرادنا؟!.

وكذا حال الأرمن والعرب في كردستان.

هل سنقف وقتها في وجه عودتهم، كي لا يطالبوا بحقِّهم التاريخي منَّاً؟!.

هذه الأرض التي نسمِّيها كردستان، هي المندمج الحضاري لحضارات شعوب المنطقة.

هي أرضنا التاريخيَّة، بمقدر ما هي أرض الآخرين التاريخيَّة.

هي وطننا القومي، الافتراضي، بقدر ما هي الوطن القومي، الافتراضي للسريان والآشوريين والأرمن.

حتى الآن، يوجد في مناطق بوطان، التي نعتبرها قلب كردستان، قرى ذات أسماء آشوريَّة وسريانيَّة وحتى يونانيَّة.

أمَّا مناطق وان وموش وبتليس…، فالحضور التاريخي الأرمني فيها، لا يخفى عن كلّ إنسان منصف.

بالنتيجة، ليس من المعقول، أن نتبنَّى فهم مضطهدينا لحقِّنا في تقرير مصيرنا، ونسقطه على شركائنا في التاريخ والجغرافيا من سريان وأرمن وآشوريين…الخ).
لا شكَّ أن السوك السياسي الكردي في سورية، لا يتحاج إلى الكثير من النباهة والحذاقة والذكاء والفطنة…، كي يعرف مدى التنافر والتضاد الحاصل فيه.

فعلى خلفيَّة المرسوم 49 السيّئ الصيت، قرر الكرد القيام ببعض الممارسات العمليَّة الاحتجاجيَّة الرافضة لهذا المرسوم.

والحقُّ أنها خطوة صائبة وفي محلِّها وفي الاتجاه الصحيح.

لكنّ بعض أكرادنا، وكتبة أحزابنا المشتركة في في الخطوة الاحتجاجيَّة يوم 2/11/2008، أسبغوا على ذلك الحدث أوصاف ونعوت، ما انزل الله بها من سلطان.

فمنهم من قال عن الحدث بـ”المسيرة الحشادة”، ومنهم من قال: “المظاهرة العارمة”، ومنهم من قال: الاحتجاج…الخ.

والحقُّ، أننا تعالمنا مع الحدث على أنه تحقق، وهو لم يتحقق، لتدخُّل الأمني السافر والقامع.

في مطلق الأحوال: الحدث، في حال لم تمَّ، خيرُ ما ينطبق عليه، هو الاعتصام الاحتجاجي السلمي وحسب.

فلم تكن لا مظاهرة حاشدة، ولا مسيرة عارمة.

وإلاَّ بعد فقهاء الدجل، قالوا في هذا اليوم، ما لم يقله مالكٌ في الخمر.

إذ اعتبروه، يوماً لـ”العِرض والأرض”… الى آخره، من طينة هذا الكلام الخشب المنخور.

لكن، ومع الثناء على قرار الاحتجاج، ومساعيه إنجازه، وبقطع النظر عن تحققه، ألا يحقّ طرح السؤال التالي: الأحزاب الكرديَّة، لا تعترف بشرعيَّة الانتخابات البرلمانيَّة في سورية.

وقاطعت آخر دورة لها.

وعليه، فهي لا تعترف بشرعيَّة البرلماني السوري، كونه نتيجة طبخة أمنيَّة _ بعثيَّة معروفة.

وتصريحات قادة الاحزاب الكرديَّة، وكتابات محازبيها، لا تألوا جهداً في نعت البرلمان السوري، بالنعوت والاوصاف التي تجرِّدها من الشرعيَّة الشعبيَّة والدميقراطيَّة…الخ.

والحال هذه، كيف لا تعترف هذه الأحزاب بنزاهة السلطة التشريعيَّة، ثم تعتصم أمامها، وتطالبها بردّ المرسوم 49، ورفع الغبن عن الشعب الكردي وحلّ القضيَّة الكرديَّة… الخ؟!.

ليس هذا وحسب، فعلى ذمَّة أحد قياديي الأحزاب الكرديَّة، إن ممثل الرئيس السوري (معاون وزير الداخليَّة)، وأثناء خطابه في المعتقلين، ونفيه، أن المرسوم يستهدف الأكراد، وانتهائه من كلمته، قام المعتقلون بالتصفيق له!.

طبعاً، بحسب ذلك القيادي.

وعليه، كيف لموقوفين، وليس معتقلين، على خلفيَّة محاولة قيامهم باعتصام احتجاجي على سلوك النظام السوري بحقّ الشعب الكردي، كيف لهم، أن يقبلوا التصفيق لممثل النظام، وهم رهن التوقيف التعسُّفي!!؟.
وبالعودة إلى مذكرة الدفاع عن محمد موسى، وإشارتها إلى نشاط الأحزاب الكرديَّة، تحت سمع وبصر السلطة والأجهزة الأمنيَّة، وعدم ردّ الأحزاب الكرديَّة على هذه المذكِّرة المنشورة على النت، وتجنُّب إيراد محامي المدافع عن محمد موسى، ذكر اسم حزب موكِّلهم (الحزب اليساري الكردي في سورية) في مذكرة الدفاع تلك، ومع اعتراف موسى بأنه زعيم حزب يساري، وعدم محاكمته على هذا الأساس، ومع اعتراف السيّد فؤاد عليكو أمام قاضي فرد العسكري بدمشق بأنع زعيم حزب سياسي، يزاول نشاط علني في سورية، وعدم محاكمته على هذا الأساس، ألا يحقُّ الشعب الكردي في سورية، أن يطالب أحزابه بفتح ملفّ علاقاته مع السلطة؟!.

ثم ألاّ يستثمر النظام هذه الأحزاب، وعدم ملاحقته لقيادات الصفّ الأولى فيها، انطباعاً بأنه نظام ديمقراطي، بدليل أن 99 حزب كردي ينشط فيه، بشكل علني!.

 

حاصل القول: بعد خمسين سنة من النشاط السياسي الكردي في سورية، لا زال الوعي السياسي الكردي منكوباً، وفي انزلاق للوراء، قوامه الشقاق والنفاق والتحايل على الذات.

لا زال هذا الوعي، عاجزاً عن نقذ ذاته، في مسعى إنتاج المجتمع الكردي الناقد لنفسه ولغيره، يستطيع أخذ دمشق إلى القامشلي وعفرين وكوباني، وإلزام دمشق باحترام خصوصيَّة هذه المدن الكرديَّة السوريَّة، والكفّ عن تجاهلها وإقصائها وعزلها.

هذا الوعي، لا زال يتخوَّف من النقد، فكيف له أن يشكِّل حراكاً جماهيريَّاً منتظماً، معارضاً، يقلق دمشق، ويلزمها على الإيفاء بالتزاماتها حيال الشعب الكردي في سورية، كجزء مهم ورئيس من النسيج الوطني والحضاري السوريين.

هكذا وعي، يرتدي لبوس المعارضة قولاً، وينأى عن المعارضة فعلاًَ.

والمعارضة السياسيَّة، هي استحقاق فعلٍ، قبل أن يكون استحقاق قول، في مسعى تحريك السلطة أو الضغط عليها، او تغييرها.

ولا يمكن الحديث عن وجود أيَّة معارضة، خارج هذا السياق، لا كرديَّة ولا عربيَّة، في سورية.

وما عدى ذلك، هو كلام في الهواء، يعزز الاستبداد والفساد في السلطة والمعارضة في آن.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…

نظام مير محمدي* عادةً ما تواجه الأنظمة الديكتاتورية في مراحلها الأخيرة سلسلةً من الأزمات المعقدة والمتنوعة. هذه الأزمات، الناجمة عن عقود من القمع والفساد المنهجي وسوء الإدارة الاقتصادية والعزلة الدولية، تؤدي إلى تفاقم المشكلات بدلاً من حلها. وكل قرارٍ يتخذ لحل مشكلة ما يؤدي إلى نشوء أزمات جديدة أو يزيد من حدة الأزمات القائمة. وهكذا يغرق النظام في دائرة…