السيد صلاح بدرالدين في غزوته الأخوانية

ديـــار ســـليمان

قبل حوالي عامٍ من الآن (17.09.2007) غــزا السيد صلاح بدرالدين ديـار البيانوني و بنـي خـدام.

كان قد عقد معهم حلفآ يشبه صلح الحديبية، أسموه (جبهة الخلاص الوطني)، التي عقدت مؤتمرها الثاني في أحد فنادق برلين قاطعته أحزاب الحركة الكوردية في سوريا وأصدر إعلان دمشق بيانآ جاء فيه: (لا يوجد تنسيق مع جبهة خدام و البيانوني و كان عليهم التنديد بالتحالف الأمريكي الصهيوني)، أي حتى إعلان دمشق لم يذكر أسم الشريك الكوردي المالك لتلك الجبهة.
أصدر مؤتمر الجبهة في ختام أعماله بيانآ هو عبارة عن هدنة تدخل في باب أفيون الشعوب حسب توصيف المراقب العام للأخوان الشيوعيين كارل ماركس، حيث تنص على تقاسم الغنائم على أن يكون نصيب السيد بدرالدين منه الكثيـر، لكن بأعتباره لا يمتلك أوعية للتخزين فقد تبخرت في الهواء الطلق أملاكه تلك و التي كانت على شكل وعد يقول: يتطلب إزالة أسباب ونتائج الظلم والإضطهاد إستمرار النقاش حول أفضل السبل لتحقيق الحل الوطني للمشكلة الكردية على قاعدة التوافق في إطار الوحدة الوطنية.
كتبت في تلك المناسبة (السعيدة جدآ) من باب ممارسة أضعف الإيمان مقالآ بعنوان: (في كل عرس لنا..

فضيحة)، كان بشكل خاص عن الجمل التي سبق أن وضعتُ تحتها خطـآ: إستمرار النقاش، أفضل السبل، المشكلة الكردية، و لم أتوسع في الموضوع الذي تناوله بعض الزملاء بالدراسة والنقد بصورة أعمق.
وكان مختصر رأيي هو أن الطرف الكوردي المشارك قد حصل على هدية قيمة هي عبارة عن حجاب خطه شخصيآ وبيديه المباركتين المراقب العام للأخوان المسلمين البيانوني و قام السيد خدام بتغليفه وبطريقة عصرية بيديه الأنيقتين أيضآ و مضمونه: صبرآ جميلآ وبالله المستعان.
وكتأكيد على صحة مواقفه، فقد أشاع السيد بدرالدين في أوساط فريقه المشارك أن أعمال المؤتمر قد حازت على رضا و مباركة شخصية كوردستانية مرموقة تبلغت بمضمون نتائجه، بإعتبار أن (ما حصل عليه) الكورد في يومين من العمل السياسي في الفندق البرليني لم يحصل عليه الأخوة في كوردستان خلال قرنين من العمل العسكري في الجبال.
ثم فتحت علينا أبواب جهنم، فقد بدأت المجموعة الإعلامية الموالية للسيد بدرالدين بقصف عنيف على كل من تناول حلفائه الجدد و مؤتمرهم  بكلمة لم تعجبه، فكتب مثلآ السيد صلاح الدين بلال: (صلاح بدرالدين و الهرج الاعلامي الذي صاحب مؤتمر جبهة الخلاص)، متهمآ أيانا بالهرج وبأننا و حرفيآ أيضآ: نبث حالة من الخلل السياسي والفكري والنفسي
كما جاء في تهجمه أيضآ: (إن فهم اللعبة الاعلامية و ادراك استخدامها و انعكاساتها يتطلب معرفة خطورة وجهي السكين القاطع و الذي قد يستخدم بالنيابة عن الآخرين واللعب بمصير أكبر قضية نبيلة يحلم بها كل كوردي وطني يحمل أرق وهموم قضيته، لوضع حل عادل و ديمقراطي لها في البلاد، لذا فأن نشر مقالات و أفكار بشكل لا تخضع لقوانين مهنية أو تلتزم بشرف الصحافة هي كمن يريد زراعة الشوك بدل الورد، أو كمن يريد أن يوهمنا بصداقة و تعايش الغزلان مع الأسود، في عالما غير مدرك لخطورة وحياة الغزال من مخالب الأسد في ظل قدرات غير متكافئة ضمن الغابة التي نعيش بها).

إنتهى الإقتباس.


 و قبل أن ألملم أوراقي كتبت ردآ على هذا الكلام الجميل الذي لا يأتيه الباطل لا من قبله و لا من بعده والذي يجعل المرء يشعر وكأنه (لص حذائه) لا يعود يعرف طريق الفرار رغم الإحساس العميق بأنه ـ الكلام ـ غير صادر عن صاحبه في الموقف الذي هو فيه، كتبت على إستحياء عن (صقور الإعلام الخشبي الكوردي) وذلك عن الإعلامي العاهة الذي يصمم على أن يبقى تلميذآ مؤدبآ عند السياسي يبحث له عن تبريرات و يجمل خطابه ـ لا يكذب و لكن يتجمل كما يقال ـ مع الحرص على الأبتعاد عن الإهتمام بتلقي أجوبة منه أو محاسبته، أي أن أقصى ما يطمح في الوصول إليه هو وظيفة ساعي بريد عند السياسي و هو ما يتطلب نقل عائديته من جهة الى أخرى.

وتوصلت الى نتيجة مفادها ان ممارسة السلطة الرابعة لمسؤولياتها في تناول مؤتمر جبهة الخلاص الوطني لم يكن تهريجآ إعلاميآ كما رآه البعض، بل منتهى التهريج هو تصديق الأقوال و ليس الأفعال، والأصرار خلافآ للطبيعة على البقاء في شرنقة المعلم المتحجرة.
مع توالي التصريحات النارية المدافعة عن الجبهة و منجزاتها من الطرف الكوردي أعدت النظر في موقفي السابق منها فهداني الله و تبين لي بأني كنت على خطأ، لذلك أعددت الشموع للإحتفال بمناسبة مرور عام على مؤتمرها الثاني، لكن قبل أن يكتمل العام بدأ الأستاذ صلاح بدرالدين يقصف مواقعه السابقة بالضراوة ذاتها التي كان يدافع بها عنها، و إنضم إليه في معركته هذه الجوقة ذاتها إضافة و بكل أسف الى آخرون جدد تحت شعار أنصر أخاك ظالمآ أو مظلومآ.
لم يسأل أحد نفسه عن مواقف خدام و البيانوني الإستعلائية المفضوحة من القضية الكوردية والتي كان الجماعة يجاهرون بها دون مواربة ولجأ البعض الى تجميل هذه المواقف، و أقل هذه التعبيرات هي منع خدام استخدام كلمة كوردستان سوريا من قبل الشباب الكورد ودفاعه حتى اللحظة عن المشاريع العنصرية التي يجري تنفيذها فيها، أما الطريقة العدوانية الفجة التي يعبر فيها الأخوان عن مشروعهم و تحالفاتهم فهي لا تحتاج الى تفصيل، ثمـة كاتب إخوانجي يكتب بأسلوب حاقد ملفت للنظر ألا و هو السيد (كويفاتية)، هذا الأسلوب الدموي يتجاوز النظام بكثير.
و باعتبار أن مرض الذاكرة المثقوبة قد تمكن من البعض حتى أصبح الدخول في جلبـاب البيانوني بالأمس يساوي تكفيره اليوم دون إلتفات للخسائر، فأنا لا أنتظر من السيد صلاح بدرالدين وباقي الفرقة إعتذارآ على تغيير مواقفهم 360 درجة بين الأمس واليوم لإنهم أكبر من الإعتذار، فنحن من أخطأ في الحالتين و يتوجب علينا الإعتذار، سؤالي للسيد بدرالدين بعد أن ينجلي غبـار معركته الحالية ضد حلفـاء الأمس القريب هو أين سيفتح جبهته القادمة حتى نعد لها ما أستطعنا من قوة و من رباط الخيل علنـا نستطيع بمساعدة (فاهمي اللعبة الإعلامية) إياهم و (مدركي إستخدامها)  من غـزغـزة الفكـر الكوردي بشكل كامـل.
17.11.2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

النقل عن الفرنسية إبراهيم محمود باريس – أكد البروفيسور حميد بوزأرسلان على ضرورة تحقيق الكُرد للاندماج الداخلي، وشدد على أن المسألة الكردية، بسبب الاستعمار فوق الوطني لكردستان، لا تقتصر على دولة واحدة بل هي شأن إقليمي. وتحدثت وكالة الأنباء ANF عن المسألة الكردية مع حميد بوزأرسلان، مؤرخ وعالم سياسي متخصص في الشرق الأوسط وتركيا والمسألة الكردية، يقوم بالتدريس في كلية…

درويش محما* خلال الاعوام الستة الماضية، لم اتابع فيها نشرة اخبار واحدة، وقاطعت كل منتج سياسي الموالي منه والمعادي، وحتى وسائل التواصل الاجتماعي لم اتواصل معها ولا من خلالها، والكتابة لم اعد اكتب واصبحت جزءا من الماضي، كنت طريح الخيبة والكآبة، محبطا يائسا وفاقدا للامل، ولم أتصور للحظة واحدة خلال كل هذه الأعوام ان يسقط الاسد ويهزم. صباح يوم…

إبراهيم اليوسف من الخطة إلى الخيبة لا تزال ذاكرة الطفولة تحمل أصداء تلك العبارات الساخرة التي كان يطلقها بعض رجال القرية التي ولدت فيها، “تل أفندي”، عندما سمعت لأول مرة، في مجالسهم الحميمة، عن “الخطة الخمسية”. كنت حينها ابن العاشرة أو الحادية عشرة، وكانوا يتهكمون قائلين: “عيش يا كديش!”، في إشارة إلى عبثية الوعود الحكومية. بعد سنوات قليلة،…

سمير عطا الله ظهر عميد الكوميديا السورية دريد لحام في رسالة يعتذر فيها بإباء عن مسايرته للحكم السابق. كذلك فعل فنانون آخرون. وسارع عدد من النقاد إلى السخرية من «تكويع» الفنانين والنيل من كراماتهم. وفي ذلك ظلم كبير. ساعة نعرض برنامج عن صيدنايا وفرع فلسطين، وساعة نتهم الفنانين والكتّاب بالجبن و«التكويع»، أي التنكّر للماضي. فنانو سوريا مثل فناني الاتحاد السوفياتي،…