إلى أستاذي ومشعل طريقي, إلى مشعل التمو:

  هرفين أوسي

يومها فقط اقتربت منك أكثر بعد شهرين وعشرين يوما على اعتقالك
اقتربت أكثر رغم البعد الأكبر…………..
عندما زرتك في المعتقل ما كنت لاحس بمذاق الاعتقال وابتعادك عني, الابتعاد عن من سكن وتوطن في وجودي.
ولكن ذلك اليوم في 2/11/2008 وفقط لاثني عشر ساعة وأنا بين جدران أربعة في فراغ ممتد أدركت إنني قريبة أكثر منك أدركت معنى آخر للابتعاد والاقتراب.

فمني لك تحية ممزوجة بفوح الياسمين تحية ملؤها شوق لعينيك التي طالماعلمتاني معنى أن أكون…………….
ولعينيك اهدي ألف شتلة ياسمين……………..
ازرعها في صدور المحرومين, المجردين, المنفيين, المعتقلين 
نعم يا أستاذي أخبرت الياسمين المخبئ بين الثنايا, بشوقك لها الذي طالما كنت تنتشي بها ………..
أستاذي مهما امتدت أو ضاقت الجدران الأربعة, مهما حدت الزوايا, مهما حجبوا نور الشمس عنا يكفي إننا سنعيش, حتى ولو متنا ستكون لنا امتدادات لا متناهية في أفق الحياة.
امتدادات في كل ما يصعب عليهم تجاوزه في الحب, الأمل, الياسمين, زمن يأبى أن يفقد هويته في وطن بلا هوية.
وأنا بين هذه الجدران الأربعة والباب الحديدي الكبير تعرفت على حكمتها وذاكرتها المليئة بقصص حياتية…..

فهناك من هرب ثلاثة أيام من الخدمة كي يلتقي بالحبيبة وعوقب بالسجن عشرة أيام…… وهناك من عوقب لأنه شرب نخبا والأجمل انه ما كان نادم رغم العقوبة, أما نحن فماذا ؟ لأجل من هربنا ونخب من شربنا ……………؟
لأجل ابتسامة طفل محروم عليه أن يحمل اسمه لأجل وطن يجمعنا كلنا……………..

       
مهما حاولوا اعتقالنا ونفينا يكفيهم أنهم فاشلين في قهر فوح الياسمين
 مهما طال تمترسهم وراء عصاباتهم المخابراتية, لن يستطيعوا اعتقال الياسمين وزجه في السجون ,انه لعار عليهم أن يذكروا الياسمين في أحاديثهم وهم يختبئون في قلاع الرعب,
 وهل يدرك معني الياسمين من لا يدرك معنى الحرية ؟
اجزم يا أستاذي إنهم سيفنون ولن يدركوا هذا السر لان فوح الياسمين لا يدركه إلا أنوف الأحرار حتى ولو كانوا في الاعتقال .
لن يثنيا النفي والسجن ,الشتم والتجريح وان كان هناك اعتقال فيكفي أننا سنكون على عهد مع الياسمين .
بوسعنا نشر الأمل أينما حللنا وان نتعلم كيف نجابه زمن يأبى أن يكون بلا زمن .

    3/11/2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

أزاد خليل* على مدى عقود من حكم آل الأسد، عاشت سوريا غيابًا تامًا لعقد اجتماعي حقيقي يعبر عن إرادة شعبها، ويؤسس لنظام حكم ينسجم مع تنوعها الثقافي والعرقي والديني. كان النظام قائمًا على قبضة أمنية محكمة وممارسات استبدادية استباحت مؤسسات الدولة لخدمة مصالح ضيقة. واليوم، مع نهاية هذه المرحلة السوداء من تاريخ سوريا، تبرز الحاجة إلى التفكير في نظام…

د. محمود عباس أحيي الإخوة الكورد الذين يواجهون الأصوات العروبية والتركية عبر القنوات العربية المتعددة وفي الجلسات الحوارية، سواءً على صفحات التواصل الاجتماعي أو في الصالات الثقافية، ويُسكتون الأصوات التي تنكر الحقوق القومية للكورد من جهة، أو تلك التي تدّعي زورًا المطالبة بالمساواة والوطنية من جهة أخرى، متخفية خلف قناع النفاق. وأثمن قدرتهم على هدم ادعاءات المتلاعبين بالمفاهيم، التي تهدف…

إبراهيم اليوسف منذ بدايات تأسيس سوريا، غدا الكرد والعرب شركاء في الوطن، الدين، والثقافة، رغم أن الكرد من الشعوب العريقة التي يدين أبناؤها بديانات متعددة، آخرها الإسلام، وذلك بعد أن ابتلعت الخريطة الجديدة جزءاً من كردستان، بموجب مخطط سايكس بيكو، وأسسوا معًا نسيجًا اجتماعيًا غنيًا بالتنوع، كامتداد . في سوريا، لعب الكرد دورًا محوريًا في بناء الدولة الحديثة،…

فرحان كلش طبيعياً في الأزمات الكبرى تشهد المجتمعات اختلالات عميقة في بناها السياسية والفكرية، ونحن الآن في الوضع السوري نعيش جملة أزمات متداخلة، منها غياب هوية الدولة السورية وانقسام المجتمع إلى كتل بطوابع متباينة، هذا اللاوضوح في المشهد يرافقه فقدان النخبة المثقفة الوضوح في خطوط تفكيرها، وكذا السياسي يشهد اضطراباً في خياراته لمواجهة غموضية الواقع وتداخل الأحداث وتسارعها غير المدرك…