لقاء مع الاستاذ صلاح بدر الدين

    أجرى اللقاء :
د رضوان علي   و   بسام مصطفى

الكاتب و السياسي الكردي الاستاذ صلاح بدر الدين ، غني عن التعريف و التقديم ، كثر عنه الحديث في الاونة الاخيرة و تناولته كتابات عدة بين ناقد و مؤيد خاصة بعد مشاركته الهامة و الفعالة في جبهة الخلاص الوطني الى جانب السيد عبد الحليم خدام و جماعة الاخوان المسلمين في سورية .

التقيناه طالبين منه التوضيح و الرد على الاستفسارات الكثيرة بشأن المواضيع المختلفة الوطنية السورية و القومية الكردية فكان هذا اللقاء .

– السيد صلاح بدر الدين ، شاركتم في كونفرانس و اشنطن الذي اقيم قبل مدة ثم قاطعتم اجتماع بروكسل ، و كتبتم مقالا بهذا الصدد منتقدين ذلك الاجتماع ، فما هي الاسباب التي دفعتكم الى ذلك ؟
–  نعم ، بالنسبة لكونفرانس واشنطن ، طبعا دعينا الى ذلك الكونفرانس من اجل مشاركة اجتماع اكراد الولايات المتحدة الامريكية و كندا لتنظيم انفسهم و بناء منظمة لهم .

و بعد وصولنا و في اليوم الاول من اللقاء ، تبين ان هناك اهداف اخرى و لو لم تكن متبلورة بشكل مدروس و لكن لمسنا ان المسألة خرجت من طابعها الاول و سمعنا بعض الاشارات ان هناك من يريد عقد مؤتمر قومي لاكراد سورية !و هذا امر اثار دهشتنا حيث لم تكن هناك تحضيرات كافية و لم يتمثل في  الكونفرانس مندوبون عن مختلف التيارات السياسية و الحزبية و التنظيمية في كردستان سورية و لذلك كان مثار استغرابنا حقيقة بعد ان لمسنا الى جانب ذلك  ايضا حضور عناصر معروفة بمعاداتها للاحزاب الكردية و التنظيمات الكردية منذ امد بعيد و لذلك اعلنا منذ اللحظة الاولى اننا حضرنا الى هذا الكونفرانس على اساس ان هناك اجتماع لتنظيم صفوف اكراد امريكا الشمالية و كندا و فوجئنا اثناء عقد المؤتمر باطروحات جديدة و بينا ايضا ان هناك خط احمر لايمكن تجاوزه بما يتعلق بوجود الحركة السياسية الكردية في الداخل و اوضحنا ان ذلك لن يمر و نحن لن نسمح بتجاوز الحركة القومية الكردية التي ناضلت تاريخيا منذ اكثر من نصف قرن رغم كل الملاحظات التي لدينا على سياسات و مواقف قيادات بعض هذه الاحزاب وكانت الاشارة بمثابة رسالة الى جميع المشاركين ، و فعلا اوضح العديد من الحضور وجهة نظرهم حول هذا الموضوع و كان طرحي موقع تأييد و دعم من جانب الاخرين .اما  حضوري ، بعد ان لمست هذا الموضوع و هذه المحاولات قررت ان استمر و ان اقدم ما لدي من اجل انجاح هذا الاجتماع لان المسألة قد اعلنت و لذلك لم يكن هناك مجال للتراجع خاصة و ان جزء من الاجتماع سيعقد اليوم التالي في احدى قاعات الكونغرس الامريكي و لذلك بقيت مع الاخرين و حاولت انجاح هذا الاجتماع بكل جهد  في اطار الهدف الذي عقد من اجله  و فعلا ساهمت مع الاخرين في صياغة البيان الختامي و القرارات و التوصيات و المبادىء العامة التي يمكن الاعتماد عليها لطرحها كموقف سياسي في اليوم التالي ، و هذا ما حصل و في اليوم التالي ايضا ساهمت بفعالية خاصة عندما ادرت الجلسة التي شارك فيها عدد من احزاب المعارضة العربية السورية و خاطبتهم و حاورتهم بشكل لائق و كانت ردود افعالهم ايجابية تجاه القضية القومية الكردية في سورية اما ما يتعلق الامر بمسألة بروكسل ،فالأفضل أن لانعطي الموضوع أهمية أكبر من حجمه ولكن لابأس  في الحقيقة قاطعت ذلك الاجتماع وأعلنت عن موقفي بصراحة ووضوح  قبل عقده بمدة لاسباب عديدة  فلم يكن هناك قرار في واشنطن لا في الجلستين الرسميتين ولا في البيان الختامي ولم يكن هناك  اي بند يدعو الى عقد مؤتمر قومي او وطني لاكراد سورية هكذا في القريب العاجل و السبب الآخر هو انه قد تم التلاعب  بتوصيات كونفرانس واشنطن حيث هناك ثلاثة عشرة نقطة وهي ما زالت موجودة عندي بخط يدي لانني قدمت صياغتي و قوبلت بالتأييد والموافقة ونشرت بعدة لغات  .

اعود و اكرر ليس هناك اي بند يدعو الى عقد مؤتمر قومي و وطني بل هناك بند يدعو الى وحدة الحركة الكردية في سورية و محاولة التوصل عبر التعاون مع الحركة السياسية الكردية في الداخل الى وحدة الحركة الكردية عبر عقد مؤتمرات او اي شىء اخر و ما حصل في بروكسل بعيد كل البعد عن هذا الموضوع حيث ان الحركة السياسية الكردية في الداخل لم تتمثل في الاجتماع المذكور حتى النهاية  و لو بممثل واحد و جرت مقاطعة شاملة و كاملة من جانب جميع الاحزاب و المنظمات الكردية .

السبب الثالث ان اجتماع بروكسل بسبب عدم التحضير له و بسبب الاستعجال و محاولة البعض لتمرير بعض اهدافهم الخاصة كان انعكاسه سلبيا على الحركة الكردية في سورية و اساء الى القضية الكردية و الدليل على ذلك قبل و خلال و بعد هذا الاجتماع ظهرت اربعة منظمات جديدة ! باسم منظمات و احزاب و لو انها قد يكون وراءها اشخاص و انفار معدودين ولكن هذا الامر مسيىء ، تّصور اذا كان الاجتماع يريد مؤتمر وطني او قومي او توحيد الحركة الكردية فكيف يشجع ويطلق الوعود !! لبروز اسماء تنظيمية  جديدة  وبعضها تحوم من حوله  التساؤلات و لذلك كان حدسي و موقفي في محلهما حيث لاحظت ان ذلك الاجتماع بالشكل الذي عقد سيسىء الى قضيتنا و الى شعبنا و الى مسألة وحدة حركتنا السياسية و لذلك قاطعت ذلك الاجتماع و قاطعه غيري من الاحزاب و المنظمات و الشخصيات الثقافية و السياسية المنتمية الى الجزء الغربي من كردستان وليس صحيحا ما يدعيه البعض بأن عدم حضوري لذلك الاجتماع دفعني الى اتخاذ هذا الموقف واني اذ أتساءل هل حضرت اجتماعات أخرى كالتي عقدت في باريس والسويد وهولاندا وبرلين …الخ ومن ثم اتخذت منها الموقف الايجابي وباركت القائمين عليها دون ان اعرف بعضهم على الصعيد الشخصي ؟.

– السؤال الثاني يتعلق بجبهة الخلاص الوطني في سورية ، ماذا عن التمثيل الكردي في الجبهة ، و ماذا عن موقف الاحزاب الكردية في سورية من الجبهة و الاشتراك فيها ، و بخاصة لانكم تركزون دوما على اهمية الداخل كما قلتم للتو ؟
– طبعا جبهة الخلاص الوطني ، هي جبهة تمثل مكونات من المعارضة الوطنية الديمقراطية في سورية ، و خاصة من الذين لهم وجود في الداخل و في الخارج .

طبعا و بدون شك ان  المكونات الاساسية في هذه الجبهة – جبهة الخلاص الوطني في سورية- من البعثيين الخارجين على النظام و من حركة الاخوان المسلمين و من بعض التيارات القومية و الليبرالية و ايضا من الطرف الكردي .

من الواضح ان المعارضة الوطنية السورية باجنحتها العربية و الكردية من حقها ان تؤسس مؤسساتها الوطنية المدنية من اجل تحقيق البديل الديمقراطي و اسقاط النظام الدكتاتوري الراهن ، وقد كان المؤتمر الذي عقد في لندن يومي الرابع و الخامس من حزيران  بمثابة المؤتمر التأسيسي الأول  لجبهة الخلاص الوطني علما بانه سبق ذلك لقاء تشاوري في بروكسل في شهر اذار و لكن المؤتمر التأسيسي الاول كان في لندن في التاريخ المذكور .

نعم ، لقد شاركت في هذا المؤتمر و هناك ايضا طرحت ضرورة مشاركة الداخل بجميع تلاوينه و اطيافه و قومياته و جميع مؤسسات المجتمع المدني العاملة على الساحة السورية ، طالبت بذلك و الكل متفقون على ذلك .

طبعا ، الداخل لا يستطيع الان ان يعلن جبهات معارضة جذرية وحاسمة بالشكل الذي تم في لندن و من الواضح ان القوى الموجودة في الخارج ستقوم بواجباتها و ستعبر في ممارساتها و في تشكيلها للجبهات و المؤسسات و الانظمة عن ما يريده الداخل .

المسألة هنا واضحة ، و هي تتركز على : –  التحضير من اجل بناء معارضة منظمة  وتوحيد صفوف المعارضة الوطنية الديمقراطية بكل تياراتها و مكوناتها – و وضع اللوائح التنظيمية و المالية و العلاقات السياسية و غيرها – و وضع برنامج و كذلك صياغة دستور جديد لسورية هذا كله من اهداف المعارضة الوطنية في الداخل و الخارج .

قد يكون الخارج في بعض المراحل يعبر عما يفكر به الداخل ، قد يكون الداخل ليس على استعداد ان يشارك علنا فيما يحصل في الخارج و لذلك اعتقد بان المرحلة تتطلب ان يحصل التكامل بين الداخل و الخارج ، ان يقوم الخارج بما يعجز عنه الداخل و الامور ستمضي بهذا الشكل و كمثال على ذلك ، الشعارات و المبادىء التي طرحت في المؤتمر التأسيسي و ايضا احتواه البرنامج السياسي للتغيير و كذلك البيانات السياسية كل ذلك يعبر عن ما ينادي به الشعب السوري بجميع فئاته و قومياته و يتطابق مع مواقف المعارضة الجذرية في داخل سورية لذلك اعتقد ان الوقت ليس مناسبا الان من اجل ان نعلن عن اسماء من هم في الداخل الذين يؤيدون ما حصل في لندن و ما هو مطروح في جبهة الخلاص الوطني ، و لكن اعتقد بان جميع اطياف المعارضة الوطنية في الداخل ليسوا على تضاد مع ما جرى في المؤتمر التأسيس في لندن بل على العكس استطيع القول بان الاغلبية الساحقة تؤيد قرارات و توصيات و برنامج و بيانات جبهة الخلاص الوطني .

لذلك ما قمت به لا يتعارض مع مبادئي الوطنية والقومية وموقفي السياسي في ايلاء الاهمية القصوى لدور و وجود و رأي الداخل ، و كما قلت فان معظم المعارضات في العالم تبدأ من الخارج عندما يكون هناك نظام استبدادي و لا يسمح بان تجري الامور بشكل  طبيعي و ان يعبر الشعب عن رأيه بحرية مثل المظاهرات و الاعتصامات و الاضرابات و توزيع البيانات ، كل ذلك غير مسموح به في سورية الان في ظل النظام الاستبدادي الراهن ، لذلك فان ما حصل في المؤتمر التأسيسي هو انتصار لشعبنا السوري بجميع فئاته و قومياته في داخل سورية .

و هذا امر مسلم به و قد ظهر بعد اذاعة بيانات المؤتمر التأسيسي و بعد المؤتمر الصحفي الذي عقد عقب انتهاء المؤتمر ، رأينا كيف ان النظام في سورية بدأ يحسب الحسابات لما حصل و بدا بشن حملات اعتقالات و ايضا حاول ان يقوم ببعض المساومات حول بعض القضايا الخاصة من اجل ان يمرر تكتيكه و ان يحافظ على نفسه كما حصل مع السيدة نجاح العطار حيث نفذت أوامر الجهات العليا في الاجتماع ببعض متزعمي تنظيمات كردية لاظهار ان النظام بصدد معالجة مسالة المحرومين من الجنسيات  ( وليس حل المسألة القومية الكردية طبعا ) كما حصل مرات ومرات من جانب المسؤولين عندما تقتضي الحاجة التكتيكية  اذا قوة المعارضة في الخارج هي قوة للمعارضة في داخل سورية .

– كان من ابرز المشاركين في المؤتمر التأسيسي و اجتماعات جبهة الخلاص الوطني في سورية السيد عبد الحليم خدام ، و قد سمعنا و قرأنا الكثير من الانتقادات بخصوص علاقتك معه و لقائك به ، فماذا تقول بهذا الصدد ؟
–  التقيت مع السيد عبد الحليم خدام النائب السابق لرئيس جمهورية سورية بعد ان خرج من و على النظام و بعد ان اعلن موقفه الواضح من  : ضرورة التغيير الديمقراطي في سورية و اعتباره ان هناك نظام استبدادي يحكم البلاد و العباد و ان هذا النظام يتكون من حفنة عائلية محدودة و بعض الضباط الكبار في الجيش و الامن و هو يعتبر ان النظام الراهن نظام دكتاتوري يقوم باضطهاد الشعب السوري و يكم الافواه ويكبت الحريات و لذلك بعد ان توصل السيد خدام الى هذه القناعات فرأيت من المناسب ان ترحب به المعارضة الوطنية السورية في الداخل و الخارج – التي تنشد التغيير حقا وحقيقة – لان ذلك سيكون عاملا مساعدا من اجل الاسراع بتغيير النظام و ايجاد البديل الوطني الديمقراطي .

ان ما يمثله السيد خدام ، و هو كان لعقود في موقعه كقائد حزبي و سياسي و دبلوماسي في سورية يعبر عن اوساط واسعة من اعضاء حزب البعث في سورية و هو سيقوم بدور مهم في اقناع العديد من البعثيين من اجل ان يتركوا هذا النظام و ينقلبوا عليه و هو خارج من  تيار واسع في سورية يجب ان نعترف بذلك ، و هو قد صرح و اعطى العديد من البيانات و اوضح مواقفه لذلك اعتقد بان جميع المعنيين من المعارضة الوطنية الديمقراطية وكل من يعز عليه مستقبل سورية و يؤمن بالتغيير ، اعتقد من الواجب و من الضروري و من الفائدة ان ينسج علاقات نضالية جديدة و على اسس جديدة مع السيد عبد الحليم خدام و مع كل من ينقلب على هذا النظام …اذا كان هناك فعلا جدية من اجل التغيير علينا ان لا نترك اي احد من الذين ينقلبون على النظام حتى لو كان موظفا بسيطا فكيف الحال بالنسبة لشخص مثل السيد عبد الحليم خدام الذي لعب دورا كبيرا في الحياة السياسية في البلاد منذ ما يقارب اربعة عقود و لذلك اعتقد بان ما حصل هو شيء طبيعي و السيد عبد الحليم خدام و منذ ان التقيت به و تعرفت عليه لمست منه مبادرات عديدة وانفتاح وتقبل الرأي الآخر ان كان حيال الوضع العام في سورية و مستقبل سورية او بالنسبة للقضايا السياسية و الاجتماعية و الثقافية او بالنسبة لقضايا الدستور و القوانين او بالنسبة من موقفه من القضية القومية الكردية فقد جرت تحولات كبيرة في موقف السيد خدام حتى بالنسبة للقضية الكردية في سورية و لذلك نعم التقيت به و سالتقي به و اننا نعمل الان سوية في جبهة واحدة و في مؤسسة واحدة و في امانة عامة واحدة .

– بخصوص النظام السوري الحالي  ،  ورد في البيان الختامي للجبهة ان ” النظام آيل للسقوط لا محالة ” ، فهل النظام برأيكم استنفد وجوده تاريخيا و يتجه نحو  الزوال و الانقراض ، ام ان ذلك يعتمد على التوازنات الدولية و المصالح بشكل خاص ؟
– نعم اعتقد ان مواصفات هكذا نظام تؤكد ان مثل هذه الانظمة قد سقطت منذ امد بعيد و قد تأخر سقوط النظام السوري لاسباب عديدة السبب الاول هو الاتجار بقضية فلسطين و القضايا القومية و تحرير الجولان و ” لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ” و السبب الاخر ان النظام السوري مثل غيره من الانظمة الشمولية و انظمة الحزب الواحد اعتمد منذ البداية على موضوع الجيش و الامن و قد نجح في بناء جيش موال على الاقل من قبل الضباط الكبار كما اسس منظمات امنية متعددة هناك اكثر من 7 منظمات امنية علنية في سورية ! هذه المنظومات الامنية هي تتبع للنظام و مصالحها مرتبطة بمصير هذا النظام وتصرف عليها حصة – الأسد – من الموازنة  .

ايضا استولى هذا النظام على مفاصل الوضع الاقتصادي و منافذ النشاط التجاري في دمشق و حلب و المدن الكبرى و على مرتكزات التجارة الخارجية عبر الأقارب والمقربين  لذلك فان النظام قد عمل منذ بدايته من اجل ان يبني مؤسسات و هياكل للحفاظ على ذاته و وجوده و ليس لمواجهة كما كان يدعي موضوع اسرائيل او تحرير فلسطين او غير ذلك .

طبعا بتقديري ان سقوط هذا النظام قد تأخر لهذه الاسباب بالاضافة الى ان مثل هذه الانظمة لم تعطي اي فسحة لبروز المعارضة الوطنية وأي أمل للاصلاح بل كانت السجون و التشرد و الطرد و الابادة نصيب المناضلين المعارضين في جميع المراحل التي مر بها النظام السوري والفساد والفتن والانقسام نصيب الوطن والمواطن  .

بالتأكيد الان و رغم التأخر الذي حصل الا ان سقوطه لا شك فيه ان عاجلا او اجلا و ان هناك الكثير من الاسباب و الظروف و الشروط المؤاتية لازالة هذا النظام و لايجاد البديل الوطني الديمقراطي .

نحن نرى ان انظمة الاستبداد تتهاوى و تتساقط وكان آخرها النظام العراقي ، نظام صدام حسين  الاستبدادي ، النظام التوأم فكرا و سياسة و موقفا لنظام دمشق .

و هناك حسب تقديرات جبهة الخلاص الوطني آفاق تبشر بان الخلاص من هذا النظام بات وشيكا .

– السيد صلاح بدر الدين ، ورد في احدى فقرات المشروع الوطني للتغيير لجبهة الخلاص الوطني في سورية ، مادة تتعلق بالوضع الكردي في سورية ، فماذا يعني برأيكم ” ممارسة الشعب الكردي لحقوقه السياسية و الثقافية كبقية مكونات المجتمع السوري ” ، و من ناحية اخرى فان كلمة ” الشعب  الكردي ” لم ترد في البيان الختامي للمؤتمر التأسيسي لجبهة الخلاص الوطني في سورية ، بل ورد” المواطنون الاكراد” ، و موقفكم واضح بان قضية الكرد لا تنحصر في المواطنة ، فما هو تعليقكم ؟
– كما قلت ، لا حاجة ان اوضح موقفي التاريخي المعروف من قضيتي حيث أعتز بأنني أول من تصديت لأصحاب مقولات – الأقلية – والتأكيد على حقيقة وجود شعب كردي يقيم على أرض آبائه وأجداده وبالتالي استحقاقاته الحقوقية القومية والديموقراطية والسياسية في اطار مبدأ حق تقرير مصير الشعوب ولا حاجة للقول أن مواقفي الاستراتيجية تلك قد جلب لي ولرفاقي الأخطار وخلق أمامنا العراقيل والعقبات الى درجة تفرغ أجهزة بكاملها وميزانيات بعينها للانقضاض علينا ومحاربة نهجنا واختراق صفوفنا وتقسيم جسمنا الواحد  .

بالنسبة للجبهة ، ارتضيت  موقفا يوازن مواقف الاطراف العديدة و حصلت تنازلات من هذا الطرف او ذاك من اجل الوصول الى هذا الموقف .

جبهة الخلاص الوطني كما هو مبين في وثائقها خاصة في برنامج التغيير ، البرنامج هو الاساس طبعا ، الجبهة تعتبر ان هناك شعب كردي في سورية ، و هناك قضية قومية و لذلك تطالب بتلبية الحقوق الثقافية و السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية للشعب الكردي في سورية .

و التحول الاخر الذي حصل هو قبول الجبهة من اجل ادراج هذا المبدأ في دستور سورية القادم ، الجديد و هذا حصل طبعا بناء على طلبنا و هو امر في غاية الاهمية .

من جهة اخرى ، هناك بند اخر ينص على اعادة الاملاك المنقولة و غير المنقولة للمسلوب منهم لاسباب قومية و سياسية و هذا امر يتعلق بموضوع الحزام العربي لان مصادرة الاملاك على الصعيد الكردي حصل لاسباب قومية ولم يأتي من فراغ بل كان هناك حسب خطة الحزام العربي اضافة الى المطالبة باعادة الجنسية الى اصحابها اذا المسألة هنا كالتالي انفردت الجبهة للمرة الاولى بالنسبة للتشكيلات التي حصلت مؤخرا من جانب المعارضة بشكل عام في سورية بتشخيص الوضع الكردي كقضية شعب يجب ان ينص الدستور عليها في المستقبل ايضا ادانة و اعادة النظر في مسألة الحزام العربي و  الجنسيات .

طبعا بالتأكيد انا طالبت بشكل واضح بان الشعب الكردي من حقه ان يقرر مصيره بنفسه و طالبت بامور اخرى و لكن كما تعلمون ان الجبهات دائما تبقي على قضايا مبدئية مشتركة ليس كما يريدها طرف معين و هذه هي تقاليد الجبهات و لكن اشير مرة اخرى بان اهم شيء في هذا الموضوع هو قبول الوضع الكردي كقضية شعب ، كقضية قومية ، كقضية حقوق يجب ان ينص عليها الدستور الجديد في سوريا الذي هو  قيد الصياغة  و هذا بالنسبة لنا امر مهم طبعا سنواصل نضالنا من اجل كسب المزيد من التفهم لقضيتنا و هذا يتطلب المزيد من الصبر و الحوار مع شركائنا العرب في جميع المحافل و المناسبات و على جميع المنابر .

نحن شركاء ، و ايضا الجبهة تؤمن بان الكرد شركاء العرب في المصير و في الحاضر و هذا ايضا امر مميز تميزت به جبهة الخلاص الوطني في سورية في اجندتها الاخيرة التي انبثقت عن المؤتمر التأسيسي في لندن .

 كتبتم في احدى مقالاتكم السابقة مشككين في صدقية ما يطرحه جماعة الاخوان المسلمين بشأن القضية الكردية في سورية.

هل تغير موقفهم الان ؟ و هل لمستم لديهم تفهما و قبولا للموضوع الكردي خلال اجتماعات الجبهة في بروكسل و لندن ؟
– في الحقيقة انا لم اشكك اي لم يكن ذلك من باب التشكيك من موقف جماعة الاخوان المسلمين ، و لكن كتبت مقالة حول برنامجهم بشأن الوضع الكردي و ذكرت في مقالتي بان هذا الموقف جاء متاخرا اولا و ثانيا لم يكن حسب المطلوب حيث ان موقف الاخوان المسلمين لم يتعدى النظر الى القضية الكردية على اساس المواطنة و ما يترتب على ذلك من حقوق .

اما ما اندرج ضمن برنامج جبهة الخلاص الوطني و الذي وقع عليه الاخوان المسلمون و التزموا به فاعتقد بان هذا بالنسبة لهم تطور في موقفهم و ما جاء في البرنامج المذكور متقدم على موقفهم السابق باشواط .

و هذا امر يشكرون عليه و واجب في نفس الوقت و انا من جهتي مسرور جدا في الحقيقة لهذا الموقف من جانبهم رغم وجود أمور عديدة ومنها أساسية مثار خلاف واختلاف بيننا  حيث و كما ذكرت في السابق ، انه من عادة الجبهات ان تحصل تنازلات من هنا و هناك .

و لمسنا فيما يخص القضية الكردية ان هناك تطور في موقف الطرفين الرئيسيين ، الاخوان المسلمين و السيد عبد الحليم خدام ايضا ، فقد حصل تطور ايجابي في موقف هذين الطرفين و الذي يتجسد الان في برنامج جبهة الخلاص و البنود الثلاثة التي دارت حول الوضع الكردي في سورية , وكما هو معروف تاريخيا ومعلوم لدى كل من واكب القضية الكردية في سورية منذ عهد الاستقلال وحتى الآن أن الطرفين البعثي والاخواني كانا عصيين على الكرد ,  الأول في مقدمة من عادى وحارب الحركة الكردية واضطهد الكرد عبر مخططات التعريب والتهجير والحرمان دون تقديم أي علاج ديموقراطي وطني لحل الموضوع الكردي , والثاني في مقدمة من تجاهلوا الحقيقة القومية الكردية ولم يطرحوا في أجندتهم أي موقف من أجل حل المشكلة طوال نصف قرن سوى موقفهم الأخير الذي جاء متأخرا وهذا يعني أن الحوار مع الطرفين في الأطر الوطنية وبالاسلوب الديموقراطي والعمل معهما في جبهة الخلاص انني قد بدأت بالأصعب كرديا الذي كان عصيا علينا ولمست التجاوب والتعاطي والقبول تسبق بأشواط مواقف قوى وشخصيات عربية سورية  أخرى في صفوف المعارضة والموالاة , أود القول ومن خلال ردود الفعل على مؤتمر جبهة الخلاص أثار أحد المعلقين انتباهي وهو السيد تركي الربيعو الذي يعتبر من غلاة الشوفينيين العرب السوريين حيث كتب في احدى الصحف الخليجية وفي معرض مأخذه على الجبهة  قيام أحد الراديكاليين الأكراد ( وهو يقصدني بذلك ) بالتكلم باللغة الكردية في المؤتمر الصحفي أمام وسائل الاعلام عقب اختتام اعمال المؤتمر وهذه اشارة مدروسة الى أن مسألة الاكراد في سورية مسألة قومية بامتياز   .

– ماذا بشأن الجانب الكردي و ترتيب البيت الكردي من الداخل ، و هل ان الانقسامات ، كما ذكرتم نشوء اربع منظمات جديدة انبثقت عن اجتماع بروكسل ، التي تحدث في هذا الوقت العصيب هي لمصلحة الشعب الكردي في سورية و ما الحل برأيكم ؟
– اعتقد في هذا الصدد ان هناك امكانية لايجاد حل سليم و قريب لازمة الحركة القومية السياسية الكردية في سورية فقد ان الآوان لان يتفق الجميع على قبول مرجعية سياسية تمثل الحد الادنى من طموحات مختلف الاطراف .

و انا واثق بان ذلك وعلى الصعيد العملي  لن يحصل بهذه السرعة في داخل الوطن و لذلك من المفيد جدا ان يتم هذا الامر خارج سورية .

و ذلك بمشاركة و موافقة و مساهمة ممثلي جميع المنظمات السياسية الكردية في الداخل و الخارج بالاضافة الى التشكيلات الجديدة على ساحتنا و التي انبثقت و توضحت و تبلورت اكثر منذ احداث 12 اذار عام 2004 .
هناك ، في الحقيقة ، فصائل جديدة من المستقلين و المثقفين و لا ننسى المرأة اذ ان المرأة الكردية تنظم صفوفها الان ، ايضا يجب ان يكون لها دور و صوت في مثل هذه المرجعية و انا اعتقد ان هناك شروطا عديدة بدأت تتجمع من اجل انجاح هذه الفكرة و هناك اصدقاء و اشقاء يعملون من اجل انجاحها و لذلك لم يعد هناك اية حجة او ذريعة من جانب اي طرف كان للتهرب من هذه الاستحقاقات القومية الضرورية التي تطرحها المرحلة الراهنة الدقيقة و الخطيرة بالحاح خاصة و نحن امام آفاق تؤكد على حصول التغيير الديمقراطي و يجب على الكرد و على حركتهم السياسية التحضير لان يكون هناك دور و موقع و حقوق للكرد في سورية الجديدة القادمة .

– سؤالي الاخير هو اننا قرأنا في الفترة الاخيرة الكثير من المقالات و الكتابات التي تتناولكم شخصيا ، بين منتقد و مؤيد ، فماذا تقول للجانبين ؟
– في الحقيقة انا احيي من يوجه الي النقد البناء و السليم من اجل التطوير و تجاوز الاخطاء و هذا امر افتخر به و اعتز لانني من دعاة ذلك تاريخيا ولا تقدم من دون نقد وانتقاد وحوار  انا اشجع هؤلاء الشباب من الجيل الجديد وأرى فيهم شبابي وفتوتي وأطالبهم بان يستمروا في ابداء ملاحظاتهم و كتاباتهم النقدية لما يصدر مني من مواقف و لما اقوم به من ممارسات حول الشأنين القومي والوطني  .

اما الذين يؤيدون نهجي و مواقفي فانني اعاهدهم بانني ساكون عند حسن ظنهم في الحاضر و المستقبل و لن اتخلى عن ذلك النهج الذي وضعنا اسسه منذ عام 1965 في كونفرانس آب التاريخي و ما زلت ملتزما بذلك النهج القومي الديمقراطي اليساري التاريخي الذي سابقى مدينا له ما دمت على قيد الحياة في حدود الالتزام الفكري والسياسي ! من جهة أخرى آمل أن يتفهم الجميع بأنني قد طلقت العمل الحزبي بثلاث ولا عودة الى الوراء ولست مستعدا للاصغاء الى من يريدون – بحسن نية – لجري الى مواقع لاأرغب الاقتراب منها أو استحضار قضايا أصبحت في ذمة التاريخ ولا فائدة مرجوة من اثارتها في هذه المرحلة ففي حالتي الراهنة أقوم بواجبي العام القومي والوطني في اطار – الكردايتي – ولست معنيا باالدخول في مواجهات كلامية أو جدال حول أمور حزبية خرجت من أطرها طوعا وباختياري الحر كما آمل أن يفهم من يعنيه الأمر أن الحوار الفكري والسياسي حول قضايانا المشتركة  يدور في العلن وبشفافية وبرحابة صدر أما المناقشات الحزبية والتنظيمية التي لست معنيا بها فتتم في المؤتمرات والاجتماعات المغلقة لذلك أناشد الجميع بعدم الخلط بين الجانبين وعدم المساس بخصوصية الآخر ومصادرة حرية الآخر  والابتعاد عن أسلوب الاستجوابات وتقمص دور المحقق بدون اية أسس قانونية وشرعية .

– الاستاذ صلاح بدر الدين ، المفكر و السياسي الكردي ، شكرا لكم .

– شكرا لكم .

هولير – كردستان العراق  27 6 2006

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين   مداخلتي بتصرف في الندوة الافتراضية التي عقدها – معهد : IRDK – في أربيل ، حول التطورات السورية اليوم : ٣ – ١٢ – ٢٠٢٤ . مااقوله الان ليس استخلاصا نهائيا لان الاحداث متواصلة ولم تتوقف بعد ، وقد تحصل مفاجآت أخرى لم تكن بالحسبان . كان هناك جمود وتراوح في القضية السورية ، وضعف للمعارضة بعد…

شكري بكر يتحدث بعض المثقفين الكورد عن حل القضية الكوردية عبر توفير مخلص أو منقذ ليدفع بالقضية الكوردية نحو الحل . القضية الكوردية في الحقيقة تتجاوز حدود الإخلاص والمنقذ ، بل القضية الكوردية في المنطقة بداية لها علاقة مباشرة بالظروف الذاتية والموضوعية المحيطة بالقضية الكوردية الغير ملائمة في المرحلة الراهنة كما هو مطلوب ، لإنقسامه السياسي والسكاني والجغرافي ،…

نديم قطيش موقف إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن من التطورات الأخيرة في سوريا، وسيطرة الميليشيات المتطرفة بقيادة «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة) على حلب، يبدو أكثر من مجرد لا مبالاة تجاه الفوضى الحاصلة. صحيح أن المستفيد الأول من التطورات حتى الآن هو تركيا التي يسود اعتقاد أقرب إلى الواقع، أنها سمحت ضمناً بهجوم الجماعات المسلحة على حلب. بيد أن واشنطن…

بيان تثير التطورات العسكرية المتسارعة الأخيرة التي تشهدها سوريا، وسيطرة الجماعات المسلحة السورية المرتبطة بتركيا على المناطق الشمالية منها، على رأسها “هيئة تحرير الشام/جبهة النصرة” المصنفة على قوائم الإرهاب، الكثير من المخاوف والقلق البالغ على حياة المدنيين، خاصة في المناطق ذات الغالبية الكردية منها، التي شهدت خلال اليومين الماضيين ارتكاب جرائم وانتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، سواء في مدينة تل رفعت…