أي كل الصياغات التي وجدت كمؤطرات، وكان “يُعتقد” على أنها تفعيلية بالمعنى المجتمعي، أو أنها أساس لعمل جماعي، يمكنه أن يؤطر الحركة، ويشد أزرها، لكن ما يحدث ميدانياً، يجافي هدف الحركة وطموحاتها، بل يخضع لحالات انتقامية فيها من التشفي وإبعاد بعض الفصائل، ما يرضي هؤلاء التقسيميين والمشرذمين للحركة ..
مما يعيق الحلول التي كانت الحركة ترتئيها وتجنح إليها، لتخطي الهوة بين الحركة والشارع، وإنما (؟؟!!)، ليبقى السؤال الأهم وخاصة بعد مضي كل هذا الوقت، مطروحاً على الحركة ومن خلال التجربة السابقة:
أين كان يكمن الإشكال في المؤطر”الأداة” أم في برنامجها أم في الشارع العنيد أي المعارض الصامت أم في أولئك المعرقلين، أم في كل ذلك؟!!.
هل وجدت قناعة لدى القائمين والفاعلين في المؤطرات التنظيمية المتواجدة الآن ومنها “التحالف والجبهة والتنسيق”، وفي تلك المواقف المرتجلة والمتعجلة والمنتقمة، وفي كل من يشدو على ربابة المؤتمر الوطني الآن”، بأنها باتت عاجزة عن استيعاب تدفق الجماهير”حسب مفردات الاستقطاب”، ولذا بات لزاماً على الحركة أن تستبدل المؤطرات المتواجدة بدائرة أوسع منها؟!! وبفعل أجدى وأكثر نجاعة؟!، أما كان من الأجدى على الداعين والمستبشرين بصوابية هذه الخطوة الانتقالية “رغم أهميتها” والتي هي هي، تقود العمل من أجل إنشاء المجلس الوطني الكردي في سوريا أن تقدم لجماهيرها المبررات التي فرضت الانتقال إلى الصيغة الأكثر توسعاً “المؤتمر أو المجلس الوطني”؟!!، في الوقت الذي لم تخرج من حساباتها الذاتية الخاصة، والعمليات القيصرية التي اصطنعتها؟!.
الملاحظة الثانية: وهي تتمحور”بالباطنية” أي عدم المكاشفة السياسية للحركة، فهي تأبى الإفصاح العلني لما تضمره من تطلعات ونوايا سياسية، مما يربك أصدقاءها وحلفاءها قبل أعدائها، ويضعها موضع شك دائم ليس فقط أمام الأصدقاء إنما الريبة تصل حتى إلى الشارع الكردي، خاصة في ظل الممارسات الميدانية السلبية التي أشرنا إليها، والتي تؤثر إلى حد كبير إلى مصداقية العمل الجاد.
أما الملاحظة الثالثة: والتي تبدو وكأنها ميزة تنفرد بها الحركة، والتي تختصر على أن الحركة السياسية الكردية، لا تتألق فيها الديموقراطية أثناء غيابها، كما هو الحال لدى جميع الحركات التي تستنهض قواها عندما تتراجع الديمقراطية لصالح الهيمنة والقمع.
ولا تتجسد مهامها النضالية فترة غياب الديمقراطية أيضاً، إنما تتقدم وبحذر بخطوات مطلبية تدخل في السياقات الديمقراطية كلما انكفأت السلطة عن الهيمنة، وتعود أدراجها إذا ما أدركت – أي الحركة الكردية- بأن السلطة قد تعيد مواقعها في الهيمنة، وخاصة عند قراءتنا للشروط الموضوعية نراها مهيأة لإتمام الاستقطاب الجماهيري الفعلي..كون الواقع المعاشي المزري..
حيث وصل القمع إلى المعدة..أي بمعنى آخر إن هذا الشعب يحارب في لقمة عيشه، وخاصة بعد صدور القانون /49/ ومضاعفاته وتبعاته، ليصب الزيت على النار المتقدة أصلاً..
هذا الاستقطاب المتمم للانعتاق القومي والذي يشكل الشرط الموضوعي والذي يفترض- إن كنا صادقين في نوايانا- قراءة متأنية لتحديد الأولويات لبناء الاستراتيجيات النضالية، لتتوافق مع متطلبات شعبنا وأهدافه وطموحاته، لا أن تكون حساباتنا ضيقة تنسجم مع ضيق الأفق التنظيمي المترهل أصلا.
هذه الملاحظة تستدعي منا الوقوف على هذه الظاهرة متسائلين عن جدية الفهم للديمقراطية “الآن” من المنطلقات الفكرية للقوى السياسية الكردية ومدى صلاحية جدواها في برامجها السياسية؛ وهل تكون القوى الكردية مقتنعة حقاً بالحل الديمقراطي للمسألة الكردية في البلاد، وهي على استعداد للتعبئة قومياً لغاية إحقاق الديمقراطية وحل المسألة الكردية في سورية؟!!.
أم أنها تدعي ذلك تجاوباً مع الهجمة الإعلامية التي تروج للديمقراطية.
نطرح هذه الملاحظات التي تنم عن مكامنها، لكي نستشف منها الأنساق الواضحة والصريحة قبل أن نسرع في الهروب إلى الأمام، من تجربة، أقل ما يمكن أن يقال عنها- هذا وباعتراف الكثيرين- بأنها تعيش حالة غربة واغتراب عن جماهيرها، إلى بناء أكثر عمومية وشمولية لاعتقاد – قد يخيل إليهم- بأنها المنقذ “حزبياً” للمرحلة، رغم تلكؤاتها وانكساراتها.
هذه الملاحظات تعيدنا إلى ما هو أكثر تدقيقاً عندما نقترب من البحث في آليات عمل المجلس، وكيف سيلزم المجلس قراراته لكل من انتسب إليه؟!!.
وخاصة إن كان المجلس بالأساس يقوم على فردانية القرار، التحالف والجبهة “رغم تبعثرها، ومطباتها التي توقعها فيها بعض النفوس؟!!.
ألا يعني ذلك بأن قرارات المجلس ستكون محل تساؤل مسبقاً من قبل كل من هم خارج هذه المؤطرات وبخاصة المبعدين عمداً والجماهير الصامتة ؟!!.
وهذا يجرنا إلى سؤال آخر..
هل سيوافق من هم أعضاء في المجلس وهم خارج نطاق التحالف والجبهة أن يكتفوا بدور المعارضة؟!! وإن وافقوا على ذلك..ما هي ضمانات استمرار المعارضة في المجلس؟!! هل سيحفظ حق المعارضة عند حد المعارضة فقط، أم ستمنح لهم الضمانات الكافية في النشاط للتعبير من أجل التغيير الفعلي لكل القرارات التي لم توافق رؤيتهم؟!!.
والأهم ما هي الآليات التي ستتبع في حق الانضمام إلى المجلس؟.
هل سيتم اختيارهم من قبل القائمين على المجلس أم سيفتح باب الترشيح للانضمام؟!! ثم..
المجلس سيمثل من؟!! الكرد فقط أم كل ساكني المنطقة الكردية في سوريا؟!!.
أم سيقتصر المجلس على ممثلين من الجبهة والتحالف ومن من يتوافق معهم، وكذا..
سيتم اختيار الشخصيات المتفق عليها؟!!..
هذه الأسئلة مجتمعة أو منفردة تدفعنا إلى البحث عن الدور الوظيفي للحركة السياسية الكردية في هذه المرحلة للكشف إن كانت الحركة مهيأة في البحث عن “الاستبدالات” للأطر التنظيمية البديلة عن ما هو قائم فعلياً، أم تطرح لغايات لا يعرف سرها إلا من هم في أتونها، والساعين إلى قصر العمل من خلال أطرها، وإسقاط ذواتهم المتضخمة.
وأخيرا إن كانت النوايا صادقة فعليها أن تكون مستجابة وعلنية..
إن الدعوة لتوسيع الأطر التنظيمية لخلق مظلة قومية مطلب ملح ومهم في هذه المرحلة إنما من الصعب إنجازها إلا من خلال مشاركة جامعة وشاملة ودون استثناءات أو إقصاءات..كون المطالب تخص الجميع..وهنا لا ينصب القصد على الحركات السياسية المعلنة فقط بل عليها أن تشرك كل الفعاليات المجتمعية منظمة وغير منظمة… وهذا الشرط هو على النقيض من عقلية الفردانية الإقصائية المهترئة أصلا….حيث مكمن الخلل الذي يعيق العمل من أجل إنجاز المرجعية.
* الجريدة المركزية للبارتي الديمقراطي الكردي – سوريا العدد (330) تشرين الأول 2008
لقراءة مواد العدد انقر هنا