قطار السياسة من بغداد الى الصين

دلشاد عثمان
dlshadco@hotmail.com
 
ما قالهُ الراحل نزار قباني في قصيدتهُ (زيديني عشقاً) لم يكُن طلباً له ابعادً سياسة او كلمةٌ خيرٍ يُراد بها باطل , بل كانَ طلباً للحبيبة بأن تزيدهُ من العشقِ و الحبِ مايرغب, حيث انه قال (وجعي يمتدُ … كسربِ حمامٍ مِن بيروتَ الى الصينِ) و من ثمَ عدلها الفنان كاظم الساهر , لتُصبح (مِن بغدادَ الى الصينِ) لا فرقَ لدي فكُلها اوطان… 
ايامنا هذهِ غريبةٌ عنيدة!! حيثُ امسى للكلام ضريبةَ دخلٍ و خرج, فأحلامُك امست مراقبة , اهاتُك امست مدروسة , تنهدات حبيبة بمساء الخميس امست معدودة!!!
كُل هذا لأنكَ مقيمٌ في الشرقِ الاوسطِ, تلكَ المنطقة الغنية كما يُقال , و التي تقع في موقعِ القلبِ من العالم كما يُقال ايضاً لو نفِذت خيراتُ العالمِ كلها لبقي الشرقُ الاوسط بالخير عامر كما يُقال…
 
الشرقُ الاوسط (الشرخُ الاوسخ ) كما يحلو لي تسميتهُ , بالنسبةِ لي ماهو سوى قلبُ المشاكلِ و الحروبَ و الديكتاتوريات المستفيضةَ الخارجة من رحمِ بقايا انظمةٍ تالفةٍ فهذا عميلٌ للنظامِ فُلان و الآخر يُطبق اشتراكية (جدو لينين) او (ماو سي تونغ) المُنقرضة في مَسقط رأسيهما كلاهما…
 
فالقصةُ مؤلمةٌ جداً لفلسطينَ غصة! و للعراقَ غصة و لكوردستان غصة !
ففلسطين تاريخُها احمر , و العراق تاريخُه اسود! و لكل دولة لون , إلا اللون الابيض في الشرق الاوسط لا يُرى ولا حتى يُشم!!!..
 
كُنتُ في بغدادَ , اثناءَ مِحنتها , تركتُها و هي تتأزم , تتألم , كان الفراقُ صعباً , فمن مِنا رآى بغدادَ و لم يعشقُها؟؟
لبغداد وصفينِ اثنين او بالاحرى اقتباسينِ , لكُل مشهد.


 
يُقال عندَ السؤال عن بغدادَ او عن  صِفة من صِفاتُها او شارع من شوارعِها , بالطبع مِن قِبل متحدثٍ ما : (هل سؤالكَ قبلَ السقوط ؟ ام بعدَ السقوط – متعجباً طبعاً؟)
 
حيثُ ان ما تلاحظهُ في بغدادَ ماهو إلا انِشغال الناس بتصفيةِ حساباتِ الطبقةَ السياسية التي قد تختلفَ و تشتمَ و تخّونَ , و قد يُعتبر ذلكَ سوءَ تفاهمٌ مما يؤدي ذلكَ الى اعتذارِ و قبولٍ و من ثم غداء و بعده عشاء بالاضافةِ لكأسٍ اسكتلندي مُعتق من الذي يتبادلوهُ بالمناسباتِ السعيدة , و بكل رحلةٍ بعيدةَ…
 
نعم هذا ماكُنت اراهُ في تلكَ المنطقةِ الخضراء! و لكنَ الطامةَ الكُبرى تَكمنُ في ضياعِ جزءٍ كبيرٍ من الحدث الذي امسى ضائعٌ و مفقودَ!!!

حيثُ ان خطواتِ العملِ معروفةٌ للجميع, في البداية يتم تبادُل الاتهاماتِ مابين بعضهم البعض, و من ثم تهمةُ التخوين و العمالة للجميع! و من ثم الاعلانُ للجميع عن هذا الخِلاف كنوعٍ من التطورِ و  التمدن كما يعتقدون!
عندها يتجاوبُ كل شخصٍ مع مرجعيتهِ او مع رئيسهِ المُباشر في الحِزب..
 
تجاوبً مع النداءِ العام للحزب او للتيارات الدينية الموجودة في العراق , سيقومُ الشعبُ بالنزولِ الى الشارع عندها لن نرى سوا الدماءَ و رؤوس الابرياء من جميع الاطراف, حيث ان الارواحَ تتطاير في سماءِ بغداد كُله في سبيل (السيد , الوزير , رئيس الوزراء , الرئيس , كبير الطباخين)!!
 
و بعدَ الاِرضاء و المُصالحة مابين الساسة و الجزء الثاني من القِصة , تُضرب الكؤوس ببعضها البعض, و لكن بقي هذا الجزءُ مغشياً عن الشعب! و تستمرُ التصفيات , إلى أن يستفيقَ (السيد , الوزير , رئيس الوزراء , الرئيس , كبير الطباخين)!! من هولِ ما احتساهُ ليلةَ أمس ..
 
فيظهرونَ بطلتهمِ البهية على الشاشةِ الفتية و يُعلن حلَ الخِلافات بِصفةٍ أبدية , و العودةُ لمزاولةِ الحياةِ السياسية , بين جُمع الاطرافِ , بروحٍ أخوية , رياضية, علمية , و تكنوقراطية!!!……؟؟؟
و لكن هيهات , فالوقتُ متأخرٌ لحلِ الازمات , فمن ماتَ مات , و كُلهم اموات , و لكُلٍ منهم ثأرون  و عشيرةٌ و اصحاب , ينتظرونَ الفرصةَ ليثلجوا قلوبَ الأمُمهات فإحداهم رفضتِ الخضوعَ و بقيت تبكي قُرة عينها الذي عنها غاب, في ليلةٍ و ضحاها و بدونِ اي اذنٍ او استئذان , و لا حتى سلام…

هذهِ هي مشكلةَ بغداد , المدينةَ التي كانت تُلقب بدارِ  السلام! امست الآن بأمس الحاجةَ للسلام و كله بسبب (السيد , الوزير , رئيس الوزراء , الرئيس , كبير الطباخين, الفريق , الركن , المشير , المهيب , الشيخ….)!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خليل مصطفى مِنْ أقوال الشيخ الدكتور أحمد عبده عوض (أُستاذ جامعي وداعية إسلامي): ( الطَّلَبُ يحتاجُ إلى طَالِب ، والطَّالِبُ يحتاجُ إلى إرادة قادرة على تحقيق حاجات كثيرة ). مقدمة: 1 ــ لا يختلف عاقلان على أن شعوب الأُمَّة السُّورية قد لاقت من حكام دولتهم (طيلة 70 عاماً الماضية) من مرارات الظلم والجور والتَّعسف والحرمان، ما لم تتلقاه شعوب أية…

أحمد خليف الشباب السوري اليوم يحمل على عاتقه مسؤولية بناء المستقبل، بعد أن أصبح الوطن على أعتاب مرحلة جديدة من التغيير والإصلاح. جيل الثورة، الذي واجه تحديات الحرب وتحمل أعباءها، ليس مجرد شاهد على الأحداث، بل هو شريك أساسي في صنع هذا المستقبل، سواء في السياسة أو في الاقتصاد. الحكومة الجديدة، التي تسعى جاهدة لفتح أبواب التغيير وإعادة بناء الوطن…

إبراهيم اليوسف إنَّ إشكالية العقل الأحادي تكمن في تجزئته للحقائق، وتعامله بانتقائية تخدم مصالحه الضيقة، متجاهلاً التعقيدات التي تصوغ واقع الشعوب. هذه الإشكالية تطفو على السطح بجلاء في الموقف من الكرد، حيث يُطلب من الكرد السوريين إدانة حزب العمال الكردستاني (ب ك ك) وكأنهم هم من جاؤوا به، أو أنهم هم من تبنوه بإجماع مطلق. الحقيقة أن “ب ك ك”…

شيروان شاهين سوريا، الدولة ذات ال 104 أعوام البلد الذي كان يومًا حلمًا للفكر العلماني والليبرالي، أصبح اليوم ملعبًا للمحتلين من كل حدب وصوب، من إيران إلى تركيا، مرورًا بكل تنظيم إرهابي يمكن أن يخطر على البال. فبشار الأسد، الذي صدع رؤوسنا بعروبته الزائفة، لم يكتفِ بتحويل بلاده إلى جسر عبور للنفوذ الإيراني، بل سلمها بكل طيبة خاطر…