نشرة يكيتي *
في هذا العدد الخاص من نشرتنا نضع بين أيدي أبناء شعبنا السوري ثلاثة دراسات قانونية، تصدت لإعدادها مجموعة من النخب القانونية والحقوقية السورية، تتناول الشروحات القانونية للمرسوم التشريعي رقم /49/ تاريخ 10/9/2008، والآثار الاقتصادية والاجتماعية والديمغرافية الكارثية التي ستنتج عنه في المناطق الحدودية المستهدفة بالمرسوم، وخصوصاً المناطق الكردية الممتدة على طول الحدود السورية التركية بمئات الكيلومترات والمشمولة جميعها بتطبيقات هذا المرسوم.
القراءة القانونية للمرسوم تكشف عن حجم استهتار النظام بمبدأ الشرعية القانونية، فهو يطعن الدستور السوري في الصميم نصّاً وروحاً وشكلاً، ويميط اللثام عن تلك الجريمة المتمادية على المنظومة القانونية والحقوقية السورية من خلال…
تعليقها لتطبيق معظم مبادئ القانون الدستوري السوري، وخاصة ما يتعلق منها بالحقوق الأساسية والحريات العامة، ومبدأ فصل السلطات تحت سطوة القوانين الاستثنائية وحالة الطوارئ التي تكاد تدخل يوبيلها الذهبي وموسوعة غينس العالمية رغم أن الدستور المعمول به حالياً، والذي وضع عام 1973 جاء مفصلاً على مقاس حزب البعث ونزوعه التسلطي والاستبدادي والقومجي، ورغم الكثير من المآخذ والعيوب إلا أنه مع ذلك ظل معطَّلاً موضوعاً على الرفوف باستثناء مادته الثامنة التي تنصب حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع؛ أي وصيّاً عليه، ويجعل الشعب السوري كله محجوراً عليه لعدم الرشد (لسفه، أو عته، أو ..
أو..،) لأنه يبدو أن هذا الدستور –وعلى علاته- يقيد بعض الامتيازات والصلاحيات المطلقة الاستثنائية التي ينسبها النظام لنفسه، ويتحرك بموجبها.
أما في القراءة السياسية يتبدى لنا المرسوم كنزوع كيدي انتقامي تسلطي عنصري، لا علاقة له من قريب أو بعيد بالاحتياطات الأمنية عندما يحدد لنفسه تطبيقات انتقائية على بعض المناطق الحدودية دون أخرى، خاصة وأن المتمعن في الخارطة السورية سيرى أن أكثر من ثلاثة أرباع مناطق سوريا بتجمعاتها السكانية الرئيسة هي مناطق حدودية تتوسطها صحراء واسعة تقل فيها الكثافة السكانية عن واحد نسمة في الكيلومتر المربع.
فلن يكون مخطئاً من يعتقد أن هذا المرسوم استهدف بالدرجة الأساس المناطق الكردية على الحدود السورية التركية التي تمتد على مئات الكيلومترات على هذه الحدود في هذا التوقيت وفي هذه الظروف حيث لم يستجد أمر سيّئ في العلاقات السورية التركية يستدعي تعديلين متتاليين للمرسوم رقم /193/ عام 1952 خلال أربعة أعوام، هذا المرسوم الذي جاء قبل نصف قرن بالأساس منافياً لمبدأ المواطنة المتساوية، ومبدأ مساواة المواطنين أمام القانون الذي يشدد عليه الدستور السوري، لأن العلاقات بين الدولتين (سوريا وتركيا) تشهد، ومنذ تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا، أفضل مراحلها من حيث الصداقة وحسن الجوار، وكذلك بالنسبة للحدود السورية الإسرائيلية، حيث ليس هناك جديد في علاقة العداء بينهما، بل إن الجديد في علاقاتهما هي تلك المفاوضات غير المباشرة التي تجري في أنقرة برعاية تركية.
بل أكثر من ذلك إن كل المعطيات السياسية تقول أن ثمة فائدة متبادلة من هذه المفاوضات، وأن النظام السوري قد تمكن من التقاط أنفاسه والتخلص من العزلة الدولية المفروضة عليه، وقد نجح جزئياً في ذلك باستدراج المسؤولين الأوربيين، وغيرهم إلى دمشق تحت عنوان هذه المفاوضات.
وعليه لا يمكن ربط صدور هذا المرسوم وتوقيته بالظروف الإقليمية والدولية، لأن الظروف الحالية –وكما أشرنا- كان ينبغي أن تخفف من أعباء المرسوم /193/ لعام 1952 لا العكس، وخاصة إنه كان ثمة مطالبات مستمرة وخاصة من سكان محافظة الحسكة بإلغائه باعتباره كان يفتقد الأساس الذي بني عليه، وكذلك موجباته.
ومن هذه الاعتبارات يكون من المنطقي القول أن المرسوم يحمل في طياته مشروعاً سياسياً عنصرياً مبتغاه ضرب المنطقة الكردية ديموغرافياً واقتصادياً واجتماعياً وبصورة شاملة ليس إلا، لأن الواضح بالنسبة للنظام أن المشاريع التمييزية العنصرية السابقة، وخاصة مشروع الحزام الاستيطاني، والإحصاء الاستثنائي لم تحقق أهدافها في تفريغ المنطقة الكردية إلا جزئياً من سكانها الكرد.
ومن هنا جاء توقيت صدور المرسوم ليناغم ظروف الجفاف الذي يطبق على المنطقة، ومن ثم قرارات رفع الدعم عن الوقود لتكمل مخطط الإجهاز على هذه المناطق اقتصادياً واجتماعياً وديموغرافياً عبر فتح نزيف الهجرة والتهجير على أشدها.
لذلك فإن من حق الشعب الكردي بعد ذلك أن يناشد المجتمع الدولي ومرجعياته القانونية للتدخل إذا استمر النظام في تطبيق مثل هذه المشاريع العنصرية.
إننا حين نعمد إلى نشر مثل هذه الدراسات القانونية للمرسوم وكذلك البيان المرفق الصادر عن معظم أحزاب الحركة الكردية الرافض للمرسوم، ويوسمه بالتطهير العرقي إنما ينبغي أن نضع شعبنا السوري في درجة الخطورة الذي يشكله هذا المرسوم على الوحدة الوطنية المتصدعة أصلاً من جرّاء السياسات اللامسؤولة للنظام والتي بلغت في استهتارها واستخفافها بالوحدة الوطنية حداً لا يمكن تحمله.
ونعد بالمقابل شعبنا بأننا سنتصدى لهذا المرسوم العنصري حتى إسقاطه لأنه بالنسبة لنا قضية موت أو حياة.
* نشرة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا – عدد خاص بالمرسوم 49 تشرين الأول2008 م
تعليقها لتطبيق معظم مبادئ القانون الدستوري السوري، وخاصة ما يتعلق منها بالحقوق الأساسية والحريات العامة، ومبدأ فصل السلطات تحت سطوة القوانين الاستثنائية وحالة الطوارئ التي تكاد تدخل يوبيلها الذهبي وموسوعة غينس العالمية رغم أن الدستور المعمول به حالياً، والذي وضع عام 1973 جاء مفصلاً على مقاس حزب البعث ونزوعه التسلطي والاستبدادي والقومجي، ورغم الكثير من المآخذ والعيوب إلا أنه مع ذلك ظل معطَّلاً موضوعاً على الرفوف باستثناء مادته الثامنة التي تنصب حزب البعث قائداً للدولة والمجتمع؛ أي وصيّاً عليه، ويجعل الشعب السوري كله محجوراً عليه لعدم الرشد (لسفه، أو عته، أو ..
أو..،) لأنه يبدو أن هذا الدستور –وعلى علاته- يقيد بعض الامتيازات والصلاحيات المطلقة الاستثنائية التي ينسبها النظام لنفسه، ويتحرك بموجبها.
أما في القراءة السياسية يتبدى لنا المرسوم كنزوع كيدي انتقامي تسلطي عنصري، لا علاقة له من قريب أو بعيد بالاحتياطات الأمنية عندما يحدد لنفسه تطبيقات انتقائية على بعض المناطق الحدودية دون أخرى، خاصة وأن المتمعن في الخارطة السورية سيرى أن أكثر من ثلاثة أرباع مناطق سوريا بتجمعاتها السكانية الرئيسة هي مناطق حدودية تتوسطها صحراء واسعة تقل فيها الكثافة السكانية عن واحد نسمة في الكيلومتر المربع.
فلن يكون مخطئاً من يعتقد أن هذا المرسوم استهدف بالدرجة الأساس المناطق الكردية على الحدود السورية التركية التي تمتد على مئات الكيلومترات على هذه الحدود في هذا التوقيت وفي هذه الظروف حيث لم يستجد أمر سيّئ في العلاقات السورية التركية يستدعي تعديلين متتاليين للمرسوم رقم /193/ عام 1952 خلال أربعة أعوام، هذا المرسوم الذي جاء قبل نصف قرن بالأساس منافياً لمبدأ المواطنة المتساوية، ومبدأ مساواة المواطنين أمام القانون الذي يشدد عليه الدستور السوري، لأن العلاقات بين الدولتين (سوريا وتركيا) تشهد، ومنذ تسلم حزب العدالة والتنمية الحكم في تركيا، أفضل مراحلها من حيث الصداقة وحسن الجوار، وكذلك بالنسبة للحدود السورية الإسرائيلية، حيث ليس هناك جديد في علاقة العداء بينهما، بل إن الجديد في علاقاتهما هي تلك المفاوضات غير المباشرة التي تجري في أنقرة برعاية تركية.
بل أكثر من ذلك إن كل المعطيات السياسية تقول أن ثمة فائدة متبادلة من هذه المفاوضات، وأن النظام السوري قد تمكن من التقاط أنفاسه والتخلص من العزلة الدولية المفروضة عليه، وقد نجح جزئياً في ذلك باستدراج المسؤولين الأوربيين، وغيرهم إلى دمشق تحت عنوان هذه المفاوضات.
وعليه لا يمكن ربط صدور هذا المرسوم وتوقيته بالظروف الإقليمية والدولية، لأن الظروف الحالية –وكما أشرنا- كان ينبغي أن تخفف من أعباء المرسوم /193/ لعام 1952 لا العكس، وخاصة إنه كان ثمة مطالبات مستمرة وخاصة من سكان محافظة الحسكة بإلغائه باعتباره كان يفتقد الأساس الذي بني عليه، وكذلك موجباته.
ومن هذه الاعتبارات يكون من المنطقي القول أن المرسوم يحمل في طياته مشروعاً سياسياً عنصرياً مبتغاه ضرب المنطقة الكردية ديموغرافياً واقتصادياً واجتماعياً وبصورة شاملة ليس إلا، لأن الواضح بالنسبة للنظام أن المشاريع التمييزية العنصرية السابقة، وخاصة مشروع الحزام الاستيطاني، والإحصاء الاستثنائي لم تحقق أهدافها في تفريغ المنطقة الكردية إلا جزئياً من سكانها الكرد.
ومن هنا جاء توقيت صدور المرسوم ليناغم ظروف الجفاف الذي يطبق على المنطقة، ومن ثم قرارات رفع الدعم عن الوقود لتكمل مخطط الإجهاز على هذه المناطق اقتصادياً واجتماعياً وديموغرافياً عبر فتح نزيف الهجرة والتهجير على أشدها.
لذلك فإن من حق الشعب الكردي بعد ذلك أن يناشد المجتمع الدولي ومرجعياته القانونية للتدخل إذا استمر النظام في تطبيق مثل هذه المشاريع العنصرية.
إننا حين نعمد إلى نشر مثل هذه الدراسات القانونية للمرسوم وكذلك البيان المرفق الصادر عن معظم أحزاب الحركة الكردية الرافض للمرسوم، ويوسمه بالتطهير العرقي إنما ينبغي أن نضع شعبنا السوري في درجة الخطورة الذي يشكله هذا المرسوم على الوحدة الوطنية المتصدعة أصلاً من جرّاء السياسات اللامسؤولة للنظام والتي بلغت في استهتارها واستخفافها بالوحدة الوطنية حداً لا يمكن تحمله.
ونعد بالمقابل شعبنا بأننا سنتصدى لهذا المرسوم العنصري حتى إسقاطه لأنه بالنسبة لنا قضية موت أو حياة.
* نشرة شهرية تصدرها اللجنة المركزية لحزب يكيتي الكردي في سوريا – عدد خاص بالمرسوم 49 تشرين الأول2008 م