جرائم يساعد القانون في ارتكابها ؟ (1)

حسن برو

المرأة خلقت وقد أعطاها الله الجمال ليطمئن قلب الرجل إليها وتستكين المرأة بالأمن والأمان معه ، وقد قال تعالى بكتابه العزيز (أن خلقنا من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها) وهذه أبهى صورة يمكن للإنسان أن يتوقعها ويتلمسها فالحياة مؤلفة من نصفين رجل وامرأة  ، فلا يمكن للإنسان أن يصفق بيد واحد وهذه هي حال  الحياة بين الرجل والمرأة ( إذاً كيف يمكن للإنسان أن يشرعن للقتل والاغتصاب لنصفه الآخر) لن أقول أن القانون يقتل ولكنه يحمي القاتل في كثير من الأحيان وهنا سأتطرق إلى ثلاثة مواضيع وهي جريمة (السفاح أو الزنا بين المحارم –و الزنا و الاغتصاب)
وقد جاء قانون العقوبات السوري فقيراً نوعاً ما بما يخص هذه الجريمة( السفاح) بالذات فقد أتت مادتين فيما يخص هذا الجرم وهي (476و477) من قانون العقوبات السوري  فقد نصت المادة /476/ على مايلي : 
 (1- السفاح بين الأصول والفروع شرعيين كانوا أو غير شرعيين أو بين الأشقاء والشقيقات والأخوة والأخوات لأب أو لأم أو من هم بمنزلة هؤلاء جميعاً من الأصهرة يعاقب عليه بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات .

2– إذا كان لأحد المجرمين على الآخر سلطة قانونية أو فعلية فلا تنقص العقوبة عن سنتين .

3- يمنع المجرم من حق الولاية ) .

واستناداً إلى نص هذه المادة فأن هذه الجريمة تقع مابين أ- الأصول والفروع : أي صلة القرابة المباشرة أو غير المباشرة ، فالأصول الذكور للشخص هم : الأب والجد وأبو الجد وجد الجد وإن علا ، والجدّ هو أبو الأب وأبو الأم ، والأصول الإناث هم 🙁 الأم والجدة (أم الأم ، أم الأب وإن علوا .

وأما الفروع فهم الذين يتفرعون عن الشخص بشكل مباشر أو غير مباشر : كالابن والبنت ومن يتفرع عن الابن والبنت (ابن الابن ، بنت الابن ، ابن البنت ، بنت البنت) وإن نزلوا فأي اتصال جنسي بين هؤلاء يعتبر سفاحاً ، والنص يطبق سواء كانوا شرعيين أو غير شرعيين أي حتى في حال التبني مثلاً .

ب- الأشقاء والشقيقات والأخوة والأخوات لأب أو لأم : نص القانون المدني على صلة القرابة بين الأشقاء والشقيقات في المادة 37/2 بقوله أن قرابة الحواشي هي بين أشخاص يجمعهم أصل مشترك دون أن يكون أحدهم فرعاً للآخر كقرابة الإخوة لبعضهم البعض ، فعندما لا يكون أحد القريبين فرعاً للآخر وفي الوقت ذاته يجمعهما أصل مشترك فهنا تقوم علاقة الأخوة مع بعضهم .

والمادة /476/ لم تفرق بين الإخوة الأشقاء أي الذين يجمعهم أب واحد وأم واحدة ، والأم لأب أي الذين يجمعهم أب واحد وأكثر من أم ، وكذلك الإخوة لأم الذين تجمعهم أم واحدة لكنهم ينتسبون لأكثر من أب فأي صلة جنسية تقع بين هؤلاء فهي سفاح وفقاً للمادة /476/ .

ج- الأصهار : تحصل قرابة المصاهرة نتيجة الزواج بخلاف صورتي القرابة السابقتين ، وقد حدد القانون المدني السوري معنى قرابة المصاهرة في المادة /39/ حين اعتبر أن المصاهرة تحصل نتيجة الزواج وتقوم بين أحد الزوجين وأقارب الزوج الآخر حيث نصت على مايلي : ” أقارب أحد الزوجين يعتبرون في نفس القرابة والدرجة بالنسبة إلى الزوج الآخر ” فعلى سبيل : أبو الزوج يعد قريباً من الدرجة الأولى بالنسبة لزوجة ابنه ، وشقيقة الزوجة مثلاً تعد قريباً للزوج من الدرجة الثانية .

وهذه القرابة (قرابة المصاهرة) تخضع لحكم المادة /276/ ، أي أن جرم السفاح لا يمكن أن يقع إلا بحصول المواقعة أو الوطئ بين أشخاص حدد القانون صلة القرابة بينهم فلابد أن تكون القرابة من أحد الفئات الثلاثة : –   القرابة بين الأصول والفروع .

-القرابة بين الأشقاء والشقيقات والأخوة والأخوات لأب أو لأم .

-الأصهار ، وأقارب الزوجة أي بين الرجل وأقارب زوجته الإناث .

أما لماذا يساعد القانون في ارتكاب هذه الجريمة ؟ فهذه متعلقة بالعقوبات التي حددها القانون حيث جاءت في الفقرة الأولى بشأن العقوبة الحبس من (1-3) سنوات وجاء في تشديد هذه العقوبة إذا كان  لأحد المجرمين سلطة قانونية أو فعليةفلا تنقص العقوبة عن سنتين ، طبعاً أعتبر القانون أن السفاح يقع مابين  الأشخاص السابق ذكرهم في المادة (476) ومع نوفر الشرطين التاليين 1- أن يكون الشخصين بالغين ( 18) عاماً 2- أن يكون برضا الطرفين .
يمكن القول أن الكثير من جرائم السفاح ترتكب والمرأة هي الضحية ولا يمكنها  التكلم  لأنها الطرف الضعيف في معادلة المجتمع والرجال وان فعلت فهي الضحية ويبقى الرجل هو السيد الحاكم ويضع نهاية لحياتها حتى أن الرجل الذي يدعي التقوى والإسلام  يقوم بمخالفة تعاليم الدين الإسلامي في ارتكاب هذه الجريمة ففي الإسلام كانت العقوبة على جرم السفاح هي نفسها عقوبة الزنا وهي (1- الجلد (مئة جلدة للعازب) 2-والرجم للمتزوج3- والتغريب الإخراج من البلاد لعام ) كان يعاقب الطرفين ( الرجل والمرأة ) وليس للمرأة فقط بهذه العقوبة وكانت هناك حالة واحدة  (ويقتل فيها الرجل وليس المرأة وهي في حالة مواقعة زوجة الأب فيقتل ويخمس ماله )
مناقشة بسيطة للموضوع :  أن القانون السوري تساهل في عقوبة جريمة السفاح وأنا أقول أن الموضوع في جريمة السفاح لايقف فقط عند حد ارتكاب الجريمة وهي الممارسة الجنسية وإنما يتجاوزها إلى جريمة القتل وهي قتل الفتاة أو المرأة (بحجج القتل بدافع الشرف ) وفي الغالب لا يكون هناك مدعيً ( لأن المجتمع يعتبر أنه تم غسل العار الذي لحق بالعائلة) ويعاقب الجاني فقط بالحبس من (6 أشهر إلى سنة ) في أغلب الأحيان ،كان يجب على المشرع أن يقوم  بالتفريق بين عقوبة بحق الرجل والمرأة وتخفف العقوبة بالنسبة للمرأة لأنها الطرف الأضعف كما أسلفت سابقاً ، إذاً كيف  يكون الإنسان أمين على نفسه في بيته وبين أهله وأقاربه المقربين فالفتاة التي تنام في منزلها بين ذويها تكون مطمئنة أن هذا البيت لا تحتاج إلى حماية  وحتى أنها في أغلب الأحيان تقوم بأخذ راحتها فمثلا لاتغلق باب غرفة نومها لأنها تشعر بالأمان أكثر في حال وجود الأخ أو الأب أوالعم  أو الأقرباء كما في المادة (476) قانون العقوبات السوري وحتى أن الشكوى يجب أن لاتقدم منها لتقوم النيابة العامة بتحريك الجرم على الرجل ( لأن القانون يعتبرها مجرمة كالرجل ) أي (الرجل والمرأة في جريمة السفاح هما طرفي الجريمة ) وإنما يجب أن يقع التبيلغ من أحد الأقارب حتى الدرجة الرابعة _ أو إذا أدى الأمر إلى فضيحة فتقوم النيابة العامة بتحريك الدعوى حسب المادة (477) من قانون العقوبات 
والسؤال الذي يطرح نفسه …..

لمن ستلجأ الفتاة أو المرأة  طالما أن المجرم  يكون ( والدها أو أخ لها أو عم أو من له سلطة قانونية أوفعلية عليها ) الذي من المفترض أنه حاميها ؟
أن هذا الجرم برأيي هو اخطر من جريمة الاغتصاب التي تتم من رجل غريب حيث يمكن للفتاة أن تقاوم أو يمكنها الهروب…..

أن القانون السوري والمجتمع أعطايا أو منحا المجرم…….

الضحية ( المرأة)  على طبق من ذهب في حالة جرم السفاح حيث أعتبر القانون أن جرم السفاح جنحة أما الاغتصاب اعتبرته جناية وعقوبتها لاتقل عن سبع سنوات أشغال  أم السفاح فعقوبة تتراوح مابين (1-3) سنوات حبس  
 والمجرم في حالة جرم السفاح  لا يقوم بتهئة المكان أو يتعب في الحصول على فتاة أو امرأة وإنما كل ذلك متوفر له في بيته أو بيت أحد أقربائه  والقانون يحميه والمجتمع الرجولة يحكمه بل في كثير من الأحيان يكافئه على فعله .
– طبعاً لا بد من القول أن الكثير من النساء وقعن ضحية هذه الجريمة والكثيرات منهن هاربات من وجه المجتمع الذي كانوا يعشن فيه ليس لأنهن سيئات وإنما لأنهن ضحية لأحد الأخوة أو الآباء أو الأعمام ….ولا نراهن كثيراً على القانون في حمياتهن وإنما نراهن على التربية الصحيحة التي يتلقاها أبنائنا ويعلمنا أياها آبائنا.

   

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…