أمس الأرمن واليوم دور مسيحية الموصل !!!

د.

علاء الدين جنكو

أصبحنا نخاف التاريخ إلى درجة الرعب، فهو لا يرحم حينما يُزَوَّر ، وخاصة في الأزمنة التي تفتقد البحث والتقصي والاستقراء ، وأجزم يقينا أننا – الشعب الكردي – أكثر من ذاق هذه المرارة.
وما أخشاه فعلا أن تتكرر الاتهامات لذمة الأكراد ، وتضاف إلى تاريخهم جريمة أخرى ليس لهم يد فيها كسابقتها ، في الأمس القريب دوِّن في التاريخ أن الكرد أبادوا شعبا مسكينا لا حول له ولا قوة، كالحمل الوديع بين شعوب الدنيا، فقام الكرد بدور وحوش الغابة في القضاء عليهم ، تلك هي مسألة المجازر الأرمنية التي أقولها وبملء فمي: إن الكرد بريئون فعلا من دمائهم ، ولم يرتكبوا تلك المجازر حسبما وردت
وإن كانت هناك تصرفات فردية فكانت ردة فعل على جرائم الأرمن في حق الكرد، وهذا ما أكد عليه المؤرخ الكردي الكبير حسن هشيار في كتابه تاريخ الكرد وهو مؤلف عاش وعاصر تلك المجازر، وللعلم فقط كانت توجهات حسن هشيار يسارية علمانية غير دينية حتى لا يخرج أحد ويتملق بإدعاء أن هذه الشخصية دينية متخلفة !!

ليس موضوعي عن الأرمن ولو أنه يؤرقني عندما أرى الخنوع والتخاذل والتملق من أؤلئك الذين يعلنون مسؤوليتهم عن المجازر من مثقفين وسياسيين أكراد يصطادون في المياه العكرة ، وينشرون في عام قصاصات الاعتذارات الرخيصة الكاذبة يرمون شعبهم بمسألة ما كانت لهم في إلا الصفحة البيضاء عندما أنقذوا آلاف الأرمن الذين كانوا وما زالوا يعيشون بيننا إلى يومنا هذا ، ناسين الموقف الخالد  لعلماء الإسلام من الكرد في ذلك الحين وهم يعلنون بكل جرأة حرمة قتل الأرمني …
                                
التاريخ يعيد نفسه ، وهذه المرة مع مسيحيي الموصل، نعم إنها مأساة نحو 1500 أسرة مسيحية فرت خلال الأسبوعين الماضيين من بيوتها في المدينة التي تعيش فيها طوائف عدة وتشهد أعمال عنف مستعصية.


بدأت منذ الساعات الأولى لهذه الجرائم رشق الأكراد واتهامهم بارتكابها، سواء من العرب أو من المسيحيين أنفسهم وهو ما يثير الدهشة ، فالكرد على مدى تاريخهم السياسي المعاصر متعاطفون معهم ومدافعين عن حقوقهم، وتاريخ النضال يشهد على ذلك عندما كان الإخوة المسيحيون يقاتلون ضمن صفوف البيشمركة في جميع ثورات الكرد .
وحتى العمل السياسي لم يكن المسيحيون بعيدين عن مشاركة الكرد فيها ، فلماذا اتخذوا هذا الموقف العجيب ؟!!
وإذا كان مرتكب الجرائم هذه من العصابات الإرهابية الدينية سواء العربية منها أو حتى الكردية فلماذا يتهم البيشمركة وهي قوات منظمة تابعة لحكومة الإقليم بهذه الجرائم ؟!!
لا يمكن للكرد الذين ذاقوا مرارة الظلم أن يذيقوها للآخرين ، فشهامتنا وأخلاقنا وما تعلمناه من إسلامنا الحنيف يأبى أن نلوث أيدينا بمثل هذه الجرائم الجبانة ، ونأمل فعلا أن يتنبه لهذا كل الإخوة الذين يتابعون الشأن الكردي .

كل من يتهمنا لا يصل إلى درجة اتهام المثقف الكردي لشعبه بهذه الجرائم ، مع كل أسف بعض المتملقين وجدوا من هذه الجرائم فرصة سانحة مرة أخرى للطعن في الكرد وفي دينهم الإسلامي الطاهر الذي رباهم على أرقى أنواع التعامل مع إخوتهم المخالفين لهم في الدين من اليزيدية والمسيحيين والصابئة ، نعم قرأت لبعض المتطفلين والذين يصيدون في المياه العكرة شأنهم كالإرهابيين الذين ارتكبوا هذه الجرائم يصيدون المواقف ليشوشوا على العامة بجرائمهم ، وهؤلاء يخرجون ليُحْدِثوا فتنة دينية ويخلقوا في شعبنا المسلم المسالم جماعات لنا الفخر أننا أول شعب أخمدتها فيما بينهم ..
جرائد العالم العربي عادت تسمعنا الأسطوانة القديمة … الكرد وعلاقتهم بالأمريكيين ، وهنا أتساءل: إذن لماذا يقتلون من على دين أمريكا ؟!!
أما الذين يتهمون الكرد من بني جلدتنا  ، بأنهم الإرهابيون الإسلاميون ، فلماذا يقتلون من يشهد أن محمدا رسول الله ؟!
الإرهاب ليس له دين ولا مذهب ولا مبدأ ، ولا أخلاق ولا قيم ، ويكفي أن أقول : أن من لا دين له ولا مذهب ولا أخلاق ولا قيم فهو من أكبر المجرمين الحاقدين المستعدين دائما لارتكاب الجرائم سواء كانت قتلا أو إرهابا أو اصطيادا في المياه العكرة ..

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…