علاء الدين جنكو
أصبحنا نخاف التاريخ إلى درجة الرعب، فهو لا يرحم حينما يُزَوَّر ، وخاصة في الأزمنة التي تفتقد البحث والتقصي والاستقراء ، وأجزم يقينا أننا – الشعب الكردي – أكثر من ذاق هذه المرارة.
وما أخشاه فعلا أن تتكرر الاتهامات لذمة الأكراد ، وتضاف إلى تاريخهم جريمة أخرى ليس لهم يد فيها كسابقتها ، في الأمس القريب دوِّن في التاريخ أن الكرد أبادوا شعبا مسكينا لا حول له ولا قوة، كالحمل الوديع بين شعوب الدنيا، فقام الكرد بدور وحوش الغابة في القضاء عليهم ، تلك هي مسألة المجازر الأرمنية التي أقولها وبملء فمي: إن الكرد بريئون فعلا من دمائهم ، ولم يرتكبوا تلك المجازر حسبما وردت
ليس موضوعي عن الأرمن ولو أنه يؤرقني عندما أرى الخنوع والتخاذل والتملق من أؤلئك الذين يعلنون مسؤوليتهم عن المجازر من مثقفين وسياسيين أكراد يصطادون في المياه العكرة ، وينشرون في عام قصاصات الاعتذارات الرخيصة الكاذبة يرمون شعبهم بمسألة ما كانت لهم في إلا الصفحة البيضاء عندما أنقذوا آلاف الأرمن الذين كانوا وما زالوا يعيشون بيننا إلى يومنا هذا ، ناسين الموقف الخالد لعلماء الإسلام من الكرد في ذلك الحين وهم يعلنون بكل جرأة حرمة قتل الأرمني …
التاريخ يعيد نفسه ، وهذه المرة مع مسيحيي الموصل، نعم إنها مأساة نحو 1500 أسرة مسيحية فرت خلال الأسبوعين الماضيين من بيوتها في المدينة التي تعيش فيها طوائف عدة وتشهد أعمال عنف مستعصية.
بدأت منذ الساعات الأولى لهذه الجرائم رشق الأكراد واتهامهم بارتكابها، سواء من العرب أو من المسيحيين أنفسهم وهو ما يثير الدهشة ، فالكرد على مدى تاريخهم السياسي المعاصر متعاطفون معهم ومدافعين عن حقوقهم، وتاريخ النضال يشهد على ذلك عندما كان الإخوة المسيحيون يقاتلون ضمن صفوف البيشمركة في جميع ثورات الكرد .
وحتى العمل السياسي لم يكن المسيحيون بعيدين عن مشاركة الكرد فيها ، فلماذا اتخذوا هذا الموقف العجيب ؟!!
وإذا كان مرتكب الجرائم هذه من العصابات الإرهابية الدينية سواء العربية منها أو حتى الكردية فلماذا يتهم البيشمركة وهي قوات منظمة تابعة لحكومة الإقليم بهذه الجرائم ؟!!
لا يمكن للكرد الذين ذاقوا مرارة الظلم أن يذيقوها للآخرين ، فشهامتنا وأخلاقنا وما تعلمناه من إسلامنا الحنيف يأبى أن نلوث أيدينا بمثل هذه الجرائم الجبانة ، ونأمل فعلا أن يتنبه لهذا كل الإخوة الذين يتابعون الشأن الكردي .
جرائد العالم العربي عادت تسمعنا الأسطوانة القديمة … الكرد وعلاقتهم بالأمريكيين ، وهنا أتساءل: إذن لماذا يقتلون من على دين أمريكا ؟!!
أما الذين يتهمون الكرد من بني جلدتنا ، بأنهم الإرهابيون الإسلاميون ، فلماذا يقتلون من يشهد أن محمدا رسول الله ؟!
الإرهاب ليس له دين ولا مذهب ولا مبدأ ، ولا أخلاق ولا قيم ، ويكفي أن أقول : أن من لا دين له ولا مذهب ولا أخلاق ولا قيم فهو من أكبر المجرمين الحاقدين المستعدين دائما لارتكاب الجرائم سواء كانت قتلا أو إرهابا أو اصطيادا في المياه العكرة ..