إساءة معاملة الأسير ليست من شيم البشرية المتحضرة

اشتداد الخلافات والنزاعات والحروب بين البشر دفعت الإنسانية إلى وضع قوانين وقواعد لتلك الحروب والنزاعات، مثلما وضعت قواعد لكيفية التعامل مع ضحاياها، وقامت بإبرام معاهدات ومواثيق ملزمة للأمم والشعوب والجيوش بكيفية التعامل مع الأسرى.

فكل أسير يقع في الأسر لا شك أن لديه قضية يؤمن بها ويدافع عنها، ويجب التعامل معه حسب تلك العهود والمواثيق الأممية، وذلك هو شأن كل الدول والأمم المعاصرة.
وقع القائد عبد لله أوجالان في الأسر في 15 شباط 1999 نتيجة لمؤامرة دولية قذرة تورطت فيها القوى الدولية الكبيرة المتحكمة بمصير العالم  بهدف إعادة ترتيب مناطق نفوذها في الشرق الأوسط ، وبناء الشرق الأوسط الكبير الذي يتلاءم مع مصالحها في القرن الحادي والعشرين.

و قامت تلك القوى بتسليم قائد الشعب الكردي إلى الدولة التركية، التي وضعت شروطها الخاصة في كيفية التعامل مع قائد الأمة الكردية ومن خلاله كيفية التعامل مع قضية الشعب الكردي.
الطبقة الحاكمة التركية منذ أن هجرت مناطقها المتخلفة في آسيا الوسطى إلى الشرق الأوسط المتحضر مارست العنف والقسوة بين بعضها البعض وعلى الشعوب التي واجهتها حتى أن الوحشية التركية وعنجهيتها ومكائدها باتت معروفة من جانب كل الشعوب والأمم .

وحكام تركيا اليوم ينحدرون من هذه التقاليد والميراث الذي ورثوه عن آبائهم وأجدادهم.

ظهرت هذه الوحشية بجلاء من خلال ممارساتهم وتعاملهم مع الشعوب المجاورة ، منذ محمد الفاتح مؤسس الدولة العثمانية الذي بدأ بقتل أشقائه واستمر بإبادة البيزنطيين ثم الشعب التركماني في الدولة السلجوقية فقط لأنهم كانوا شيعة يخالفونهم في المذهب ثم امتدت مجازرهم إلى الشعوب المجاورة من كرد وعرب وأرمن وآشور، ومجزرة الشعب الأرميني أبرز ما ارتكبته هذه الطغمة في العصر الحديث وانتهاء بالإبادة العرقية التي ترتكبها الدولة التركية بحق الشعب الكردي .


لاشك أن القوى الدولية الكبرى التي تعرف كل صغيرة وكبيرة عن الوحشية التركية كانت تعرف أيضاً كيفية المعاملة التي ستتعامل بها هذه الطغمة مع قائد الأمة الكردية الأسير بين يديها .

ولهذه فإن ما تقوم به الطغمة التركية الحاكمة نحو القائد آبو هي من تقاليدها وسماتها التاريخية ويجب أن تحاسب عليها ، والقوى التي سلمت القائد آبو إلى هؤلاء الوحوش تتحمل كامل المسؤولية عما يجري للقائد وشريكة لهذه الطغمة .


الدولة التركية وضعت قوانين خاصة بسجن إيمرالي الانفرادي الذي يحتجز فيه القائد آبو تمنع عليه كافة الحقوق الممنوحة للمتهمين العاديين ، وتخرق كافة اللوائح والقوانين الدولية المتعلقة بحقوق السجناء والأسرى ، وكأن ذلك لا يكفي مارست التسميم الممنهج بحقه ومنعت زيارات الأهل والأقارب والمحامين وحلقت شعره عنوة ، ومؤخراً قامت بالاعتداء البدني بإلقائه أرضاً والدوس على ظهره بالقدم وتهديده بالقتل في تهديد وإهانة واضحة للشعب الكردي قبل شخص القائد آبو .
نحن في حزب الاتحاد الديموقراطي (PYD) ندرك مقاصد وأهداف هكذا تعامل مع قائد الشعب الكردي ، كما نعرف شعبنا الكردي الذي لم يسكت على مدى تاريخه على هكذا ظلم وضيم وإهانة لكرامته ، فملايين الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم كانوا من أجل الحفاظ على كرامة الشعب الكردي ، واليوم تتعرض هذه الكرامة مرة أخرى للإهانة .

لذا ندعو كافة أبناء الشعب الكردي إلى الالتزام بالممارسات الديمقراطية في الاحتجاج على هذه الوحشية ، ونناشد كافة المنظمات والقوى الوطنية الكردية والدولية الديموقراطية إلى الوقوف إلى جانب الشعب الكردي في الدفاع عن قيمه ورموزه وكرامته ووجوده .

–  عاش القائد آبو رمزاً للمقاومة والكرامة الكردية .
–  لن يستطيع أحد مهما كان جبروته النيل من الكرامة الكردية .
–  المقاومة حياة .

اللجنة التنفيذية لحزب الاتحاد الديموقراطي
PYD

18 تشرين الأول 2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…