افتتاحية جريدة الوحدة (YEKÎTÎ) *
لا يخفي على أحد أن المرسوم 49 لعام 2008 يخبيء وراء بنوده مشروعاً خاصاً بالشأن الكردي دأبت العديد من الجهات الأمنية والبعثية على التمهيد له من خلال الإدعاء بأن هناك مخطط مزعوم يتم تنفيذه بقصد إحكام السيطرة الكردية على أسواق العقارات خاصة في القامشلي، وأن هناك رؤوس أموال خارجية تستخدم في التجارة وعمليات البناء، ولهذا فأن تلك الجهات ترى بأن الوقوف في وجه التوسع الكردي المزعوم مهمة وطنية تستحق إصدار المزيد من المراسيم والقوانين الاستثنائية للحد من التطور الاقتصادي والاجتماعي الكردي ….
لا يخفي على أحد أن المرسوم 49 لعام 2008 يخبيء وراء بنوده مشروعاً خاصاً بالشأن الكردي دأبت العديد من الجهات الأمنية والبعثية على التمهيد له من خلال الإدعاء بأن هناك مخطط مزعوم يتم تنفيذه بقصد إحكام السيطرة الكردية على أسواق العقارات خاصة في القامشلي، وأن هناك رؤوس أموال خارجية تستخدم في التجارة وعمليات البناء، ولهذا فأن تلك الجهات ترى بأن الوقوف في وجه التوسع الكردي المزعوم مهمة وطنية تستحق إصدار المزيد من المراسيم والقوانين الاستثنائية للحد من التطور الاقتصادي والاجتماعي الكردي ….
ومن أجل ذلك فأنها تستشهد بمسألة كركوك التي تصور الجهات الشوفينية ضحاياها الأكراد الذين هجّرو منها قسراً بأنهم يخططون للعودة إليها وطرد مستوطنيها الجدد الذين أباح لهم النظام الدكتاتوري السابق استلام مفاتيح تلك المدينة وتحولوا في ظله إلى أدوات لمشروع استيطاني عنصري.
ولما كان المرسوم 49 ليس الأول ولن يكون الأخير في مسلسل المشاريع والتدابير والقوانين الاستثنائية حيث سبقه المرسومان 193 لعام 1952 و41 لعام 2004 اللذان اشترطا حق التملك للأراضي الزراعية في المناطق الحدودية بموافقة كل من وزارتي الدفاع والداخلية بعد المرور بقنوات أمنية، تابعة لهما، تمنح الموافقات بسهولة لغير الاكراد في حين تحجبها عنهم الى أمد مفنوح، والأمثلة كثيرة جدا لقرى مختلطة حصل فيها الملاكون العرب على سندات تمليك رسمية في حين حرم منها جيرانيهم الكرد لا لشئ سوى كونهم أكرداً بالحرف الواحد .
ولم تقتصر الاسقاطات الإقليمية على هذا المرسوم فقط، فقد سبقتها إسقاطات أخرى على مشاريع عنصرية مشابهة.
فالإحصاء مثلاً لم ينفذ لمجرد أن أكراداً نزحوا من دولة مجاورة، بل لان أحداث بداية الستينات واندلاع ثورة أيلول في كردستان العراق وانتعاش الآمال القومية لدى الجانب الكردي السوري، خاصة في محافظة الحسكة المجاورة، فتحت أذهان وأوهام السياسة الشوفينية على مشروع تستطيع به تغيير وتعديل التركيب القومي لمحافظة الحسكة ذات الأغلبية الكردية..
علماً أن هذه الأغلبية لا تعيب هذه المحافظة، ولاتنتقص من دور العرب وغيرهم من المكونات القومية الأخرى، بل أنها حقيقة واقعية، لكن هذه الحقيقة ستظل تؤرق مخططي السياسة الشوفينية الذين يحاولون تزويرها وتغييرها بكل الوسائل، سواء بإسقاط وانتزاع الجنسية من مئات الآلاف، أو بإجبار أعداد مماثلة على الهجرة عن طريق تضييق سبل العيش وحرمان الكرد من فرص العمل والتوظيف وانتزاع أراضي الفلاحين منهم في منطقة مشروع الحزام العربي الذي جاء تنفيذه أيضاً بعد إقرار اتفاقية الحكم الذاتي في كردستان العراق عام 1970 وما خلقت من أوهام شوفينية ومخاوف من انعكاس ذلك على تطور الوضع الكردي في سوريا الذي أصبح هاجساً للنظام عندما يتعلق الأمر بتعامله مع الجوار الكردستاني، وكأنه يريد بذلك أن يوقف عجلة التاريخ، أو أن يسد أبواب سوريا أمام أي تطور إقليمي مجاور، مثلما حصل في آذار 2004 عندما أراد أن يوقف تصاعد الخط البياني لانتعاش الآمال القومية بعد إقرار النظام الفيدرالي في العراق الذي خاف الجيران من تحوله إلى مدرسة للديمقراطية في المنطقة..
وهكذا تتوالى سلسلة المشاريع والمراسيم الاستثنائية التي اثبتت التجربة التاريخية أنها لم تكن يوماً قادرة على تعطيل إرادة شعبنا في الدفاع عن حقوقه، لكنها نجحت في إطالة أمد الاضطهاد والظلم، مثلما نجحت في تعميق الانعزالية هنا وتصعيد التطرف هناك، وإثارة المشاعر القومية واستعداء الرأي العام الوطني ضد الكرد وقضيتهم العادلة بهدف التغطية على الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان السوري وإيهامه بوجود خطر كردي مزعوم على وحدة البلاد يهدد باقتطاع جزء منها لإلحاقه بجهة لا تزال مجهولة !!!.وغير موجودة إلا في عقول العنصريين المريضة، وترسيخ فكرة الاستعلاء القومي لدى تلك الأوساط، بحيث تتقبل منطق التمييز الذي يجد تعبيراته في مختلف المجالات، ومنها تطبيقات المرسوم الأخير، الذي يتيح للملاك الكردي أن يبيع ما يملك دون أن يباح له شراء ما يريده من أرض أو عقار، بينما يكون الأمر معكوساً بالنسبة لملاك آخر تماماً، حيث يسمح له بشراء أرض زراعية يتم تطويبها باسمه خلال مدة قصيرة..
ولا يقتصر مثل هذا التمييز على حق التملك فقط، بل كذلك في إجراءات نقل سجلات النفوس، فالمواطن الكردي يسمح له بنقل سجله إلى محافظة أخرى غير كردية في حين يمنع مواطن كردي آخر من نقل هذا السجل من خارج محافظة الحسكة وإليها..
ويختلف الوضع بالنسبة لمواطني القوميات الأخرى، وكأن محافظة الحسكة باتت منكوبة بالداء الكردي الذي ينقل العدوى أحياناً لغير الأكراد ..
وعندما نقول محافظة الحسكة فلأنها المقصودة في المقدمة بالمرسوم الأخير الذي ارتدى طابعاً عاماً ليغطي به خصوصيته الكردية.
وجاء في هذا التوقيت لينسف المزيد من آمال التغيير، ويزيد من حالة الاحتقان القائمة أصلاً، ويثير مشاعر الإحباط في الوسط الكردي بما تحملها من آثار خطيرة، قد تضعف دور الحركة الكردية في قيادة الجماهير الكردية بسياستها الموضوعية، وتنعش الأفكار الإنعزالية التي لا تميز كثيراً بين العرب، كشعب وكقومية، وبين السلطة الحاكمة.
ومن هنا فإن على هذه الحركة أن تنشط لإفشال المراهنة على تلك الأفكار وتناضل لكسب المزيد من الرافضين لمثل هذه المراسيم، من بين أبناء الشعب السوري، ودعوة الجهات المعنية به، محامين ومهنسين ومقاولين ومنظمات حقوقية وفعاليات مجتمعية، لإستنكاره والدعوة لإلغائه أو إعادة صياغته بما يتلائم مع عصر التغيير والإصلاح والتقدم..لأنه من جهة أخرى يهدد السلم الأهلي، فالعلاقات بين الناس لا يمكن أن تتوقف، حتى لو عطلت مثل هذه المراسيم سبل التعامل الرسمية، التي تدفع المواطنين بالنهاية للتعامل خارج القانون، مما سيؤدي إلى خلق النزاعات وإفساح المجال امام السماسرة وإنعاش أساليب الاحتيال المتنوعة.
أخيراً، نسأل الواقفين وراء هذا المرسوم عن الفوائد التي سيجنيها الوطن من إصداره سوى إحكام القبضة الأمنية التي بهذه الحالة، سيزداد تحكماً بحياة المواطنين، كما نسأل عن الجهة المستفيدة من تكريس التفرقة بين المناطق الحدودية وغير الحدودية ؟.
ولماذا تدفعون الوضع الكردي نحو المزيد من الاحتقان؟.
وهل سياسة الحرمان والتمييز هي الخيار الأفضل لحل القضية الكردية في البلاد؟.علماً أن هذه السياسة قد جربها آخرون، وفشلوا فيها، إلى أن أدركوا أخيراً، بأن الحل الديمقراطي هوالكفيل بحلها، وإنصاف شعبنا الكردي المسالم، وبالتالي تحصين الوحدة الوطنية، التي تعتبر الضمانة الأساسية لمواجهة مختلف أشكال التحديات الداخلية والأخطار الخارجية التي لا يمكن التصدي لها إلا من خلال جبهة داخلية متماسكة، يتمتع فيها الجميع بنفس الحقوق دون استثناء، ويملؤهم الشعور بالمسؤولية تجاه وطنهم المشـترك.
ولما كان المرسوم 49 ليس الأول ولن يكون الأخير في مسلسل المشاريع والتدابير والقوانين الاستثنائية حيث سبقه المرسومان 193 لعام 1952 و41 لعام 2004 اللذان اشترطا حق التملك للأراضي الزراعية في المناطق الحدودية بموافقة كل من وزارتي الدفاع والداخلية بعد المرور بقنوات أمنية، تابعة لهما، تمنح الموافقات بسهولة لغير الاكراد في حين تحجبها عنهم الى أمد مفنوح، والأمثلة كثيرة جدا لقرى مختلطة حصل فيها الملاكون العرب على سندات تمليك رسمية في حين حرم منها جيرانيهم الكرد لا لشئ سوى كونهم أكرداً بالحرف الواحد .
ولم تقتصر الاسقاطات الإقليمية على هذا المرسوم فقط، فقد سبقتها إسقاطات أخرى على مشاريع عنصرية مشابهة.
فالإحصاء مثلاً لم ينفذ لمجرد أن أكراداً نزحوا من دولة مجاورة، بل لان أحداث بداية الستينات واندلاع ثورة أيلول في كردستان العراق وانتعاش الآمال القومية لدى الجانب الكردي السوري، خاصة في محافظة الحسكة المجاورة، فتحت أذهان وأوهام السياسة الشوفينية على مشروع تستطيع به تغيير وتعديل التركيب القومي لمحافظة الحسكة ذات الأغلبية الكردية..
علماً أن هذه الأغلبية لا تعيب هذه المحافظة، ولاتنتقص من دور العرب وغيرهم من المكونات القومية الأخرى، بل أنها حقيقة واقعية، لكن هذه الحقيقة ستظل تؤرق مخططي السياسة الشوفينية الذين يحاولون تزويرها وتغييرها بكل الوسائل، سواء بإسقاط وانتزاع الجنسية من مئات الآلاف، أو بإجبار أعداد مماثلة على الهجرة عن طريق تضييق سبل العيش وحرمان الكرد من فرص العمل والتوظيف وانتزاع أراضي الفلاحين منهم في منطقة مشروع الحزام العربي الذي جاء تنفيذه أيضاً بعد إقرار اتفاقية الحكم الذاتي في كردستان العراق عام 1970 وما خلقت من أوهام شوفينية ومخاوف من انعكاس ذلك على تطور الوضع الكردي في سوريا الذي أصبح هاجساً للنظام عندما يتعلق الأمر بتعامله مع الجوار الكردستاني، وكأنه يريد بذلك أن يوقف عجلة التاريخ، أو أن يسد أبواب سوريا أمام أي تطور إقليمي مجاور، مثلما حصل في آذار 2004 عندما أراد أن يوقف تصاعد الخط البياني لانتعاش الآمال القومية بعد إقرار النظام الفيدرالي في العراق الذي خاف الجيران من تحوله إلى مدرسة للديمقراطية في المنطقة..
وهكذا تتوالى سلسلة المشاريع والمراسيم الاستثنائية التي اثبتت التجربة التاريخية أنها لم تكن يوماً قادرة على تعطيل إرادة شعبنا في الدفاع عن حقوقه، لكنها نجحت في إطالة أمد الاضطهاد والظلم، مثلما نجحت في تعميق الانعزالية هنا وتصعيد التطرف هناك، وإثارة المشاعر القومية واستعداء الرأي العام الوطني ضد الكرد وقضيتهم العادلة بهدف التغطية على الانتهاكات الصارخة لحقوق الانسان السوري وإيهامه بوجود خطر كردي مزعوم على وحدة البلاد يهدد باقتطاع جزء منها لإلحاقه بجهة لا تزال مجهولة !!!.وغير موجودة إلا في عقول العنصريين المريضة، وترسيخ فكرة الاستعلاء القومي لدى تلك الأوساط، بحيث تتقبل منطق التمييز الذي يجد تعبيراته في مختلف المجالات، ومنها تطبيقات المرسوم الأخير، الذي يتيح للملاك الكردي أن يبيع ما يملك دون أن يباح له شراء ما يريده من أرض أو عقار، بينما يكون الأمر معكوساً بالنسبة لملاك آخر تماماً، حيث يسمح له بشراء أرض زراعية يتم تطويبها باسمه خلال مدة قصيرة..
ولا يقتصر مثل هذا التمييز على حق التملك فقط، بل كذلك في إجراءات نقل سجلات النفوس، فالمواطن الكردي يسمح له بنقل سجله إلى محافظة أخرى غير كردية في حين يمنع مواطن كردي آخر من نقل هذا السجل من خارج محافظة الحسكة وإليها..
ويختلف الوضع بالنسبة لمواطني القوميات الأخرى، وكأن محافظة الحسكة باتت منكوبة بالداء الكردي الذي ينقل العدوى أحياناً لغير الأكراد ..
وعندما نقول محافظة الحسكة فلأنها المقصودة في المقدمة بالمرسوم الأخير الذي ارتدى طابعاً عاماً ليغطي به خصوصيته الكردية.
وجاء في هذا التوقيت لينسف المزيد من آمال التغيير، ويزيد من حالة الاحتقان القائمة أصلاً، ويثير مشاعر الإحباط في الوسط الكردي بما تحملها من آثار خطيرة، قد تضعف دور الحركة الكردية في قيادة الجماهير الكردية بسياستها الموضوعية، وتنعش الأفكار الإنعزالية التي لا تميز كثيراً بين العرب، كشعب وكقومية، وبين السلطة الحاكمة.
ومن هنا فإن على هذه الحركة أن تنشط لإفشال المراهنة على تلك الأفكار وتناضل لكسب المزيد من الرافضين لمثل هذه المراسيم، من بين أبناء الشعب السوري، ودعوة الجهات المعنية به، محامين ومهنسين ومقاولين ومنظمات حقوقية وفعاليات مجتمعية، لإستنكاره والدعوة لإلغائه أو إعادة صياغته بما يتلائم مع عصر التغيير والإصلاح والتقدم..لأنه من جهة أخرى يهدد السلم الأهلي، فالعلاقات بين الناس لا يمكن أن تتوقف، حتى لو عطلت مثل هذه المراسيم سبل التعامل الرسمية، التي تدفع المواطنين بالنهاية للتعامل خارج القانون، مما سيؤدي إلى خلق النزاعات وإفساح المجال امام السماسرة وإنعاش أساليب الاحتيال المتنوعة.
أخيراً، نسأل الواقفين وراء هذا المرسوم عن الفوائد التي سيجنيها الوطن من إصداره سوى إحكام القبضة الأمنية التي بهذه الحالة، سيزداد تحكماً بحياة المواطنين، كما نسأل عن الجهة المستفيدة من تكريس التفرقة بين المناطق الحدودية وغير الحدودية ؟.
ولماذا تدفعون الوضع الكردي نحو المزيد من الاحتقان؟.
وهل سياسة الحرمان والتمييز هي الخيار الأفضل لحل القضية الكردية في البلاد؟.علماً أن هذه السياسة قد جربها آخرون، وفشلوا فيها، إلى أن أدركوا أخيراً، بأن الحل الديمقراطي هوالكفيل بحلها، وإنصاف شعبنا الكردي المسالم، وبالتالي تحصين الوحدة الوطنية، التي تعتبر الضمانة الأساسية لمواجهة مختلف أشكال التحديات الداخلية والأخطار الخارجية التي لا يمكن التصدي لها إلا من خلال جبهة داخلية متماسكة، يتمتع فيها الجميع بنفس الحقوق دون استثناء، ويملؤهم الشعور بالمسؤولية تجاه وطنهم المشـترك.
——-
* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)– العدد (182) أيلول 8 200م- 2620 ك
* الجريدة المركزية لحزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)– العدد (182) أيلول 8 200م- 2620 ك