بيان الأحزاب الكردية حول مرسوم (49)

بيـــــــــان إلى الرأي العام

  في خطوة ليست بجديدة على الساحة الشوفينية، ولكن وقعها كان ثقيلاً على الذين راهنوا على انفراج في تعامل السلطة مع الشأن الكردي , فكل المؤشرات تؤكد أن هنالك تصعيداً شوفينياً ممنهجاً ضد الشعب الكردي وقضيته وبكل الوسائل من ملاحقة واعتقال وسجن، وتمييز صارخ  بين المناطق الكردية والمحافظات الأخرى من حيث البنية التحتية والخدمات العامة وحتى قتل للكرد كما حصل في آذار 2004 وخريف 2007 وعشية نوروز 2008 .
  يأتي المرسوم (49 ) في هذا السياق لينضم إلى سلسلة المشاريع والسياسات والإجراءات الشوفينية التي تستهدف المناطق الكردية والتي باتت مكبلة بقيود ثقيلة تنهك الشعب الكردي من خلال لجم تطوره الخاص فلم يكتف النظام بالتخلي عن واجباته العامة تجاه تلك المناطق بل أحاطها بسلسلة من الخطوط الحمراء وجعلها حقلاً للمزيد من التجارب الشوفينية العنصرية بغية تعقيد حياة الناس في هذه المناطق بالمزيد من القيود والقوانين العنصرية والإمعان في زيادة فقرهم .

  فالتمسك غير المبرر بتطبيقات مشروع الإحصاء الرجعي والإمعان في استكمال الحزام العنصري العربي بتوزيع أراضي ما كانت تسمى بمزارع الدولة على مواطنين عرب استقدموا من محافظتي الرقة وحلب , وإثارة الفتن بين فلاحي وضع اليد والملاكين الكرد في منطقة الحزام العربي بالجزيرة بشكل خاص , وفي الإطار ذاته يأتي المرسوم 49 الذي رغم كونه اتخذ طابعاً عاماً من الناحية النظرية إلا أن المناطق المعنية به عمليا هي محافظة الحسكة  والمناطق الكردية على الشريط الحدودي لمحافظتي الرقة وحلب , كل ذلك يعني الإمعان في انتهاج السياسة الشوفينية ، فالمرسوم الجديد عملياً (يمنع نقل أو تبديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري كان في منطقة حدودية أو أشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار ….

إلا بترخيص مسبق) علماً أن الترخيص المسبق هو بالنسبة للمواطن الكردي  حلم شبه مستحيل التحقيق ، وهذا يعني ان المواطن الكردي لا يحق له عمليا البيع والشراء لأن الترخيص المسبق يخضع لموافقات أمنية لها اعتبارات شوفينية معروفة مثلها في ذلك مثل تطبيقات المرسوم (193) لسنة 1952 والمرسوم (41)لسنة 2004 اللذين حصرا حق التملك  للأراضي الزراعية في المناطق الحدودية بموافقة وزارتي الداخلية والدفاع معاً، وبالتالي موافقة الجهات الأمنية التابعة لهما  , ويعرف الكل أن تلك الموافقات لم ولن يحظى بها أي مواطن كردي .

  إننا نعتقد بل نجزم أن هذا المرسوم هو استكمال للمرحلة الثانية للحزام العربي والقاضي بترحيل الكرد من مناطقهم التاريخية ، ولكن جاء قرار الترحيل هذا بصيغة قانونية بعيدة عن الضجيج والصخب، فبعد تدمير القطاع الزراعي بشقه المروي جاء تدمير الحرف والمهن الصغيرة الخاصة من خلال منع عمليات البيع والشراء للمحلات التجارية وكل العقارات التي تحتاجها المهن والحرف المختلفة ، وإذا علمنا أن النشاط الاقتصادي للمناطق الكردية يعتمد بالدرجة الأولى على النشاط الزراعي بشقيه المروي والبعلي والمهن والحرف المختلفة لتأكد لدينا أن المقصود عملياً هو منع الكرد من أي استملاك جديد وإغلاق فرص العمل الخاص نهائياً أمام الجيل الناشئ وبالتالي دفع أعداد متزايدة منهم إلى الهجرة الجماعية القسرية إلى أماكن أخرى خارج مناطقهم الأصلية .

نرى أن هذا المرسوم يشكل خرقاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الدولية ومخالفاً للدستور السوري ومناقضاً للمصلحة الوطنية بل يزيد من حالة الاحتقان الموجودة أصلاً لدى الشعب الكردي , نؤكد إذا كانت الغاية منه خدمة الوطن فإنه يعطي نتائج معكوسة حيث يلحق أفدح الأضرار بالوحدة الوطنية والتي بالأصل تعاني من تصدعات شديدة ، وإذا كان الهدف هو ترويض الشعب الكردي فإن النتيجة أيضاً معكوسة تماماً لأن مثل هذه المراسيم والإجراءات المرافقة لا تزيد الشعب الكردي إلا إصراراً على التمسك بحقوقه وتدفعه إلى التشدد تجاه سياسات السلطة وممارساتها ، وتحفزه لتصعيد نضاله الوطني بكافة السبل والوسائل الديمقراطية .

إننا نؤكد أن الوحدة الوطنية الحقيقية ومصالح الوطن العليا تقتضي التخلي عن جميع السياسات والممارسات الشوفينية تجاه الشعب الكردي وقضيته، وإلغاء جميع المراسيم التي تستهدفه كمكون أساسي من مكونات الشعب السوري والذي يشكل القومية الثانية في البلاد , ومعالجة آثارها وتداعياتها وأضرارها , وفتح حوار جدي ومتكافئ مع الحركة الوطنية الكردية على أساس الشراكة في الوطن بعيداً عن الهيمنة والتسلط , والإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي.

  وبهذه المناسبة فإننا نناشد جميع المعنيين بهذا الموضوع من منظمات حقوقية ولجان إحياء المجتمع المدني ومحاميين ومهندسين ومقاولين وسائر فئات جماهير شعبنا السوري رفع أصوات الاستنكار والاحتجاج على هذا المرسوم والمطالبة بإلغائه وتجنيب البلاد آثاره الضارة والمدمرة على الوطن والمواطنين .

 كما أننا نناشد القوى الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان في كل مكان لبذل الجهود الممكنة لحمل النظام على إلغاء المرسوم (49) وكافة الإجراءات والمشاريع العنصرية المطبقة بحق شعبنا الكردي وترسيخ حكم القانون وإطلاق الحريات العامة .

8-10-2008
الأحزاب الموقعة

-الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (( البارتي ))

-حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا ( يكيتي )

-الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

-حزب يكيتي الكردي في سوريا

-حزب آزادي الكردي في سوريا

-الحزب الديمقراطي الوطني الكردي في سوريا

-حزب المساواة الكردي في سوريا

-الحزب اليساري الكردي في سوريا

-الحزب الديمقراطي الكردي السوري

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…