فالتمسك غير المبرر بتطبيقات مشروع الإحصاء الرجعي والإمعان في استكمال الحزام العنصري العربي بتوزيع أراضي ما كانت تسمى بمزارع الدولة على مواطنين عرب استقدموا من محافظتي الرقة وحلب , وإثارة الفتن بين فلاحي وضع اليد والملاكين الكرد في منطقة الحزام العربي بالجزيرة بشكل خاص , وفي الإطار ذاته يأتي المرسوم 49 الذي رغم كونه اتخذ طابعاً عاماً من الناحية النظرية إلا أن المناطق المعنية به عمليا هي محافظة الحسكة والمناطق الكردية على الشريط الحدودي لمحافظتي الرقة وحلب , كل ذلك يعني الإمعان في انتهاج السياسة الشوفينية ، فالمرسوم الجديد عملياً (يمنع نقل أو تبديل أو اكتساب أي حق عيني عقاري كان في منطقة حدودية أو أشغاله عن طريق الاستئجار أو الاستثمار ….
إلا بترخيص مسبق) علماً أن الترخيص المسبق هو بالنسبة للمواطن الكردي حلم شبه مستحيل التحقيق ، وهذا يعني ان المواطن الكردي لا يحق له عمليا البيع والشراء لأن الترخيص المسبق يخضع لموافقات أمنية لها اعتبارات شوفينية معروفة مثلها في ذلك مثل تطبيقات المرسوم (193) لسنة 1952 والمرسوم (41)لسنة 2004 اللذين حصرا حق التملك للأراضي الزراعية في المناطق الحدودية بموافقة وزارتي الداخلية والدفاع معاً، وبالتالي موافقة الجهات الأمنية التابعة لهما , ويعرف الكل أن تلك الموافقات لم ولن يحظى بها أي مواطن كردي .
إننا نعتقد بل نجزم أن هذا المرسوم هو استكمال للمرحلة الثانية للحزام العربي والقاضي بترحيل الكرد من مناطقهم التاريخية ، ولكن جاء قرار الترحيل هذا بصيغة قانونية بعيدة عن الضجيج والصخب، فبعد تدمير القطاع الزراعي بشقه المروي جاء تدمير الحرف والمهن الصغيرة الخاصة من خلال منع عمليات البيع والشراء للمحلات التجارية وكل العقارات التي تحتاجها المهن والحرف المختلفة ، وإذا علمنا أن النشاط الاقتصادي للمناطق الكردية يعتمد بالدرجة الأولى على النشاط الزراعي بشقيه المروي والبعلي والمهن والحرف المختلفة لتأكد لدينا أن المقصود عملياً هو منع الكرد من أي استملاك جديد وإغلاق فرص العمل الخاص نهائياً أمام الجيل الناشئ وبالتالي دفع أعداد متزايدة منهم إلى الهجرة الجماعية القسرية إلى أماكن أخرى خارج مناطقهم الأصلية .
نرى أن هذا المرسوم يشكل خرقاً صارخاً لكل القوانين والأعراف الدولية ومخالفاً للدستور السوري ومناقضاً للمصلحة الوطنية بل يزيد من حالة الاحتقان الموجودة أصلاً لدى الشعب الكردي , نؤكد إذا كانت الغاية منه خدمة الوطن فإنه يعطي نتائج معكوسة حيث يلحق أفدح الأضرار بالوحدة الوطنية والتي بالأصل تعاني من تصدعات شديدة ، وإذا كان الهدف هو ترويض الشعب الكردي فإن النتيجة أيضاً معكوسة تماماً لأن مثل هذه المراسيم والإجراءات المرافقة لا تزيد الشعب الكردي إلا إصراراً على التمسك بحقوقه وتدفعه إلى التشدد تجاه سياسات السلطة وممارساتها ، وتحفزه لتصعيد نضاله الوطني بكافة السبل والوسائل الديمقراطية .
إننا نؤكد أن الوحدة الوطنية الحقيقية ومصالح الوطن العليا تقتضي التخلي عن جميع السياسات والممارسات الشوفينية تجاه الشعب الكردي وقضيته، وإلغاء جميع المراسيم التي تستهدفه كمكون أساسي من مكونات الشعب السوري والذي يشكل القومية الثانية في البلاد , ومعالجة آثارها وتداعياتها وأضرارها , وفتح حوار جدي ومتكافئ مع الحركة الوطنية الكردية على أساس الشراكة في الوطن بعيداً عن الهيمنة والتسلط , والإقرار الدستوري بالحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي.
وبهذه المناسبة فإننا نناشد جميع المعنيين بهذا الموضوع من منظمات حقوقية ولجان إحياء المجتمع المدني ومحاميين ومهندسين ومقاولين وسائر فئات جماهير شعبنا السوري رفع أصوات الاستنكار والاحتجاج على هذا المرسوم والمطالبة بإلغائه وتجنيب البلاد آثاره الضارة والمدمرة على الوطن والمواطنين .
كما أننا نناشد القوى الديمقراطية والمدافعين عن حقوق الإنسان في كل مكان لبذل الجهود الممكنة لحمل النظام على إلغاء المرسوم (49) وكافة الإجراءات والمشاريع العنصرية المطبقة بحق شعبنا الكردي وترسيخ حكم القانون وإطلاق الحريات العامة .
8-10-2008
الأحزاب الموقعة