الإحصاء الاستثنائي في محافظة الحسكة آسفين في جدار الوحدة الوطنية

  صوت الأكراد *

في الخامس من شهر تشرين الأول القادم ، تحل الذكرى السادسة والأربعين للإحصاء الاستثنائي الجائر في محافظة الحسكة حصراً عام1962م، هذا الإحصاء الذي خططت له ونفذته العقلية الشوفينية ، ومارسته بأشع صورها من خلال مصادرة كامل الحقوق المدنية والإنسانية من نحو مائة ألف مواطن كردي حينذاك بتجريدهم بجرة قلم من جنسيتهم الوطنية ، ومنذ ذلك الوقت تشكل نتائجه معاناة قاسية ومأساة حقيقية تثقل كاهل هؤلاء المواطنين الكرد .
والآن وقد مر ستة وأربعون عاماً على تبعات هذا الإحصاء ونتائجه الوخيمة التي تشكل جزءاً من السياسة الشوفينية المتبعة بحق شعبنا الكردي في سوريا والتي تتنافى مع أبسط مبادئ العدل والإنصاف وشرعة حقوق الإنسان ، وينقلون هذه المعاناة إلى أولادهم وأحفادهم ولعل من أبرزها، حرمانهم من العمل والتوظيف في دوائر الدولة ومؤسساتها ، ومن حق التملك بالأراضي الزراعية ، ومن البطاقة التموينية ، ومن واجب أداء خدمة العلم والذود عن الوطن وحمايته، ومن حق السفر إلى خارج البلاد، وعدم إعطاء المكتومين وثيقة شهادة التعليم الأساسي ، ووثيقة الشهادة الثانوية لاستكمال دراستهم الجامعية وحتى من حق المبيت في الفنادق إلا بعد الحصول على موافقة شعبة الفنادق … وغيرها من الإجراءات الشوفينية واللاإنسانية ، ولو أنزل هذا الإحصاء بما يحمله من معاناة قاسية ومؤلمة على جبل لرأيته يتصدع من هولها ، في حين يتحمل هؤلاء المواطنون هذه المعاناة التي تثقل كاهلهم دون أن ينحرفوا عن نهجهم الوطني ، بل بذلوا كل ما بوسعهم من جهود في سبيل رفع هذا الغبن عن كاهلهم سواء عن طريق الوفود وتقديم عرائض فردية أو جماعية للسلطات المعنية، أو عن طريق تقديم وثائق وثبوتيات تثبت بشكل جلي أنهم مواطنون في هذا البلد أبا عن جد ، خاصة وان البعض منهم قد أدوا الخدمة الإلزامية وسحبت الجنسية منهم ، وهنا يجب أن لا يغيب عن بالنا الدور الذي لعبته الحركة الوطنية الكردية في سوريا ، في إيصال معاناة هؤلاء المواطنين إلى القوى والأحزاب والفعاليات الثقافية والاجتماعية الوطنية ، والى لجان حقوق الإنسان في الداخل والخارج ، الأمر الذي أدى إلى توسيع دائرة التضامن مع هؤلاء المجردين من الجنسية ، وبعد ذلك ازدادت المطالبات من مختلف هذه القوى بضرورة إيجاد حل وطني ديمقراطي ينهي مشكلة الإحصاء ويزيل كل آثارها الضارة ، هذا فضلاً عن الوعود المتكررة من المسؤولين في ذروة الهرم الحكومي وكان آخر هذه الوعود الخطاب الذي ألقاه السيد رئيس الجمهورية تحت قبة البرلمان ( مجلس الشعب ) عندما أكد فيه بأنه من خلال لقائه بالفعاليات السياسية والثقافية والاجتماعية في محافظة الحسكة ، والتصفيق الحاد لأعضاء مجلس الشعب عندما تطرق سيادته إلى مشكلة الإحصاء ، وأكد أن هناك إجماع وطني على ضرورة حل هذه المشكلة ، وقال: سنعمل على إيجاد حل وطني وواقعي لإنهاء هذه المشكلة قريباً .
إننا نعتقد جازمين أن الاستمرار في إبقاء مشكلة الإحصاء الاستثنائي الجائر في محافظة الحسكة ، يلحق الضرر الفادح بالمصلحة الوطنية العليا ، ويدق أسفيناً في جدار الوحدة الوطنية ويسيء إلى سمعة بلادنا في الداخل والخارج ، لذا فان هذه المسألة الوطنية تتطلب حلاً عاجلاً ، من خلال إلغاء الإحصاء ، وإزالة نتائجه الضارة ، ورد الجنسية الوطنية إلى كل المجردين منها بموجب هذا الإحصاء الاستثنائي ، والاستفادة القصوى من طاقاتهم وكفاءاتهم في عملية بناء الوطن وتطويره وازدهاره .
——
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (407) ايلول 2008

لقراءة مواد العدد انقر هنا

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…