وأكد الاجتماع أن هذه الحالة قد أفسحت المجال أمام الأنظمة الاستبدادية والتي عاندت طويلاُ متطلبات التغيير الديمقراطي , من أن تعيد ترتيب أوراقها لصالح توجهاتها المناهضة للمشروع السياسي الدولي , وبالتالي فإن هذه الحالة قد قوضت مؤقتا تطلعات القوى الديمقراطية في هذه البلدان نحو التحرر والتغير المنشودين .
وارتباطاُ بالوضع الدولي , فقد تم في الأشهر الماضية , تنشيط دور أطراف{اللقاء الثلاثي} سوريا ، تركيا ، إيران ، المناهض للتطلعات التحررية للشعب الكردي , بل والتآمر على قضية شعبنا إن في العراق أو في الأجزاء الأخرى , ورأت الهيئة القيادية أن هذا التوجه العدائي لدى هذه الدول , إنما تزيد من أسباب التوتر والاحتقان ، ولا تساهم في استقرار المنطقة وسلامة التوجهات السياسية فيها , وتؤزم العلاقات بين حكومة إقليم كوردستان والدول المقتسمة لكردستان , في الوقت الذي تغدو فيه القضية الكردية أهم قضية إلى جانب قضية فلسطين والقضايا الأخرى , والتي تتطلب حلاُ ديمقراطيا حضارياُ لا مناص منه .
وقد استغرب الاجتماع مواقف الحكومة العراقية في مسألة كركوك خصصاُ , وخانقين وسنجار عموماُ , وشجب التوجهات العدائية الأخيرة للحكومة المركزية بمحاولات زج الجيش العراقي في مواجهة البيشمه كة في خانقين , وخلق أزمة ثقة في العلاقة مع حكومة الإقليم .
وإذ يساند حزبنا موقف رئاسة الأقليم، وخاصة الرئيس مسعود البارزاني، وموقف حكومة الإقليم في أزمة العلاقة هذه , إنما يناشد الحكومة العراقية أن تغلب الحق والعدل على الرعونة والتهور , وتلتزم يالدستور في حل مسألة كركوك وفقاُ للمادة 140 منه , وتنفتح على خيارات السلام والعلاقات السليمة ورأب الصدع فيها , بعيداُ عن العقلية الشوفينية التي دفع العراق طوال تاريخه الحديث ثمناُ باهظاُ من أرواح أبنائه , وخراباُ ودماراُ في ممتلكاته , وأن تتجه نحو تفعيل العملية السياسية والمصالحة الوطنية بديلاُ عن العطالة السياسية وتعقيد الوضع الداخلي .
أما ما يتعلق بالوضع السياسي في بلدنا , فقد رأت الهيئة القيادية أن هذا الوضع اتخذ في الأشهر الأخيرة خاصة مساراُ عقيماُ في الوضع الداخلي ,بل تصعيدا في سياسة القمع والبطش والاعقلات لنشطاء الشأن العام فالبلاد، وانفتاحاُ جزئياُ نحو المجتمع الدولي في محاولة من جانب النظام لفك العزلة الدولية عنه ، استناداًُ إلى الانفتاح الفرنسي والعلاقة النامية مع تركيا , والمفاوضات مع إسرائيل .
وأكدت أن هذا المنحى في السياسة السورية يهدف إلى صرف الأنظار عن الإرهاصات والإنكسارات والتعقيدات الداخلية , إلى “نجاحات” السياسة الخارجية، ليغلب بالتالي العامل الخارجي على العامل الداخلي ، والنظام على الدولة والشعب .
واستنتجت أن السياسة التي ينتهجها النظام تجاه الوضع الداخلي، انتجت الفساد الادراي والاقتصادي … ، وأحدثت الفقر والمآسي الاقتصادية والاجتماعية ، وشددت من قبضة الأجهزة الأمنية واطلقت لها العنان في مواجهة المعارضة الوطنية الديمقراطية ومواجهة كل من ينتقد سياسات النظام الخاطئة .، وأبقت على قانون الطوارئ والأحكام العرفية ، وعطلت متطلبات التغيير الديموقراطي والمشاركة السياسة في القرار والتوجهات ،وصعدت سياسية الاضطهاد القومي والموقف العدائي تجاه شعبنا الكردي والتنكر لوجوده التاريخي ولحقوقه القومية الديمقراطية المشروعة ، وما قرار مكتب الأمن القومي قبل أشهر ، والمرسوم رقم 49 مؤخرا والمعني به المناطق الكردية يحطم بنية الشعب الكردي واستقراره وتطوره الاقتصادي – الاجتماعي ، إلا مظهرا صارخا لشوفينية النظام وعدائه تجاه الكرد والقضية الكردية .
كما يجد هذا الأمر تفسيراته في كثرة الاعتقالات التي طالت معظم شرائح المجتمع السوري بعربه وكرده ومن قادة إعلان دمشق إلى قادة الأحزاب الكردية ، إلى محازبي ومناصري القضية الكردية في الجزيرة وكوباني وحلب وعفرين ودمشق .
لقد دعت الهيئة القيدية لحزبنا ، ونظرا للمصير المشترك والآمال المشتركة في مستقبل مشرق يسوده الإخاء والسلم والحق بين مكونات الوطن السوري بعربه وكرده وآشورييه وتركمانه وأرمنه وكل أقلياته وإثنياته ، السلطات السورية إلى التزام خيارات الحق والوحدة الوطنية والاعتراف بحقوق المكونات القومية للدولة السورية ، والإقدام على حل ديموقراطي سلمي للقضية الكردية عبر فتح حوار ديموقراطي مع القيادة السياسية الكردية ، وإلغاء كافة المشاريع العنصرية المطبقة في المناطق الكردية ، وإعادة الجنسية للكرد المجردين منها كمدخل لحل كافة إشكالات الساحة السياسية في سوريا .
وقد أكد اجتماع الهيئة القيادية بإلحاح على فتح حوار بناء بين الأطراف الكردية والعربية والآثورية… السورية ، من أجل الوصول إلى تفاهمات بنيوية تتعلق بمستقبل البلد ، ونعتقد أن هذه التفاهمات في هذه المرحلة المهمة تعزز من قوة ومكانة سوريا واستعادة موقعها الاقليمي وعلاقاتها الدولية .
كما وقفت مطولا على الأوضاع التي يمر بها الشعب الكردي والحركة الكردية ، ورأت أن أهم ما يتوجب عمله في الوقت الراهن ، هو تنقية الآجواء بين الأطراف الكردية ، وفتح حوار جدي هادف وبناء تؤدي إلى قناعات سياسية وتفاهمات مبدئية ورؤى مشتركة ترتبط بمستجدات التطورات السياسية الدولية والإقليمية وصولا إلى بناء مرجعية كردية تواكب تلك التطورات ، لمعالجة حالة التشرذم القائمة وتجاوز ظاهرة الأنانية الفردية والنزعة الحزبية الضيقة ، احتراما لخيارات أبنائنا في دعوتهم الدائمة إلى وحدة الحركة الكردية وخطابها السياسي وتوجهها النضالي .
ورأت في المسار السياسي الذي اتخذه الحزب منذ انطلاقته المباركة في دعم التوجهات الوحدوية والعمل الجماعي المشترك ضمن إطار الحركة الكردية سبيلا صحيحا فيما اذا ارتكز على اسس مبدأية تخدم قضية شعبنا الكردي وحقوقه القومية ومسالتي الحريات العامة والديمقراطية في البلاد ، منطلقين من المسؤولية الجماعية في صون وتقدم حزبنا وأداء واجباته الوطنية والقومية .
أواخر أيلول 2008
الهيئة القيادية
لحزب آزادي الكردي في سوريا