أبو شيرو ليرحمك الله

محمد قاسم

فاجأني الخبر الذي برز في وجهي على موقع ولاتي مه الكريم..
خبر نعي المرحوم عبدالله ملا سليمان (أبو شيرو).
والمفاجأة دائما تكون، لأننا لسنا في حال المعايشة لمضمون الخبر..!

وإلا فقد كنت اعلم انه يعاني من جلطة دماغية كان سقط ضحية لها وهو لا يزال في ارض الوطن -إذا صح التعبير- فلو كان وطنا بالمعنى المألوف لمات على أرضه وهو في حالة كهذه بدلا من أن يموت في ديار وطن يحتضنه مع قصر العهد بسكنه..

ويجفوه وطن مع طول عهده بالسكن فيه..!
مفارقة عجيبة ..ويبدو أنها ستظل عجيبة في ذهنية لا تعرف أن تحكم إلا إذا هلك الآخرون.
 أو الأصح إلا إذا اهلك الآخرين.
فإن الوطن أيضا أصبح سلعة يقرر البعض أن يعتبرك مواطنا أو لا، كما يحلو له .

ولا ادري ما هي المعايير..
هل هي مصالحه الفعلية..؟!
ام مزاجه الذاتي..

وتفاعلات حاله النفسية عبر ما يمتلك من سلطات تمكنه من تنفيذ ما يمليه عليه مزاجه..؟!
وهكذا فنحن مجتمع محكومين بالأمزجة منذ فجر التاريخ في هذه البلاد..وبوتيرة تعلو تنخفض بحسب طبيعة المزاج أو خصائص الخلق ..لدى الحكام..!!
ولا يبدو في الأفق ما يبشر بأننا سنكون أفضل ..

في القادم من العمر..مادامت ذهنية الحكم لدينا هي التخوين والشعارات واليأس من إمكانية التطوير..واستمراء البعض ما هم فيه من الاستئثار بمقدرات شعوبهم كيفيا..
المهم..
أبو شيرو هذا أخ لمناضل بدأ –مع جمع من الشباب- مسيرة النضال القومي الكردي عبر جمعية الشباب الديمقراطي الكردي..في عام 1953 –بحسب رواية الأستاذ محمد ملا احمد -عافاه الله- فقد بلغني انه أيضا تعرض لمرض خبيث في القولون ويعالج منه في ألمانيا..

!
وهو بدوره -وكما أبو شيرو- ذهب إلى وطن احتضنه مواطنا بكل مقوماته وخصائصه القومية دون حرج..

فيما عاش المعاناة في وطنه المفترض سجنا وملاحقات ومضايقات ..لأنه يعبر عن ذاته القومية المغايرة –الكردية-حتى اضطره ذلك إلى مغادرة الوطن..وها هو يواجه احتمال الموت –كما أبو شيرو-في أرض الوطن الذي لم يعش فيه سوى سنوات  قليلة ولكن بواصفات المواطن كامل المواطنية..معيشة وحرية …!
وكما اخبرني احدهم فانه كان يغالب الدموع على الهاتف في مخاطبة مع بعض أقربائه هنا..تعبيرا عن شوقه إلى رحاب الوطن.
وهكذا يبدو أن دورة حياتنا في بلادنا ستكون…
شباب متحمس يحاول النضال من اجل حقوقه الوطنية والقومية والشخصية  بمختلف تجلياتها..وشيخ متعب مكدود من معاناة السجون آو الملاحقات أو المضايقات..

التي يعيشها في كل لحظات حياته..نفسيا على الأقل..
فشبح المضايقة يطارده –حتى في منامه..مادام لا يوجد قانون يحميه من اجتهادات مزاجية لمسؤولين ارتهنوا لأمزجتهم المنحرفة –غالبا – والتي اعتادوها نتيجة ممارسات خاطئة لمقتضيات السلطة.فانحرفوا..

وحرفوا المعنى من السلطة..

والهدف منه..والمسار فيه..!!
أبو شيرو هذا هو أخ للمناضل درويش ملا سليمان.

أو كما كان تلقب ب”الجوهري”
والذي أيضا قتل في ألمانيا –من متطرفين- بعد هجرته إليها، وقد غلبه اليأس من زملاء النضال في العمل الحزبي..

وشظف العيش نتيجة ظروف التضييق أيضا من السلطات، وأمور أخرى -ربما منها بعض أخطائه أيضا..

في الممارسة الحياتية..

فـ”كل ابن آدم خطاء”.
وتبارى زعماء الأحزاب الذين أشبعوه اتهامات ليمدحوه بعد موته في كلمات على -المقبرة-…!!
وكأنما هذه الزعامات الحزبية قد امتصت روح الأسلوب الذي تمارسه السلطات في بلادي..فهي تعيش التهافت وتبادل الاتهامات ..عندما يكونون أحياء،ولكنهم يوصفون  بأفضل الصفات بعد أن يموتوا..يا لمهزلة الخلق الذي افرزه نضال يفترض أن يكون أساسه وأركانه الأخلاق بسب طبيعة النضال..ومشاق دربه الطويل ..!
ولقد أحسن أبو شيرو في محاولة تعليم أولاده في ظروف معيشية ليست سهلة..فقد كان ممرضا يعمل في  صيدلية مأجورا ..

ويلتقط ما يمكنه من الرزق هنا وهناك ..وقد نجح إلى حد بعيد..ولكن المشكلة في هذه الحياة أنها لا تعطينا أشياء جميلة معا..

وإنما بنوع من التقسيط..فما كاد ينتهي من تربية أولاده وتعليمهم حتى تهالك عمرا وبدأت الأمراض تتسلل إلى جسده..ومنها بعض صمم ..ثم الجلطة التي أنهكته وأودت بحياته في ديار الغربة..!
رحمه الله.
ورحم كل الذين قدموا في حياتهم ما استطاعوا إليه سبيلا إلى شعوبهم وأوطانهم والإنسانية عموما..
وتعزية حارة لذويه هناك في أوروبا وهنا في القامشلي وعلى رأسهم الأستاذ الكريم صالح ملا سليمان -المشهور بـ “الأستاذ صالح عمر”.

ودعوة للجميع للاتعاظ في كل اتجاه –ما أمكن.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…