المرجعـية الكردية بين الوهـم والواقـع

  دنكي كرد*

لعل الاستفادة من عبر ودروس التاريخ وقراءتها بشكل متأن وهادئ تعتبر  إحدى  الوسائل  والركائز للعبور  إلى المستقبل مروراً بالحاضر وترسم ملامح المرحلة  المقبلة بعقلانية تامة  وتفتح الآفاق مشرعة أمام طموحات وأدوار إستراتيجية هامة وذلك لمواكـبة العصـر والتفاعـل معه والتخلص من أفكار وشوائب خلفتها لنا الأنانية المفرطة  وقدسية  الروح الفردية وأمراض أخرى لا حاجة لذكرها هنا.
ولعلنا قد تعلمنا الدروس من الماضي القريب بأن لا نكرر أخطاء الأمس المميتة  ونحملها  لغيرنا  تارة  باسم  المركزية  الديمقراطية كقميص عثمان وتتبعاتها من برامج سياسية مختلفة والبعيدة عن العلم والتطور وأخرى باسم عدم قدرة أحزابنا  القيام  بدورها  العملي الملموس  ونفقد  الأمل كما ورد في المثل الشعبي  الكردي ( الخروف الذي يفقد أمه مبكراً  لا يمكن أن يكون كبشاً مميزاً كما يجب) .
وينبغي على سياسيي ومثقفي هذه الأمة المضطهدة والمحرومة بأن يبقوا قدوة حسنة لهذا الشعب التواق للحرية وأن يقرءوا الحاضر ويبنوا المستقبل لكي لا نُرجمهم الأجيال القادمة باللعنات و الألفاظ البذيئة و يضرب فيهم المثل ولكي نسير قدماً نحو طموحاتنا  الأكثر  واقعية  وتأثيراً  ولأن السياسة فن الممكن وأن الآفاق مفتوحة نوعاً ما أمامنا وهناك مستجدات ومتغيرات دولية حاصلة لابد منها ينبغي أن نواكبها ونستفيد منها بأسرع ما يمكن من الوقت وأن نستيقظ مبكراً من السبات  العميق  ونحدد آلياتنا ونوحد صفوفنا وتكون سقف مطالبنا  عادلة  وموحدة  وأكثر  ديمقراطية  في الممارسة بين بعضنا البعض ونعطي الأولوية لمرجعية تجمعنا ونستوعب المستجدات بعمق ونتخلص من الأزمة النفسية التي تحل بنا وذلك لتأدية واجبنا القومي وبما أننا متفقون في الداخل والخارج على هذه المرجعية رغم التباينات فلماذا التأخير والمراوغة والتباطؤ ؟ ولماذا الاختلاف على الجزئيات بما أن الجميع قلبه على شعبه وأن الجميع يدعون بالديمقراطية ؟ .
   ينبغي أن نرتب البيت الكردي من خلال التعاون الجاد لأنها غدت مطلباً ذات أهمية أساسية وإستراتيجية في هذه المرحلة وإلا قد يفوتنا قطار الوقت ونصبح لقمة سائغة متفرقين وتنعكس ذلك على سلوكياتنا وبالتالي على قضية شعبنا دون أن نحقق الأمل المنشود .

 ونقول أخيراً كفانا العبث بمصير هذا الشعب مقابل مطلب ذاتي وآني يحقق  الطموح الفردي  ولا يخدم  القضية وكفانا الكلام المعسول في طواحين الهواء.
   ونطالب الرجوع إلى العقل والمنطق ونضيء درب الحقيقة ولنحقق حلمنا في وطن يسوده العدل والمساواة  ويجمعه التعددية والديمقراطية والسلم ولنكوّن تراثاً معبراً وأنشودة  لأجيال  قادمة تحيي الصداقة  والعيش المشترك بأمان وإخلاص .


  وتقدس الإنسان وترمي الأحقاد والمنازلات جانباً ولنكون أمة فاعلة ومثالاً لأمم تختار السلم والحياة .
——
* يصدرها الحزب الديمقراطي الكردي السوري (P.D.K.S) – العدد (222) آب 2008
 

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي في السنوات الأخيرة، بات من الصعب تجاهل التحوّل المتسارع في نبرة الخطاب العام حول العالم . فالعنصرية والكراهية والتحريض عليهما لم تعودا مجرّد ظواهر هامشية تتسلل من أطراف المجتمع، بل بدأت تتحول، في أكثر الدول ديمقراطية ولم يعد ينحصر في دول الشرق الأوسط ( سوريا . لبنان – العراق – تركيا – ايران وو .. نموذجاً ) وحدها…

ياسر بادلي ليس اختيارُ الرئيس العراقيّ السابق، برهم صالح، مفوّضاً سامياً لشؤون اللاجئين حدثاً عابراً يمرّ على أطراف الأخبار؛ بل هو لحظةٌ ينهضُ فيها تاريخُ شعبٍ كامل ليشهد أن الأمم التي صُنعت من الألم تستطيع أن تكتب للإنسانيّة فصلاً جديداً من الرجاء. فالمسألة ليست منصباً جديداً فحسب… إنه اعترافٌ عالميّ بأنّ الكورد، الذين حملوا قروناً من الاضطهاد والتهجير، ما زالوا…

المحامي عبدالرحمن محمد   تتواصل فصول المسرحية التركية وسياساتها القذرة في الانكار والنفي للوجود التاريخي للشعب الكوردي على ارضه كوردستان، ومحاولاتها المستمرة لالغاء ومحو كلمتي كورد وكوردستان بوصفهما عنوانا للهوية القومية الكوردية والوطنية الكوردستانية من القاموس السياسي والحقوقي والجغرافي الدولي، سواء على جغرافيا كوردستان او على مستوى العالم. تارة يتم ذلك بحجة وذريعة الدين (الاسلام)، وتارة اخرى باسم الاندماج والاخوة،…

  إبراهيم اليوسف وصلتني صباح اليوم رسالة من شاعرة سورية قالت فيها إنها طالما رأتني وطنياً لكنها تجدني أخرج عن ذلك، أحياناً. رددت عليها: صديقتي، وما الذي بدر مني بما يجعلك ترين وطنيتي منقوصة؟ قالت: أنت من أوائل الناس الذين وقفوا ضد ظلم نظام البعث والأسد. قلت لها: ألا ترينني الآن أقف أيضاً ضد ظلم السلطة المفروضة- إقليمياً ودولياً لا…