فلنتذكر الارقام القياسية في التصريحات المسؤولة، أيضاً.. !!.

علي شمدين*

لاشك ان المطالبة بتنفيذ المادة (140) من الدستور العراقي الذي صوت عليه الشعب العراقي بمختلف اطيافه القومية والدينية والسياسية  ، والمتضمنة المبادئ الاساسية لحل النزاع القائم حول المناطق المقتطعة من كردستان (كركوك ، خانقين ..)، قد اثارت موجة من الاحتجاجات لدى الفئات الشوفينية المشبعة بالحقد العنصري الذي ورثته عن النظام البائد، و التي اخذت اشكالا مختلفة بلغت ذروتها في يوم ( 22/7/2008 ) عندما قام فلول (البعث) ، ومريدي (القاعدة) الذين وصلوا الى قبة البرلمان عبر قطار الديمقراطية التي ينعم بها عراق اليوم ، بمحاولة الانقلاب على الدستور وعلى البرلمان وعلى العملية السياسية القائمة على مبدأ التوافق بين جميع القوى والكتل السياسية الفاعلة على الساحة السياسية
وذلك بتمرريها لقانون (24) الخاص بانتخابات المحافظات والمجالس المحلية، وذلك في غياب كتلة التحالف الكردستاني ، وعدد من الكتل البرلمانية الاخرى التي انسحبت من تلك الجلسة احتجاجا على تلك المؤامرة الانقلابية على روح الدستور الهادفة الى اجهاض المادة ( 140 ) منه واستنفرت معا لاعادة العملية الدستورية الى نصابها الصحيح ، الامر الذي دفع بمجلس الرئاسة ايضا الى رفض هذا القانون ورده الى البرلمان ..
الا ان تلك الفئات الحاقدة على كل مكسب كردي، لم تركن الى منطق العقل والحوار في الاطار الدستوري ، وانما تابعت احتجاجها خارج السياق الدستوري الذي ينظم العملية السياسة ، وخارج مبدأ التوافق الذي يفترض عدم اللجوء الى منطق لي الاذرع أو محاولة تهميش اي مكون من المكونات الاساسية للعراق التعددي الفيدرالي، فاطلق هؤلاء العنان لابواقهم الاعلامية المضللة للتشويش على الحقائق والتحريض ضد المكون الكردي الذي يشكل القومية الثانية في البلاد واتهامه بالانفصالية وغيرها من الاتهامات التي ابتدعها ملهمهم المقبور وجوقته الاعلامية التي قادها ( العلج / الصحاف)، وخرجت فلولهم في النجف الى الشوارع مصفقة لتلك الاضاليل والاكاذيب، كما تطوعت ميليشياتهم لتفجير نفسها بين اهالي كركوك المتظاهرين احتجاجا على القرار (24)، والمطالبين بتنفيذ المادة (140)، ورش المتظاهرين بالرصاص الحي ..
وبعد ان فشلت محاولاتهم تلك في تحقيق اهدافها اللئيمية في اجهاض الانقلاب على الدستور ، امام صلابة الموقف الكردي المستند الى الدستور والمحصن من جانب شعب كردستان ، والمتآزر مع الحلفاء من الكتل البرلمانية الاخرى ومن الشخصيات الوطنية العراقية المخلصة لدماء شهداء العراق اليمقراطي الفيدرالي التعددي ، والحريصة على ابعاد شبح الدكتاتورية والاستبداد، والساعية الى توفير الامن والاستقرار للتفرغ لعملية البناء والاعمار وتوفير مستلزمات المواطنين ، فاضطرت تلك الفئات الحاقدة الى اثارة فتنة اخرى لحجب الاضوء عن مسالة كركوك ، فارسلت ما تسمى ببشائر (الخير) نحو خانقين الآمنة والتي تعد نموذجا للتعايش والتآخي والسلام ، لتفتعل الفتنة واثارة الشر ومحاولة دفعها نحو ازمة كادت ان تنفجر لولا عودة المخلصين منهم الى منطق العقل والحوار وسحب تلك الـ(بشائر) التي لم تظهر اي (خير) بوصولها الى خانقين ، سوى تفريغ حقد مسؤوليها الذين فشلوا في تمرير القانون (24) السئ الذكر ..


فتحطمت تلك الفتنة على صخرة مواقف العشرات من المخلصين من العرب الاصلاء في منطقة خانقين ، امثال السيد  احمد محمد حمودي  رئيس عشيرة (الحيالة) الملقب بـ(ابو رياض) ، والذي عبر عن موقفه تجاه  المؤامرات التي تفتعلها جهات شوفينية ضد تطبيق المادة (140) ، بقوله : (انا مستعد للاستشهاد في سبيل عودة هذه المناطق المستقطعة الى احضان كردستان) ، فاذا كان هذا العربي الاصيل يبدي استعداده للاستشهاد لاثبات كردستانية المناطقة المستقطعة، فان الكاتب العراقي المعروف و العربي الاصيل عبدالمنعم الاعسم هو الآخر لم يتردد في الادلاء بشهادته حول كردستانية كركوك ، معتمدا على حقائق التاريخ والواقع الميداني الذي عايشه بنفسه ، ويعرض شهادته الموضوعية على صفحات جريدة (الاتحاد) وعبر (6) حلقات ، اعيد نشرها أيضا  في (الانصات المركزي) ، حيث يبين الكاتب كيف ان الاكراد يشكلون غالبية سكان (كركوك) ، بينما العرب لم يكن لهم وجود يذكر ، فيقول في شهادته : ( ما كان العرب في كركوك ، حتى منتصف السبعينات من القرن المنصرم ، يشكلون نسبة سكانية لها شأن ..) ، ويتحدث ايضا عن عمليات تهجير الكرد وغيرهم ، و دوافع واسلوب توطين العرب مكانهم ، ويتحدث عن عملية التهجير والتغيير الديموغرافي في كركوك ، مقدما شهادته قائلا : (  تم حشر ما يصل المليون من السكان العرب في حدود مدينة كركوك وتهجير ما يعادلهم من الكرد والتركمان والكلدو آشوريين ، حيث كانت حصة الكرد منه ثلاثة ارباع ..، واجبر الالاف من العائلات الكردية والتركمانية على التخلي عن انتمائها القومي ..).
فاذا كان الشوفيون قد سجلوا رقما قياسيا في اطلاق التصريحات اللامسؤولة (على حد قول الاستاذ الكريم مصطفى كريم) تجاه كردستانية (كركوك ، خانقين ..)، فان (الاعسم) بشهادته ، و(ابو رياض) باستعداده للاستشهاد من اجل الحاق المناطق المقتطعة بكردستان ، انما هم ايضا يسجلون بمواقفهم المسؤولة رقما قياسيا آخرا، وانما في مجال الاخلاص للمبادئ الانسانية، واحترام الدستور، وحماية التآخي الكردي العربي الذي تعمد بالدماء الذكية في مقارعة الددكتاتورية والاستبداد، وانارة شعلة الحرية في هذا العراق الذي لابد وانه سيظل ديمقراطيا تعدديا وفيدراليا ، جحد الحاقدون ، وتعنت الشوفينيون ..

————-

* كاتب كردي من سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…