بلاغ صادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)

اجتمعت اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) في أوائل ايلول 2008، وتدارست جملة من القضايا السياسية العالمية الإقليمية والوطنية، وواقع الحركة الكردية في سوريا وإعلان دمشق .
فعلى الصعيد العالمي رأت اللجنة المركزية انتشار الأنظمة الديمقراطية في العالم بشكل لافت، وانحسار الأنظمة الاستبدادية والشمولية وتراجع وانتفاء مبررات ديمومتها واستمراريتها (على الصعد الداخلية لأوطانها) مع استمرار الحاجة الدولية (المصالح الدولية) لاستمرار تلك الأنظمة حتى الآن .
وكذلك لاحظت ازدياد الاهتمام الدولي بقضايا الشعوب والقوميات وقضايا حقوق الإنسان والحريات العامة بشكل مستمر ومتصاعد الأمر الذي يخلق ارتياحاً لدى الشعوب التي ابتليت بالأنظمة الاستبدادية .

وعلى الصعيد الإقليمي : لاحظ الاجتماع حصول تطورات متعاكسة إلى حد التناقض، ففي الوقت الذي طرأ تطور مهم على بعض الملفات فإن البعض الآخر يشهد تصعيداً شديداً عليها، فقد شهدت الساحة اللبنانية انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، ورغم هذه الخطوات المهمة والتي تعتبر بحد ذاتها انفراجاً نسبياً، إلا أن الأوضاع الداخلية لازالت محتقنة بشدة في العديد من المناطق وتنذر بعواقب وخيمة قد تمتد خارج الحدود إن لم يتعامل معها بمنتهى الحكمة .
وكذلك شهد المسار السوري الإسرائيلي عدة جولات من المفاوضات غير المباشرة وبرعاية تركية وتؤكد جميع الأطراف (سوريا – إسرائيل – تركيا) أن هذه المفاوضات إيجابية وأن إمكانية تطورها إلى مفاوضات مباشرة باتت ممكنة بعد توفر الأرضية اللازمة لها (حسب اعتقاد الطرفين).


وكذلك العلاقات السورية الاوربية من خلال فرنسا قد شهدت انفراجاً نسبياً خاصة بعد الزيارات المتبادلة للرئيسين الأسد إلى باريس وساركوزي إلى دمشق، ورأت اللجنة المركزية أن استمرار هذا الانفراج بل وتعزيزه وتطويره مرهون بموقف سوريا من عدد من الملفات منها (الملف اللبناني – الفلسطيني – المسار السوري الإسرائيلي – والملف الإيراني) وأن المطلوب من سوريا (أوربياً ودولياً) إما إقناع إيران بالتخلي عن تخصيب اليورانيوم أو اتخاذ موقف ينسجم مع المجتمع الدولي وهذا يعني فك الارتباط (التحالف) الإيراني السوري وقد كان تصريح ساركوزي في دمشق بصدد ملف إيران النووي واضحاً وكان رسالة مزدوجة موجهة إلى كل من سوريا وإيران وليس إيران وحدها وهو يعني أن على سوريا إذا أرادت التواصل الحقيقي مع المجتمع الدولي (خاصة الأوربي) فعليها أن تحدد موقفها من الملف النووي الإيراني بما ينسجم مع المواقف الأوربية .
وفي الوقت الذي يشهد الملف السوري انفراجاً ولو مؤقتاً بانتظار الترتيبات الجديدة في المنطقة، فإن الضغط الدولي خاصة الأمريكي والأوربي على إيران يزداد شدة وحدة وبات الخيار العسكري لحل هذا الملف إن استمر الموقف الإيراني عما هو عليه أكثر احتمالاً .
وقد لاحظ الاجتماع تراجع حجم ونوعية العمليات الإرهابية في العراق عموماً وكردستان العراق خصوصاً، وقد أبدى الاجتماع ارتياحه من تطور الأوضاع في إقليم كردستان سياسياً – اقتصادياً – إعلامياً، كما أكد الاجتماع على ضرورة التزام كافة القوى السياسية العراقية بروحية ونص الدستور العراقي والذي يعتبر المادة (140) إحدى أهم تلك المواد والتي تتعلق بحل قضية كركوك وكافة المناطق المتنازع عليها، كما أبدى الاجتماع تأييده الكامل للنظام الفيدرالي في العراق وفيدرالية إقليم كردستان العراق، وكذلك تأييده الكامل للسياسات الحكيمة والرشيدة والجريئة للرئيس مسعود البارزاني تجاه مجمل القضايا الوطنية والإقليمية والدولية .
أما على الصعيد الداخلي فقد أكد الاجتماع أن الأوضاع تزداد تدهوراً في العديد من المجالات فعلى الصعيد الاقتصادي حيث الغلاء الفاحش والجنوني في أسعار معظم السلع الأساسية (المواد الغذائية – الوقود – وخاصة المازوت) ونتائجها الكارثية على حياة المواطن ومعيشته وعلى الأمن الغذائي في البلاد والذي أثر سلباً وبشكل كبير في معظم الفعاليات والأنشطة الاقتصادية في سوريا وبالتالي على حياة المواطنين وخاصة المناطق الكردية والتي يعتمد نشاطها الاقتصادي بشكل رئيسي على الزراعة وتأتي السياسات الاقتصادية للدولة تجاه هذه المناطق من انتشار للبطالة وانعدام للبنية التحتية وافتقار للمعامل والمصانع والمنشآت المتعلقة بتوفر المواد الأولية وارتفاع تكليف الإنتاج الزراعي بشكل باهظ كل ذلك خلق وضعاً اقتصادياً مأساوياً في المناطق الكردية مما دفع بعشرات الآلاف من السكان خاصة في منطقة الجزيرة إلى الهجرة الاضطرارية إلى الداخل السوري وإلى الخارج  .
كما أكد الاجتماع أن هناك تصعيداً ملحوظاً باتجاه المزيد من القمع والتنكيل والاعتقال من قبل السلطات للقوى السياسية الوطنية والديمقراطية، وما استمرار اعتقال ناشطي إعلان دمشق للتغيير الديمقراطي واعتقال عدد من القيادات والشخصيات الوطنية الكردية في الآونة الأخيرة والاستجوابات الأمنية المتكررة للعديد من النشطاء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان والمجتمع المدني إلا أحد أهم تعبيرات هذا التصعيد والذي يتناقض تماماً مع المصلحة الوطنية العليا ومع ما هو مطلوب داخلياً، فتحصين الوضع الداخلي يعتبر الركيزة الأهم لأي تحرك خارجي قوي وفاعل ومؤثر وهذا يتطلب انفتاحاً عاماً وشاملاً وحواراً بين السلطة والقوى الوطنية الديمقراطية على قاعدة التكافؤ والشراكة في الوطن بعيداً عن الهيمنة والاستئثار والمشاركة الفعلية في رسم سياسات البلد الداخلية والخارجية بغية تحقيق إصلاحات سياسية واقتصادية وإدارية حقيقية عميقة وجذرية وشاملة تحقق الوحدة الوطنية على قاعدة التكافؤ وتمتع كل مكون من مكونات المجتمع السوري ومن ضمنه المكون الكردي بحقوقه القومية كاملة ضمن إطار سوريا الديمقراطية .
وعلى صعيد الحركة الكردية أكد الاجتماع على ضرورة استمرار بذل المساعي والجهود للوصول إلى مركز قرار كردي مشترك (مرجعية سياسية) والذي بات مطلباً ملحاً واعتبار الرؤية المشتركة المتفق عليها الركيزة للخطاب السياسي الكردي الموحد وإن الحاجة إلى تمثيل سياسي لهذه الرؤية باتت أمراً غير قابل للتأجيل، وأكد الاجتماع على أن الهدف الأساسي للحزب هو الوصول إلى مرجعية شاملة وإن تعذر تحقيق ذلك بعد بذل كل الجهود المطلوبة فإن تحقيق مرجعية تضم أكبر عدد من الفصائل الكردية يبدو أمراً مقبولاً ويجب العمل من أجله، وحددت اللجنة المركزية عدداً من الخيارات والآليات لتحقيق هذه المرجعية .
– على صعيد العلاقة مع القوى الوطنية الديمقراطية وخاصة إعلان دمشق أبدى الاجتماع ارتياحه من تلك العلاقات وضرورة تطويرها وتعزيز الثقة بين أطرافها
– على صعيد الحزب : أبدى الاجتماع ارتياحه من التطور الذي طرأ على الحزب على الصعد الإعلامية – السياسية والعلاقات مع القوى الكردية الوطنية وعلى اهتمامها المتزايد بتطوير أداء الجالية الكردية في الخارج ، واعتبر أن هذا التطور ما هو إلا خطوات أولية باتجاه تعزيز دور الحزب وإن هذه الخطوات ستتعزز ببذل المزيد من الجهود والمزيد من العمل الهادف والمتناسق لتطوير تلك الخطوات والبناء عليها .
وفي الختام عاهد الرفاق على استمرار النضال والدفاع عن الشعب الكردي وقضيته على نهج البارزاني الخالد مهما كلف ذلك من تضحيات
أوائل أيلول 2008
اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سـوريا (البارتي)

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…