هل تحتاج الحركة الكردية في سوريا الى مجلس وطني في المهجر او داخل الوطن ، وما ظروف تاسيس هكذا مجلس ومقوماته ، وما هو البدائل التي لابد منها من اجل ان تتمكن الحركة الوقوف على قدميها ، واثبات وجودها ، وهل انتظار الفرص و التململ يؤهلها القيام بواجباتها الوطنية والقومية ، ام انها تريد ان تستمر في طراز الحركة الكلاسيكية التي تظن بانه لايمكن الاستغناء عنها ، لانها صاحبة تاريخ نضالي طويل استمر نصف قرن ، والشعب الكردي لايتجاوز ماضيه ؟.
يعتبر واقع الحركة الكردية في سوريا من اصعب واحلك الظروف لانشاء حركة او التحرك وفق مسميات قومية ووطنية من جهة ، وهي تملك في الكثير من الظروف احسن الحالات منها في الاجزاء الاخرى من جهة اخرى ؟
لان الحركة السياسية في سوريا ممنوعة بشكل رسمي ، والدولة تعارض تشكيل اية اتحاد سياسي علني ، ولكنها في نفس الوقت مضطرة للتعامل مع هذه التشكيلة السياسية عندما يصبح امرا واقعا ، لان السلطة تتعامل مع جميع الاحزاب الكردية على قدم المساوات ولا يمكننا انكار هذا ، لابل انها تجتمع بهم بشكل دوري تناقشهم على ظروف عملهم السياسي ، وهذا يعني انها تعارض البناء ولكنها تستسلم للواقع ولا تهدم هذا البناء في حالة اكتماله ، بل تقوم بمحاولاتها المعروفة من احتواء او تضيق الخناق على ساحة نضالها ، واخذ التدابير لمنع تطورها ، وهذه من واجبات السلطة ، ولانستطيع الطلب منها على مساعدتنا وتطوير عملنا النضالي ؟
ان تطور الحركة الكردية في الاجزاء الاخرى كانت باشكال مختلفة ، لان تاسيس اي تنظيم سياسي يعرضك للاعتقال والسجن وقد يصدر بحقك الاعدام ، لذا تضطر اصحاب هذا التنظيم اما الى حمل السلاح والخروج الى الجبال او الى خارج الوطن والاستعداد لشن حملات عسكرية على النظام ، الامر الذي لم يكن بمقدور الكثيرين ويتطلب اكثر من التضحية لانجاح هذا التنظيم وترسيخها في القاعدة الجماهيرية ، وان لم تكن هناك دعم خارجي لتعرض مثل هذا التنظيم الى الفناء في غياهيب السجون او على اعواد المشانق ، اما الحالة السورية فتعتبر مختلفة جذريا ولديها عوامل مساعدة للتطور والاستمرار في النضال وان كانت بوتيرة ضعيفة .
ومن جهة اخرى فان الحركة الكردية الفقيرة بامكانياتها المادية والمعنوية ( وهذا يعود الى ظروفها السياسية والجغرافية والثقافية ) لاتستطيع ان تقفز فوق المراحل او ان تنتج طفرة نوعية في تنظيمها وحركتها النضالية ، وتبقى في مستوى اقل من المستوى المطلوب منها ، لابل تحتاج الى الدفع والحماس من طرف الجماهير الشعبية والظروف الدولية للعب دورها ، وبما ان علاقاتها الخارجية معدومة وتمويلها معدوم وامكانية تغير الطراز النضالي معدوم ، فانها تعاني من التجديد والتطور وفق متطلبات المرحلة المعاصرة ، وتكتفي بان يبقى لها صوت من بين الاصوات علّ وعسى ان يباركها الرب بمشيئته في فتح المجال الواسع لتطورها وقيامها بادارة مجتمعها الكردي في سوريا ، وان لم يكن نظرتها واضحة في كيفية ادارة المناطق الكردية او منطقة كردستان سوريا ، الا انها تنتظر مشيئة الرب للاعلان عن اهدافها الحقيقية في الادارة الذاتية او الحكم الذاتي لكردستان سوريا .
المجلس الوطني او مؤتمر الوفاق الكردي السوري ضرورة تاريخية ومرحلية مهمة بالنسبة للحركة ، ولكن يبدو ان الحركة السياسية في سوريا تحتاج الى قوة دفع من الذين هم بعيدين عن الحركة السياسية الكردية ، للتفكير بهذه الضرورة ، او ان يقوم الجماهير الشعبية بالضغط وتحفيزها على تحقيق هذا المطلب ، والا فان الحركة الكردية لن تتحرك من تلقاء ذاتها ، او بمعرفة من مهمتها التاريخية الملقات على عاتقها ، انها مرض حركتنا السياسية في سوريا ، حتى ان الذين يظهرون انفسهم راديكاليين ايضا يريدون ان يقتاتو على فتات الغير ، ولم تظهر منهم مثل هذه المبادرة لانهم في الاساس ينسون المصالح العليا ويعتمدون على المصلحة الحزبية الضيقة ، ورفع الشعارات البراقة كلاميا وليس في البرنامج السياسي للحزب .
ان الظروف الدولية والضغوطات العديدة على كل من النظام السوري والحركة الديمقراطية في سوريا ، يفرض ان تقوم الحركة الكردية بتغيرات جدية في بنيتها النضالية والتوسع وتوسيع نضالها لتشمل العالم الخارجي ، بعدما كانت اسيرة الداخل السوري او اسيرة محافظة او منطقة واحدة في سوريا ، وعليها ان تعرف بان القضايا الانسانية لم تعد قضية فلان او علان ، بل تم عولمة وتدويل كافة القضايا الراهنة في العالم ، وان شئنا ام ابينا فان العلم الخارجي سيهتم بالقضية الكردية في سوريا ، وسيتجه الى مرجعيتها الشرعية عن طريق مجلسها الوطني او مؤتمر وفاق التيارات الكردية ، او اي اسم اخر ، ويجب ان نعلم بانها لن تتجهة الى احد الاحزاب او الشخصيات لمعرفة متطلبات هذه القضية ، لذا علينا نبذ المصالح الضيقة والحزبوية والفئوية والشخصية ، وعلينا ان نعرف بان انشاء مرجعية كردية في سوريا هي ضرورة حتمية ولا يمكن القفز عليها ، والا نكون قد ضيعنا ليست فرصة , بل ضيعنا القضية .