حوار مع الأستاذ حسن صالح السكرتير السابق لحزب يكيتي الكردي في سوريا

  حاوره زارا سيدا

1.

يعرف عن الأستاذ حسن صالح أنه المناضل العنيد , وذهب البعض في وصفه إلى “الزعيم الكردي” .

ما سر هذه الكاريزما لديكم ؟

طالما أننا أصحاب حقوق مهضومة ونتعرض للإقصاء و التجاهل , فمن واجبنا أن نناضل بعناد , فالحقوق تؤخذ بالنضال الجاد والمتواصل والصادق ,وأنا أحزن كثيراً على عشرات السنين التي مضت على اضطهاد شعبنا , كان مستوى نضال حركتنا السياسية محدوداً جداً, إن علينا تسريع الخطى وتصعيد النضال بشكل يومي لننجز مهامنا في مدة قصيرة  لاسيما و أن المرحلة تناسبنا والظروف الموضوعية أفضل من السابق.أنا لا أبتغي من نضالي سوى أداء واجبي تجاه شعبي  وتجاه محيطي وتجاه الإنسانية , وإنني أشعر بأنني أساهم في هذا الشيء حالياً , لذلك أشعر براحة الضمير , ومن الطبيعي أن أدائي لواجبي النضالي يأخذ حيزاً كبيراً من وقتي وطاقتي ويكون على حساب قلة الاهتمام بوضعي الشخصي والعائلي  ..

وقع هذا مهما كانت المعاناة ..

فلذة الشعور بأداء الواجب هي المفضلة لدي.
1.

كنتم ممن قاد أول تظاهرة أمام البرلمان السوري عام 2002 مع الأستاذ مروان عثمان .استقبلكم آنذاك رئيس مجلس الشعب (عبد القادر قدوره) في البرلمان.

ماذا أفادت القضية تلك التجربة برأيكم ؟

الإتحاد قوة, و قوتنا آنذاك جاءت من الإرادة الصادقة , وبعد عقود من الاضطهاد والظلم , تعرض فيها شعبنا وقوى المعارضة في البلاد إلى القمع والتنكيل وصل إلى درجة الاعتقالات الطويلة والإعدامات والتصفيات الجسدية, وكانت مظاهرتنا السلمية في تلك الفترة بمثابة مغامرة ومخاطرة وكنا نتوقع أكثر من الاعتقال , وبرأيي كان الظرف مناسباً نظراً لسيادة التفكير العالمي الجديد وبروز العولمة بمظاهره الشاملة, والتطورات الإقليمية.

لقد نجحنا في تنفيذ المظاهرة السلمية ورفعنا الشعارات و وزّعنا بياناً في الشارع , وحاورنا قدورة ,ونقلت وسائل الإعلام ما حدث  والأهم من كل شيء  هو بدء كسر حاجز الخزف والتردد , وبدء طرح قضيتنا قضية أرض وشعب على الصعيد السوري والإقليمي والعالمي , ومهد هذا إلى المزيد من الأعمال النضالية لعل من أبرزها الانتفاضة الكردية في آذار 2004 , والانتفاضة الواسعة في قامشلو إثر اغتيال الشيخ الشهيد معشوق خزنوي.
كما أدى ذلك إلى نشاطات نضالية هامة قامت بها الجالية الكردية على الساحة العالمية , وخاصة في أوربا ,وأصبح بإمكاننا أن نفتخر بخصوصيتنا النضالية في كردستان سوريا.

2.

  
تعرضتم إثر قيادة تلك المظاهرة (10-12-2002) للاعتقال, ماذا أضفى الاعتقال لذاتكم السياسية ؟

بتعرضنا للاعتقال شعرت مع الأخ مروان عثمان , بالفرح والاستقرار النفسي , ومما زاد من غبطتي هو الاحترام والتقدير الذي كنا نتلمسه  من السجناء الكرد وحتى من غيرهم ,كما اضطلعنا على واقع السجون والفساد المستفحل والأحكام الجائرة , ولاحظنا وجود آلاف من المظلومين في سجن واحد ولا أبالغ إذا قلت بأنني كنت سعيداً في السجن لأن جماهير شعبنا باركت عملنا , وانتعشت قضيتنا إعلامياً وتعززت الآمال بإمكانية تطوير وتصعيد النضال وانتزاع الحقوق, إن الحياة لا معنى لها إذا لم يساهم المرء في إغنائها بالنضال على كافة الأصعدة.
لقد ازدادت ثقتي بنفسي وحزبي وشعبي .

3.

أثناء استلامك مهام السكرتارية في يكيتي, شهدت المناطق الكردية عدة مظاهرات جماهيرية .

ما الذي دفعكم لنقل ساحة المواجهة مع النظام من العاصمة – بكل سطوتها الدبلوماسية والإعلامية – إلى المناطق الكردية النائية ؟

التطورات المتلاحقة بعد مظاهرتنا الأولى هي التي فرضت نفسها , فبعد عودتنا من سجن عدرا جرى استقبال جماهيري كبير لنا في حي (زور آفا) بدمشق وفي قامشلو , وتحول إلى تظاهرة تندد بالظلم والقمع , وتمجد شعبنا وحقوقه المشروعة, كما تحولت خيمة الاستقبال في قامشلو إلى مهرجان خطابي كبير استقطب الجماهير وقواها السياسية وكافة الفعاليات , مما شكل تحدياً علنياً للسياسة النظام وقمعه , وهذه العلنية والجرأة رفعت معنويات شعبنا لكن النظام شعر بالإحراج , فبادر إلى ضربه استباقياً لوأد النهوض الجماهيري في مهده , كي لا يشكل سابقة في سوريا قد تتوسع وتشمل جميع قوى المعارضة , وهكذا بدأت أحداث الملعب والانتفاضة والمظاهرات المتكررة في مناطق كردستان سوريا وفي العاصمة.
إن النشاط في المناطق الكردية يؤكد حقيقة العمق الجماهيري لقضيتنا وحقيقة الوجود القومي الكردي .


على أي حال النضال ضروري في كافة الأماكن, وسائل الإعلام تبحث عن الخبر الساخن أينما يحدث,وهذا من حسنات العولمة, التي تكشف عورات الظالمين وتفضح انتهاكاتهم الفظة لحقوق الإنسان.

4.

في حوار معكم قلتم ” التعويل على أدوات غاندي في الاعتصام والمظاهرات , سوف يؤتى بالمعجزات , وينقذ مجتمعنا من ويلات الحرب والدمار” .

هل لازال تعويلكم هذا قائماً إلى الآن ؟

نعم أنا مؤمن تماماً بالنضال السلمي الديمقراطي الحضاري بعيداً عن العنف والإرهاب, لأن تجارب الشعوب أثبتت عقم الحروب وسفك الدماء ,لقد حان الوقت لتتخلص البشرية من الآثار المدمرة للحروب العبثية , إن العنف لا يولد سوى العنف, والإنسان كأن مقدس وذو مؤهلات راقية وينبغي تحريم الاعتداء عليه لأي سبب كان, حيث القوانين الدولية واللوائح العالمية لحقوق الإنسان,يجب أن يعمل بها لصالح البشرية جمعاء, وأما الحقوق المغتَصبة والمنتهكة فيجب استردادها عن طريق الحوار والنضال الديمقراطي الجاد (مسيرات – اعتصامات – مظاهرات – عصيان مدني …) ورغم أن الأنظمة الاستبدادية والأمنية تجابه هذا النضال بالقمع وسفك الدماء في كثير من الأحيان, لكن لا مفر من الاستمرار في هذا النضال لأنه حضاري ويحظى بتأييد جميع أحرار العالم والمنظمات الإنسانية, و بالتالي فهو الخيار الأرقى و الأقل خسارة, ولا بد من إتباعه ومستقبله مضمون حتماً.

5.

تحدثتم في نفس الحوار أيضاً عن وجود ” الحرس القديم في المعارضة ” .

هل هو موجود لديكم أيضاً – في يكيتي – , وهل أنتم جزء منه ؟

الحرس القديم لا ينطبق على يكيتي,لأن الالتزام بنهج مؤتمر إعادة البناء (المؤتمر الثالث عام 2000) لا يزال قائماً ويتميز بالجدية والوضوح والثوابت القومية والنضالية , وكل من يفكر في الخروج عنه سوف يجابه من قبل قواعد الحزب حتماً .

6.

ظهر مؤخراً على الملأ خلافات و مشاكل في منظمات حزبكم في أوربا , ما حقيقة الصورة هناك, وهل هي صورة عن خلافات الداخل  -كما يتسنى للبعض وصفه- ؟

مشاكل منظمتنا في أوربا قديمه ومستمرة, وأنا ألوم الجميع, لأننا نحن في الداخل وفي ظل القمع والفقر والنضال الشاق استطعنا الالتزام بالحوار الحضاري وتبني النقد البناء والالتزام بالنظام الداخلي الذي ينص على تحديد بقاء السكرتير لدورة واحدة , والعضو القيادة التنظيمي ينتخب من قبل رفاقه, وقد يستبدل إذا رغب هؤلاء بذلك لمصلحة العمل التنظيمي, أما رفاقنا في أوربا الحرة فقد نقلوا بعض الأمراض القديمة من الوطن ولا يستطيعون التفاهم , وكل خلافاتهم شخصية ولا يتنازل أحد عن موقفه لصالح نزع فتيل التوتر , ووضع حد للمهاترات العقيمة .على كل حال وضعنا في الوطن سليم , وبموجب المؤتمر الخامس لا يحق لنا التدخل التنظيمي في شؤون منظمة أوربا, وأنا أدعو هؤلاء جميعاً إلى الحكمة و التسامح وتقبل بعضهم, وليعلموا أننا حزب مناضل ذو مهام توحيد كبرى ونقدس وحدة الحزب .

7.

مؤخراً كُتب الكثير عن” مناضلين ومتخاذلين ” في قيادة حزبكم , وكلها تصنفكم في الشق الأول ” المناضلين “, وتصنف سكرتيركم الحالي في الشق الثاني “المتخاذلين” , حتى ذهب البعض بمناشدتكم للقيام ب (حركة تصحيحية) داخل يكيتي واستلام دفة القيادة فيها.

ما تعليقكم  ؟

القرارات تتخذ داخل قيادة حزبنا حسب الأصول الديمقراطية, وكل قرار بعمل نضالي عندما يحظى بالموافقة يلتزم به حتى الذين لم يصوتوا إلى جانبه, وعند إقرار الخروج بتظاهرة أو تجمع احتجاجي أو غير ذلك تقوم اللجنة المركزية بتكليف البعض بقيادة النشاط النضالي,علماً أن معظم القياديين دوماً يبدون رغبتهم بالمشاركة ..

ومعنى هذا أن الالتزام بنهج الحزب النضالي ,لا يزال معمولا به, وفي العمل النضالي قد يختلف مستوى النشاط بين فترة وأخرى حسب الظروف المحيطة,وما دام النشاط النضالي مستمر فنحن بخير, وهذا لا يعني أن مستوى الأداء النضالي حالياً في أوجه , وسوف نسعى إلى تفعيله وتصعيده.

8.

يقول منتقدي حزبكم بأن (عملية تداول السكرتارية عبارة عن تمثيلية يلعبها بعض القياديين في يكيتي) , ما صحة هذه الكلام , وهل لديكم طموح شخصي بالعودة إلى سدة القيادة (السكرتارية) مرة أخرى ؟

هذا بعيد عن الحقيقة, نحن ملتزمون بالنظام الداخلي الذي يحدد فترة السكرتارية بدورة واحدة, وفي الدورة الثانية يُمنع عنه ذلك, ثم يحق له الترشح في الدورة الثالثة وهكذا , فالتغيير حتمي والتجديد ضروري ولصالح تطوير وتصعيد النضال.

أما بالنسبة لترشيحي من جديد فهذا حق مصان حسب النظام الداخلي, وعلى كل حال سأبقى في المسيرة التنظيمية والنضالية ما دامت قادراً على ذلك, ولا فرق لدي إن كنت في أي مستوى في القيادة  أو مادون ذلك .

المهم أن يستمر النضال حتى انتزاع حقوق شعبنا.

9.

هل يمكن الحديث عن المؤسساتية داخل حزبكم وهي شعار مؤتمركم الرابع ؟

 خطونا خطوات بهذا الاتجاه ولكننا بحاجة إلى المزيد من الجهود والإمكانات حتى تحقيق ذلك.

10.

 
تجرى اليوم مفاوضات غير مباشرة بين سوريا وإسرائيل وهناك حديث عن إمكانية تحقيق السلام .

كيف تبدو الصورة لديكم ؟

هناك آفاق لمفاوضات مباشرة حسب ما نلاحظ , وقد حان الوقت لتحقق السلام العادل, والتفرغ للتنمية والتطوير وبناء دول تعتمد علة الحق والقانون وتحترم حقوق الإنسان,ولكني أعتقد بأن النظام عندما أراد إثبات جديته في تحقيق السلام والتحاور من موقع التكافؤ,فعليه التراجع عن القمع والترهيب, وإطلاق الحريات العامة وتحسين مستوى المعيشة ومكافحة الفساد وتمكين جميع الأحزاب من لعب دورها والسماح بإجراء انتخابات ديمقراطية وتقبل التغيير الديمقراطي لضمان الأمن والاستقرار وإنجاح مفاوضات السلام .

11.

ختمتم حواركم ذاك بالقول ” إنّ رياح التغيير قوية جدّا، ولن تجدي المعيقات ودفن الرؤوس تحت الرمال. ” .

هل لا زالت رياح التغيير تلك تعصف بقوة.

الآن ؟

 العولمة وثورة المعلومات, والتطور الهائل لوسائل الإعلام, لوحدها كفيلة بإحداث التغيير المنشود, ذلك أن ضغط الرأي العام العالمي أصبح قوياً, وباتت بقايا الاستبداد والأنظمة القمعية المتسلطة عن طريق الانقلابات ,في مأزق حرج وتعيش أيامها الأخيرة , وأؤكد أن لا مستقبل للقمع والإرهاب والتسلط,ولا شك أ، التغيير سيشمل الشرق الأوسط وينعكس يجابا لصالح الأمة الكردية , وكما قال أحد المحامين في إحدى القنوات الفضائية ” إن الجني الكردي خرج من القمقم ولا يمكن إعادته إليه ” .
إن الكرد ينشدون الحرية والعدل والديمقراطية , وينبذون العنف والإرهاب , ويتقلبون التطورات الحضارية برحابة صدر ولذلك فالمستقبل الزاهر ينتظرهم .

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…