المستقلون في ميزان الأستاذ فؤاد عليكو!

أنور محمد

 ((التوافق يتم في القضايا السياسية ، أما في القضايا التنظيمية واتخاذ القرارات فلا يمكن العمل بمبدأ التوافق خاصة إذا كنا من عدد كبير من التيارات ، لذلك لابد من الأخذ بمبدأ الأكثرية أو أكثرية الثلثين في اتخاذ القرارات حسب أهمية القرار وقوته.)) هذا هو جواب الأستاذ فؤاد عليكو على السؤال التالي الذي طرحه عليه موقع باخرة الكرد: مؤخرا ً دار النقاش حول مبدأ التوافق في اتخاذ القرارات في المسائل الطارئة، ما هو موقفكم وهل سيؤثر مبدأ التوافق على المرجعية الكردية إن كان سلبا ً أو إيجابا ً ؟
ولا بد أن أحد المسائل الطارئة التي شهدتها الساحة السياسية الكردية هي مسألة الخلاف في التحالف، حيث أكد طرفا الخلاف بأن سبب الخلاف هو تنظيمي بحت، وليس سياسيا، اذا إن جوهر الخلاف كان على صلاحيات المجلس العام للتحالف والذي يشكل فيه المستقلون نسبة 52% تماما، ولعل الأقدار تشاء أن يتواجد البعض من هؤلاء المستقلين في المرجعية التي يجاهد الأستاذ عليكو لتوليدها (قيصريا)  بمن يحضر وقصده بالحضور طبعا هو الموافقة على شروط الأستاذ عليكو باستبعاد وعزل التقدمي والوحدة والمستقلين في المجلس العام، وهذا الموقف واضح للعيان كون الأستاذ عليكو يجاهر بضرورة أن ترى الحقيقة وتقول أنها كذبة، وذلك بضرورة عزل القوى الفاعلة في التحالف، فكيف لي أن أفكر مجرد تفكير بصحة ادعاءات البارتي-نصرالدين واليساري-موسي في مقابل رأي التقدمي والوحدة ومعهم 14 مستقلا، أين هو المنطق الديمقراطي الذي يجعلك تؤيد رأي 23.08% من أعضاء المجلس العام للتحالف، وبسبب الخلاف التنظيمي الذي افتعلته تلك الثلة تقوم بدعمها سياسيا وإعلانيا (ليس إعلاميا) ضد 76.92% من اعضاء المجلس العام.
ولست بوارد الدفاع عن موقف الحزبين (التقدمي والوحدة) الذين يهاجمها الأستاذ عليكو، كوني على معرفة تامة بأن السبب هو الخلافات المتأصلة بين حزبه وباقي أطراف الحركة الكردية، ولكني أجد نفسي معنيا بمناقشة موقف الأستاذ عليكو من المستقلين الذين يمثلون النسبة الأكبر في المجلس العام للتحالف والخلاف الذي أثارته ثلة البارتي واليساري، طبعا لايحتاج القراء أن أذكرهم بأن اليساري والبارتي فعلا فعلتهما بحجة أن التقدمي أراد أن يجعل كل قرارات التحالف الهامة من صلاحيات المجلس العام والوحدة كان له رأي مماثل حول الموضوع.
ما جعلني أفكر مليا في موقف الأستاذ عليكو هو تأكيده الواضح على أن موقفه سلبي من المستقلين وهم مرفوضون مسبقا، هذا صرح به في نفس المقابلة، حيث يقول بصدد المرجعية: ((لكن ظهرت بوادر ايجابية لإعادة النظر بتشكيل المرجعية الكردية وذلك من خلال طرح فكرة تشكيل مجلس سياسي للحركة الكردية تضم جميع أطراف الأطر الثلاث وتعمل وفق الرؤية السياسية المشتركة، لكن التقدمي والوحدة يرفضان هذه الفكرة بينما لجنة التنسيق الكردي والجبهة الكردية وطرفي التحالف يوافقون على هذا التوجه))
وهنا يخطرني أن أؤكد للأستاذ عليكو بأن موقف التقدمي والوحدة أقوى من موقفك، كون الشعب الكردي يدرك تماما معنى كلامك، بضرورة إعادة النظر بتشكيل المرجعية وجعلها (قاصرة ومزورة ومشوهة)
عن طريق تشكيلها من الأطر الثلاثة فقط، نعم حجة الوحدة والتقدمي أقوى وهي خطوة يقدرها فقط المستقلون من أبناء الشعب الكردي ومعروف أن المستقلين هم الأغلبية الساحقة وهم الأكثر تأثرا ايجابا وسلبا، الوحدة والتقدمي يصران على ضرورة مشاركة كل أطراف الحركة السياسية الكردية (الجبهة والتحالف والتنسيق وباقي الأحزاب غير المنضوية في هذه الأطر) إضافة الى ممثلي كافة الفئات الإجتماعية والدينية وحتى الإقتصادية والمهنية، وأؤكد للأستاذ عليكو بأن الشعب الكردي في سوريا ليس كله مساوما وعميلا وانبطاحيا كما تصف انت التقدمي والوحدة، بمعنى إنه لا داعي للخوف والإرتجاف من الظهور أمام مرجعية حقيقية مادمت واثقا من أن سياستك تنطلق من الحفاظ على مصالح الشعب الكردي، الوحدة والتقدمي يقولان بأنهما يؤيدان المرجعية الحقيقية الشاملة حتى وإن تبنت المرجعية سياسة مختلفة معهما, فما العيب في ذلك؟ ليس العيب في موقف الوحدة والتقدمي المؤيد لمشاركة ممثلي كافة الفئات، إنما العيب هو في موقف الأستاذ عليكو الداعي إلى إهمال دورهم وإبعادهم عن المشاركة في اتخاذ القرارات المهمة، والأسباب لا تعد ولاتحصى وأهمها:
1- أن الأستاذ عليكو (يقيِّم) ايجابيا ويبذل جهودا لتشكيل مجلس سياسي ثلاثي (الجبهة والتحالف والتنسيق) بعكس ما يقوله الوحدة والتقدمي بضرورة تشكيل مرجعية حقيقية مكونة من (كافة الأحزاب، ممثلي الفئات الإجتماعية الدينية، ممثلي الفعاليات الإقتصادية والمهنية)، وهنا يجد المستقلين أنفسهم في موقف مساند للتقدمي والوحدة.
2- أن الأستاذ عليكو يروّج إعلانيا وسياسيا لموقف ثلة البارتي واليساري التي تقل نسبتها عن ربع أعضاء التحالف في مقابل موقف الوحدة والتقدمي والمستقلين الذين يشكلون أكثر من 75%، وبهذا فإن الأستاذ عليكو يناقض الفكر الديمقراطي (حيث أن الديمقراطية تقر بالأغلبية البسيطة أحيانا)، لا يمكنني أن أصف أي شخص بأنه ديمقراطي وهو يكذّب 75% من أعضاء أي إطار أو فئة أو… مع العلم أن أغلبيتهم من المستقلين في حالة التحالف.
3- أن الأستاذ عليكو يحاول في كل مناسبة أن يجرّ الجبهة والتنسيق إلى نفس حالة التحالف ويوقعهما في مصيدة الخلاف، إذ إنه يستغل كل منبر (أعلاني) للضغط على الجبهة وشركائه في لجنة التنسيق من أجل عزل التقدمي والوحدة والمستقلين، والتعامل مع ثلة البارتي واليساري، والأستاذ الفاضل يعرف تماما على أي حبل يلعب، فهو يتوقع أن حزب المساواة الديمقراطي-عزيز داود (من الجبهة) ربما يؤيد موقف عليكو بضرورة التعامل مع البارتي واليساري متأثرا بالخلاف التاريخي بينه وبين التقدمي، وهذا ما سيرفضه البارتي (من الجبهة) لأن البارتي-نصرالدين انشق عنه، وبذلك تكون بذور الخلاف قد زرعت في الجبهة، أما فيما يتعلق بالتنسيق فهو يتوقع أن حزب آزادي سيرفض التعامل مع ثلة البارتي واليساري لنفس الخلافات التاريخية بينه وبين اليساري-موسي بعكس موقف حزب الأستاذ عليكو والذي يجد من الضروري التعامل مع ثلة البارتي واليساري ليكون حزب الأستاذ عليكو المستفيد الوحيد من هذه الفتنة ومخلفاتها، إلا أنه ولحسن حظ الشعب الكردي ونتيجة الحس العالي بالمسؤولية في تعامل الجبهة وحزب آزادي مع ازمة التحالف، لم تخرج الأمور عن منحاها الحقيقي والتي كشفت الحجاب عن ادعاءات ثلة البارتي واليساري، ورفعت الغطاء عن غايات المروّجين لهم.

 

ان الأحزاب الكردية في سوريا لم تستطع أن تصل الى المستوى المطلوب من الإتفاق والإنسجام فيما بينها لتحقيق مصالح وأهداف الشعب الكردي رغم أنها لاتتبنى برامج وأهداف مختلفة، ولذلك أتمنى أن تشارك كافة الأحزاب الكردية في سوريا في تشكيل مرجعية كردية حقيقية الى جانب ممثلي الفئات الإجتماعية والدينية والإقتصادية والمهنية، وأنا واثق من أن مرجعية كهذه لن تغبن حقوق المناضلين وأن تقييمها لكل حزب سيكون حسب خدمته للقضية الكردية في سوريا ونضاله من أجل تحقيق مصالح الشعب الكردي، فلم الخوف من الإحتكام الى مرجعية شاملة وحقيقية؟ ولم الإصرار على اقصاء أطراف مؤثرة في صفوف الحركة السياسية الكرية؟ أي منطق يدفع البعض الى عدم الإعتراف  بآراء المستقلين ورفض العمل معهم وإقصائهم مسبقا من كل عمل؟ وليس خافيا أن المستقلين هم الذين عُقدت عليهم آمال أبناء الشعب الكردي (من غير الحزبيين)، وهنا أقول بأنه لايحق لأحد (كائنا من كان) أن يشكِّك في آراء ووطنية وإخلاص المستقلين  لقضايا شعبهم (سواء كان المستقلون أعضاء في التحالف أو أي إطار آخر).

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…