روني علي
لقد أكثرنا – فيما مضى – الاشتغال على المواضيع المتعلقة بآليات وأشكال العمل الحزبي الكردي، من حيث البناء والذهنية المعتمدة، ويبدو أن هذا المسار قد أخذ حيزاً أكبر مما ينبغي، وقد شابه بعض التكرار أو الإطالة، وكان ذلك انطلاقاً من اختلاجات شعور يراودنا، وسط حالة ضاغطة على (الحراك) الكردي، وهو يصب في خانة التشوه، نظراً لما هو قائم من معطيات، توحي بأن المنتظر سوف يكون على النقيض مما هو مدعى من رسالتنا، وأنه لا يمكن لنا أن نمتلك قوة التفاعل مع مراكز القوة، إذا كنا خائري القوى، وأن نتفاعل مع المحيط وما هو في الخارج، ونحن لم نمتلك بعد مفاهيمنا حيال القضايا التي تمسنا، ولم نحدد بعد هويتنا ورسالتنا في أدائنا لمهامنا
لقد أكثرنا – فيما مضى – الاشتغال على المواضيع المتعلقة بآليات وأشكال العمل الحزبي الكردي، من حيث البناء والذهنية المعتمدة، ويبدو أن هذا المسار قد أخذ حيزاً أكبر مما ينبغي، وقد شابه بعض التكرار أو الإطالة، وكان ذلك انطلاقاً من اختلاجات شعور يراودنا، وسط حالة ضاغطة على (الحراك) الكردي، وهو يصب في خانة التشوه، نظراً لما هو قائم من معطيات، توحي بأن المنتظر سوف يكون على النقيض مما هو مدعى من رسالتنا، وأنه لا يمكن لنا أن نمتلك قوة التفاعل مع مراكز القوة، إذا كنا خائري القوى، وأن نتفاعل مع المحيط وما هو في الخارج، ونحن لم نمتلك بعد مفاهيمنا حيال القضايا التي تمسنا، ولم نحدد بعد هويتنا ورسالتنا في أدائنا لمهامنا
وهذا ما يمكن لنا إدراكه إذا ما تلمسنا الوقائع المحيطة بنا، وحقيقة الصراعات الدائرة في المنطقة، والتي تؤكد أنه لا يمكن لأية جهة كانت مواجهة خصومها، إلا إذا كانت أكثر منها تقدماً وتطوراً، فلا يمكن لنظام يعتمد القوة في تسيير أمور الأوطان والمجتمعات، وينطلق من الفكر الشمولي في تحكمه بمفردات الحياة العامة، أن يواجه خصماً يعتمد الديمقراطية منهجاً وسلوكاً، ويحترم ما تؤول إليها نتائج صناديق الاقتراع، لأن الصراع في جذره معرفي، وإن تعددت أسبابه وأشكاله، ومرتبط بمستوى التقدم والتطور الذي وصل إليه الإنسان في فهمه وتفهمه لأساسيات الحياة وماهية الوجود، وعلى هذا ذهب البعض حين فسر حقيقة الصراع على أنه صراع بين الحضارات ..
وإذا اعتبرنا أن ما قلناه آنفاً يعتبر من المسلمات، فإن ما نخوضه في الواقع من (حراك) ونحن ندعي مواجهة من نعتبرهم في خنادق المواجهة، أو التصدي للمشاريع التي تستهدف هويتنا، سوف لن يؤسس لنا في شيء ونحن لم نزل أسيري ثقافة القبيلة، التي ليست لها القدرة في أن تخرجنا مما نحن عليه من وهن وخواء، وسوف لنا تسعفنا حتى في تصحيح مساراتنا، لكوننا نتجنب أصلاً البحث عن دورنا والمطلوب منا، بقدر انخراطنا في أتون المعارك الهامشية، انطلاقاً من الحامل القبلي الذي يشجع على التناسل الذكوري، لأن المبدأ السائد فيه هو : أنا وأخي على أبن عمي، وانأ وأبن عمي على غيري، وقد يكون ذاك الغير من ذوي الأرحام أو من العصبات التي تقع في الدرجة الثانية أو الثالثة من القرابة، وهذا ما هو سائد في الساحة الكردية، وتحديداً في المشهدين السياسي والثقافي، حيث أن الصراع يستمد نسغه من مبدأ الموالاة ونصرة الأخ ظالماً كان أو مظلوماً، وأن الحوارات وما ندعيه باختلاف الرؤى، تخضع لمنظومة المضافات وظاهرة الشللية، بعيداً كل البعد عن المنطق والحامل المعرفي الذي نتغنى به، وأن أكثر ما هو محارب في مثل هذه الأجواء، ومن قبل أصحابها، هي القناعات التي نتجاهر بها، ولا نغالي إن قلنا بأن مثل هذا الأداء، هو الذي يحتضن ظاهرة التشرذم والتشظي ضمن الحالة الكردية، وإن كنا ندرك دور الامتدادات والأجندات التي تعمل على النخر في الحاضنة الكردية، حيث أن ظاهرة الانجرار وراء نزعات الشخص وهواجسه، وإشكالية الاحتماء بعباءات لا ندرك مقاساتها، هي الآفة التي تنهش كل ما ندعي ببنائه، والمؤسف حقاً في هذا المضمار، هو فقدان البعض، ممن يعتبرون أنفسهم حملة رسالة الكشف عن مواطن الخلل والبحث عن الآفاق، بوصلتهم ودخولهم اللعبة، إما انجراراً خلف واجهات منمقة، أو نزولاً عند رغبات الجماعة ..
لا نغالي إن قلنا بأن مجتمعاتنا، واستناداً إلى تركيبتها وما تربت عليها من ثقافة سلطوية، تكن الضغينة للفكر والمعرفة، وتهاب القامات التي تحاول أن تحفر مساراتها، انطلاقاً من رؤيتها وتحليلها وتشخيصها للحقائق والوقائع بشيء من الاستقلالية، كون المبدأ الذي عملت عليها الأنظمة، هو أن لا استقلال ولا استقلالية، وإنما لا بد وأن تكون التبعية هي المحرك في التفكير والأداء، وهذا قد يكون طبيعياً إذا نظرنا إلى المسألة من زاوية المكاسب والمكتسبات، إلا أن المؤسف له حقاً هو أن المبدأ ذاته، هو المعمول به ضمن الأطر التي تدعي بمواجهتها لمثل هذه الذهنية، وبين الفئات التي تدعي تحررها من قيود التبعية، فإذا ما استبعدنا المنخرط بحكم المشاعر في الأطر الحزبية الكردية، والذي نكن له كل التقدير والاحترام، ولا نحمله أية مسؤولية، بحكم أنه يتفاعل مع القضايا انطلاقاً من مشاعره، وأن اختياره لنموذج دون الآخر، يخضع لحسابات الوسط والمحيط، وتناولنا ذاك المتنور الذي يحاول أن يعبر عن قناعاته ضمن أدائه السياسي، كان علينا أن نقف وإياه على بعض القضايا الإشكالية التي تقوض مسيرة الفعل النضالي المطلوب منا جميعاً ..
فنحن ندرك إن الإطار الحزبي الكردي يخضع لتوازنات خاصة به، وأن المراكز والمواقع هي ليست نتاج حالتها الطبيعية، أو تكون خاضعة لمبدأ التطور الطبيعي في الجسم الحزبي، إذا ما أخذنا الكم الهائل من المتناثرات الحزبية بعين الاعتبار، وكذلك فإن شغل هذه المواقع، لا تكون بالضرورة منسجمة مع ما ينبغي أن يكون عليه الشخص المتبوأ لها، كونها تخضع لحسابات، لا تأخذ الطاقات والبناء الفكري والمعرفي في الحسبان، ويمكننا أن نعتبر ذلك من مترتبات ما نسميه بالأمر الواقع المفروض، كما هي مجمل مفردات الحياة التي تلفنا، ولكن وبحكم أننا مجبرين على سلوك النضال ضمن إطار حزبي – وهذه مسألة نسبية – لكوننا منحازين إلى ذاك الرأي القائل، بأنه العمل الجماعي والمنظم هو الأجدى، كان علينا ألا نخلط بين هذا ورسالتنا التي ينبغي الاشتغال عليها من أجل الوصول إلى ما هو أجدى وأنفع وأرقى بالنسبة لقضيتنا، بدل الدخول في زوايا ضيقة وننحشر فيها بإرادة من لهم المصلحة في إدارتها، ونكون بالنهاية في صورة المطبل لنقيضه، لأن من مصلحة البعض أن يجعل منا صورةً له، وأن يعرضنا على الآخر وفق ما يخدم توازناته وهواجسه، وهذا ما هو ممارس في الواقع، حين نرى كيف أن الصراعات الحزبية تأخذ طريقها إلى الشارع، وكيف أنها تشوه القيم النضالية وتلك الصورة التي حاول المتنور أن يزرعها في الوسط الكردي ..
ما أود قوله في النهاية، أن لا مصلحة لمن يمتلك الرؤية الانجرار خلف مثل هذه الخزعبلات، حتى وإن أراد تسمية ما يقدم عليه بالنقد والإصلاح، لأن هذه الوسائل لها مواقعها – وإن كانت مهزوزة – ولها شكل الأداء الذي يحفظ لنا احترامنا، بدل حشرنا في مهالك الانقضاض على صورتنا، ويبدو أن هذا هو المطلوب حتى تستمر دورة الصراع والتناطح في الحياة الحزبية الكردية خدمة لمآرب من هم يحملون صورة الزعيم ويفتقدون مبادئ الزعامة، مع كل التقدير والاحترام لهم بحكم آدميتهم ..
وإذا اعتبرنا أن ما قلناه آنفاً يعتبر من المسلمات، فإن ما نخوضه في الواقع من (حراك) ونحن ندعي مواجهة من نعتبرهم في خنادق المواجهة، أو التصدي للمشاريع التي تستهدف هويتنا، سوف لن يؤسس لنا في شيء ونحن لم نزل أسيري ثقافة القبيلة، التي ليست لها القدرة في أن تخرجنا مما نحن عليه من وهن وخواء، وسوف لنا تسعفنا حتى في تصحيح مساراتنا، لكوننا نتجنب أصلاً البحث عن دورنا والمطلوب منا، بقدر انخراطنا في أتون المعارك الهامشية، انطلاقاً من الحامل القبلي الذي يشجع على التناسل الذكوري، لأن المبدأ السائد فيه هو : أنا وأخي على أبن عمي، وانأ وأبن عمي على غيري، وقد يكون ذاك الغير من ذوي الأرحام أو من العصبات التي تقع في الدرجة الثانية أو الثالثة من القرابة، وهذا ما هو سائد في الساحة الكردية، وتحديداً في المشهدين السياسي والثقافي، حيث أن الصراع يستمد نسغه من مبدأ الموالاة ونصرة الأخ ظالماً كان أو مظلوماً، وأن الحوارات وما ندعيه باختلاف الرؤى، تخضع لمنظومة المضافات وظاهرة الشللية، بعيداً كل البعد عن المنطق والحامل المعرفي الذي نتغنى به، وأن أكثر ما هو محارب في مثل هذه الأجواء، ومن قبل أصحابها، هي القناعات التي نتجاهر بها، ولا نغالي إن قلنا بأن مثل هذا الأداء، هو الذي يحتضن ظاهرة التشرذم والتشظي ضمن الحالة الكردية، وإن كنا ندرك دور الامتدادات والأجندات التي تعمل على النخر في الحاضنة الكردية، حيث أن ظاهرة الانجرار وراء نزعات الشخص وهواجسه، وإشكالية الاحتماء بعباءات لا ندرك مقاساتها، هي الآفة التي تنهش كل ما ندعي ببنائه، والمؤسف حقاً في هذا المضمار، هو فقدان البعض، ممن يعتبرون أنفسهم حملة رسالة الكشف عن مواطن الخلل والبحث عن الآفاق، بوصلتهم ودخولهم اللعبة، إما انجراراً خلف واجهات منمقة، أو نزولاً عند رغبات الجماعة ..
لا نغالي إن قلنا بأن مجتمعاتنا، واستناداً إلى تركيبتها وما تربت عليها من ثقافة سلطوية، تكن الضغينة للفكر والمعرفة، وتهاب القامات التي تحاول أن تحفر مساراتها، انطلاقاً من رؤيتها وتحليلها وتشخيصها للحقائق والوقائع بشيء من الاستقلالية، كون المبدأ الذي عملت عليها الأنظمة، هو أن لا استقلال ولا استقلالية، وإنما لا بد وأن تكون التبعية هي المحرك في التفكير والأداء، وهذا قد يكون طبيعياً إذا نظرنا إلى المسألة من زاوية المكاسب والمكتسبات، إلا أن المؤسف له حقاً هو أن المبدأ ذاته، هو المعمول به ضمن الأطر التي تدعي بمواجهتها لمثل هذه الذهنية، وبين الفئات التي تدعي تحررها من قيود التبعية، فإذا ما استبعدنا المنخرط بحكم المشاعر في الأطر الحزبية الكردية، والذي نكن له كل التقدير والاحترام، ولا نحمله أية مسؤولية، بحكم أنه يتفاعل مع القضايا انطلاقاً من مشاعره، وأن اختياره لنموذج دون الآخر، يخضع لحسابات الوسط والمحيط، وتناولنا ذاك المتنور الذي يحاول أن يعبر عن قناعاته ضمن أدائه السياسي، كان علينا أن نقف وإياه على بعض القضايا الإشكالية التي تقوض مسيرة الفعل النضالي المطلوب منا جميعاً ..
فنحن ندرك إن الإطار الحزبي الكردي يخضع لتوازنات خاصة به، وأن المراكز والمواقع هي ليست نتاج حالتها الطبيعية، أو تكون خاضعة لمبدأ التطور الطبيعي في الجسم الحزبي، إذا ما أخذنا الكم الهائل من المتناثرات الحزبية بعين الاعتبار، وكذلك فإن شغل هذه المواقع، لا تكون بالضرورة منسجمة مع ما ينبغي أن يكون عليه الشخص المتبوأ لها، كونها تخضع لحسابات، لا تأخذ الطاقات والبناء الفكري والمعرفي في الحسبان، ويمكننا أن نعتبر ذلك من مترتبات ما نسميه بالأمر الواقع المفروض، كما هي مجمل مفردات الحياة التي تلفنا، ولكن وبحكم أننا مجبرين على سلوك النضال ضمن إطار حزبي – وهذه مسألة نسبية – لكوننا منحازين إلى ذاك الرأي القائل، بأنه العمل الجماعي والمنظم هو الأجدى، كان علينا ألا نخلط بين هذا ورسالتنا التي ينبغي الاشتغال عليها من أجل الوصول إلى ما هو أجدى وأنفع وأرقى بالنسبة لقضيتنا، بدل الدخول في زوايا ضيقة وننحشر فيها بإرادة من لهم المصلحة في إدارتها، ونكون بالنهاية في صورة المطبل لنقيضه، لأن من مصلحة البعض أن يجعل منا صورةً له، وأن يعرضنا على الآخر وفق ما يخدم توازناته وهواجسه، وهذا ما هو ممارس في الواقع، حين نرى كيف أن الصراعات الحزبية تأخذ طريقها إلى الشارع، وكيف أنها تشوه القيم النضالية وتلك الصورة التي حاول المتنور أن يزرعها في الوسط الكردي ..
ما أود قوله في النهاية، أن لا مصلحة لمن يمتلك الرؤية الانجرار خلف مثل هذه الخزعبلات، حتى وإن أراد تسمية ما يقدم عليه بالنقد والإصلاح، لأن هذه الوسائل لها مواقعها – وإن كانت مهزوزة – ولها شكل الأداء الذي يحفظ لنا احترامنا، بدل حشرنا في مهالك الانقضاض على صورتنا، ويبدو أن هذا هو المطلوب حتى تستمر دورة الصراع والتناطح في الحياة الحزبية الكردية خدمة لمآرب من هم يحملون صورة الزعيم ويفتقدون مبادئ الزعامة، مع كل التقدير والاحترام لهم بحكم آدميتهم ..