حرب (حزب العمال الكردستاني ) القادمة …..وقودها أطفال

حسن برو

تفاجأت عدة عوائل في مدينة رأس العين شمال شرقي محافظة الحسكة- باختفاء أبنائها وهم في سن مابين (13-16) عاماً وكان ذلك يوم 2/7/2008 وبعد بحث من الأهالي واستقصاء والسؤال عنهم تبين بأن هناك حملة تجنيد جديدة تستهدف هذه المرة الأطفال الذين تتراوح (مابين (12-16) عاماً من قبل عناصر حزب العمال الكردستاني (pkk) السابقين وباعتبار غالبية هذه العوائل من الأكراد الذين لا يغلقون أبوابهم في وجه أحد من الضيوف فأن الكثير من الأفراد الذين ينتمون إلى أحزاب كردية يترددون عليهم ومن هؤلاء الناس كوادر حزب العمال الكردستاني
وعلى الغالب تكون هذه الكوادر من الفتيات اللاتي يأتين من مناطق أخرى كـ (عفرين وعين العرب) ويكن قد عملن لسنوات في العمل المسلح سواء أكان في تركيا أو العراق، ولهن أسماء حركية وبغالبيتها (أسماء كردية صرفة ولا يتعاملون بأسمائهم الحقيقية) ولذلك يصعب التعرف عليهن في المنطقة ، كما أن كوادرهم من مناطق الجزيرة يعملن في عفرين أو عين العرب أي عملية تبادل الكوادر في مناطق التواجد الكردي،  
إذاً ….من هم الأطفال ؟ الأطفال الذين تمكنا من الحصول على أسمائهم هم (علي علي بن محمد – رمضان سمعو بن جاسم –مالك شيخو بن فرحان-كندال خاتون بن علي) هؤلاء الأطفال بالكامل أميين وفي الفترة الأخيرة كانوا يعانون من البطالة وبغالبتهم فقراء ومدخنين وهمً أصدقاء يسهرون معا ًويلعبون ويتجولون مع بعضهم البعض.
-فلماذا يستخدم (pkk) الأطفال في هذه المرحلة بالذات ؟ بعد القبض على عبد الله أوجلان في شباط 1999 في نيروبي وبتعاون استخباراتي متعدد الأطراف شكل هذا الاعتقال حالة صدمة بالنسبة للشعب الكردي عامة وعناصر ومؤيدي العمال الكردستاني بخاصة، إلا أن هذه الصدمة كانت لها تدعيات كثيرة ومنها (أن الزعيم عبد الله أوجلان طالب بالديمقراطية بدل من قيام دولة كردية في كردستان تركيا بالإضافة إلى تفكيك حزب العمال الأم إلى عدة أحزاب إقليمية موزعة في سورية وتركيا والعراق وإيران والكل يعمل بشكل مستقل على أساس المدرسة الأوجلانية – كما أن الحزب تعرض لانشقاقات متعددة بدأً من أخوه أوصمان أوجلان وكمال شاهين الذي قتل في العراق وهو المنسق العام السابق للوفاق الوطني الديمقراطي ومقره مدينة السليمانية) وبذلك تناثر الكثير من أنصار العمال الكردستاني وكان نصيب أكراد سوريا منه الكثير حيث خلقت حالة من اليأس والقنوط لدى غالبية المؤيدين لعبدالله أوجلان وبخاصة بعد التصريح الذي أدلى به وهو في الطائرة التي كانت تقله مخطوفاً ومعصوب العينين بأن الأكراد والأتراك أخوة وبأنه يدعو إلى تشكيل دولة ديمقراطية بدل (كردستان) التي كان يطالب بها على مدى العقدين الذي تواجد بهما في سورية وكان يحارب أنصاره من أجل ذلك –فتحول الكثير من أنصاره إلى أناس عاديين بدون أن يتدخلوا في السياسة وهم مكسوري الطموح والآمال التي عقدوها على (القائد آبو) والبعض الأخر عاد من العراق أو تركيا وتعرض للاعتقال وحكم عليه أمام محكمة أمن الدولة وبخاصة بعد اتفاقية أضنة بين سورية وتركيا وساءت العلاقة بين العمال الكردستاني وسورية ، ومن كان يوماً حليفاً استراتيجياً أصبح عدواً، وبدأت المشاكل بين الطرفين تتلاحق سواء من حيث تحول حزب إلى تنظيم خاص في سورية (الاتحاد الديمقراطي) يعمل على إثارة المشاكل والقلاقل لها مثل ما حصل في 2/11/2007 حيث قمعت لهم تظاهرة في القامشلي راح ضحيتها شاب وعدد من الجرحى وبقيت هذه العلاقة بين مد وجذر _ إلا أن الذي لايفهم هو كيف يتم تجنيد البعض في ظل هذا العداء بين الطرفين ؟ في ظل اشتداد القبضة الأمنية على كل الحراك السياسي السوري العام ؟ إلا أننا يجب أن ننوه أن مجموع هؤلاء الأطفال من المشبعين بفكرة أن العمل السياسي لا يجدي نفعاً ، وأنهم يجب أن يحاربوا تركيا بالسلاح في سبيل تخليص عبد الله أوجلان من السجن وهو الشخص الوحيد من الأكراد يمكنه إيجاد الحل لكل مشاكلهم .
ومن ناحية أخرى علمياً يمكن السيطرة بسهولة على الأطفال ويمكن استخدامهم في حرب العصابات مثلما كان يحصل في السودان والصومال ،وبخاصة إذا عرف هؤلاء الأطفال أن السبيل الوحيد للحفاظ على حياتهم هو بالحفاظ على السلاح والمحاربة به (غريزة البقاء)
-أين ذهبوا هؤلاء الأطفال ؟ تقوم كوادر حزب العمال الكردستاني بتهريبهم في المثلث الحدودي بين تركيا وسوريا والعراق أو حتى أنهم يدخلون تركيا مباشرة من الحدود السورية وبخاصة بعد أن أصبح التنقل سهلاً في ظل ارتخاء الحراسة وإخراج الألغام الأرضية مابين الحدود (السورية والتركية)
 – حزب يطالب بتطبيق المعايير الدولية بشأن حقوق الإنسان للأكراد في تركيا وسورية ويقوم هو بخرق هذه المعايير وبخاصة المتعلقة بحقوق الطفل ؟ فمثلاً البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل
بشأن اشتراك الأطفال في المنازعات المسلحة والذي صدر في الأمم المتحدة عام (2000) تقول في المقدمة (وإذ تؤكد من جديد أن حقوق الأطفال تتطلب حماية خاصة، وتستدعي الاستمرار في تحسين حالة الأطفال دون تمييز، فضلاً عن تنشئتهم وتربيتهم في كنف السلم والأمن،) ويضيف في فقرات أخرى : (وإذ تلاحظ اعتماد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية وخاصة إدراجها التجنيد الإلزامي أو الطوعي للأطفال دون سن الخامسة عشرة أو استخدامهم للاشتراك النشط في الأعمال الحربية بوصفه جريمة حرب في المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية على السواء،…)
   وبحسب المادة 1 من اتفاقية حقوق الطفل يقصد بالطفل هو كل انسان يقل عمره (18) سنة
كما أ أن المؤتمر الدولي السادس والعشرين للصليب الأحمر والهلال الأحمر المعقود في كانون الأول/ديسمبر 1995 أوصى في جملة أمور بأن تتخذ أطراف النزاع كل الخطوات الممكنة لضمان عدم اشتراك الأطفال دون سن الثامنة عشرة في الأعمال الحربية،
  وأيضاً ماجاء بشأن ترحيب الأمم المتحدة باعتماد اتفاقية منظمة العمل الدولية رقم 182 بشأن حظر أسوأ أشكال عمل الأطفال والإجراءات الفورية للقضاء عليها، بالإجماع في حزيران/يونيه 1999، وهي الاتفاقية التي تحظر، ضمن جملة أمور، التجنيد القسري أو الإجباري للأطفال لاستخدامهم في المنازعات المسلحة،
  وأدانت الأمم المتحدة أيضاً  ببالغ القلق تجنيد الأطفال وتدريبهم واستخدامهم داخل وعبر الحدود الوطنية في الأعمال الحربية من جانب المجموعات المسلحة المتميزة عن القوات المسلحة للدولة، وإذ تعترف بمسؤولية القائمين بتجنيد الأطفال وتدريبهم واستخدامهم في هذا الصدد،
  وإذ تعترف بالاحتياجات الخاصة لهؤلاء الأطفال المعرضين بصورة خاصة للتجنيد أو الاستخدام في الأعمال الحربية بما يخالف هذا البروتوكول نظراً لوضعهم الاقتصادي أو الاجتماعي أو نظراً لجنسهم،
  وإذ لا يغيب عن بالها ضرورة مراعاة الأسباب الجذرية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لاشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة،
  واقتناعاً منها بضرورة تقوية التعاون الدولي على تنفيذ هذا البروتوكول فضلاً عن إعادة التأهيل البدني والنفسي وإعادة الإدماج الاجتماعي للأطفال ضحايا المنازعات المسلحة،
  المادة 3  ف3 – تقوم الدول الأطراف التي تسمح بالتطوع في قواتها المسلحة الوطنية دون سن الثامنة عشرة بالتمسك بالضمانات لكفالة ما يلي كحد أدنى: (أ) أن يكون هذا التجنيد تطوعاً حقيقياً؛
(ب) أن يتم هذا التجنيد الطوعي بموافقة مستنيرة من الآباء أو الأوصياء القانونيين للأشخاص؛
(ج) أن يحصل هؤلاء الأشخاص على المعلومات الكاملة عن الواجبات التي تنطوي عليها هذه الخدمة العسكرية؛
(د) أن يقدم هؤلاء الأشخاص دليلاً موثوقاً به عن سنهم قبل قبولهم في الخدمة العسكرية الوطنية.


  وبالتالي كان لزاماً على حزب العمال الكردستاني أن يجند الكبار ممن امنوا بأهداف الحزب ونضالاته ، لا أن يتم تطويع الأطفال ويتم استغلال عواطفهم و أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية ليلتحقوا بصفوف الأنصار سواء أكانت في تركيا أو العراق وباعتباره حزب يطالب بالعدالة والمساواة وبتطبيق معايير حقوق الإنسان في تعامل الحكومات مع أنصاره فكان الأولى به أن يتجنب هوارتكاب الخروقات في هذا المجال.


——-
كلنا شركاء 10/7/2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

خالد بهلوي تحت شعار “وقف العنف والتهجير – العيش المشترك بسلام”، وبمبادرة من مجموعة نشطاء من الشابات والشباب الغيورين، شهدت مدينة إيسين الألمانية يوم 21 ديسمبر 2024 وقفة احتجاجية بارزة للتعبير عن رفض الاحتلال التركي والتهديدات والانتهاكات التي يتعرض لها الشعب الكردي المسالم. الحضور والمشاركة: حضر الفعالية أكثر من مائه شخصً من الأخوات والإخوة الكرد والألمان، إلى…

د. محمود عباس ستكثّف الولايات المتحدة وجودها العسكري في سوريا وستواصل دعمها لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) والإدارة الذاتية. تدرك تركيا هذه المعادلة جيدًا، وتعلم أن أي إدارة أمريكية قادمة، حتى وإن كانت بقيادة دونالد ترامب، لن تتخلى عن الكورد، لذلك، جاء تصريح أردوغان بعد عودته من مصر، ووزير خارجيته من دمشق اليوم كجزء من مناورة سياسية تهدف إلى تضليل الرأي…

شادي حاجي المرء لا يذهب إلى طاولة المفاوضات وهو خالي الوفاض وإنما يذهب وهو متمكن وقادر والمفاوض يكشف أوراقه تدريجياً تبعاً لسير العملية التفاوضية فعند كل منعطف صعب وشاق يقدم المفاوض بطريقة أو بأخرى معلومة ولو صغيرة حول قدراته على إيقاع الأذى بالطرف الآخر من أجل أن يكون مقنعاً فعليه أن يسأل عن مقومات الندية والتي تتركز على مسألة القوة…

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه”1970-2024″ كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. إذ إن بعض…