إعـادة (تكـريـر) أفكـار مُـستهلكة و طرحها للبيع دون (فلــترة)

ديـــار ســـليمان

يكـاد المـرء يشعـر و هو يتأمـل حِـراك الحركـة السـياسية الكـوردية في سـوريا بأنه إمـا إزاء حـزبٍ واحـد متعــدد الـوجوه حيث يتشـابه البرنامـج الحزبي الى حـد التطابـق، أو أنـه أمـام (مجلـس حكـم)  يتـم فيـه تــداول روح المقاومـة  من حـزبٍ الى آخـر حيث نـرى أحـد الأحـزاب يقـود نشاطآ وطنيـآ مـا فـترة معينـة قبل أن يبـادر شـقيقه لأخـذ المبـادرة في مجـالٍ آخـر وهكذا دواليك.
و يقـود الحركـة السياسـية الكوردية في سـوريا بشـكلٍ عـام مجموعـة من الشـخصيات الأكاديميـة المثقفــة على أعلى المسـتويات، و لا يغـير في هذه الحقيقـة شـيئآ اخـتلافنا أو خـلافنا مع بعضهـم و الذي وصل أحيانـآ و لا زال يصـل الى انتقـادات حـادة لهم كانت غايتها تقليـص عدد الوجـوه التي تظهـر بها هذه الحـركة و صـولآ الى توحيــدها لتكـون بوجـهٍ واحـد ينسجـم مع حقيقـة أنها جسـد وطنـي واحـد، و هنـا لا أرى داعيآ لذكـر المـستوى الثقافـي لكلٍ منهم، كما أود أن أذكـر بأني لم أكـن راغبـآ في الخـوض في الموضـوع برمتـه بهـذا الشـكل بل كنت أفضـل التصـدي لسلبيات الحركة و واقعها الذي يسمـى للأسـف إنشـقاقآ لولا أن هذه الحـركة و قياداتها و الوجـود الكوردي برمتــه يتعــرض حاليـآ و كما لم يعـد خافيـآ الى صـراعٍ من أجل الوجـود إذ أصـبح الأمـي والفاشـل دراسـيآ والمرتشي وحتى المقـاول..

أصبـح هـؤلاء و من على شاكلتهم من المتطفلـين الغوغائيـين يخـوضون في السـياسة و شـؤون الحركـة السياسـية الكـوردية و توجيهها كبــديل عن تلك الكوكبـة بداعي أن السـياسـة ليست علمـآ ولا تحتـاج الى دراسـة، فبـدلآ من الإنصـراف الى أشغالهم أوالإنتظـام في صفـوف محـو الأميـة لتلقـي درسهـم الأول في ان: العلـم نـور والجهـل ظـلام، راح بعض هؤلاء وخـلال تبضـعهم بالدخول خطــأ الى سـوق الثقافـة فأعجبتهم أجوائـه كمـا راح بعضهم الآخـر يمارس التسلية بفـأرة النت فأعجبته اللعبـة، فتابعوا معـآ ممارسـة اللعـب و التبضـع فتعـثروا بأسـماء و قامـات أدبيـة و علميـة راحـوا و تعميمـآ للمتعـة و التسلية يـحملـون من نتاجـات هؤلاء أقـوالآ واحمـالآ ينـؤون تحتـها ثم يلقــونها على أسماعنا بعد أن يُركبـوا عليها حكيــآ و حكايـات و يطرحـونه للتـداول على أنـه مقـالٌ يحـوي الحـل الناجـع لمشـاكل الحركـة، فكيف سـيتصدى مثل هؤلاء لمهــام يعجـز أصحـاب الاختـصاص حتى الآن عن القيـام بها على أفضـل وجـه.
إذآ يتعـرض قـادة الحركـة باعتبارهم قبـل كل شـئ طبقـة مثقفـة كـوردية و بصـرف النظـر عن قيادتهم للحركـة السياسية لاعتـى هجمـة في محاولة لتصفيتهم و اغتيالهم سياسيآ، و لمـن يتسـاءل عن مـردود عملهـم طيلـة السـنين الماضية فأننـا نحيلـه الى طبيعـة النظـام السـوري التي يعجـز أقـوى أبطـال التاريخ في الوقوف أمامها، و لنتذكـر مثـلآ كيف أنهى هذا النظـام الحـزب الشيوعي و شـطره بالطـول و العـرض و الاتحـاد السوفيتي لما يـزل واقـفآ على قدميـه، حتى ان أمريكـا بجـبروتها بعد ان كانت عاجـزة عن الاتيـان بمثـل ما أتـاه هذا النظـام قد استفادت ربما من تجربتـه في القضـاء على الشيوعية! والانكـى من ذلك أن أجهـزة النظـام كانت تدعي انها تقـوم بوساطـات لتوحيـد أجنحـة الحـزب الشـيوعي الراحـل!
أمـا صـراع الوجـود الذي يخوضـه الشـعب الكوردي في سوريا فلقـد بلـغ الـذروة من خـلال تطـوير خـطط (طلـب هـلال) التي كانت تقضـي بتشتيت الكـورد الى ضواحي المـدن السـورية بغايـة تذويبهم الى تهـجيرهم بالكـامل الى خـارج سـوريا فيما يمكـن أن يطلـق عليه خطـة (هــلال 2)، و قـد قضـت الخطـة التي قـادها الداهيـة الأمنـي المعـروف (منصـورة) بتجميـع الكـورد بـدلآ من الشـاحنات في تنظيـم حـزبي و طـرح السـؤال التالـي عليهم: ألا ترغبـون بتحقيق حلمكم في وطنكم كوردستان؟ إذآ تفضلـوا هاهو السـلاح (و حـي على الجبـال) و أية جبـال هي هذه، لقد أصبحت المعادلـة النضاليـة على الشـكل التالـي: الكـورد السوريون الذين يصل تعدادهم الى ثلاثة مـلايين نسمة يقتلـون في جبـال كوردستان العـراق من أجل أكـراد تركيا الذين يتجـاوز عـددهم العشرين مليـونآ، و من اكتسبنا الى جانب ثورتنا هذه من الأتـراك، شـخصيآ لم أسمع تركيآ واحـدآ وقف مثلآ ضد الحـرب الأخيرة في الشـتاء الفائت سوى الممثـل المتحـول جنسـيآ (بولنت ارسـوي) و الذي يتعـرض للمحاكمة بسبب موقفه الذي يتعـارض مع موقف 80 مليـون نسمة هم عدد سـكان جمهورية تركيـا، أما الهـدف الاسترتيجي الموضوع لهذه الحـرب فهو وبعيـدآ عن مـكاسرة الإرادات تحقيق الديمقراطية في تركيا، و لا أعلم كيف يمكن تحقيق هدف سلمي بوسائل عنيفـة، و لمـاذا لا نعمـل على تحقيـق الديمقرطية في سـورية و ترك هذا الشأن لاصحابه هناك، لماذا لا نناضـل في سبيل الغـاء قيـادة حزب البعث للدولة و المجتمع السوريين و نعمل على الغاء قيادة الكمالية للدولة و المجتمع التركيين، إذ لاشئ يجمعني و أردوغـان و معاركه لتغـيير الدسـتور و فـرض الحجـاب، إذ أن كل ذلك لا يعني لي شـيئآ ، و إذا كانت الخيـارات محـدودة بالالتحـاق بسـوريا أو تركيـا فلماذا يجب أن يكـون الانضمـام الى الأخـيرة خيـارآ؟
 الأفـكار المهلكـة و المـستهلكة التي لا زال بعض يطرحها بصـورة شـتائم و لعنـات على الحركة الكوردية و تاريخها هي مجـرد وقـود منتهـي الصـلاحية لا يســير عربـة، و هي في الواقـع غـازات سـامة أعقبت بركـانآ قـذف حممـه و خمـد وهمـد.


ديـــار ســـليمان
 07.07.08
  diarseleman@hotmail.de  

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية ومع مناصري ثقافة التسامح واحترام حقوق الانسان ومع أنصار السلم والحرية، نقف مع السوريين ضد الانتهاكات الجسيمة والاعتداءات الصريحة والمستترة على حقوق الانسان الفردية والجماعية، وسياسات التمييز ضد المرأة والطفل، وضد الأقليات، وضد الحرب وضد العنف والتعصب وثقافة الغاء الاخر وتهميشه، وتدمير المختلف، والقيام بكل ما…

نحن، المنظمات الحقوقية الكردية في سوريا، نهنئ الشعب السوري، بجميع مكوناته وأطيافه، على إسقاط نظام الاستبداد، إذ تمثل هذه الخطوة التاريخية ثمرة نضال طويل وتكاتف الشعب السوري ضد آلة القمع، وهي بلا شك نقطة انطلاق نحو بناء سوريا المنشودة. إن سوريا الجديدة، بعد إسقاط النظام البائد، تدخل مرحلة حاسمة، وهي مرحلة البناء والسلام والصفح. لذا، ينبغي أن تسود فيها العدالة…

خليل مصطفى بتاريخ 22/2/1958 (شهر شباط) تم التوقيع على اتفاقية الوحدة (بين مصر وسوريا)، حينها تنازل رئيس الجمهورية السُّورية شكري القوتلي عن الرئاسة (حكم سوريا) للرئيس المصري جمال عبد الناصر (طوعاً)، وقال لـ (جمال عبدالناصر): (مبروك عليك السُّوريون، يعتقد كل واحد منهُم نفسهُ سياسياً، وواحد من اثنين يعتبر نفسهُ قائداً وطنياً، وواحد من أربعة يعتقد بأنهُ نبي، وواحد من عشرة…