انتخاب المناضل مام جلال الطالباني نائبا لرئيس منظمة الاشتراكية الدولية انجاز كبير … المعاني والدلالات

أحمد سليمان *

إن من بين الأنظمة التي حققت النجاح على صعيد مجتمعاتها ، تلك التي وصلت فيها الأحزاب المؤمنة بمبادئ  الاشتراكية – الديمقراطية عبر انتخابات بلدانها  إلى سدة  الحكم ، و تأتي في المقدمة في الترتيب العالمي على صعيد خدمة مواطنيها ، وتقّدّم بلدانها في المجالات الحقوقية والدستورية، وتوفير الضمان الاجتماعي الأرقى على صعيد العالم ، و ضمان حقوق الإنسان، والحريات الفردية والعامة ،وباتت من الأمثلة التي يحتذي بها،  ولا شك أنه عند  التذكير بهذه الحالات يتبادر إلى ذهننا فورا الدول الاسكندينافية (كالدانمرك ، والسويد ،و النرويج  ..

الخ)  وتتالى الدول إلى أن  تشمل اغلب الدول الأوربية .
 ولهذا كان الإطار الذي اجتمع فيه عدد كبير من الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية، والتي أطلق عليه (منظمة الاشتراكية الدولية) ، والتي لعبت دورا ايجابيا في تأمين السلم العالمي خلال فترة الحرب الباردة ، و اثر استلام  عدد من أحزابها للسلطة في بلدانها ، وتحقيقها لبرامجها في تطوير الحياة  الديمقراطية ،وتأمينها  للأفضل في مختلف المجالات من خدمية وصحية واجتماعية في مجتمعاتها ، باتت تلك الدول  قبلة تتوجه إليها أنظار القوى المحبة للحرية والديمقراطية، وهاجرت إليها الملايين من الذين فقدوا فرص الأمان والعيش الكريم في أوطانهم .

إن هذه المنظمة الدولية الفاعلة والمؤثرة في التوجه الدولي تنبه إليها الكثير من الأحزاب في دول (العالم الثالث) وانضمت إليها وفق إشكال ثلاث من حيث العضوية (عضو دائم ــ عضو استشاري ــ عضو مراقب)، ومن بين تلك الأحزاب كانت بعض الأحزاب الكردية، والتي  وجدت في هذه المنظمة منبرا دوليا مهما لتعريف العالم بقضية الشعب الكردي بوجه عام، وكذلك في إطارها الإقليمي والخاص بكل جزء على وجه خاص، و نجحت بعض الأطراف في تأمين ثقة أعضاء المنظمة بفعالية وانسجام برامج هذه الأحزاب مع توجهات ومبادئ المنظمة ،لذا فقد تم قبول تلك الأحزاب، وكان نصيب الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بقيادة الدكتور عبد الرحمن قاسملو، والذي تمتع بعلاقات دولية واسعة منحته فرصة قبول حزبه في المنظمة بعضوية دائمة، و كان دور المرحوم قاسملو واضحا في تلك المنظمة وكذلك تم قبول الحزب الاشتراكي الكردستاني في تركيا ، و الاتحاد الوطني الكردستاني ــ العراق، بصفة مراقب حيث لعب الحزبان دورا ايجابيا في استثمار منبر هذه المنظمة من اجل تعريف العالم بالقضية الكردية، وبعد احتلال العراق للكويت وتداعياتها في المنطقة منذ أوائل  التسعينات من القرن الماضي،  توجهت الأنظار العالمية نحو العراق وتطوراتها، و توسع اهتمام منظمة (الاشتراكية الدولية) بالمنطقة والقوى التي تؤثر في أحداثها، وبرز بوضوح دور العامل الكردي في تقرير سياسة المنطقة وتطوراتها، وبدا في هذا المجال الاتحاد الوطني الكردستاني والذي كان يتمتع بصفة العضو المراقب كقوة مهمة في العراق، وبرز المناضل مام جلال الطالباني ،والذي يؤمن بالفكر الاشتراكي الديمقراطي ، والذي ناضل ومنذ نعومة أظفاره في سبيل قضية شعبه الكردي ، وناضل من اجل الديمقراطية في العراق ، وكان على الدوام وحينما كان يقود ثورة شعبه في الاتحاد الوطني الكردستاني ، كان يركز على ضرورة تلازم النضال من اجل الحقوق القومية مع تامين الحياة الديمقراطية في المجتمع ، وكان مؤمنا بالنضال الاجتماعي على أسس من العدالة و الحرية والمساواة والدفاع عن حقوق الإنسان والدفاع عن حقوق المرأة، وما كانت القوانين الجريئة التي تبنتها المناطق التي كان يديرها الاتحاد الوطني الكردستاني قبل سقوط النظام الديكتاتوري في العراق ،بخصوص قانون تعدد الزوجات ،وكذلك القانون المتعلق بما يسمى بقضايا الشرف…..، كانا خير دليل على إيمان وصدق الممارسة لدى هذا المناضل الكبير وحزبه ، كما أن التزامه بعدم التوقيع على قرارات الإعدام بناء على توقيعه على وثيقة تدين ذلك في منظمة الاشتراكية الدولية، وهو رئيس للجمهورية وبحق أشخاص ارتكبوا أفظع الجرائم بحق الإنسان العراقي يعبر بوضوح عن انحيازه التام نحو احترام حقوق الإنسان مهما كانت الأسباب والظروف .
ونتيجة لدوره الخلاق في قيادة العراق في هذه المرحلة الحرجة من تاريخه،والذي بدا  واضحا من خلال توفقه في بناء أفضل العلاقات مع جميع الأطراف ،والمكونات من دينية وسياسية ومذهبية واثنيه ، وثناء غالبية القوى السياسية والدينية على دوره الايجابي إلى الحد الذي وصف به  المرجع الديني الأكبر  في العراق سماحة  السيد  أية الله علي  السيستاني عندما قال أن جلال طالباني صمام الأمان للشعب العراقي ،وبذلك النجاح والتوفيق الذي قاد به كردستان العراق في البداية، والعراق عامة في السنوات الأخيرة، أكد من خلال الممارسة والعمل على التزامه بفكره ومبادئه النظرية والتي ساهم بها في تعميق الفكر الديمقراطي والإنساني والأخلاقي في الحياة ، وكانت الثقة به تزداد يوما بعد أخر، وتتوسع دائرة علاقاته الدولية  ، والتي استثمرها جميعا في خدمة قضية العراق عامة وقضية  شعبه الكردي خاصة، ولذلك كان اقتراحه  في المؤتمر الأخير للاشتراكية الدولية ، حول ضرورة  تفعيل دور اللجنة الخاصة بمتابعة القضية الكردية وإيجاد الحلول  لها باعتبارها قضية هامة من قضايا الشرق الأوسط والذي تبنته المنظمة في قرارات المؤتمر في أثينا .

هذا الاقتراح  سيزيد من الاهتمام الدولي بالقضية الكردية، والإسراع في حلها، والذي بدوره يوفر المناخ الأفضل  لتحقق السلم في منطقة الشرق الأوسط والعالم  .
أن مام جلال رجل الدولة وبامتياز ،والدبلوماسي الذي أشاد به كل من التقى به ، وتبوءه رئاسة الدولة العراقية الحديثة عبر انتخابات حرة وديمقراطية ولأول مرة في التاريخ العراقي ، لا يزال هو البيشمركة والسياسي والقائد الذي يخدم القضايا التي آمن بها بنَفَسْ المناضلين وصبرهم وتضحيتهم ،ويرى في استمرار النضال تأكيدا على عهده لرفاقه الشهداء ،ولدماء البيشمركة الأبطال،  والتضحيات الكبيرة للشعب الكردي في كردستان العراق ،ونسائها اللواتي فقدن أزواجهن وأبنائهن وإخوتهن ، لكل تلك السجايا ومن خلالها توجه إلى المؤتمر الأخير لمنظمة الاشتراكية الدولية في أثينا بتعابير نضالية ورفاقية أصيلة ،والذي بادله بها رفاقه المؤتمرين، وتقديرا لكل ذلك كان انتخابه نائبا لرئيس المنظمة في دورتها الحالية ، وتثبيت عضوية الاتحاد الوطني الكردستاني بصفة عضو دائم في المنظمة.
هذا ولأهمية هذا الموقع والذي من خلاله سيساهم في مشاركة الكرد وبشكل مباشر في توجهات هذه المنظمة دوليا وإقليميا ،  وسيساعد على تقدّم القضية الكردية عالميا ، وهو انجاز للكرد أينما كانوا ،والقضية الكردية وللعراقيين عموما..
هنيئا للعراقيين، و هنيئا لكل الشعب الكردي، وهنيئا للرفاق في الاتحاد الوطني الكردستاني المناضل، ولاشك أن هذا الموقع الكبير يناسب المناضل الكبير مام جلال الطالباني.

5/07/2008

* عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…