جريمـة فخامــة الرئيــس

  ديـــار ســـليمان
 

سـقطت ـ ربما سـهوآ أو لهــوآ أو طهــوآ ـ صـورة الرئيـس الفلسطيني محمـود عبـاس عـّراب المصافحـة التي وصفـت بالتاريخية بين الرئيس جـلال طالباني و وزير الدفاع الاسرئيلي ايهـود باراك، سـقطت صورتـه عن البـورتيه الذي رسـمته وسـائل الكــلام و اللهـو و الطهــو العربيـة و كذلك عن خلفيـة المشهـد وعن تحليلات وتحريمات هذه الوسـائل ليس بسبب ضخامـة الرئيس طالباني و تغطيتـه على الرئيس عبـاس لأن الأخــير يظهـر بوضـوح بابتـسامه العريضـة التي تفـوق حتى حجـم الرئيـس الأول وهو يتـوسـط الرجلــين و بالتالـي الصـورة الثـلاثية أثنـاء تقديمـه باراك للرئيس طالبانـي.
سـقطت هذه الصـورة إذآ حتى لا تتغـير الصـورة المشرقة للفارس العربـي الذي لا يفتـح باب الكـرم العـربي..

أو يقــوم بتسليم مفاتيـحه أو على الأقل لا يقـوم باستبدال الفزاعـات القوميـة الكـثيرة فيه بأقمشـة بيضـاء اللـون تستعمل كرايات ترفع على ما تبقى من قـلاع عربيـة عصيـة على الفتـح، ولذلك يمكن حسـب لوحـة الوهـم التي رسمتهـا وسائل الكـلام تلك الفصـل بين طالبانيين اثنين: طالباني عربي هو رئيس جمهـورية العـراق و هو لم يصـافح قطعـآ بصفتـه هذه الوزيـر باراك، وطالباني آخـر هو مـام جـلال الكـوردي، ابن السليمانية، رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني، وهو بصفاته هذه المجـردة من العروبـة و ليس بغيرهـا من أستسلم ليـدي باراك الممـدودتين.

     
و قد أثبـتت بذلك هذه الوسـائل و بالدليـل القاطـع أنها تـرى أبعـد من أنفهـا و لكنها لا ترى أنفهـا ذاتـه و صنـوف الألعـاب التي تمـارس على ظهـر هذا الأنف.


دولـة قطــر مثـلآ التي أصبحت قناتها صـوتآ لتيـار الممانعـة أقامت وعبـر هذه القنـاة الأفـراح و الليالـي المـلاح لاكتشافاتها في مجـال ما بعـد بعـد المصافحة للتشويش ربما على الكـثير من سلوكياتها الاجتماعيـة الأكـثر من متحضـرة في مجـالات العـلاقات العامة و الخاصة فتناولت كثيرآ هذه المصافحة و هي التي وصفها مكتب مـام جـلال بأنها (وهي فعـلآ كذلك) سـلوك إجتماعـي متحضـر، و لم تتوقف بعد عن التشكيك بهـا و بأنها قـد تكبــل العـراق بقـواعد عسكـرية من وزن قاعـدة العـديد الامريكيـة الضخمـة في قطـر، و بـزيارات متبادلة بين مسـؤولين إسـرائيليين و عـراقيين من وزن الزيـارات التي يقـوم بها المسؤولين القطريين الى اسرائيل سـرآ أو التي قـام بها الرئيس الاسرائيلي بيريز و من ثم وزيرة خارجيته تسيفي ليفني الى الدوحـة و مقـر قنـاة الجـزيرة بالذات علنـآ.
مكتب الرئيس طالباني و قطعـآ لدابر التأويلات و التفسيرات قصـر تأثيرات المصافحة على الرئيس باعتباره رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني و نائبآ لرئيس الاشتراكية الدولية تاركـآ للآخـرين تفسـراتهم لها ولعلاقاتهم العلنيـة أو السـرية بالشـكل الذي يرضـي غرورهم.
كانت الأمـة العربيـة و لا زالت على مـدى تاريخهـا المديـد تأخذ إما بأصول الآخرين أو بأفعالهـم حسب مصلحتهـا، فالقائد الكوردي صـلاح الدين الأيوبي إبتلعت أعماله التي خدمت الأمة العربية أصـوله الكوردية حتى لم يعد أحـد يتذكرها، و هناك الكثير من العلمـاء و الادباء الذين لا يأتي أحد على ذكر حياتهم الشخصية كونهم لا ينتمون للامة العربية، في حين تجـري أبحـاث و دراسـات لسـلخ كل من قـام  بفعـل لا ينسجـم و بحــور الشـعر العربـي عن الأمـة العربية حتى يبقـى ثوبها ناصع البيـاض، مع العلم انها قد خلعتـه وعلقتـه على سـارية عاليـة.

04.07.2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…