هل انتهى حلم أمريكا بالشرق الأوسط الجديد؟

حسن برو

 معظم الأمريكيين تصوروا حينما قام الجيش الأمريكي بغزو العراق أو احتلاله و توالي السقوط السريع لمعظم المدن  العراقية ،وانهزام الجيش العراقي  بالسرعة الغير متوقعة لأحد، كان في تصورهم أن يتم لهم بسط السيطرة بسهولة وأن غالبية الشعب العراقي سيستقبلهم بالورود ،ولن تكون هناك صعوبات تواجههم سواء بالتفاهم مع الشعب أو السياسيين، إلا أن  هذا الاحتلال لم يكن مثلما توقعوه ، حيث أصبح العراق قبلة للجهاديين والإرهابيين وبخاصة في المناطق السنية وتزايد عدد قتلى من الجنود الأمريكيين، وسيطرة المليشيات على الكثير من مفاصل الحكم واختراق الأجهزة الأمنية والشرطة والجيش من قبل الجهاديين جعل من المشروع الأمريكي يتعطل إلى الآن على الأقل للأسباب التالية:
 1- عدم موافقة غالبية السنة على هذا المشروع في العراق
 2- تدخل الإيراني من خلال بعض رموز الحكم والسيطرة على المفاصل المهمة
 3- ارتباط غالبية المرجعيات بإيران 4- محاولة إيران مقايضة ملفها النووي بالاستقرار في العراق ولبنان
 5- عدم موافقة سورية على مشروع الشرق الأوسط الجديد إنما تعتبر نفسها ضد هذا المشروع من بدايته،
إلا ان ما أنعش الآمال بالنسبة للأمريكيين والحكومة العراقية هو انضمام العشائر السنية كقوة فاعلة ضد تنظيم القاعدة والجهاديين ، ولكن يبقى كل ذلك رهناً بالنجاح القادم في الانتخابات المقبلة العراقية وترتيب الأوراق بالنسبة للقوى الموجودة على الساحة العراقية من (شيعية وسنية وكردية )وأي فشل في صناديق الاقتراع برأيي ستتحول إلى …..(عمل مسلح) وهذا ما لا أتمناه ….سواء أخسر السنة أو الشيعة وهذا ما سيجعل من الخطوة الأولى لهذا المشروع (الشرق الأوسط الجديد) معطلاً، كما أن المشهد العراقي له تداخل  وتشابك  مع المشهد اللبناني في أكثر من محور حيث يتم التدخل الإيراني السوري من خلال حزب الله وحركة أمل، وأكدت الأحداث الأخيرة بأن أي مشروع لا يوافق عليه (حزب الله وحركة أمل) لن يجد النور في لبنان وأن أي تجاهل لهما هو بالنهاية حرب أهلية ،وفي ظل غياب دور أمريكي في اتفاق الدوحة والتي أعطت للمعارضة اللبنانية الثلث المعطل كما طلبه ،ومع ذلك قام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله  بتهديد الرئيس المتفق عليه(ميشيل سليمان) بشِأن سلاح (حزب الله) واعتبر أن سلاح المقاومة ليس بحاجة إلى إجماع اللبنانيين رداً على خطاب القسم الذي ألقاه أثناء توليه مهامه الرئاسية، أما في فلسطين ، لا يزال تقسيم النفوذ في غزة (بيد حماس) والضفة الغربية بيد (فتح) إلا أن الفرق بين غزة والضفة هو وجود شرعية دولية  لمحمود عباس  أما هنية ليس هناك اعتراف به (سوى من بعض الدول المحددة والمتداخلة) أيضاً بالمحورين السابقين (العراقي واللبناني) حيث أن نفس الحلفاء لـ(حزب الله وحركة أمل) هم نفسهم مع حماس في غزة ، والباقي مع فتح في الضفة ، ويبدو أن الاختلال بالتوازن في المحاور الثلاثة (العراقي اللبناني الفلسطيني ) إلا إذا تم الاتفاق على صيغة ما بشأن السلام والمحكمة الدولية مع سورية ،والتوصل لاتفاق مع إيران بشأن ملفها النووي ،وإعطاء ضمانات معينة للطرفين حينها يمكن ان ينجح الخطوة الأولى في العراق ومن بعدها في لبنان ، وهذا ماسيؤدي بالنتيجة إلى تغييرات محدودة في المنطقة ، لا كما يتصوره البض بأن الأمور ستنقلب إلى درجة مائة وثمانون بل بالعكس ربما تغيير أمريكا من مشروعها الجديد في المنطقة من خلال استيعاب الأنظمة وعدم مواجهتها كما فعلت مع صدام حسين ،وهذا ماتؤكده المعطيات ونبرة الخطاب الأمريكي الذي كان في بداية ولاية بوش الأبن بوتيرة متصاعدة بشأن إيران وسورية وتسمية الدولتين بمحور الشر وبدأت الوتيرة تقل كلما اقتربت نهاية ولايته وحتى بتنا لانسمع بأن الرئيس بوش يهدد الدولتين بالرغم من تعرض الزوارق الإيرانية  لأسطوله في الخليج واستمرار إيران في برنامجها النووي بل يسعى إلى استخدام البرادعي ومجلس الأمن للتفاهم بهذا الشأن.

ولذلك يمكن القول بان المشروع الأمريكي بشأن الشرق الأوسط مؤجل إلى إشعار أخر في المنطقة أو ربما تكون لها خطط بديلة كما ذكرت سابقاً .

 
10/6/2008

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اعتبر الزعيم الكوردي رئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني مسعود بارزاني، يوم الجمعة، أن الارضية باتت مهيأة لإجراء عملية سلام شامل في منطقة الشرق الأوسط للقضية الكوردية. جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال انطلاق أعمال منتدى (السلام والأمن في الشرق الأوسط – MEPS 2024) في الجامعة الأمريكية في دهوك. وقال بارزاني، في كلمته إنه “في اقليم كوردستان، جرت الانتخابات رغم التوقعات التي…

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…