حوار مع (عبد الرحمن آلوجي) سكرتير البارتي الديمقراطي الكردي – سوريا

حسين أحمد :
Hisen65@hotmail.com

س1- الواقع السياسي الكردي هو واقع مأزوم ,ويواجه استعصاءات وانسدادات كبيرة .

برأيك هل من مخرج أو حلول ممكنة لهذه الازمات التي تتعرض لها الحركة الكردية في الراهن   ..؟؟
ج1- في الوقت الذي يزداد الإلحاح على ضرورة معالجة واقع التشرذم و التأزم في الحركة الكردية في سوريا و لجم وتيرة الصراع , و الدفع باتجاه رأب الصدع , و في الوقت الذي فشلت فيه التجارب الوحدوية المباشرة ..

في زمن يزداد حجم الاحتراف و الذاتية و الفردية , و النزعات القبلية رواجا و تفشيا ..

كان لا بد من توضيح المسار الحقيقي , و لملمة الشمل , و البحث عن مخرج مشرّف , يرضي طموحات الحركة و منطلقاتها الأساسية , و يلبي الثوابت و الضرورات الوطنية الكبرى , و التي كانت القواسم المشتركة العليا جامعا و مؤسسا
و من أجل ذلك كان لا بد من تلمس مخرج يضع حدا لواقع الشرذمة و الانقسام , بتحديد أفق واضح للعملية السياسية , و ترجمة ذلك إلى واقع ميداني , يجسد طموح الجماهير الكوردية للخروج من الاستعصاءات و الانسدادات التي ذكرتها , و لا يمكن ذلك إلا من خلال تحرك واقعي يتجاوز الأزمات و يتخطى الصعوبات التي فاقمتها الأحداث الأخيرة في التحالف.

س2 – ثمة نقاشات جارية حول (مرجعية سياسية) ، ولكن هناك خلافات واختلافات حولها والعديد من العثرات التي تقف حائلاً لإنجازها هل ممكن توضيح وجهة نظركم في هذه المسألة اكثر ..
ج2- إن الخلافات الأساسية التي أدت إلى شرذمة الحركة و تأزيم وضعها , ووضع العقبات أمام تطورها باتجاه التوحد و الاتفاق و الوصول إلى صيغة عمل مشترك كامنة في الأصل في ذاتية الحركة , و توجه بعض الشخصيات إلى مآرب ذاتية محددة , تستفيد من واقع الانقسام و التشتت , مدفوعة في ذلك بدوافع شتى , أقل ما يقال عنها أنها بعيدة عن المبدئية , و خدمة الخط الوطني و التوجه القومي و تلازمهما , حيث تفتعل معظم الخلافات لتكون عقبة في وجه بناء الثقة , و إعادة اللحمة , متذرعة في ذلك بصيغ و مفاهيم بعيدة عن جوهر النضال , متمرغة في المساومات , ساعية إلى توتير الأجواء دون حسم القضايا الأساسية و الملحة , و هو ما أكدنا عليه مرارا و منذ سنين , و كان قرارنا في المؤتمر العاشر تجسيدا لتوجهنا و طموحنا نحو تجاوز كل معرقل , و السعي للاتفاق على صيغة الحد الأدنى الممكن لبناء مرجعية سياسية , و تحضير آلية فاعلة لذلك , و هو ما نسعى إليه الآن , من خلال جماهيرنا و أصدقائنا و حلفائنا , بكل ما نملك من جهد.

س3 – الا تتفق معي بان الحركة الكردية لا تزال تقف على مسافة بعيدة لتحمل مسؤولياتها بشكل جدي ..!!
ج3- هذا صحيح بالقياس إلى واقع الترهل و التشرذم و الانقسام , و بؤس الواقع الحركي الذي يفترض ارتقاء إلى مستوى المرحلة و آفاقها و التطورات المتسارعة و المتلاحقة التي تعصف بالمنطقة و العالم , و تستوجب مراجعة جدية لهذا الواقع.

س4 – الا تتفق معي بأن هذا الكم الهائل وغير المبرر لعدد الأحزاب هو أفصح تعبير عن ضعف أداء الحركة الكردية في سوريا ..؟؟
ج4- لا ريب أن الانقسام مرتبط بعامله الذاتي و الموضوعي الذي أكدنا عليه مرارا , حيث يتجلى في التشظي غير الطبيعي و الذي ساهمنا في معالجته عبر لقاءات وحدوية على مدى سنوات دون أن نحقق نجاحا مذكورا أمام شدة  التحديات , و شراسة الاستعصاءات , و صعوبة تخطيها , مما افترض معالجة من نوع آخر يرتفع فوق عوامل الانقسام بالتأكيد على تعرية المنقسمين , و فضح أساليب ووسائل المنشقين و تحركاتهم المشبوهة و المدانة.

س 5 – برأيك من المسئول بالدرجة الأولى عن هذه الانشقاقات التي حصلت في جسم الحركة الكردية ..؟؟
ج5- إن المسؤول الأكبر عن تفتت الحركة و تمزقها و وصولها إلى حالة مزرية هو من وقف في وجه أي طموح وحدوي يعالج الآثار الوخيمة و النتائج الكارثية لهذا التفتت (لأن صانع الانشقاق لا يمكن أن يرأب الصدع) , و هؤلاء المسؤولون عن عملية تدمير البناء التنظيمي للحركة منذ البدء هم الحائلون دون معالجة الأزمة , و تطبيب الحالة بعد تشخيصها , ممن اختاروا تنفيذ المخطط المرسوم للنيل من الحركة , و تشويه أهدافها , و زرع الفتنة في صفوفها , و الاصطفاف مع أعدائها , و لجم تطلعاتها , و ركوب متن الغرائزية الذاتية , و زرع اليأس في قلوب الكوادر المتقدمة , و إحداث الهوة المظلمة بين هؤلاء و النخبة و الجماهير , بما يزرع البؤس و التخلف و التراجع التنظيمي و تغييب الطاقات و الإبداعات عن الانخراط في صف الحركة , مع تنامي حالة اليأس و التردد و الارتكاس.

س6 – الا تستغرب مثلي من هذا العدد الهائل من الأحزاب التي لم تتواجد على الساحة بطريقة الصدفة ..؟؟ وهل  تعبر فعلاً عن واقع فكري أو إيديولوجي أو طبقي أو سياسي ..
ج6- سبق أن بينت لك أن هذا الكم الهائل مدفوع بعوامل غير طبيعية , و غير منسجمة مع تطلعات الجماهير و رؤيتها و افقها الوضيء , و ما التسلح بقضايا فكرية أو أيديولوجية أو نحوها إلا عملية فرار من استحقاق هذا الطموح و ذلك التطلع الذي يستوجب مراجعة أمينة , و حسّا وطنيا رفيعا و شعورا عاليا بمسؤولية نقدية تتناول واقع تخلف الحركة عن أهدافها , مهما كانت الواجهة براقة و مغرية.

س7 – برأيك الا تعتقد بان هناك من يعمل على تهيئة الأجواء للانشقاقات وهناك من يمارسها , وهناك من يعمل على احتضانها ونفخ الروح فيها لجعلها أمرا واقعاً تحت هذا المسمى أو ذاك.
ج7- لا مراء في ذلك لأن من يسعى إلى الهدم و التحطيم , يتخذ إلى ذلك أسبابه من الإزاحة و الإلغاء و أدواتهما تشهيرا بكوادر الحركة المتقدمة , و إلهاء لهم عن أداء دورهم الإعلامي و الفكري و التثقيفي , بزرع الألغام في طريقهم , و إثارة الرعب الفكري في طريق الحركة , و إشاعة جو من البلبلة و الفوضى و هدر الوقت فيما لا طائل تحته , في وقت يعز فيه الوقت و تشتد الحاجة إلى دقات الزمن لتدارك تسارعها مع تطورات البث و الاتصال و السباق العلمي و التقني و المنهجي , في وقت باتت السياسة علما و تخصصا و مواكبة للمد العالمي , و تداخله مع قضايا المنطقة , مما يجعل من هدر الوقت جريمة ترتكب بحق الحركة و أهدافها الكبرى , و إهدارا للطاقات و الإبداعات التي تنال من قدسية التلاحم بينها و بين فعالياتها و قواعدها المجتمعية , و هو ما يؤثر إلى حد بعيد في بناء منهجية تنطلق من ثوابت فكرية ووطنية و أخلاقية هي في الصلب من تراثنا النضالي الذي تلاعب به هؤلاء على مدى عقود , و هم يدركون أنفسهم , و يفهمون بعمق الدور الذي يأدونه في غل الحركة و أسرها و تحديد أفق انطلاقتها الواعدة.

 

س8- ألا تتفق معي بأن ما يحصل الآن على صعيد (السياسية الكردية) هو هروب البعض من مسؤولياتهم السياسية والوطنية  .

أم انه فك وتركيب الإطارات جديدة لأنها لم تعد نافعة في الوقت الحالي ..

.؟؟
ج8- في هذا الوقت بالذات ينبغي أن تتوضح الخطوط و المعالم , و أن يتحمل المثقفون و الأكاديميون و المبدعون الكورد مسؤولياتهم في تحديد الأطر الفاعلة , و المواقف التي باتت مفروزة  وواضحة المعالم, و الاتجاهات  و الوسائل  الحائلة  دون ترتيب الإطار الأشمل و الأوسع الذي يستوعب برنامج الحركة و رؤيتها الوطنية و ثوابتها و منطلقاتها الأساسية , و يستبعد كل ما هو مهترئ و عابث و معرقل , لأن المسؤولية جماعية و تاريخية , و لا تكاد تتعلق بهذا الفصيل أو ذاك بقدر ما يمكن أن يجمع الفصائل الوطنية هذه الثوابت , و ذلك الخط الوطني الأصيل , و الذي كان البارتي يسعىإلى بلورته و إيضاحه و بيان خطوطه العريضة و وجهه الناصع , في بعديه الوطني و القومي و رؤيته الكردستانية الواضحة , و نظرته المدنية إلى واقع التغيير و التطوير , مما يستدعي وقفة جادة و دون تردد لتمييز الخطوط و المعالم الأساسية و فرز المواقف في الحركة بدقة و هو ما نعمل من أجله.

س 9 –  إلى أي درجة ستؤثر خلافات التحالف على مكانة الكرد في إعلان دمشق للتغير الديمقراطي ….
ج9- لقد أثر هذا الخلاف بل استحكم تأثيره و أدى إلى تراجع كبير في مكانة إعلان دمشق ودوره السياسي, و مدى فاعلية هذا الدور , كما كان لهذا الخلاف أثره في الضربة التي وجهت إلى التحالف نفسه مما فاقم و أثر على أدائه السياسي , في الوقت الذي كانت هيئاته تشكو حالة بعد عن التفعيل الواقعي , و ترجمة أهدافه إلى العمق الجماهيري , مما يستدعي عملية المراجعة التي ذكرناها للبحث عن بديل أوسع و أشمل و أقدر على تلبية متطلبات المرحلة.

س10 – بوضوح تام ما هي رؤية البارتي الديمقراطي الكردي في سوريا حول كل هذه الاشكاليات التي حصلت في جسم الحركة الكردية وهل ممكن الاتفاق في ظل هذا التشرذم الحاصل داخل صفوف الحركة الكردية في الوقت الحاضر…؟؟
ج10- نعم يمكن البحث عن صيغة بديلة تقوم على القواسم المشتركة العليا للحركة , و التي سبق أن أشرنا في مقالنا الفتتاحي لعدد  نيسان من جريدة البارتي في شرح هذه القواسم , و التأكيد على ضرورة التلاقي الكردي على صيغة عمل من شأنها أن تلتقي حول هذه القواسم في آلية ضبط تنظيمية , تحت مسمى  “المجلس السياسي , أو الهيئة الوطنية , أو ميثاق العمل الوطني” أو أية تسمية تتفق عليها الحركة , و تحدد آفاق عملها السياسي دون إبطاء أو تردد أو ركوب متن ردة فعل معينة , و هو ما أكدنا عليه مرارا من خلال مواقفنا المعلنة و رؤيتنا الوطنية , معززين النهج النضالي للحركة بجرأة و موضوعية و جلاء , مؤمنين أن نهج البارزاني الخالد هو نهج الكوردايتي الجامع و المهندس للطاقات الكردية وطنيا وقوميا وعلى مستوى الرؤية الإنسانية و الديمقراطية الرائدة.

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين في خطوة جديدة أثارت استياءً واسعاً في اوساط السكان ، تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي قراراً منسوباً لهيئة الاقتصاد التابعة “للإدارة الذاتية” برفع سعر ربطة الخبز من 1500 ليرة سورية إلى 2000 ليرة سورية ، وقد جاء هذا القرار، في وقت يعاني فيه اهالي المنطقة من تهديدات تركية ، وضغوط اقتصادية ، وارتفاع غير مسبوق في تكاليف المعيشة….

عبدالله ىكدو مصطلح ” الخط الأحمر” غالبا ما كان – ولا يزال – يستخدم للتعبير عن الحدود المرسومة، من لدن الحكومات القمعية لتحذير مواطنيها السياسيين والحقوقيين والإعلاميين، وغيرهم من المعارضين السلميين، مما تراها تمادياً في التقريع ضد استبدادها، الحالة السورية مثالا. وهنا نجد كثيرين، من النخب وغيرهم، يتّجهون صوب المجالات غير التصّادمية مع السلطات القمعية المتسلطة، كمجال الأدب والفن أو…

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…