حزبنا ومفهوم العمل التحالفي

افتتاحية صوت الأكراد *

أن كل مهتم بالشأن الكردي ، ومطلع على واقع الحركة الوطنية الكردية في سوريا قبل حوالي ربع قرن، يدرك كيف كان حجم معاناتها، من حالات التشتت والتشرذم والمهاترات الضارة التي أساءت بالعلاقات الأخوية والرفاقية بين أطرافها، وأضرت بالمصلحة الوطنية والقومية، ولهذا كان لابد من التحرك سريعاً ، لتصحيح مسارها وتفعيل دورها وأدائها النضالي ، من خلال العودة إلى إيجاد صيغة جامعة وناجعة لانتشالها من براثن ذلك الواقع المزري.

 

وكان حزبنا في مقدمة الأحزاب الكردية التي عملت وحملت عبء تجميع الأطراف الكردية الصادقة في توجهها ، من خلال إصدار بيانه التاريخي عام1991، الذي دعا فيه جميع فصائل الحركة الوطنية الكردية (صغيرها وكبيرها) إلى الانضواء تحت لواء صيغة جامعة، والالتفاف حول برنامج عمل وطني كردي يخدم قضية شعبنا العادلة ويصب في مصلحته، بغض النظر عن مصلحتنـا كحزب ، أو مصلحة أي فصيل آخر وبدون هيمنـة أي طرف على الآخـر ، معتبراً أن قضية حقوق شعبنا الكردي هي فوق كل المصالح الشخصية والحزبية ، وهي الغاية والهدف.
وبناء على ذلك بذل حزبنا جهداً كبيرا بالاشتراك مع بعض الأحزاب الكردية الأخرى ، لإيجاد صيغة (التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا) على أرضية أن أي عمل تحالفي يتمثل بالاعتراف الديمقراطي بين الأطراف المكونة لتلك الهيئة ، وبالاختلافات الموجودة بينهم على الأصعدة السياسية والفكرية، وعلى هذا الأساس فقد انضوت تحت مظلة التحالف مجموعة من الأحزاب الكردية، اتفقت فيما بينها على برنامج سياسي يجسد الحقوق الوطنية والقومية لشعبنا الكردي في سوريا, وبرنامج تنظيمي مبني على التوافق والتداول والمساواة في الحقوق والواجبات بين الأطراف .

وينظم العلاقة فيما بينهم على مبدأ احترام الرأي والرأي الأخر, ويوفر آلية اتخاذ قراراته.

لذا فان حزبنا يرى أن العمل التحالفي بعيد عن المحاصصة وتوزيع الحصص حسب حجم التنظيمات المكونة له ، لان المحاصصة تعد إلغاء للسياسة ، وان السياسة الصحيحة هي التي تنطلق من الواقع التي تعني تحقيق علاقة صحيحة بين الواقع والفكر من جهة والممارسة العملية من جهة أخرى، أو بين النظرية و التطبيق، وتأسيساً عليه ، سيكون دفاعنا وإصرارنا وتمسكنا بالتحالف الذي يجمع القوى والأحزاب الكردية حول برنامج عمل يهدف في مضمونه الأساسي إلى توحيد الكلمة والفعل، وتشكيل فريق عمل مشترك، وتعميق الثقة المتبادلة، وإخراج العمل والنضال الكردي من أجواء المهاترات الضارة، إلى واقع تسوده العلاقات الأخوية والرفاقية والعمل الجماعي ، متخطيا الأنانيات الشخصية والحزبية الضيقة ، ومن ثم إخراج السياسة الكردية من المستوى الخطابي الشعاراتي إلى العمل الجماهيري المطلبي .
أن هذا التوجه لدى حزبنا نابع عن قناعته على مدى العمر النضالي له ، والذي استطاع التميز بين ما هو آني يسعى إلى تحقيق مكاسب وقتيه تصب في المصلحة الشخصية والحزبية الضيقة، على حساب تضحيات شعبنا الكردي، وبين الذي يجعل الشعب منطلقه الأساسي.

ووفاء لهذا التوجه التاريخي لحزبنا، نرى من واجبنا الدفاع عن سياسته التحالفية، وعن جديه ومشروعيه النضال المشترك، الذي يعني لنا، أن التحالف ضرورة وطنية وقومية، يأخذ بالاعتبار الوجود التاريخي للشعب الكردي وخصوصيته القومية ومشروعية نضاله العادل، وهو ليس ضرورة حزبية لأي حزب كان يجعله شماعة يعلق عليه إخفاقاته، كما انه الصيغة الأكثر عملية لواقع التشرذم والأزمات السياسية التي هي نتيجة التناقض بين التوجه النظري والممارسة العملية، كما أن التحالف هو ضرورة لتأسيس مفهوم رفاقي يربط أطراف الحركة الكردية من حيث التوجه والأهداف والفعالية وترسيخ آلية عمل منظمة تساهم في خلق خط جماهيري يدعمه ويسانده، كما انه يوسع مفهوم ومدارك القوى السياسية الكردية للديمقراطية والحوار الرفاقي ، فالديمقراطية السليمة لا تعني أبدا إلغاء الآخر بل تعني تعميق الحوار الحر الهادف والمتبادل للوصول إلى قواسم مشتركة وحلول منصفة لفض الخلافات التي تنشب بين أطراف التحالف، وليس بالأسلوب الانقلابي الذي يمارسه البعض كما يجري الآن في داخل التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا.
——-
* لسان حال اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي) – العدد (403) أيار 2008


لقراءة مواد العدد انقر هنا  denge.kurd_403

 

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين في البلدان المتحضرة التي يحترم حكامها شعوبهم ، وعلماؤهم ، ومفكروهم ، ومثقفوهم ، تولى مراكز الأبحاث ، والدراسات ، ومنصات الحوار الفكري ، والسياسي ، والثقافي ، أهمية خاصة ، وتخصص لها بشكل قانوني شفاف ميزانية خاصة تبلغ أحيانا من ١ الى ٢ ٪ من الميزانية العامة ، وتتابع مؤسسات الدولة ، بمافيها الرئاسات ، والوزارات الحكومية…

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…