أسباب أزمة الحركة الكردية في سوريا (4) محاولة تشخيص أسباب أزمة الحركة الكردية في سوريا

محمد قاسم

الحلقة الرابعة
   وسنحاول تشخيص أسباب أزمة الحركة الكردية في العوامل التالية:
   أولا)- التخلف العام للكرد.

ويتجلى هذا التخلف في:
   1- تكوين نفسي يتميز به الكردي- وشعوب الشرق عامة- ومن مظاهره:

 تغليب القوى  النفسية لدى الإنسان الشرقي عموما والكردي خاصة (القوى العاطفية- القوى المزاجية –القوى الغرائزية…) على القوى العقلية (القوى المنطقية).
تتقاطع هذه الصفة أو الحالة – وهي إنسانية عامة بدرجة ما – مع نتائج حالات موضوعية؛ مثل (أثر الطبيعة في تكوين العشائرية, أثر الحكام في تشجيع البعد السلبي في العشائرية..) ولكن – وكما سلف القول- فإننا نتحمل المسؤولية في نهاية المطاف, ويقع علينا- كأمة(شعب) كردية-عبء المعالجة…!
   وبالوقوف على التاريخ الكردي نكتشف في هذا الشعب(الأمة) طاقات كامنة؛ يمكن أن تتحول إلى قدرة علمية فاعلة؛ تعين على تجاوز المعيقات (الموضوعية) إلى درجة مفيدة.

فإذاً، نحن بحاجة –دوما- إلى أن نحسن تفجير الطاقات الكامنة (الذاتية) هذه, وبأسلوب مدروس، لتعود علينا النتائج بما يفيد.
 وفي هذه النقطة يكمن السبب الثاني (أو ربما يكون هو السبب الأول) وهو:
   ثانيا)- الجهل المعرفي (قديما بشكل خاص):
   فعلى الرغم من الحالات العلمية الفذة, والتي ترعرعت في بيئة المجتمع الكردي تاريخيا.

فقد ظلت تلك الحالات ذات طابع فردي (مثلا..أحمدي خاني-ملايي جزيري-ملا محمودي بايزيدي-فقي تيران..الخ).وكثير من هذه الحالات كانت مستثمرة في اتجاهات قلما خدمت القضية القومية-سياسيا- للكرد مثل (محمد كرد علي،معروف الرصافي..

غالبية العلماء المتدينين إجمالا؛مع التذكير بأن اغلب الحركات القومية الكردية كانت على يد العلماء الكرد، عبيد الله النهري-الشيخ رضا-الشيخ محمود الحفيد-القاضي محمد-البارزاني مصطفى-الشيخ سعيد بيران ..الخ) ولهذا الأمر دلالة ،ومحطة ينبغي ان تدرس تحليليا وبعمق..!
 وإنني لا أقلل من قيمة هذه الحالات كإرث تاريخي (كردي إسلامي..), وإنما فقط لأشخص الواقع المعرفي كما كان..

أو كما هو..

من جهة.

وللتأكيد على دور التكوين النفسي الكردي في حياتهم من جهة أخرى.
   مرة أخرى أقول: للجهل علاقة بمؤثرات موضوعية في سياق جدلية العلاقة بين (الذاتي والموضوعي).

ولكني أعود للتذكير بأنني منذ الخطوة الأولى في محاولة تشخيص الأسباب, أكدت على أن ساحة العمل لدينا-كشعب كردي (أمة) دوما هي في الانطلاق  من الأسباب (العوامل) الذاتية أساسا, ومن ثم فنحن لا نملك التأثير في الأسباب (العوامل) الموضوعية إلا انطلاقا من الأسباب (العوامل) الذاتية…!
   ومن المؤسف أن الطابع الثقافي الغالب بين الكثير من الحزبيين هو طابع (سياحي) كما سماه محرر مجلة الحوار في مقدمة  أحد أعدادها.

وهي ثقافة قال عنها الكرد في مأثوراتهم ما يوضح دورها وأثرها:
 ((nîv mela dîn berdan  nîv textora can bi derd dan ,)) وترجمته:الطبيب النصف (في مقدرته الطبية) سبب المرض للجسد (أو الروح) فكلمة جان تستخدم بمعنى الجسد وبمعنى الروح أيضا-وهو الغالب- بحسب السياق، والعالم النصف (في مقدرته العلمية) أهدر الدين وأفسده.
   هذه هي الحقيقة فإن المثقف النصف (في مقدرته الثقافية) قد يكون من أسباب المشاكل على كل صعيد،والسياسة أحد هذه الأصعدة،وربما أخطرها باعتبارها الموقع القيادي في حياة الشعوب.ونعني بالمثقف هنا الحزبي المثقف والمثقف غير الحزبي.
   ثالثا)- تخلف صيغ العلاقات الاجتماعية.

و تجليات هذا التخلف هي:
   1ً- الحالة العشائرية المستندة إلى روابط كلاسيكية نفسية لم تعد تتلاءم مع ما يفترض من التطور الاجتماعي نحو علاقات أوسع، وأكثر معقولية (القومية مثلا) وضرورة أن تكون القومية أيضا منفتحة, خاصة وأن مفهوم العولمة يزداد حضورا في حياة الشعوب سواء رضيت بها أم لم ترض..!.ونرى أن القومية والوطنية مترادفتان بمعنى ما –نظريا على الأقل-وان كانتا قد لا تتطابقان واقعيا،خاصة في الحالة الكردية والتي تتوزع القومية بين عدد من الأوطان..!
ومما يؤسف له أن صيغة العمل السياسي للأحزاب الكردية قد ساهمت ،بشكل أو بآخر،في إحياء الروح العشائرية في تناسق –ربما غير مقصود، وربما مقصود أيضا في بعض الحالات-مع هوى وإجراءات السلطات ..
فمن المعروف تاريخيا؛أن هوى رؤساء العشائر والأغوات ومن لف لفهم، هو مصالحهم التي تتقاطع مع مصالح السلطات أبدا –ما عدا حالات محدودة قد تلعب القيم الأخلاقية والوعي القومي والوطني، دورا في حياتهم.

أو يتميزون بخصوصية تكوين شخصيتهم.
   2ً- سيادة روح الاستسلام بتأثيرات تربوية صوفية، أو عشائرية (اجتماعية) فضلا عن طبيعة التربية السيكولوجية الاجتماعية عموما.
(يقول احد المشايخ”محمد أمين الكردي ” في كتابه”تنوير القلوب”: (( ومنها أن لا يعترض عليه (أي المريد على الشيخ) فيما فعله، ولو كان ظاهره حراما، ولا يقول لم فعلت كذا، لأن من قال لشيخه لمَ؟ لا يفلح أبدا.

فقد تصدر من الشيخ صورة مذمومة في الظاهر وهي محمودة في الباطن….) ص559.


ومن مثل هذه التوجيهات، الكثير.

والتي توجه المريد إلى عطالة العقل لديه.وعلى الرغم من أن طبيعة التصوف من حيث هدفه هو:
تطهير القلوب والسمو الروحاني ، إلا أن المنهج المعتمد كان وسيلة فعالة في تعطيل القدرة العقلية الفاعلة فيه، وتربية روح الاستسلام السلبية.ومعروف مساحة التصوف في حياة الكرد تاريخيا.

وفي كلتا الحالتين (العشائرية والحالة التصوفية) لم تكن العلاقة – دوما- مثالية بين طرفي العلاقة (العشيرة ورئيسها، والمريدون و شيوخهم) مما أورث ارتباكا في طبيعة العلاقة الطبيعية بينهم.في نمو الشخصية الفاعلة فكريا، والمتوازنة نفسيا، والحرة (فكريا ونفسيا..).
 والذي يهمنا -هنا – هو هذا الموروث السلبي في تكوين واستمرار” علاقة التبعية”، والتي تكاد تكون سمة للكردي (ضمن دائرة شعوب شرقية أخرى) فهو يبحث عن أول من يتحمل عنه المسؤولية ليستسلم إليه اتكالا، أكثر منه قبولا واعيا محسوبا-العلاقة بين القيادات الحزبية وقواعدها مثلا- وإذا كان التطور الاجتماعي بشكل عام ،وانتشار المعرفة (التعلم) ومنعكساتها في الحياة، قد ساعدت على تقليص دور كل من رئيس العشيرة والشيخ في رفد علاقة التبعية بالنمو والانتعاش, فقد حلت الشخصية الأولى (أو بعض القياديين المتنفذين) في الحزب الكردي مكانها – بدرجة واضحة-..

في المستوى النفسي على الأقل.

وأصبح ما يصدر عنه من قول أو فعل (توجيهات, تعليمات, و قرارات…) يتخذ صفة تقرب من القداسة (الصوفية) أو التبعية الاجتماعية (العشائرية) الميكانيكية.
 وهذا يتنافى مع طبيعة العلاقة السياسة التي تبنى أساسا، على وعي الظروف ..وعي طبيعة العلاقة المفترضة..فالعلاقة السياسية؛علاقة طوعية، وواعية افتراضا، بخلاف العلاقة العشائرية والدينية، حيث أن العلاقة في الحالة الأولى طبيعية(علاقة دم..) و في الحالة الثانية علاقة أساسها المعتقد الغيبي..

(الإيمان النفسي أساسا).


وكلتاهما تتأثران بالحالة النفسية أكثر من العقل-إلا عندما يكون المرء واعيا بكفاية … ولابد من التذكير بأثر التعدد المفرط (الانشقاقات) في تعزيز هذا المنحى.

وإن كان يشكل هذا المنحى نفسه (العلاقة السكونية بين الأعلى والأدنى دينيا أو عشائريا ومن ثم حزبيا) سببا في هذا التعدد إلى جانب أسباب أخرى..!.
   أوجدت هذه الحالة في المجتمع الكردي –وغيره أيضا-مناخا, انحرفت فيه مسيرة العلاقة في الحزب؛ من الحالة الواعية لها (افتراضا) إلى مستوى التبعية للشخصية الأولى (أو بعض الشخصيات الإدارية في الحزب), والارتباط النفسي العاطفي و ألمصلحي مع باقي أفراد الحزب (نموذج جديد للعشائرية).
 إننا – هنا – لا ننسى أهمية دور العاطفة في تقوية اللحمة بين أفراد حزب ما (أو أية جماعة) ولكن بشرط أن يبقى العقل النشط-كنتيجة لوعي كاف- هو المهيمن في توجيهها، (ووفق مقتضى المصلحة القومية العليا “الهدف العام المشترك” والتي كان تأسيس الحزب الكردي الأول ، أساسا لتحقيقها..

ووفقا لقيم أخلاقية (اجتماعية) واضحة المعالم، وآلية تربوية ضامنة).
 كما أننا نعلم بأن مركزية القائد تلعب – في ظروف خاصة- دورا ايجابيا، إذا كانت فلسفته وسلوكه وطبيعة صلته بالجماهير واضحة, وموضع تقدير طوعي (غاندي مثلا في تاريخ الهند، أبراهام لنكولن في تاريخ أمريكا وإلى درجة واضحة الخالدان قاضي محمد ، ومصطفى البارزاني..في تاريخ الكرد، نيلسون منديلا في تاريخ جنوب إفريقيا…).

هل يمكن لقيادي في الأحزاب الكردية السورية –جزئيا ايضا- ان يجري بعض مقارنة بينه وبين هذه الحالات القيادية في كل جوانب النضال..
خاصة فيما يتعلق بروح النضال المعاندة والانجازات المحققة..؟!!!
   رابعا)- ظروف تكوين (تأسيس) الحزب الكردي الأول (يمكن الاستعانة بكتاب صفحات من تاريخ حركة التحرر الوطني الكردي في سوريا-محمد ملا أحمد وغيره من المقالات والدراسات).
  تأسس الحزب الكردي الأول في سوريا، في ظروف غير ناضجة ذاتيا، و ربما غير ملائمة – بمعنى ما- موضوعيا (تاريخيا).


 ولم يكن قد مضى على استقلال سوريا سوى عقد من الزمن أو أكثر قليلا، واثر سلسلة انقلابات عسكرية (حالة سياسية غير مستقرة) في حين كانت الدول الاستعمارية تهندس لوضعية سياسية اقتصادية؛ تهيئ لبقاء المنطقة مرتبطة بها على مدى زمني طويل…!
وكان الجهل –حينها – متفشيا في المجتمع الكردي (والسوري عموما), ناهيك عن العلاقات المتخلفة اجتماعيا (إقطاعية ودينية متزمتة…الخ) والتي لم يتحرر الكرد –بعد- منها ..!
   واستجابة لانتعاش الوعي القومي في الأوساط الاجتماعية الغنية, والثقافية التي انبثقت عنها؛ تداعى بعض أبناء الكرد من الأوساط المذكورة (أغا, شيخ, بك, مثقف…الخ) لإنشاء حزب قومي كردي.

ورغم كل التقدير لهم، فقد كانوا ينتمون إلى تلك الأوساط, والتي يمكن وصف الفهم للعلاقات فيها، بـ(الفهم السكوني).

فالشخصية الاجتماعية ذات المركز العشائري، أو الديني..

ينبغي أن تقود سياسيا, – وبغض النظر عن مدى مناسبته –ربما-لذلك.
 ذلك لأن طبيعة القيادة في الحالة الحزبية تختلف عن طبيعة الإدارة (أو القيادة) في الحالات الاجتماعية التقليدية، لأن الحالة الحزبية (السياسية) المرتكزة إلى مفهوم القومية, أكثر تطورا وعمومية -كما هو مفترض-.(وإذا عدنا إلى أسماء المؤسسين يظهر لنا هذا الأمر جليا كما أن استقراء الحالة في حزب خويبون قبلهم يؤكد هذا التشخيص).


نتج عن ذلك حالة قيادية أخفقت – إلى حد بعيد- في استيعاب الظروف بنوعيها (الموضوعية و الذاتية) وعلى المستويات المحلية والإقليمية والدولية أيضا نسبيا.) بدليل رفع ((شعار تحرير وتوحيد كردستان)) ولم يكن هذا الشعار ملائما لقدرتهم التنظيمية وظروف نضالهم الممكنة حينذاك –على الأقل-.


   فنشأت- كنتيجة لهذا الخطأ في التنظير والتنظيم- حالة حزبية هشة تنظيميا، محورها: الإثارة العاطفية، والارتباط النفسي التقليدي (التابعي) لصالح الطبقات والشرائح السائدة (إقطاع, رموز دينية “الشيخ خاصة” برجوازية تجارية-إن صح القول- …الخ) ولم تحسن هذه القيادات – بالطبع- أن تبلور نظرية (أو أيديولوجيا) مستلهمة -أو مستمدة – من دراسة كافية للواقع الكردي، في مختلف نواحيه, وفي علاقته مع المحيط, خاصة وأنها بحكم تربيتها تفتقد الحس الاستقلالي و مستلزماته.
   لذا فقد تتالت الانتكاسات في مسيرة النضال السياسي (الحزبي) على شكل خلافات، ثم انشقاقات (صراع على النفوذ) تبدأ خلافات شخصية لا تلبث أن تلبس زيا فكريا لا يخلو من اصطناع – مستوردا على الأغلب – وكان أكثرها بريقا – في الستينات خاصة بالنسبة للأكراد-, الأيدلوجية الماركسية.

فبرز سبب جديد وهو:
   خامسا)- النقل الحرفي لأيديولوجيات مستوردة وغير مستوعبة بكفاية.

عندما لجأ هؤلاء القادة الحزبيون أو بعض منهم إلى استيراد الأيديولوجيا الماركسية،ولم يكونوا مهيئين لاستيعابها على طبيعتها،ولم يستطيعوا نقلا صحيحا لها إلى جماهيرهم  (أفراد الحزب و الشعب عموما) فضلا عن عدم القدرة على ملاءمتها لظروف شعبهم في كل النواحي.

لذا فقد سطحت الأفكار الماركسية، والتي هي -في الأصل – تحتاج إلى وعي خاص بها، وإعادة صياغتها، لتناسب البيئة الكردية الإسلامية بطابعها العشائري..

(الاجتماعي).
   و هنا تبلورت حالة جديدة :
(تحوّلٌ في أسلوب التفكير والممارسة الحزبيين، من صيغ عفوية (ارتجالية) إلى محاولة الأدلجة بأدوات تعاني من نقص في كفاية الفهم، والنقل، واستعداد القبول أيضا).

فنتجت إساءة على مستويين على الأقل:
   آً- دعم مفهوم قدسية القائد (أو الشخصية الأولى في الحزب).

وهذا استمرار لما هو موجود أصلا, ولكن في هذه المرة, بقوة أيدلوجية ((علمية)) تقليدا لتراث الماركسية في هذا الشأن.
   بً- إيجاد رؤية سياسية مشوشة، ومرتبكة ..منعكسها خطير (نقل سيء من الحالة الخام إلى الحالة المؤدلجة) من تجليات ذلك:
   1- صراع داخلي شديد ؛كنتيجة للتصادم بين الفكر المستورد (شرقي أو غربي) وبين الموروث الديني (الإسلامي خاصة) على مدى أربعة عشر قرنا, والمنعكس في شعور الكرد ولا شعورهم (الفردي والجماعي) وفي سلوكيا تهم..

وعاداتهم..

وتقاليدهم الاجتماعية …الخ.

مع القابلية للتأقلم مع مستلزمات التطور العصري دينيا –كما نلاحظ هذه الأيام- إضافة إلى المؤثرات العشائرية الاجتماعية…!
ومن المؤسف أن هذه المشكلة تطل برأسها من جديد على يد مجموعة سياسيين ومثقفين..متجاهلين التركيبة الاجتماعية والثقافية للشعب الكردي..ويخشى ان تتكرر مأساة نمو صراع بين هؤلاء وبين الموروث الثقافي يجهد الطرفين معا ،وينعكس سلبا على الحالة السياسية عامة.ربما هي حالة رد فعل تجاه العروبيين الذين يخلطون بين الإسلام والعروبة ..بانتقائية غير علمية..!
   2- تفاعل ناقص بين الكرد – والشرقيين عموما- وبين هذه النظريات (الأيديولوجيات) المستوردة, وغير المدروسة بكفاية توفر إمكانية ملاءمتها للواقع الكردي المعاش.

(والتجربة ذاتها تتكرر الآن في محاولة pkk من جهة( بعد اعتقال زعيمه أوجلان،يبدو أن اتجاها جديدا أكثر سياسية يأخذ موقعه لديه) ،ومحاولة الأحزاب الدينية من جهة أخرى.
   كما لا يقل خطورة من هذه الناحية محاولات بعض المثقفين والحزبيين –بتأثيرات مختلفة – عزل الكرد عن تراثهم الإسلامي-التاريخي- دفعة واحدة، وبدوافع نفسية غير منطقية..منها: الحساسية من الأنظمة الإسلامية الظالمة لها في الحكم.

تركيا،فارس،العرب خاصة…،بل لعل هذه الخطوة الآن تمثل الخطوة الأكثر خطورة لكونها جديدة بالنسبة للخطوات السابقة وشاغلة للفكر الكردي ..!).

ولتعزيز هذا الرأي دعونا نستحضر قولا للسيد الدكتور(طيب تيزيني) المفكر المعروف ، والمدرس في جامعة دمشق، قاله في محاضرة ألقاها في المركز الثقافي في القامشلي في ثمانينات القرن الماضي:
   إن تطبيق العالم الثالث للفلسفة (الأيديولوجية) الماركسية أشبه بعمل قاطع طريق يوناني اسمه (بروكوست) كان يقيس ضحاياه بسرير لديه، فمن كان قصيرا مُطّ, ومن كان طويلا قُصّت أطرافه، وفي كلتا الحالتين كانت النتيجة إعدام الضحية.
   الكرد شعب مسلم تاريخيا:
   وبهذه المناسبة أرى لزاما التذكير بان الكرد شعب مسلم في غالبية نفوسه, طوال أربعة عشر قرنا من تاريخه, ويستحيل الفصل بينه وبين نتائج وضعه التاريخي هذا.

وكل محاولة في اتجاه مخالف ستكون – برأيي- تعسفا لا تحمد عقباه..

على صعيد تجانسه، وانسجامه (وحدته القومية), ولا أقصد (طبعا) عودة إلى فهم قديم للدين, يلغي الشعور بالانتماء القومي, وإنما فقط لأدلل على إن إغفال هذا الجانب وإقحام صيغ غريبة عنه من التفكير والسلوك(الماركسية مثلا..)؛ كان سببا للارتباك – ولا يزال-.

ويوجِد إشكالية تنتظر المعالجة…!
 وذلك لتصحيح المسار واقعيا, وتجنب الجهد الضائع، والتناقض المؤذي, الذي انعكس حالة اجتماعية وسياسية غير متوازنة تجلت في:
   (تحطيم تعسفي لمجموعة قوانين اجتماعية سائدة, وقبل التمهيد الكافي لذلك بإنضاج الظروف اللازمة.

فبرز الشباب (قليلوا الخبرة).

ومن الطبقة الكادحة (عمال وفلاحون) يعانون من ضعف التعلم والتفاعل في ظروف يكاد هؤلاء مسلوبين في شخصياتهم ..).

برزوا كقوة تحاول قيادة المجتمع في ظرف رؤية غير واضحة الأسس والمعالم (مستوردة) بالنسبة لهذه الطبقة على الأقل… أو الاتجاه نحو القيم الرأسمالية دون تمحيص)مما ساهم في ظهور الشخصية القيادية-أو الإدارية- التي بدت وكأنها كاريزمية استأثرت بنفوس البسطاء والأميين وأنصاف الأميين والشريحة ذات المظهر الثقافي –حاملة شهادات- والخالية من انعكاس الثقافة في تكوين شخصياتهم واقعيا..الخ.
وهنا لابد من الإشارة إلى الدور السلبي للبعض في احتضان هذه النظرية اليسارية ،للتغطية على الدور الانشقاقي الذي ساهم فيه، وتبرير ذلك أيديولوجيا(السيد صلاح بدر الدين وبعض رفاقه).
   ومع أنني أرى في الفكر اليساري ما هو جدير بالدراسة والصياغة ليلائم واقعنا الاجتماعي السياسي… الكردي.إلا أن ذلك لا يعني أن مسار الفكر اليساري في السياسة الكردية كان موفقا،سواء في كردستان العراق أو تركيا أو سوريا ..الخ.
   كما أن التعامل الواقعي مع فكرة العلمانية التي تتجه إليها بعض القوى الحزبية ،يحتاج إلى وقفة متأنية لتحليل مفهوم العلمانية ومواءمته للظروف الفكرية والنفسية والتربوية للمجتمع الكردي لئلا تقع هذه القوى الحزبية والثقافية..

في الخطأ ذاته عندما تعاملت مع مفهوم الماركسية كمنهج فكر وعمل.

ولا زال الشعب الكردي كله يدفع فاتورة الخطأ ذاك.


……………………………………….
..

*وجدت في ظل الأحداث التي تحاول ان تشغل الشارع-أو الجمهور الكردي- بما لا يعود عليه بالفائدة سياسيا..لأنها ليست سبلا نضالية جديدة ومنتجة..وإنها لعبة قديمة جديدة في سياسة  المتنفذين –او المتلاعبين حتى – ضمن الأحزاب الكردية في سوريا ..نتيجة عجزهم عن انجاز مفيد لجمهور الشعب الكردي..فينساقون-كما زعماء العرب والشعوب المتخلفة- الى ألاعيب موهمة بشيء..وهي ليست سوى الهاء الشعب بلا شيء.فوجدت ان التذكير بأسباب أزمة الأحزاب الكردية قد يجعل الاهتمام بما هو أساسي بدلا مما هو هامشي وثانوي..الاهتمام بمصلحة الشعب وطبيعة التفكير السياسي بدلا من الانشغال بزعامة هذا او ذاك-

وأي زعامة..؟؟؟!!

* سأكون مسرورا لو ان السادة الكتاب والمثقفون والساسة يتفاعلون مع هذه الدراسة..
مع تحياتي

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف منذ سقوط النظام المجرم في 8 كانون الأول 2024 وتحول السلطة إلى السيد أحمد الشرع، بات السوريون، سواء أكان ذلك في العاصمة دمشق أو المدن الكبرى والصغرى، يتطلعون إلى مرحلة جديدة يتخلصون فيها من الظلم والاستبداد. حيث سنوات طويلة من مكابدات المعذبين في سجون الطاغية الأسد وأبيه كانت كفيلة بتدمير أرواح مئات الآلاف. بعض السجناء أمضوا…

شكري بكر هذا الموضوع مطروح للمناقشة قد يؤدي بنا للوصول إلى إقامة نظام يختلف عما سبقونا من سلاطين وحكام وممالك وما نحن عليه الآن حيث التشتت والإنقسام وتبعثر الجهود الفكرية والسياسية والإقتصادية والعمل نحو إقامة مجتمع خال من كل أشكال الصراع وإلغاء العسكرة أرضا وفضاءا التي تهدر 80% من الإقتصاد العالمي ، إن تغلبنا على هذا التسلح يمكن…

إياد أبو شقرا عودة إلى الموضوع السوري، لا بد من القول، إن قلة منا كانت تتوقّع قبل شهر ما نحن فيه اليوم. إذ إن طيّ صفحة 54 سنة خلال أقل من أسبوعين إنجازٌ ضخم بكل ما في الكلمة من معنى. سهولة إسقاط نظام الأسد، وسرعة تداعيه، أدهشتا حتماً حتى أكثر المتفائلين بالتغيير المرجوّ. إلا أنني أزعم، بعدما تولّت قيادة العمليات…

طارق الحميد منذ فرار بشار الأسد، في 8 ديسمبر (كانون الأول)، إلى روسيا، وهناك سيل من النقد والمطالبات للحكام الجدد، وتحديداً أحمد الشرع. والقصة ليست بجدوى ذلك من عدمه، بل إن جل تلك الانتقادات لا تستند إلى حقائق. وسأناقش بعضاً منها هنا، وهي «غيض من فيض». مثلاً، كان يقال إن لا حل عسكرياً بسوريا، بينما سقط الأسد في 12 يوماً…