ما دفعني للقول: بأن صاحب المدَّونة المعنونة: “الحملة الاعلامية على التقدمي الغاية والاسباب/ السليمانية 31/5/2008″، توارى خلف اسم مستعار، لأنِّني حاولت البحث عن مقال آخر له، عبر استخدام محرِّك البحث “Google”، فلم أجد شيئاً!.
إذ أنَّ الجرأة والشجاعة الوطنيَّة والقوميَّة والثقافيَّة والسياسيَّة، تقتضي بأن يطالعنا هذا المعشر بأفكارهم وآرائهم ومواقفهم، موقَّعةً بأسمائهم الصريحة، ومزيَّنة بصورِ وجوههم السمحاء، توخِّياً الأمانة والتوثيق والمجاهرة والمصارحة والمكاشفة.
لكن، يبدو أن آفة الرشق والنقِّ والبتبت…، من خلف الأسماء المستعارة، باتت مهنة رائجة، يتقنها بـ”براعة ومهارة” محازبو الأحزاب الكرديَّة في سورية.
وكيما، نقلِّب على ذلك التقدُّمي الحصيف، آلامه وأوجاعه، وشعوره بالغبن والإجحاف والتجنِّي اللاحق به وبحزبه وزعيمه، من رهط “المفترين والمضلِّلين والمزيِّفين” هنا وهنالك، سأكتفي فقط بتسجيل هذه الملاحظات على مدوَّنه تلك، راجياً منه سعة الصدر التقدُّمي الديمقراطي، المنفتح على الرأي الآخر.
يستهلُّ التقدُّميُّ الفاضل في مقاله السالف الذكر، بقول ما يلي: “ان ما نشر على المواقع الالكترونية من مواقف مختلفة حول المعضلة المفتعلة من قبل بعض الاطراف في التحالف الديمقراطي ضد الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي والتي استهدفت شخصية الاستاذ عبد الحميد درويش وخلقها بذلك أزمة جديدة تعترض مسيرة الحركة السياسية الكردية في سوريا ،وبعد كل الآراء والبيانات والمقالات والتي في غالبيتها أسقط عنها مفهوم الاختلاف في الرأي بل تصنف بشكلانيتها هذه في خانة المهاترات، والتي نحن والمرحلة بغنى عنها الامر الذي جعلني ان ارد، ولكن ردي فقط هو على أصحاب الشأن في أختلاق هذه الازمة أي الاطراف السياسية ولن يكون ردي لاي شخص انتهز الفرصة لكيل الاتهامات والخزعبلات الوطنية لانهم في النهاية لا يعبرون الا عن حدود رؤاهم وتطلعاتهم الضيقة”.
ليس بخافٍ عن أحد، إن الأمانة تقتضي ممن يتحلَّى بالمسؤوليَّة القوميَّة والوطنيَّة والثقافيَّة، أن يكون ردَّه كافياً وشافياً، وملمَّاً بكلِّ ما يشغل الرأي العام الكردي من تساؤلات وأفكار وهواجس، وألاَّ يكون الردُّ، شكلاً، موجَّهاً للأحزاب التي نشبت بينها وبين التقدُّمي خصومة أو اختلاف أو خلاف حول قضيَّة أو مسألة أو مشكلة معيَّنة، وجوهراً، موجَّهاً للجميع.
المروءة السياسيَّة، والشجاعة الثقافيَّة، والنخوة القوميَّة والوطنيَّة تفرض على التقدِّمي الأصيل، ألاَّ يستهتر بآراء الناس، بخاصِّة منهم، من هم خارج دوَّامات الأحزاب الكرديَّة.
وأمَّا اتهام طرح الأسئلة الحيويَّة والاسترايجيَّة، التي تندرج في سياق المراجعات النقديَّة، بالمهاترة والخزعبلات الوطنيَّة، والتعبير عن رؤية ضيّقة، أو ما شاكل ذلك، فهذه ليست من سمات التقدُّمي الديمقراطي الأصيل والحقّ، الذي يسعى جاهداً لنيل استحقاق التقدُّميَّة والديمقراطيَّة.
وأن يصدر هذا رأي، من تقدِّمي ديمقراطي كردي، فمن شأنه، تصديقُ وتوثيقُ كلِّ التهم والإشاعات والأقاويل المثارة حول أداء التقدُّمي وزعيمه.
ويستدرك صاحبنا التقدُّمي قوله: “… وهنا أريد أن اسهل على القارئ الكريم تلك الحقائق بمفاصلها الأساسية ومرورا بتواريخ ثابتة ومدموغة لدى كل من وضع اللبنات والاساسيات لانطلاق الحركة السياسية الكردية في البلاد و قد يرى فيه غيرنا أخطاء ارتكبناه في تلك الفترات ولكننا وحتى هذه اللحظة نعتقد بصحة مواقفنا من الأحداث والمتغيرات الأساسية التي مرت به حركتنا الساسية منذ تشكيل أول تنظيم كوردي على الساحة السورية ونعتمد الاسس التي اسست لمفاهيم كانت في الماضي محرمة واليوم اصبحت واقعا يمضي فيه الكثيرون ممن كانوا يحاربون هذه المفاهيم”.
من الخطورة بمكان، أن يستميت هذا التقدُّمي الديمقراطي في الدفاع عن مواقف سياسيَّة صدرت منه، منذ بدء نشأة الخلاف في جسم الحركة السياسيَّة الكرديَّة مطلع الستينات، على خلفية الاعتقالات والمحاكمات المعروفة!!.
هكذا طراز من التقدُّميَّة، هي ماركة سياسيَّة كرديَّة سوريَّة مسجَّلة، ثلاثةٌ وأربعون عاماً، تزدادُ “شباباً”!.
ويبدأ صاحبنا التقدُّميّ بالعودة لسرد نشأة الخلاف الناشب في الحركة الحزبيَّة، بالقول: “في حقبة الصراع بين قيادة الحزب اي الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا آنذاك وبعد اعتقال قيادته عام 1961 /1965 نشب خلاف بين أعضاء هذه القيادة وحقيقة كان بين تيارين فكريين (تيار قاده المرحوم الدكتور نور الدين ظاظا والأخر قاده المرحوم عثمان صبري) و كالعادة بين هذين التيارين كان هناك من مستفيد اي من الشخصيات الأنتهازبة والدينية والمشبوهين في أنتماءاتهم وغاياتهم وذلك بالتلاعب على الأوتار الاختلاف لأيجاد أرضية وهوة تستنجد من خلالها التباعد والتناحر أكثر بين تيارين، علما بأن الاختلاف كان موضوعيا من الناحية الاجتماعية والفكرية والسياسية .
ولكن مع الأسف الشديد كان دور الانتهازيين هو تشويه الحقائق ونقل المعلومات الكاذبة الى بعض الاطراف لزرع الفتنة بينهما الى جانب تشويه الاختلاف بشكل أو بآخر ونقله الى الجماهير.
مما أدى الى استفحال الامر بعد خروجهم من السجن ،و كان حميد درويش وعدد من الكوادر الحزبية ملاحقين وقتها و يديرون شؤون الحزب التنظيمية .
وعلى أثر تلك الاختلافات التي اصبح خلاف تم تجميد الدكتور نور الدين ظاظا بقرار مجحف ومشبوه استرضاء لعثمان صبري الذي كان رئيسا للحزب آنذاك”.
ياله من تحليل حصيف وأمين ورزين!!.
هكذا إذاً…!!، كفَّة الانتهازيين هي التي كانت راجحة، وتكلل سعيهم الخسيس والدنيء بالنجاح!!، وهم رأس الفتنة التي انصاع لها عقلاء ونجباء الحركة الحزبيَّة، إلى أن وصل عدد تفقيسات تلك الفتنة التي افتعلها الانتهازيون والمصطادون في المياه الـ”…” للحركة الحزبيَّة، إلى 11، 12، 13… حزباً كرديَّاً سوريَّاً عتيداً..!!.
إن كان الانتهازيون وقتئذ، بتلك القوَّة والتأثير والفاعليَّة، فعلى راهننا السياسي الكردي السوري ألف سلام.
وأعتقد أن المروءة والجسارة السياسيَّة والثقافيَّة والأخلاقيَّة الكرديَّة، تملي على صاحبنا التقدُّمي الديمقراطي، أن يكشف لنا، وللمجتمع الكردي قاطباً، عن أسماء ذلك الرهط من “الشخصيات الأنتهازبة والدينية والمشبوهين في أنتماءاتهم وغاياتهم”، على حدِّ قوله، ولماذا يتكتَّم على البوح بهذه الأسماء!؟ هل خوفاً منها؟!.
أعتقد أن أدنى درجات التحلِّي بالأمانة والموضوعيَّة والمسؤوليَّة الأخلاقيَّة والقوميَّة والوطنيَّة، تقتضي فضح الانتهازيين والمشبوهين، أينما كانوا، وأيَّاً كانوا، بالدليل الدامغ والقرينة والبيّنة.
وهذا أقلُّ ما يمكن أن يقدِّمه كلُّ تقدُّميٍّ ديمقراطيٍّ عفيف ونزيه، لشعبه الكردي السوري.
ويستفيض صاحبنا في شروحه لمنشأ الأزمة والخلاف والشقاق، قائلاً: “وشاءت الاقدار أن وقع الخلاف بيت قيادة ثورة أيلول (خلافات تنظيمية وفكرية بين قيادة مجلس الثورة والمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق) وذلك في عام 1963.
وفور نشوب تلك الخلافات أسرعت مجموعة من المستفيدين الى اعلان تأيدهم الملطق لمجلس قيادة الثورة برئاسة الخالد الملا مصطفى البارزاني واتهام الآخرين بالمعادة لها و ذلك لدفع الحزب نحو الانشقاق ولم يكن ذلك دفاعا عن الثورة بل لايجاد قنوات على الحدود بين العراق وسوريا خدمة لمصالحهم الذاتية من جهة والادعاء بين الجماهير الكردية في سوريا بأنهم يناصرون الثورة في كردستان العراق من جهة اخرى (وهذا ما تبين بعد الانشقاق بفترة ) مما أدى الى انشقاق الحزب 1965 المشؤومة والتي تم استبعاد عثمان صبري عام 1968 من الحزب (المسمى باليسار آنذاك”.
أعجبُ من أمرِ تقدُّميٍّ ديمقراطيٍّ، يحيل الخلاف الناشب في الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق، بين الراحل إبراهيم أحمد وجمعه، والراحل ملا مصطفى وصحبه، إلى “مشيئة الأقدار”!، ثمَّ يقول عن تلك الخلافات: إنها كانت خلافات فكريَّة وتنظيميَّة!.
اشار صاحبنا إلى البعض ممن ساندو الملا بارزاني، وعادوا خصمه، إبراهيم أحمد وصهره جلال طالباني، وحملَّهم مسؤوليَّة استيراد الخلاف من كردستان العراق إلى كردستان سورية، ولم يتحدَّث عن الجمع الذي ساند إبراهيم أحمد وخاصم الملا بارزاني، ومنهم السيّد حميد دوريش.
وإلا، فعلى التقدُّمي الأمين، الحريص على تراث وتركة حزبه وزعيمه، أن يكشف لنا، بالوثائق مواقف حزبه وزعيمه من الخلاف الناشب في الديمقراطي الكردستاني في العراق، وسر ميلانه لجلال طالباني والاتحاد الوطني، حتَّى اللحظة، وعلاقاته المتشنِّجة مع الملا مصطفى بارزاني، إبان السبعينات…، فضلاً عن ضرورة الإجابة عن الكثير من الأسئلة التي أثرتها في مقالاتي عن أداء التقدمي، في منتصف السبعينات، وطبيعة علاقاته مع النظام العراقي والسفارة العراقيَّة في بيروت، وحقيقة البرقيَّة التي أبرقتها قيادة الحزب الديمقراطي الكردي في سورية _ اليمين، لنظام احمد حسن البكر في العراق، على خلفيَّة إصداره قانون الحكم الذاتي سنة 1974.
يقول صحابنا: “أرجو من رفاقه الاحياء تبيان اسباب استبعاد عثمان صبري ، (والرجل طرد من الحزب بتهمة الخيانة والعمالة لتركيا/ الكاتب) وأخص في المقدمة صلاح بدر الدين الذي استلم الحزب من بعده .
واتمنى كذلك من الذين واكبو المرحلة أن ينصفوا هذا الرجل الذي علق صورته في صدارة الكثير من بيوتنا الكردية”.
أودُّ التنويه، بأنني سبقت صاحبنا التقدُّمي بالإشارة إلى ما ذكره، في مقالاتي، إنصافاً للمناضل عثمان صبري، ولشعبنا الكردي السوري.
وأن تأتي هذه الدعوة لأنصاف صبري، بشكل متأخِّر من تقدِّمي، ناصب زعيمه العداء لعثمان صبري، أفضل من ألاَّ تأتي.
لكن، ليس من المجازفة، إن دعوة صاحبنا التقدِّمي، لإنصاف المناضل عثمان صبري، لم تصدرْ حبَّاً في صبري وتكريماً له، بقدر ما صدرتْ كرهاً وبغضاً بصلاح بدرالدين.
يعني، ينطبق على هذه الدعوة، قول الرسول الكريم، محمد: كلمةُ حقٍّ، يُرادُ بها باطل”.
ويقول أيضاً: “وهنا مما لا شك فيه ان الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا بقيادة عبد الحميد درويش كان له موقف آخر من الانشقاق والخلافات التي حصلت في قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني في العراق ، مع تمسكه بمبدأ عدالة ثورة أيلول بجناحيه ( قيادة مجلس الثورة والمكتب السياسي للحزب )ولكن ذلك الموقف لم يروق للطرق الاخر حيث انه والى اليوم مازالت الانتقادات عندهم تفسر بالمعاداة ، وهذا التفسير لم نفهم مفزاه ومصادر إجتهاداته حتى اليوم.
الى ان جاءت اتفاقية 11 /أذار/ 1970 .
وتلاها المؤتمر الوطني الذي دعى اليه الخالد ملا مصطفى البارزاني بقصد التوحيد بين الحزبين الكرديين في سوريا ومع كل الاسف لم تنجح المساعي بل أدت الى تشكيل حزب ثالث عام 1971 .
ولا أريدالخوض في التفاصيل الا انني أريد ان أؤكد للجماهير الكردية بأنه من تستر وراء شعارات ثورة أيلول أصبح معاديا للقيادة البارزانية فيما بعد وفي مقدمتهم رموزالانشقاق وصلاح بدر الدين، الذي كان سببا في انشقاق الحزب عام 65 ومن ثم استبعاد عثمان صبري عام 1968 بتهم لا تليق بشخصيته ونضالاته وأخيرا وليس آخرا معاديا لشعاراته التي ملئ بها الشارع الكردي واتهم الآخرين حينذاك باسم الثورة بالمتخاذلين والاصلاحيين ووو..الخ .
وكل ذلك بعد أن غير اسم حزبه من البارتي الى الاتحاد الشعب الكردي متبنيا الماركسية اللينينية والتي كانت موضة السياسة في تلك المرحلة أي مرحلة السبعنيات (…) وهنا سأبوح لكم بسر ان كان سرا : عند تأسيس التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا بين أربعة أطراف في أوئل التسعينيات كنا نناقش حينها للانضمام الى هذا التحالف ولكن، كان العائق الوحيد هو وجود الاتحاد الشعب في التحالف والامر الذي كان يرفضه البعض من قيادتنا في دخول التحالف مع حزب اتحاد الشعب لكثرة الشبهات حوله ولكننا تجاوزنا ذاك العائق بعد مؤتمرنا السابع لعام 1992 على أثر الانشقاق الذي حصل بقيادة رشيد حمو وقررنا في المؤتمر الاشتثنائي عام 1993 الانضمام الى التحالف بدون قيد أو شرط وكان حميد درويش أول من شجع رفاقه للانضمام .
وبانضمامنا والذي شكل دفعا قويا للعمل التحالفي مما ادى الى التطورات الايجابية نحو لملمة شمل الحركة وخصوصا بعد تشكيل المجلس العام للتحاف.
وهنا أسأل مرة أخرى لماذا انسحب الاتحاد الشعب من التحالف مؤخرا، من ثم الحزب الديمقراطي الكردي السوري، وهل هناك من منصف أن يبوح بخفايا هذا الانسحاب”.
لا تعليق على هذا المقطع، سوى القول: إن استحضار للخصومة التي نشبت بين صبري وظاظا، وورثها عنهما، بدرالدين ودرويش!.
ولأن كشف حزب الاتحاد الشعبي انسحابه من التحالف آنئذ، ببيان “مطنطن”، حمَّل فيه حميد درويش وحزبه مسؤوليَّة ذلك، فأن أدعو الأستاذ جمال ملا محمود رئيس الحزب الديمقراطي الكردي السوري، بالكشف عن حقيقة انسحابه من التحالف، بالجرأة والصراحة التي عهدناها منه، رغم أن حزبه كان أحد مؤسسي التحالف!.
بعد أن سعى حثيثاً لتبرئة ذمَّة حزبه العتيد من الانشقاقات والفوضى العارمة التي تعيشها الحركة الحزبيًّة الكرديَّة، يقول التقدُّمي الحصيف: “الوقت الذي حققت فيه الحركة الكردية في انتخابات 1990 لدورة مجلس الشعب نتائج ايجابية كانت بفعل توحيد ارادة حركتنا السياسية مع عيوبها انذاك متحدية ارادة الدوائر المخابراتية السورية وقوة حزب العمال الكردستاني .
ولذلك نحن ندرك تماما بأن توحيد طاقات حركتنا الكردية في سوريا ستحقق مكاسب كبيرة لشعبنا ولكنني اتسأءل واتساءل اين تكمن العلة …هذه كانت بعضا من الحقائق التي تناسها البعض و حرفها البعض الاخر وجعلوا منها أداة يطعنون بها شخصيات ورموزا وطنية كما انه هناك الكثير من الاقاويل التي تصاغ وتئول بعد العبث بتفاصيلها وهذا ما من شأنه جعل الشارع الكردي في فوضى المهاترات والمواقف التي تحرف مسيرة الحركة عن مسارها بوضعهم المتكرر لعصى الاكاذيب في عجلة هذه المسيرة التي بدأناها والتي سستكون هذه العصا عصية في ايقاف او عرقلة مساعينا”.
“الحزب التقدُّمي في مواجهة الدوائر المخابراتيَّة السورية”.
هذه العبارة، تصلح لأن تكون عنواناً لفيلم سينمائي، من الخيال السياسي الخصيب!.
لنترك كتابة سيناريو هذا الفيلم لصاحبنا التقدُّمي الأمين، لأنه يمتلك مهارة وبراعة في الكتابة، يُحسدُ عليها!.
وإن كانت تلك المواجهة التقدُّميَّة حقيقيَّة، فمن أرسل ممثلاً لحزبه، يخطب في مراسيم وداع سليم كبول، مادحاً سجايا ومناقبه وأداءه الوطني في التعاطي مع هموم محافظة الحسكة…؟!.
هل هو الحزب التقدِّمي اللبناني، برئاسة الوزير السابق طلال أرسلان؟!.
ومن هو الزعيم الكرديَّ السوري، من بين الزعامات الكرديَّة السوريَّة الكثيرة، ممن انهالت عليه برقيات التعزيَّة من رؤساء الشُّعب الأمنيَّة وبعض وزراء الحكومة السوريَّة، على خلفيَّة وفاة شقيقي السيّد حميد درويش، رحمهما الله، وهو زعيم حزب كردي محظور في سورية!؟.
وقد أشارت نشرة التقدُّمي الحزبيَّة لأسماء المبرقين السالفي الذكر، بكل فخر، رغم ان هؤلاء خاطبوا السيّد درويش بصفته الشخصيَّة، وليس كونه زعيم حزب كردي سوري!؟.
ولأن الشيء بالشيء يُذكر: هل أبرقه نفس المسؤولين الأمنيين والبعثيين للسيّد جمال ملا محمود، على خلفيَّة وفاة والده، المناضل الراحل: شيخ باقي، وفق مبدأ، المعاملة مع كافة رؤساء الأحزاب الكرديَّة السوريَّة بنفس المعاملة!؟.
ولصاحبنا التقدِّمي الأمين، أذكر الحدث التالي: على خلفيَّة إبعاد الأحزاب الكرديَّة اسم السيَّد حميد درويش من قائمتها الانتخابيَّة المشاركة في انتخابات مجلس الشعب السوري، دورة 1994، عقد السيد درويش ندوة موسَّعة على خلفيَّة هذا الحدث في الدرباسيَّة.
ولقد كان لي شرف حضور ذلك الاجتماع الذي عُقد علناً، وعلى مقربة من سوق الدرباسيَّة.
وقال السيّد درويش في تلك القائمة بأنها: “قائمة الغدر”.
ووسم مسلك الأحزاب وقتئذ، بـ”الطعن من الخلف”!.
وكانت لهجة خطابه ناريَّة وتصعيديَّة، على غير عادته!.
كلُّ هذا، لأن الراحل كمال أحمد درويش والسيّد اسماعيل عمر، اتفاقاً على عدم إدراج اسم حميد درويش في تلك القائمة!؟.
فما رأيُ صاحبنا التقدُّمي، بهذا الخطاب، “البعيد كلَّ البعد” عن المهاترة، والمزايدة، ولغة التخوين، الصادرة آنئذ، من السيّد درويش!؟.
يقول صاحبنا: “اما اليوم وبعد ان تفاجأنا بنغمة جديدة / وهي ليسن بجديدة في جدارتها / بالدعوة لتوحيد أطراف اليسار الكردي المشؤوم ، والتي كانت سببا لغالبية المآسي التي لحقت بحركتنا السياسية و مازالت تاريخ الحركة السياسية الكردية تحتفظ بالكثير من مخلفاتها .
و هذا الغزل بين هذه الاطراف كانت بذريعة أن التحالف الديمقراطي الكردي فقد صلاحيته مع مجلسه العام مرفقا بتهم سمعنا الكثير منها في الماضي لتبرير اعمالهم التخريبية التي لا يبررها التاريخ بحقائقه البعيدة كل البعد عن أقاويلهم كما ان الاقدام على مشروع مشبوه نعرف الغاية والهدف منه أكثر من عام ، وبذلك أعلنوا حربهم المفتوحة ضد الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا”.
هكذا إذا!… صار اليسار مشؤوماً، ومشبوهاً، وبقي اليمينُ، محموداً ومشكوراً ونزيهاً وعفيفاً…!!؟.
التقدُّمي العقلانيُّ الموضوعيُّ الأمين…، يتَّهم الآخرين بالمهاترة والمزايدة، وهو قابعٌ في الدرك الأسفل منها!.
وهنا، ينطبق عليه قول الشاعر العربيّ: “لا تنهَ عن خلقٍ وتأتِ بمثلهِ/ عارٌ عليكَ، وإنْ فعلتَ عظيمُ”.
ويستزيد التقدُّمي كلامه: “وتيمنا بمصداقية حراكنا السياسي في الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي الذي عملنا وفقه مع تاريخنا ونهجنا ولدفع عجلة هذه الحركة بعيدا عن التشويه والتزييف والى كل الذين تهمهم مصلحة حركتنا الكردية أقول لهم نحن جاهزون للجلوس حول طاولة مستديرة وبشكل جلسات مفتوحة مواجهاتية واعلامية ، لصياغة تاريخ حركتنا السياسية اعتمادا على الوثائق المتوفرة لدينا سنضعها على الطاولة لنناقشها واحدة تلو الأخرى لتصحيح المسار التاريخي ولنضع حدا للغوغائيين وتجار التهم وادانة كل من شوه الحركة طيلة خمسين عام .
والا ، من الآن فصاعدا لانقبل من أي أحد كائنا من كان ان يتهم جزافا اناس ابرياء بتهم باطلة أو يوجه وجه الحركة حسب ما يتكيف مع مآربه ومشاربه الا اننا نستثني منهم من كان يعاني من نقص في المعلومات ، عندها سنجاوبه بأسلوب أخر لتصحيح معلوماته”.
وتيمُّناً بصدقيَّة وأمانة حراكك النضالي، ومسؤوليتك الأخلاقيَّة والسياسيَّة والثقافيَّة والسياسيَّة الملقاة على عاتقك، ونظراً لحرصك الشديد على تاريخ ومعاناة شعبك: أنت مطالب بالكشف بكل الوثائق الموجودة في حوزتك، لتكشف للرأي العام الكردي، عن كلِّ الحقائق، وتفضح زيف الزافئين، وغرض المغرضين، وشبهة المشبوهين.
ولا تحتاج هذه الأمور إلى طاولات مستدير أو بيضويَّة أو سداسيَّة…، ولا هم يخزنون.
وثقّ تماماً، بأنَّ الشعب الكردي السوري، سيغفر لك، إخفاء هذه الحقائق عنه، والتكتُّم عن هذه الوثائق، طيلة 50 سنة!؟.
يذكر لنا التقدُّميُّ الفاضل: “عندما كان حميد درويش يناضل بين صفوف وشخصيات نخبوية عربية وسريانية وآشورية في دمشق وحلب منذ التسعينيات من القرن الماضي، ويبذل قصارى جهده لنقل قضية شعبنا الى الوسط السوري بمعناه الواسع وتوج مساعيه ورفاقه بعقد جلسات حوارية منظمة على شاكلة الطاولات المستديرة ، ومن ثم اتت محاضرته الشهيرة و التي تضمنت مآسي شعبنا الكردي في سوريا وسط هذه النخب في مركز الدراسات الحضارية ل (عمر أبو زلام) في دمشق.
كانوا هؤلاء الذين يحاربون حميد درويش وحزبه الآن، كانوا أنذاك يتجولون في شوارع القامشلي ويدعون بأنهم سيقلبون الطاولة على رأس حميد درويش ورفاقه.
ولكن التقدمي تابع مسيرته التي آمن بها (بأن قضية شعبه لاتجد طريقا للحل الا بالتعاون والتنسيق مع القوى الديمقراطية في البلاد حيث كان يدعوا هذه النخب من دمشق وحلب الى القامشلي ورأس العين وعامودا وديريك ليطلعوا على الوضع الكردي ومأساته وذلك على ارض الواقع مرارا وتكرارا، وكل أهل الجزيرة شاهدون على ذلك.
فأين كان كل هؤلاء المزاودون والمراوغون والمنافقون آنذاك ،الى أن توج هذا العمل الدؤوب والجهد الكبير من التقدمي بتنظيم عمل مشترك ضمن اطار بيان اعلان دمشق.
اين كان نصر الدين ومحمد موسى ومن لف لفهم من كل هذه النضالات التي كلفتنا كثيرا حينذاك عندما كانوا يتهمون هذه النخبة بالوجه الآخر للسلطة، وينصحوننا بأنه لا فائدة من إضاعة الوقت مع هؤلاء”.
إن ما قام به السيّد حميد درويش، مما أتى عليه السيّد التقدُّمي، لهي من صلب مهامه ومسؤوليَّاته، كزعيم حزب كردي سوري، من المعيب الإشارة إليها على أنها إنجازات ومكاسب ومنح وهبات ومكرُمات أغدقها السيّد درويش على الشعب الكردي في سورية، والمزايدة على الفريق الآخر!.
طيب، إن لم يقم السيّد درويش بذلك أيضاً، فما الجدوى منه ومن حزبه؟!.
ثم أن حركة التواصل مع الشخصيات والأحزاب العربيَّة، نشطت، بعد تولِّي الدكتور بشار الأسد للرئاسة، وإفساحه المجال أمام بعض المنتديات، كمنتدى جمال الأتاسي، فبماذا كان السيّد درويش مشغولاً في عقد الثمانينات والتسعينات!؟.
يعني، من المعيب حصر جهد التواصل الكردي مع الأوساط العربيَّة في شخص السيّد درويش، مع الاحترام لكل الجهود المبذولة في هذا السياق.
اللهم أنني لا أطالبك بردِّ القضاء، إنما اللطف فيه.
بعيد 50 سنة من النضال، استطاعت الحركة الحزبيَّة، وشيخ عقلانييها، السيّد درويش، استطاعت إقناع بعض شخصيات المعارضة العربيَّة السوريَّة، وبعد الأحزاب المعارضة التي لا قواعد لها، بأن القضيَّة الكرديَّة في سورية، هي قضيَّة وطنيَّة!!؟.
ياله من إنجاز تاريخيٍّ، تهتزُّ له الأكوان، وتقشعرُّ له الأبدان خشوعاً وإجلالاً وإكباراً…!!؟.
بعد 50 سنة، حقق لنا السيّد درويش هذا الإنجاز، بأن أقنع ما يسمَّى بالمعارضَّة العربيَّة السوريَّة، بأحقِّيَّة وعدالة القضيَّة والمطالب الكرديَّة، فكم حميداً درويشاً، يحتاجه الشعب الكرديُّ السوريُّ، حتُى يستطيع إقناع السلطة السورية بذلك!؟.
أيُّها التقدُّميُّ الفاضل: رفقاً بعقول البشر، إذ تحاول تسجيل “إعلان دمشق”، على إنها، من منجزات الحركة التصحيحيَّة الحميديَّة المجيدة.
لأن في ذلك إساءة للسيّد حميد، لا يرضاها الرجلُ لنفسه!.
وترتفع النبرة العدوانيَّة في خطاب صاحبنا التقدُّمي الديمقراطي، ليقول: “ان من يتباكى على قضيتنا بدموع التماسيح والذين يظهرون عبر ايقونات الانترنت كثيرا هذه الايام وهم يزورون الحقائق ويخونون ذاكرتهم .كم من مقالات كتبت يهاجمون من خلالها حميد رويش ورفاقه … واليوم نتفاجأ بمواقف نصر الدين ومحمد موسى يحرموننا من مناقشة بنود النظام الداخلي للتحالف الذي دون عام 1990 وبعد كل هذه التطورات التي حصلت وما بعدها ممنوع علينا مناقشة تطوير بنود النظام الداخلي ليس لشيء سوى لخوفهم على مواقعهم المهترئة نتيجة جمودهم وعدم امكانياتهم لمواكبة المرحلة … وبعد مشاركتهم في اعلان دمشق وتحقيق ماتحقق، بدأوا بحملتهم الجديدة ضد حزبنا بما يشابه الحرب المفتوحة لنسف كل المنجزات التي تحققت.
لكنهم سيفشلون كما فشلوا في المرات السابقة, ان ايماننا قوي بقضية شعبنا، وسنكون في المقدمة دائما في انجاز ما يصعب على غيرنا انجازه.
ونحن أقوياء بقوة كوادرنا الذين يضحون منذ عشرات السنين، بعيدين كل البعد عن اليأس والانكفاء على الذات واما الذين يختارون جبهة مفتوحة ضدنا لينالوا من نضالاتنا فلتكن الجبهة مفتوحة… لذا اريد أن أؤكد لهم بأن قوة وادراك الاستاذ حميد يكمن في قوة وادراك كوادر حزبه الذين قضوا حياتهم في النضال، وهم أصحاب فكر ورؤية واضحة يخدمون قضية شعبهم بثبات، ولا يسلكون كغيرهم مسالك الاتجار بقضيتهم، ولا يغيرون أشكالهم كالحرباء بألوان مختلفة … “.
بالله عليكم، ألا يفوق هذا الخطاب بسويَّته العدوانيَّة، خُطب حسن نصرالله!؟.
هل يرضى السيّد حميد درويش عن هكذا نسق من الكلام “التقدُّمي الديمقراطي”، يصدر من أحد محازبيه، يسعى للدفاع عن حزبه وزعيمه، بلغة خشبيَّة فاشلة، طواها الزمن، ويعيبها الحاضر، ويخافها المستقبل.
هكذا نسق من الكلام المتخلُّف، المحفِّز للمواجهة القبليَّة والتطاحن، لا تليق بشخصٍ، يدَّعي التقدُّميَّة والديمقراطيَّة والعقلانيًَّة…الخ!؟.
يا صاحب السعادة، أيُّها التقدُّميُّ الفاضل: من قال لك بأن الدكتاتوريَّة والتسلُّط، هي سجيَّة ومنطق من يملك جيشاً أو خلايا مسلَّحة!؟.
كيف يمكن الحديث عن تجديد الحزب لشبابه، وزعيمه لا يتزحزح عن عرشه الوهمي، إلا بعد أن يقضي الله أمراً كان مفعولا!؟.
نعيب الآخرين في الاستئثار بالكرسي والمنصب، والوثنيَّة السياسيَّة، وثقافة التوريث، والعيب فينا!؟.
يا سيّدي: لماذا تمَّ اعتقال قادة إعلان دمشق من دون الأكراد؟! هل حبَّاً في السيّد دوريش واسماعيل عمر، والبقيَّة الباقيَّة…!؟.
بل لسبب بسيط جداً: وهو أن السلطة، راضية تماماً عن أداء الأحزاب الكرديَّة وزعاماتها، دون استثناء.
ولن تمنحها شرف الاعتقال السياسي.
وبل أن هذه الأحزاب، تقدِّم خدمة جليلة للسلطة، إذ تقول الأخيرة للعالم: كيف تتهموننا بالشموليَّة والاستبداد، ويوجد في سورية أكثر من 12 حزب كردي، ينشط بشكل شبه علني!؟.
تتهموننا بأننا أصاحب نزعة التأبيد والتوريث، زعيم أحد الأحزاب الكردي، على رأسه حزبه منذ أكثر من 35 سنة!؟.
يا سيّدي: عندما نقول أن بقاء السيّد درويش على رأس حزبه لهذه المدَّة، مؤشِّر خطير على إفلاس الحزب، وعجزه عن إنجاب قيادات أخرى، هل هذا طعن في شخص السيّد درويش؟!.
عندما نستفسر عن نتائجه الثقافي والفكري المدَّون طيلة 50 سنة، وقيمة هذا النتاج معرفيَّاً وفكريَّاً، هل هذا طعن في شخصه؟!.
ويختتم السيّد التقدُّمي مرافعته عن حزبه وزعيمه، بالتهديد والوعيد في وجه منتقدي حزبه، وإبداء النصح، قائلاً: “لو استمرت هذه الاجواء سأضطر وبشكل انفرادي مع تحمل كل المسؤولية الشخصية أن انشر كافة الوثائق الموجودة بحوذتي بالوقائع التاريخية والثبوتيات الدامغة، تطال أكثرية القيادات في الصف الاول قيادات حركتنا الكردية في سوريا… ولمن يهمه الامر أرجو أن تضعوا اصبعكم على الجرح النازف من جسم الحركة ولا تظلموا الاخرين.
لقد ترعرع النفاق السياسي داخل حركتنا الذي يسمم كل شيء حتى الهواء الذي نستنشقه.
الى ان افرغت الحركة من معانيها النضالية والانسانية والقيمية”.
أمَّا عن التهديد، بنشر الوثائق، فأرجوا أن ينفذ ذلك التهديد النبيل.
وأمَّا عن النصيحة، فهو الأحوج إليها.
ويا ليت تقدُّميته وديمقراطيَّته وموضوعيَّته وأمانته وعلاقنيَّته وحياديته…، أسعفته في ذكر ولو خطأ او مثلب أو هفوة وقع فيها الحزب التقدُّمي وزعيمه السيّد دوريش، طيلة 50 سنة، لا أن يصوِّر لنا التقدُّميُّ الأمين، حزبه وزعيمه، بأنه “لا ينطق عن الهوى، إنما وحيٌ يوحى…”
دمشق 2/6/2008