الثقافة الشمولية

  عدنان بوزان

إن غالبية الأنظمة المسيطرة على حكومات الشرق الأوسط إما ورثت الحكم أو حملت أيديولوجية شمولية بحتة فرزت ثقافة الخوف للتفرد بالحكم المطلق مما عكست هذه الثقافة الرديئة وأصبحت هذه الثقافة جزء لا يتجزأ من الشخصية وسهلت استعماله كأداة مطيعة لتنفيذ الخطط والمآرب وتمجيد الذات الأبدية المقدسة.

     وأعطت الشخصية صفات تتناسب مع هذه الثقافة فهي ناقصة , مذنبة ولا يحق لها أن تتكلم سوى ترديد شعارات تتناسب مع رب العائلة (النظام المقدس).
     ولعل بعض النزعات التي أرادت التخلص من السيطرة المطلقة عن طريق الانتفاضات عصيان أحزاب … اتهمت بالخيانة العظمى أو الارتباط بالخارج أو غير ذلك … وبالتالي أودت بصاحبه (الشخصية) إلى التهلكة الحتمية.

     إن انتشار مثل هذه الثقافة والتي دعمت من نخب مثقفة وواعية لا يهمها سوى الاستفادة الذاتية وكأنهم أتوا من كوكب آخر ولا يعينهم سوى مصالحهم الشخصية أعطت المواطن انطباعاً غريباً حتى وجد نفسه غريباً في وطنه ووجب عليه البحث عن موطن آخر أكثر أماناً وهدوءاً وبعيداً عن التعذيب والسجون والمحاكم الغير قانونية بالرغم من ارتباطه وتشبثه بالأرض الذي ولد فيها وعاش عليها مع آباءه وأجداده .

    وهنا تفقد الشخصية المصداقية والحرية ومن الصعب الوصول إليها إن لم تكن مستحيلة المنال وعلى هذه الشاكلة بقيت قضية الشعوب في الشرق الأوسط معلقة دون حل ومنها القضية اليتيمة ألا وهي القضية الكردية التي بات التفكير فيها ضرب من الجنون لأن مثل هذه الذهنية الثقافية سيطرت فترة زمنية لا بأس بها وفرزت عقول مثيرة دربتهم على هكذا نوعية من التربية الثقافية (لفظ الآخر) وينبغي أن نقابل مثل هكذا ثقافة بثقافة قومية ومعبرة لصد هكذا تأثير وتغرس ثقافة إنسانية وتشعر الشخصية بوجودها لتحترم قوانين وقواعد المجتمعات الديمقراطية السليمة وتلفظ ثقافة الفرد المطلقة وترد للشخصية الاعتبارات الذاتية لتكوين مجتمع سليم ويكون الفرد فيه حراً والشعوب متساوية الحقوق.

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

محمود عمر*   حين أزور دمشق في المرّة القادمة سأحمل معي عدّة صناديق لماسحي الأحذية. سأضع إحداها أمام تمثال صلاح الدين الأيوبي، وسأهدي أخرى لبيمارستانات أخواته الخاتون، وأضع إحداها أمام ضريح يوسف العظمة، وأخرى أمام قبر محمد سعيد رمضان البوطي، وأخرى أضعها في قبر محو إيبو شاشو، وأرسل أخرى لضريح هنانو، ولن أنسى أن أضع واحدة على قبر علي العابد،…

مصطفى جاويش بعد مضي عام على معركة ردع العدوان وعلى سقوط النظام السوري ووصول احمد الشرع الى القصر الرئاسي في دمشق بموجب اتفاقيات دولية واقليمية بات الحفاظ على سلطة الرئيس احمد الشرع ضرورة وحاجة محلية واقليمية ودولية لقيادة المرحلة الحالية رغم كل الاحداث والممارسات العنيفة التي جرت ببعض المحافظات والمدانة محليا ودوليا ويرى المجتمع الدولي في الرئيس احمد الشرع انه…

ماهين شيخاني مقدمة يواجه الشعب الكوردي في سوريا منذ عام 2011 تحولات سياسية وأمنية عميقة، أفرزت بيئة معقدة تتداخل فيها عوامل داخلية وخارجية. وفي ظل غياب تسوية سياسية شاملة، برزت ثلاثة أطراف رئيسية تركت أثراً مباشراً على مسار القضية الكوردية وعلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في مناطق توزع الكورد. هذا “الثالوث” يشمل الجماعات المتطرفة، والإدارة الذاتية، والمجلس الكوردي، وكلٌّ منها يمتلك…

حسن مجيد في الوضع الكوردي العام وبشكل خاص في إقليم كوردستان العراق كل أصناف المعارضة مرفوضة وخاصة المسلحة منها فالقيام بأعمال الشغب حتى لو لم تكن مرتبطة بأجندات إقليمية أو خارجية فقط يحق لك أن تعارض ضمن مجالات حرية الرأي والتعبير . إن النيل من المنجز بطرق غير شرعية وتخريبية تخدم المتربصين والذين لايريدون الخير للكورد . الواجب الوطني…