ماذا بعد واقع الفقر والغلاء في سورية (2) تسونامي يضربنا بقوة شديدة ؟!


سيامند إبراهيم

 لعل أكثركم يتذكر مطلع هذه الأغنية الخفيقة للفنان اللبناني (محمد جمال) الذي أعتزل الفن والغناء .”قَسًمْ شرقي بلدي” وبالفعل فقد استملتنا أمس قسائم المازوت, وبعناها سلفاً, ومن المؤكد أن آلا لاف الأسر السورية أيضاً باعتها تحت وطأة الفقر والعوز, لكن الطامة والمصيبة الأعظم هو في الشتاء,  وخاصة في شتاء قارص مثل شتاء الجزيرة الشبه الصحراوي,   ولا أعرف إن كان يوجد في سوريا جمعيات تشجع الناس على التوجه نحو الغذاء النباتي, لأن النبات صار أغلى من اللحوم الحمراء, وهنا لابد من التساؤل عن الشعراء والفنانين السوريين فهل ناموا نومة أهل الكهف, أين أبو صياح ودريد لحام, أين صولاتهم وجولاتهم الفنية وأين الأغنيات والمسرحيات الناقدة
فألف رحمة عليك أيها الشاعر المبدع (الماغوط) لا أدري هل أصابهم الترهل أو تخمة الشبع , أم نسوا الفقراء, أم أنهم قسموا وطرحوا وجمعوا فوجدوا أن التقسيم على هذا الوتر الحساس خطر على المصلحة الشخصية, وتر البوم صوته ضخم وخطر بكل المقاييس, وهم بالطبع يدرون  بكل تأكيد إن ارتفاع سعر المازوت أثراً سباً وضرب الزراعة, والتجارة, وضرب الحياة الاجتماعية بكل مقوماتها, لأن حكومتنا الرشيدة  تعلم أن خمسة ملايين نسمة في سورية يعتمدون على الزراعة, لأننا بعنا القسائم للمساكين المزارعين الذين تركوا محصول القطن وأصبح في خبر كان, بعد أن كانت سوريا من الدول العالمية المتقدمة في القطن بعد مصر, أحد المزارعين الخبثاء اقترح وقال لو أن الحكومة رفعت سعر المازوت إلى 15 عشر ليرة لكانت مقبولة, لكن ال 25 غير مقبولة ولا تنهضم و لاتزن في ميزان, وتسرعت حكمتنا العتيدة بهذا الأسعار القراقوشية؟!
ولابد للحكومة من عمل شيء فالجزيرة ستصبح (جزيرة الأطلال) بعد أن كانت جنة الأحلام, فما إن يعين مسئول في هذه المحافظة حتى تنفرج أسارير أمه وأم أمه حتى نسله العاشر قبل اليباب الأمريكي الذي جسده ت.

س.

أليوت في قصيدته الرائعة (أرض اليباب) لكن نحن الآن يقسم لنا فنانو الطنبور والربابة للهروب نحو محافظة (درعا) جنة سوريا الجنوبية, حتى أن أحد الخبثاء يروي نكتة على لسان (محافظ درعا) حيث يخاطب محافظ الحسكة قائلاً: 
– ربعك  كلهم صاروا عندي في درعا!
–  وماذا تفعل هناك يا سيادة المحافظ؟
 نخاف أن تتحول الجزيرة الغناء إلى الربع الخالي! كلهم صاروا في درعا, وهم يفترشون الأرض دوشكاً, كما قال الفنان الكردي آرام الرائع:
Bera lihêfa me ezmanba
Doşeka me erd ba
Lihfêfa me kevir ba
وهنا لابد من تذكر المرحوم المناضل عصمت سيدا الذي كان واحداَ من المناضلين  الأصيلين  الذي كتب في الثمانينات من القرن الماضي عن أزمة السمن واللحم واللودالين, وقال

Cihanê bankir Sultanê
Rabe em herin dikanê
Ne pioteks ne lodelîn
…………………………..
وهناك الشاعر صبري خلو سيتي الذي كتب العديد من القصائد الشعرية البسيطة في نقد أزمات الخبز, وخلد اسم ديكران صاحب الفرن المشهور.

 
لن نسترسل في حكايات الفقر أكثر, ولتفعل الحكومة شيئاً في توزيع المزاد التموينية بسعر مخفض للفقراء.

 
وفي النصف الأول من القرن العشرين روى لي البعض من أكراد دمشق:”أن المرحوم (نوري بك الإيبش) قد وزع أكثر من ألف كيس من القمح لفقراء دمشق من الأكراد والعرب” وفي الحقيقة الوضع الاقتصادي في سوريا والجزيرة بشكل عام سيدق ناقوس الخطر!!
أجل لقد سررت لمقالة الأستاذ ديار سليمان (الجزيرة منطقة منكوبة) وأزيد عليها لقد أصابت الجزيرة (تسو نامي) القحط والغلاء فأوجدوا الحلول المناسبة في توزيع الدقيق والسكر والشاي والأرز على أهالي الجزيرة وبإمكان الحكومة فعل ذلك وهو الحل.


ونختمها في تضاد ما قاله الشاعر الرصافي
يــــــا قـــــوم لا تتكلمــــوا
إن الكلام محرم
نامــــــــوا ولا تستيقظـــــوا
ما فاز إلا النوم
—————–

(1) الشرق الأوسط – القاهرة: محمد فتحي يونس – منظمة دولية تدعو المصريين لأن يصبحوا نباتيين ويتركوا اللحوم..

فردوا: هي فين؟ الخميس – 22 -5

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

ماجد ع محمد بعد أن كرَّر الوالدُ تلاوة قصة الخريطة المرسومة على الجريدة لأولاده، شارحاً لهم كيف أعادَ الطفلُ بكل سهولة تشكيل الصورة الممزقة، وبما أن مشاهِدَ القصف والتدمير والتدخلات الدولية واستقدام المرتزقة من دول العالم ومجيء الجيوش الأجنبية والاقليمية كانت كفيلة بتعريف أولاده وكل أبناء وبنات البلد بالمناطق النائية والمنسية من بلدهم وكأنَّهم في درسٍ دائمٍ لمادة الجغرافيا، وبما…

صلاح بدرالدين لاتحتاج الحالة الكردية السورية الراهنة الى إضفاء المزيد من التعقيدات اليها ، ولاتتحمل هذا الكم الهائل من الاخذ والرد اللذان لايستندان الى القراءة العلمية الموضوعية ، بل يعتمد بعضها نوعا من السخرية الهزلية وكأن الموضوع لايتعلق بمصير شعب بكامله ، وبقدسية قضية مشروعة ، فالخيارات واضحة وضوح الشمس ، ولن تمر بعد اليوم وبعبارة أوضح بعد سقوط الاستبداد…

المهندس باسل قس نصر الله أتكلم عن سورية .. عن مزهرية جميلة تضمُّ أنواعاً من الزهور فياسمين السنّة، ونرجس المسيحية، وليلكة الدروز، وأقحوان الإسماعيلية، وحبَق العلوية، ووردة اليزيدية، وفلّ الزرادشتية، وغيرها مزهرية تضم أطيافاً من الأكراد والآشوريين والعرب والأرمن والمكوِّنات الأخرى مزهرية كانت تضم الكثير من الحب اليوم تغيّر المشهد والمخرج والممثلون .. وبقي المسرح والمشاهدون. أصبح للوزراء لِحى…

د. آمال موسى أغلب الظن أن التاريخ لن يتمكن من طي هذه السنة بسهولة. هي سنة ستكون مرتبطة بالسنوات القادمة، الأمر الذي يجعل استحضارها مستمراً. في هذه السنة التي نستعد لتوديعها خلال بضعة أيام لأن كان هناك ازدحام من الأحداث المصيرية المؤدية لتحول عميق في المنطقة العربية والإسلامية. بالتأكيد لم تكن سنة عادية ولن يمر عليها التاريخ والمؤرخون مرور الكرام،…