لم يعد خافياً على أبناء شعبنا الكردي في سوريا.
بأن ما تنتهجه أحزابنا الكردية من سياسة الأمر الواقع المفروضة على ساحة عملهم من قبل السلطات السورية لا تسمح لهم بأن يضعوا أية عراقيل أمام ما طبقته أو تطبقه تلك السلطات الشوفينية من مشاريع عنصرية ظالمة بحق شعبنا.
والكل منا أصبح على علم بأن جل نشاطات أحزابنا تنحصر في مواجهة مظالم ومخططات السلطات السورية المطبقة سابقاً أم التي تطبق حديثاً بين فترة وأخرى ضمن إصدار بيانات وتصريحات لا ترتقي في شدتها إلى حد إغلاق الباب بينها وبين تلك السلطات، والتي تسمح لها بإحداث تفاهمات لاحقة على أمور تتعلق بأمن المواطنين والسلطات على حد سواء.
وبالطبع فإن مثل تلك الضغوطات تتسبب في تدني مستوى التأييد لأحزابنا بين جماهيرها إلى حد كبير.
كما حدث أثناء تدخلها بشكل سريع بين الشارع الكردي والسلطة في ليلة 20.03.2008 حيث استطاعت أن تستحوذ على النقمة الشعبية التي تعالت ضد السلطات المتسببة في قتل ثلاثة شهداء من أبناء مدينتنا قامشلو، وجرح عدد منهم.
هنا نستطيع أن نقول بأن انتهاج الأحزاب الكردية لتلك السياسية التي لا تستطيع أن تحوز بها على قدر كاف من ثقة الجماهير بها كحركة مدافعة عنهم.
على الرغم مما تبذله من تضحيات جسام بذلك الخصوص كما كنت قد أوضحت ذلك في ثلاثة مقالات منتقداً فيها أسلوب تعاملهم مع تلك المخططات من خلال تبنيهم لسياسة الأمر الواقع.
مشيراً في الأخيرة منها إلى جملة معوقات تحد من قدرتهم للانقلاب بها على واقعهم المتردي.
هذا وأستطيع أن أضيف هنا على تلك المعوقات تغلغل ثلة من موالي السلطة فيما بين أحزابنا في ثوب المعارضة.
كتلك الجماعة المشكوك في أمرها منذ بداية انطلاقتها وحتى الآن.
والتي باتت تهاجم كل من يقف في طريقها أو ينتقدها فتنعتهم بأقبح الأوصاف وتشتمهم بأوسخ العبارات.
ساعية في الوقت نفسه إلى خلق أزمات داخل الحركة الكردية حتى مع أقرب المقربين إليهم (كصالح كدو على سبيل المثال) أو مع من كانوا قد ساهموا في إكسابهم شرعية تواجدهم ضمن الحركة الكردية كمعارضين من خلال تحالفهم معهم لأسباب لا نود التطرق إليها.
كما نستطيع أن نقول هنا بأننا بتنا نشعر اليوم أكثر من أي وقت مضى بخطر تواجدهم بين أحزابنا حيث نراهم يمارسون ابتزازات سياسية بحق أكثر الفصائل قرباً إليهم.
ونراهم على أهبة الاستعداد للطعن في ظهر من لا تروق لهم مواقفهم التنظيمية أم السياسية حتى ولو كانت تلك المواقف دفاعية بحتة.
غير آبهين بردات الفعل والفعل المعاكس.
كما حدث في اجتماع 07.03.2008 الأخير.
ولم يعد خافياً على الكثير منا بأنهم باتوا يمثلون أكبر عثرة تقف في وجه توحيد الكلمة الكردية.
حيث تستخدمهم السلطات لضعضعة الثقة فيما بين أطراف حركتنا كلما شعرت بأن أحزابنا باتت قريبة من الخروج بمواقف مشتركة لصالح قضايانا الأساسية، والكل يعلم إلى من توجه أحزابنا أصابع الاتهام في تأخيرهم لإعلان تلك المبادئ التي سبق لهم أن اتفقوا عليها بخصوص المرجعية الكردية.
فقد تراهم يفتعلون مشاكل لا تخطر على بال أحد ليلهوا بها الأحزاب أم الشارع الكردي على حد سواء.
فقد تمهروا في خلق المشاكل والمعوقات لشعبنا وحركته بكل ما للكلمة من معان.
كما أنهم لا يتوانوا عن مقاومة كل شعور يتعاظم ضد السلطات السورية على جرائمها تحت حجج وشعارات مختلفة منها ( لكي نبعد الأذية عن شعبنا، أو “عدم السماح بإراقة المزيد من الدم الكردي” ..).
ولاحظنا جميعاً على من اعتمد محمد منصورة لإطفاء نيران انتفاضتنا المباركة في آذار عام 2004.
ويتكرر المشهد ذاته في هذه الأيام، وتتكرر تطبيق عروض مسرحية المؤامرة من خلالهم ولو بصورة مغايرة لسابقاتها.
لكن الهدف عينه وأن أصبح أشد قسوة.
فهم في هذه المرة لا يكتفون ببقاء الحركة الكردية ضعيفة وبعيدة عن جماهيرها فحسب.
بل يفتعلون الأزمات ليتسببوا في أحداث شرخ في صفوف التحالف الديمقراطي الكردي في سوريا وتمزيق وحدته بعد أن تمكنوا من الاستفراد بإعلان دمشق على اثر اعتقال كامل طاقمه القيادي المعارض مع كل الأسف.
فنراهم لا يكترثون بما خسرته أحزابنا من جراء إلغائهم لاحتفالات نوروز لصالح السلطة، ليتسببوا مع حلفاءٍ لهم في منع أهالينا من تنظيم احتجاجات على مقتل أبنائهم، ولا يكترثون أيضاً بما أصاب شعبنا من مآس بسبب القحط الذي أحاط بمنطقتهم لتنهال عليهم المآسي من كل حدب وصوب.
حيث لم يعد المكان يستطيع أن يوفر لهم قوت يومهم، فبدلاً من أن يتركوهم في حالهم، نراهم يسارعون إلى تنفيذ ما كانوا قد هيئوه من مؤامرة سابقة.
غير مهتمين حتى بما توجه إليهم من تهم لا تعد ولا تحصى، ومنها عرقلة إعلان تلك المبادئ التي سبق لأحزابنا أن أقروها بخصوص توحيد صفوفها للسير نحو تشكيل مرجعية كردية.
ووو.
أظن بأن البارتي واليساري قد أحسنا صنعاً بالخروج من دائرة الشبهة في تحالفهما مع تلك الثلة وذلك بتجميد عضوية ما يسمى بالحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سوريا في التحالف.
بغض النظر عن التوقيت الذي تم فيه والوسائل والأسباب والدوافع المعتمدة لذلك.
وإن كان تفتيت التحالف يحز في نفوسنا ويعز علينا والذي كنا قد أرسينا قواعده وخدمناه على مدى سنين طولية.
لكن التصحيح بالبتر ضروري في مثل تلك الحالات.
ولكي تستطيع أحزابنا من أن تستعيد ثقة جماهيرها بها وتضع قدميها على الطريق السليم لتسير بخطىً ثابتة نحو ما أوجدت من أجله.
لا بد لها إلا أن تعيد النظر بكل جد إلى كل ما تتبناه حالياً من مناهج نظرية وعملية وأنظمة داخلية قديمة، فتعدل منها بما يتماشى مع متطلبات المرحلة الراهنة، والمختلفة وأن ترتقي بها إلى ما يمكنهم من أن يستوعبوا المستقبل المنظور بما يساعدهم لتحقيق أهداف شعبنا القومية والوطنية على حد سواء، وأن لا تتوانى أحزابنا في فك رباطها مع كل من تقع عليهم الشبهة والذين يسعون إلى إعاقة تقدمهم تنفيذاً لمخططات السلطات الحاكمة وبالطبع من مررنا على ذكرهم.
وإلى اللقاء في الحلقة الثانية التي سأتناول فيها تلك النقاط بشكل مفصل على أمل أن أوفق في توضيح ما أرمي إليه..
محمد سعيد آلوجي