الشيخ معشوق الخزنوي ….. ألم .. وأمل

علاء الدين عبد الـرزاق جنكو


أكاد لا أرى كاتبا إلا وبارك يده وقلمه بالكتابة عن شيخ شهدائنا معشوق الخزنوي ، وعلى الرغم من التشابه الكبير بين كل ما كتب عن شهيدنا الحي ، إلا أن بعض المقالات تناولت جوانب مهمة في حياته رحمه الله تعالى .

لم يكن عجيبا خروج الشيخ الشهيد من رحم الأمة الكردية ، فلم يكن الأول من نوعه ، ولن يكون الأخير ، لأن أمتنا الكردية حية بأبنائها على مر العصور .

وعند الوقوف على ظاهرة هذا الرجل الذي ظهر كالشهاب ثم اختفى من بين أحضان أمته ، سنرى أنه أيقظ في حياة شعبنا الكردي أمورا كانت راقدة …
إن أهم النقاط التي أود الوقوف عندها وبنوع من التمعن للخروج منها بثمار – حسب تصوري – كان الشيخ الشهيد يريد قطفها وجنيها في نهاية المطاف ، ألخصها في جانبين مهمين جدد من خلالهما نظرة الكردي إلى واقعه :

أولا : صحوة إسلامية تنويرية :

ولد الشيخ الشهيد في بيت مشيخة وتصوف ، وترعرع في أجواء من التناقضات المتأرجحة بين الدعوة إلى الزهد من خلال الدعوة الصوفية وبين التمسك بعرض الدنيا من خلال الصراعات المادية .
من جهة أخرى كان يرى التناقض الواضح في التجاوزات الخطيرة للعقيدة الإسلامية الصحيحة .

فقد كان لشيخنا الشهيد موقفا معارضا لكل ذلك .
وتعمقت الفكرة عنده أكثر عندما حل طالبا في الجامعة الإسلامية في المدينة المنورة ذات التوجهات السلفية الداعية للعودة بالإسلام إلى منابعه الأصلية الصافية البعيدة عن الخرافات والأباطيل … وبذكائه الخارق استطاع أن يستقطب الجمهور ، وأن يوصل إليهم رسالته ، وكان واضحا تأثر كثير من الشباب بمنهجه الإصلاحي التنويري .
كما كانت لدعوته الدائمة لفصل الدين عن السياسة أثرها في التفاف كثير من أبناء التيار العلماني حوله .

ثانيا : دعوة قومية موحدة :

منذ زمن بعيد لم يتول أية شخصية دينية قيادة الشعب الكردي ، فالساحة منذ أكثر من ثلاثة عقود بيد زعامات علمانية ، بعضها متربعة على عرش الزعامة إلى يومنا هذا …
فاقتحام الشيخ الشهيد صف القيادة ولو بشكل فردي وشخصي وفي فترة قصيرة جدا كان له مدلوله غير العفوي عند شعبنا .
فالخطاب القومي الذي كان الشيخ ينادي به ، كان بطابع إسلامي تنويري غائب عن الساحة لفترات طويلة ، وتأثر الشارع الكردي به كأنه كان ينتظر هذا الشهاب الذي لاح ثم اختفى كلمح البصر .
والذي زاد من مكانة هذا الرجل في قلب الشعب الكردي دعوته الدؤوبة إلى وحدة مواقف الأحزاب الكردية ، وهو ما أكسبه صفة الداعية الموحِّد عقيدة وقومية …

وقفات تأملية :

– دعوة قائمة على النهج السلفي اعتمد من خلالها الشيخ الشهيد في أغلب كتاباته الإصلاحية على كتب ابن تيمية وابن القيم .

منهج يمتدحه كثيرون كتبوا عن الشيخ الشهيد ، في الوقت الذي يصفون – أي أولئك الكتاب – المنهج السلفي بأنه منهج إرهابي تخلفي !!
فالسؤال الذي يطرح نفسه  .
هل الشيخ كان ذو فكر باطني إرهابي وكان يتلون للناس بأنه عكس ذلك ؟!!!
أم أن أولئك الكتاب لم يطلعوا على النهج السلفي – المحارب من الطرق الصوفية – وأن ما يكتبونه ويطرحونه عن هذا النهج إنما هي ببغائية للإعلام ليس إلا ؟!!!
– قدم الشيخ الشهيد روحه فداء لمواقفه الخالدة من قضية شعبه الكردي ، وتألم الشارع الكردي بفقدانه كثيرا ، وهذا واضح من خلال الأنشطة والإعلام الذي يتحدث عنه في الذكرى الأولى من استشهاده .
لكن ما هو تأثير هذا الرجل على شعبه بعد رحيله من الجوانب الفكرية العقدية ، والالتزام بتوجيهاته الأخلاقية ، وبنصائحه في المعاملات الاجتماعية ؟!!
أم يكفي البكاء عليه والتنظير حول ظروف استشهاده ، واستغلاله لبعض المكاسب الحزبية والإعلامية هنا وهناك ؟!!!!
– أقوال الشيخ الخالدة نحفرها في قلوب أبنائنا ، حتى نزرع فيهم بذور العقيدة الإسلامية النيرة ، وبذور القومية المهذبة البعيدة عن العصبية المقيتة ، وبها نؤكد أنَّ الشيخ إن رحل بجسده عنا ، فهو بفكره ونهجه حيٌ في قلوبنا …
فقدنا رجلا كان أمة ، تألمنا لرحيله المبكر من بيننا ، لكنه زرع فينا آمالا بأن شعبا يملك الإيمان والإخلاص ، غدا موعده الصبح ….

أليس الصبح بقريب ؟!!

شارك المقال :

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اقرأ أيضاً ...

إبراهيم اليوسف لا ريب أنه عندما تتحول حقوق الإنسان إلى أولوية نضالية في عالم غارق بالصراعات والانتهاكات، فإن منظمات المجتمع المدني الجادة تبرز كحارس أمين على القيم الإنسانية. في هذا السياق، تحديداً، تأسست منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف في مدينة قامشلي، عام 2004، كردّ فعل سلمي حضاري على انتهاكات صارخة شهدتها المنطقة، وبخاصة بعد انتفاضة آذار الكردية 2004. ومنذ…

عنايت ديكو   الوجه الأول: – أرى أن صفقة “بهچلي – أوجلان” هي عبارة عن اتفاقية ذات طابع أمني وجيوسياسي بحت، بدأت معالمها تتكشف بشكل واضح لكل من يتابع الوضع عن كثب، ويلاحظ توزيع الأدوار وتأثيراتها على مختلف الأصعدة السياسية، الأمنية، والاجتماعية داخل تركيا وخارجها. الهدف الرئيسي من هذه الصفقة هو ضمان الأمن القومي التركي وتعزيز الجبهة الداخلية بجميع تفاصيلها…

اكرم حسين العلمانيّة هي مبدأ سياسي وفلسفي يهدف إلى فصل الدين عن الدولة والمؤسسات الحكومية ، وتنظيم الشؤون العامة بما يعتمد على المنطق، والعقلانية، والقوانين الوضعية بدون تدخل ديني. يتضمن مبدأ العلمانيّة الحفاظ على حرية الدين والمعتقد للأفراد، وضمان عدم التمييز ضد أي شخص بسبب دينه أو اعتقاده. تاريخياً ظهرت العلمانية مع اندلاع الثورة الفرنسية حيث خرجت الطبقة البرجوازية…

اننا في الفيدرالية السورية لحقوق الانسان والمنظمات والهيئات المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية، وبالمشاركة مع أطفال العالم وجميع المدافعين عن حقوق الطفل وحقوق المرأة وحقوق الانسان، نحيي احتفال العالم بالذكرى السنوية الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، التي تؤكد على الحقوق الأساسية للطفل في كل مكان وزمان. وقد نالت هذه الاتفاقية التصديق عليها في معظم أنحاء العالم، بعد أن أقرتها الجمعية…