لا …. لارتفاع سعر المازوت والغاز المنزلي:

لا يخفى على أحد حجم المعاناة المعيشية التي يواجهها المواطن السوري ، من جرّاء تخبّط السياسات الاقتصادية للدولة ، وبوتائر عالية في السنوات الأخيرة ، واستشراء ظاهرة الرّشوة ، والفساد ، وعلى الخصوص في القطاع العام للدولة، وزاد من حجم هذه المعاناة في الآونة الأخيرة ، عدم وجود سياسات اقتصادية ، متوازنة ، أو مشاريع تنموية، أو استثمارية ، تقوم بها الدولة كراع للمواطن ، وكواجب عليها  تجاه مواطنيها ، وكحقّ لهم حفظته المواثيق والعهود الدولية والدستور السوري ، حيث بموجبها تكفل الدولة حقّ مواطنها في حالات العجز، والفقر، والمرض ، والشيخوخة ، وهي ملزمة بموجب الدستور، بتأمين العمل ،وعلى مبدأ تكافل الفرص لجميع المواطنين ،على قدم وساق ، حيث  يتم الارتفاع الجنوني لأسعار مشتقات مواد النفط والطاقة!..
وما زاد في الطين بلّة ، هو ماقامت به الدّولة مؤخراً بزيادة أسعار جميع المواد الأساسية وأسعار منتجات النفط كالبنزين ، وكان آخر هذه الزيادات في الأسعار هو رفع سعر مادة المازوت بنسبة حوالي 350% ، ممّا يجعلنا وجهاً لوجه  أمام كارثة إنسانية ، واجتماعية (ولقد تجلى ذلك فوراً في زيادة أجور النقل والمواصلات على نحو مروع) حذّرنا منها- في المنظمة كغيرنا من غيارى الوطن- في أكثر من وقفة سابقة لنا، بحيث باتت تتهاوى الطبقة المتوسطة نحو حافة الهاوية ، ويزداد حجم نسبة من هم  تحت خطّ الفقر إلى أضعاف مضاعفة ، ويزداد حجم الهجرة الداخلية والخارجية ، وتباد الثّروة الحيوانية ، أمام مرأى الناس ، ومسمع الحكومة ، دون أن تحرّك ساكناً؟!…..
 أجل ، لقد تمّ استهداف لقمة المواطن  من خلال تخفيض استحقاقات الأفران من مادة الدقيق إلى ما دون النّصف ،  في أواخر آذار الماضي ، عبر ثلاثة كتب رسمية من وزير الاقتصاد ، و على نحو غير مفهوم ، رغم وجود تطمينات بتوافر احتياطي  الدّقيق حتى إشعار آخر، نأمل أن يكون طويلاً (وسوف  تقوم المنظمة بالاستمرار في متابعة  التغطية الإعلامية) لا كما نسمع عن محاولات تصدير هذه المادة، لمراعاة الأمن الاقتصادي ….!
كما إن هذا الغلاء الفاحش في أسعار المواد ، تمّ دون  مراعاة دخل الفرد الموغل في التدني، خاصة وإنه في المقابل جاءت نسبة الزيادة في أجور العاملين في الدولة بصورة  هزيلة ،بسيطة جداً، قياساً إلى واقع الغلاء الكائن ، بل والذي بات في قيد التنفيذ منذ أن أعلن عنه في  مساء الجمعة 2-5-2008 ، ممّا كان وراء حالة هلع وقلق على امتداد خارطة البلاد ، من قبل  أكثرية مواطني بلدنا سوريا، بعد أن تم تطبيق الوعيد الدردري بحقّ لقمة المواطن ، في خطوات غير مسوّغة….!

 إننا في منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف ، إذ نحذّر من تطبيق وزارة التموين للوصفة الدردرية ، وبصوت عال، انطلاقاً من حرصنا على مواطننا ، ووطننا ، فإننا  لنطالب الحكومة بأن تقوم بواجبها لوضع حدّ لهذه المأ ساة التي يعيشها  مواطننا البائس ،لأن الوضع ليهدّد بكارثة إنسانية ، وجوع حقيقي ، ولاسيّما أن هناك نسبة عالية من مواطنينا دون وظائف ، ودون أيّة موارد، بل أنّ هناك آلاف الأسر ممن سمّيوا بالأجانب ، وهم الذين سلخت عنهم الجنسية في  إحصاء 1962 من المواطنين الكرد ، ولا يعملون لدى الدولة، و الآلم من كلّ ذلك حال ممن سميوا بالمكتومين من المواطنين الكرد الذين لم يحصلوا حتى على قسائم مادة المازوت التي لن تغطي- أصلاً- إلا جزءاً بسيطاً مما يترتب على
الكثير من أسرنا السوريّة  ، من جرّاء انتهاك لقمة المواطن الذي لا حول ولاقوة له في ما يرسم وينفّذ بحقه على صعيد لقمته……!

دمشق
3-5-2008

منظمة حقوق الإنسان في سوريا- ماف

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…