أربعون شمعة في القامشلي

سيامند إبراهيم

كانت شموع آذار تتألق في أمل ذوبان رحيقها لتلهم الشبان المحتفلين بعفوية في الحي الغربي من القامشلي, وللاحتفاء في القامشلي لها نكهة خاصة حيث شموع الفرح تمسي القلوب  بنفحة عطرة من أريج النوروز الغالي, نوروز الربيع في القامشلي, وكانت الأرض اليباب تنتظر تمتمات حبات المطر الياقوتي في الجزيرة.
لكن السماء كانت تعبس هذه السنة وأبقت الزرع والضرع جافاً كجفاف الحالة السورية في كل المجالات الثقافية والسياسية والاقتصادية المميتة , كنا نتوق إلى آذار ساحر ونوروز متألق يزرع الحب والأمل بين مكونات الشعب السوري بكرده وعربه وسريانه وغيرهم, كنا نعد العدة للاحتفاء بنوروز كاوا الحداد رمز الذي رفض الظلم والضيم والقهر والعذاب, فحطم أغلال الظالمين وأشعل النار الخالدة نار الخلاص من العبودية, منذ آلالاف السنين ونحن نحتفل بهذا النوروز, لكن ثمة أمر آخر لا نعرف من أين هبطت هذه السهام السوداء القاتلة, لم تكن طيوراً أبابيل ترمينا بالحجارة, بل كانت هذه صليات الرصاص الغاشم الذي قضى على الفرح النوروزي وأردى ثلاثة شبان قتلى بكل دم بارد انسحبت قوافل الموت الأسود وقيدت ضد مجهول, ثلاثة ورود سمت أرواحهم إلى ملكوت السماء تعانق روح شهداء 12 آذار, وروح الشيخ معشوق الخزنوي, وسدوا حلمنا في أصص الموت المهيأ لنا في كل دقيقة أو في كل تجمهر شعبي مسالم.
أيها الكردي إياك أن تطالب بحقك في الحياة, في رغيف الخبز, في قراءة أبجديتك الكردية, في إصدار صحيفة تغني بلغة الجزيري والخاني وجكرخوين, لا تحلم بشيء في هذا الوطن المثخن بالجراحات ؟!
 في هذا الوطنً أحذر أن توعد حبيبتك, زوجتك, أولادك بشيء خارج قوانين الطوارئ, لا تعطيهم وعداً بملابس زاهية في النوروز, لا تعطيهم وعداً بتحقيق أحلامهم في رحلات ربيعية, لأن العسسي الحجاجي سيستقبلك بألف سؤال وسؤال عن سبب فرحتك, 
السلام عليك أيها السوسن والنرجس, وطوبى لك أيها الياسمين الدمشقي الذي تألق مع حواري نزار قباني هناك في دمشق حيث الاحتفالية بك عظيماً لكن هنا في القامشلي ممنوع عليك أيها النرجس الكردي الاحتفال بك.
باقة ورد وحب ودمعة حزن للشهداء ليلة النوروز أيها المحمدون الثلاثة.
سوسن والنرجس الحزين يمسيكم بأحلى القبل والسلامات الرقيقة رقة قلوبكم الطاهرة.
————–

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest
0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

صلاح بدرالدين مؤتمر جامع في قامشلو على انقاض اتفاقيات أربيل ودهوك الثنائية لسنا وسطاء بين الطرفين ( الاتحاد الديموقراطي و المجلس الوطني الكردي ) وليس من شاننا اتفقوا او اختلفوا او تحاصصوا لانهم ببساطة لن يتخلوا عن مصالحهم الحزبية الضيقة ، بل نحن دعاة اجماع قومي ووطني كردي سوري عام حول قضايانا المصيرية ، والتوافق على المهام العاجلة التي…

شادي حاجي لا يخفى على أي متتبع للشأن السياسي أن هناك فرق كبير بين الحوار والتفاوض. فالحوار كما هو معروف هو أسلوب للوصول الى المكاشفة والمصارحة والتعريف بما لدى الطرفٍ الآخر وبالتالي فالحوارات لاتجري بهدف التوصّل إلى اتفاق مع «الآخر»، وليس فيه مكاسب أو تنازلات، بل هو تفاعل معرفي فيه عرض لرأي الذات وطلب لاستيضاح الرأي الآخر دون شرط القبول…

إبراهيم اليوسف باتت تطفو على السطح، في عالم يسوده الالتباس والخلط بين المفاهيم، من جديد، وعلى نحو متفاقم، مصطلحات تُستخدم بمرونة زائفة، ومن بينها تجليات “الشعبوية” أو انعكاساتها وتأثيراتها، التي تحولت إلى أداة خطابية تُمارَس بها السلطة على العقول، انطلاقاً من أصداء قضايا محقة وملحة، لا لتوجيهها نحو النهوض، بل لاستغلالها في تكريس رؤى سطحية قد…

شادي حاجي القضية الكردية في سوريا ليست قضية إدارية تتعلق بتدني مستوى الخدمات وبالفساد الإداري وإعادة توزيع الوظائف الادارية بين المركز وإدارات المناطق المحلية فإذا كان الأمر كذلك لقلنا مع من قال أن المشكلة إدارية والحل يجب أن يكون إدارياً وبالتالي حلها اللامركزية الادارية فالقضية الكردية أعقد من ذلك بكثير فهي قضية شعب يزيد تعداده على ثلاثة ملايين ونصف تقريباً…