في ذكرى الأربعينية

الدكتور عبد الحكيم بشار

ها قد مضى أربعون يوماً على استشهاد ثلاثة شبان كرد ، وجرح آخرين عشية عيد نوروز ولا تزال دماؤهم تستصرخ ، لماذا قتلونا ؟ أين الجناة ؟ ومن هم ؟
فيأتيهم صوت أجش خشن نحن قتلناكم ، ألا تدرون أن الرقص والغناء بغير العربية ممنوع ؟ وحتى باللغة العربية يحتاج إلى رخصة منا ، فنحن (ر……) الأعلى وحسب المادة الثامنة من الدستور ، وحسب النظام الداخلي لحزبنا العقائدي ؟ فإن كل من يريد العيش معنا يجب أن ينصهروا في بوتقتنا
أنتم يا معشر الكرد عجزنا معكم بالكلام وبمختلف السياسات التي طبقها حزبنا فلم ننجح في استئصالكم من جذوركم ومن سلخكم عن جلودكم فبات قتلكم مباحاً ، فكم أنتم بسطاء أيها الكرد ؟ الم تأخذوا الدروس والعبر من آذار 2004 وخريف 2007 ؟ الم تقتنعوا بعد بأن دمكم رخيص ومباح ؟ وما عليكم إلا الاستسلام والتسليم لـ (ر……) الأعلى وقبول الانصهار ، ولتدركوا أن الانصهار لوحده لا يكفي بل يتوجب عليكم قبول كل ما يصدر عنا واعتباره قرارات مقدسة ومنزلة ، وإن لم تقبلوا به فليس أمامكم سوى الجوع والقتل .
فيصرخ دم الشهداء بوجههم ويقول : نحن لسنا بسطاء كما تقولون ، نحن ندافع عن قضية قومية مقدسة وقضية إنسانية ، نحن ندافع عن حقوقنا المشروعة وعن بلدنا وإن الجوع والقتل لن يردعنا فاقتلوا ما شئتم ثلاثة أو ثلاثة آلاف أو أكثر ، وبعدها ماذا ستفعلون ؟ انتم يا من صادرتم القوانين والأعراف والمنطق ، ألم تقرأوا التاريخ ؟ فهناك من قتل من الشعوب أكثر منكم ولكن ماذا حصل ؟ هناك من قتل الأكراد بمئات الآلاف ، فهل نجحوا في استئصال الكرد وطمس قضيتهم ؟ لعلكم لا تقرأون التاريخ ولا الصحف ولا تسمعون الأخبار أم أن في مخيلتكم سيناريوهات تتعارض مع المنطق وتقف حائلاً دون قبوله ، فنحن المنتصرون ، المنتصرون بكل تأكيد كما يرويه لنا كل التاريخ وقضايا الشعوب .
وأرواح الشهداء تنادي قادة الحركة وتتحدث إليهم قائلة : التقينا نحن أرواح الشهداء الثلاثة بأرواح أخوتنا شهداء آذار 2004 وخريف 2007 وكان سؤالهم الوحيد ، هل توحدت الحركة الكردية ؟ هل أنجزت مشروعها النضالي وارتقت إلى مستوى القضية ومشروعيتها ودماء الشهداء ؟ فقلنا لهم : نعم توحدوا خلف جنازاتنا ، وأصدروا بيانات مشتركة ، وسمعنا همساتهم أثناء التشييع وهم يقولون لابد من الوحدة ، فغضبت أرواح شهداء آذار أشد الغضب وقالوا نعم هكذا فعلوا معنا أيضاً وخلف جنازاتنا أيضاً ، وما إن انتهت أربعينيتنا حتى سلك كل واحد طريقاً مختلفاً مع أن الجميع متجهون إلى نفس الجهة .
نقول لكم نحن أرواح الشهداء يا قادة الحركة ، إن دماءنا امتزجت ، وأرواحنا توحدت ، والشعب الكردي أيضاً قد توحد في إرادته فماذا أنتم فاعلون ؟ فتأتينا أجوبة متعددة وبأصوات خافتة جداً وخجولة ، وألسنة متلعثمة وكلام غير مفهوم .
نرجوكم (نحن الشهداء) يا قادة الحركة ، بل نتوسل إليكم باسم كل الشهداء أن تتوحدوا فانتم جميعاً مستهدفون أياً كانت سياساتكم ، بل الشعب الكردي كله مستهدف من قبل عقلية شوفينية حاقدة ، فنحن لم يكن لنا ذنب سوى أننا أكراد وأكراد فقط ، إن أرواحنا تتعذب وتئن تحت وطأة تشرذمكم ومتى توحدتم فاهمسوا في آذاننا بل إن أرواحنا+ تراقبكم وحين تحقيق الوحدة سنرقد في أضرحتنا بكل هدوء وطمأنينة ، وحينها ندرك بأن الخطوات الأساسية باتجاه الحصول على حقوقنا قد بدأت ، وبدونها وطالما أن الشهداء قد وحدتهم الروح والدم ، والشعب قد وحدته القضية والمعاناة ، فماذا يمثل تشرذمكم ومن يمثل ؟ حتى الآن لا جــــــــــــــــــــــــــــواب.
25/4/2008

شارك المقال :

0 0 votes
Article Rating
Subscribe
نبّهني عن
guest


0 Comments
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
اقرأ أيضاً ...

اكرم حسين   في السنوات الأخيرة، يتصاعد خطاب في أوساط بعض المثقفين والنشطاء الكرد في سوريا يدعو إلى تجاوز الأحزاب الكردية التقليدية، بل والمطالبة بإنهاء دورها نهائياً، وفسح المجال لمنظمات المجتمع المدني لإدارة المجتمع وتمثيله. قد تبدو هذه الدعوات جذابة في ظاهرها، خاصة في ظل التراجع الواضح في أداء معظم الأحزاب، والانقسامات التي أنهكت الحركة الكردية، لكنها في عمقها…

عدنان بدرالدين   بينما تتجه الأنظار اليوم نحو أنطاليا لمتابعة مجريات المنتدى الدبلوماسي السنوي الذي تنظمه تركيا، حيث يجتمع قادة دول ووزراء خارجية وخبراء وأكاديميون تحت شعار ” التمسك بالدبلوماسية في عالم منقسم”، يتبادر إلى الذهن تساؤل أساسي: ما الذي تسعى إليه أنقرة من تنظيم هذا اللقاء، وهي ذاتها طرف فاعل في العديد من التوترات الإقليمية والصراعات الجيوسياسية، خصوصًا…

جليل إبراهيم المندلاوي   في عالمنا المليء بالتحديات الجيوسياسية والأزمات التي تتسارع كالأمواج، هناك قضية كبرى قد تكون أكثر إلهاما من مسرحية هزلية، وهي “ضياع السيادة”، حيث يمكن تلخيص الأخبار اليومية لهذا العالم بجملة واحدة “حدث ما لم نتوقعه، ولكنه تكرّر”، ليقف مفهوم السيادة كضحية مدهوشة في مسرح جريمة لا أحد يريد التحقيق فيه، فهل نحن أمام قضية سياسية؟ أم…

أمجد عثمان   التقيت بالعديد من أبناء الطائفة العلوية خلال عملي السياسي، فعرفتهم عن قرب، اتفقت معهم كما اختلفت، وكان ما يجمع بينهم قناعة راسخة بوحدة سوريا، وحدة لا تقبل الفدرلة، في خيالهم السياسي، فكانت الفدرالية تبدو لبعضهم فكرة دخيلة، واللامركزية خيانة خفية، كان إيمانهم العميق بمركزية الدولة وتماهيها مع السيادة، وفاءً لما نتصوره وطنًا متماسكًا، مكتمل السيادة، لا يقبل…